الرباط - "مغارب كم": بوشعيب الضبار أكد المشاركون في برنامج " مباشرة معكم" على القناة التلفزيونية الثانية ضرورة انتهاج مقاربة شمولية لقضايا الشباب المغربي، معتبرين مشاكله هي نفس مشاكل المجتمع برمته، وترتبط أساسا بالتربية والإعلام والتشغيل، والبحث عن العيش الكريم. وطالبوا في حلقة ليلة أمس المخصصة لنتائج بحث وطني أنجزته مؤخرا مندوبية التخطيط بشأن الشباب المغربي، ب" إصلاحات شاملة للتوصل إلى حلول واقعية، لإعادة الثقة إليه"، محملين الحكومة الأحزاب المسؤولية في نفور الناشئة من السياسة، انطلاقا من كون 1 في المائة فقط، ممن لهم انخراط في النشاط السياسي أو النقابي، وهناك نسبة كبيرة منهم لاتثق في الأحزاب والبرلمان والجماعات المحلية. كتلة ناخبة وانتقد الفنان توفيق حازب، المعروف ب" بيغ"، الذي يشارك لأول مرة في برنامج من هذا النوع، انتهازية بعض التنظيمات السياسية، التي لاتفكر في الشباب إلا في الحملات الانتخابية لكسب أصواته يوم الاقتراع. وأضاف " بيغ" الذي يحظى بشعبية واسعة وسط الشباب، أن هناك مشكلا أخر يكمن في اللغة المستعملة في التواصل، داعيا إلى الاقتراب أكثر من كل الشرائح الاجتماعية، بالأسلوب القادر على إقناعها، خاصة أمام انتشار الأمية. كما لاحظ " بيغ" غياب التوجيه على المستوى التربوي والدراسي، ضاربا المثل بنفسه، حين سجل نفسه في الكلية، بسبب ذلك، ملحا على أهمية الإصغاء لنبض الشباب، قصد التعرف على طبيعة اهتماماتهم وميولاتهم،لبلورتها وتطويرها والدفع بها في الاتجاه الصحيح. الشباب والرياضى، لماذا؟ وقاسمته الرأي سناء العاجي، الإعلامية والباحثة الاجتماعية، التي لاحظت أن هناك من ينظر إلى " الأنشطة الموازية" على أنها " مجرد خضرة فوق طعام فقط"، حسب تعبيرها، علما بأنه يمكن استثمار تلك الطاقات في خلق كفاءات في مختلف المجالات. واستغربت العاجي "لربط الشباب دائما بالرياضة"، من خلال وزارة الشباب والرياضة، رغم أن هناك انشغالات أخرى لدى الشباب،لاتقل أهمية عن الرياضة، وتهم الثقافة والفن والمسرح وغيرها من التعبيرات الفكرية والإبداعية والتطلعات الاجتماعية. أجوبة سياسية لا اجتماعية بيد أن يونس الجوهري، من وزارة الشباب والرياضة، كان له رأي اخر، استنادا على أن نسبة 75 في المائة من الشباب، حسب دراسة مندوبية التخطيط، يعتقدون أن " الوضعية تتحسن" في المغرب، داعيا إلى تقييم المعطيات المتوفرة، انطلاقا من زاوية التفاؤل، في ظل تحقيق العديد من المكتسبات،من وجهة نظره،معتبرا ذلك بمثابة مؤشرات تسمح يتلمس معالم الطريق نحو المستقبل. وأعلن الجوهري عن إعداد استرايجية لفائدة الشباب،" بطريقة تشاركية"، ترتكز على خمس أولويات، وهي التشغيل والتربية والصحة والمشاركة والترفيه،مشيرا إلى أنه لايمكن تنزيلها إلا بعد مشاورة مع الشباب بمناسبة الدخول المدرسي المقبل، بتزامن في نفس الوقت مع إطلاق برنامج من طرف وزارة الشباب والرياضة للتشغيل الذاتي، لتشجيع كل شاب قادر على خلق مقاولته، على حد قوله. ولاحظ الجوهري أن الأجوبة التي أعقبت أسئلة الحراك في الشارع، كانت كلها سياسية، وليست ذات طبيعة اجتماعية، ملحا على أن الجيل الجديد يطمح لأن يجد مقعدا في المدرسة، وسريرا في المستشفى،ومنصبا في عالم الشغل،أي أن يتمتع بكل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية. أرقام مخيفة: وأشار جمال بورشاشن، ممثل مندوبية التخطيط، التي أنجزت البحث الوطني بشأن الشباب في المغرب،أن التفاوتات الاجتماعية تفاقمت،نظرا لعدة عوامل اقتصادية، وقال إن هناك بعض "الأرقام المخيفة"، ومنها أن 98 في المائة لايمارسون الرياضة، ولايهتمون بالسينما، وهناك 57 في المائة بدون شهادة، والثلث فقط يستعمل الانترنيت.. واعتبر بورشاشن أن الجانب المادي يقف وراء العديد من مشاكل الشباب، الأمر الذي يدفع 54 في المائة منهم إلى العيش وسط أسرهم. وأوضح بورشاشن أن البحث المذكور أولي، و كان مبرمجا من قبل، وليس هناك أي تنسيق مع الحكومة، لكون" مندوبية التخطيط مؤسسة مستقلة"، ملمحا إلى أنها لاتخضع لأي توجيه من طرف جهة ما. ودعا بورشاشن إلى انتهاج سياسة تعتمد على برامج لحث الشباب على الاهتمام بالشأن العام،لتجاوز أزمة الثقة، مذكرا بأن الظاهرة متفشية أيضا لدى الشباب الأوروبي،من دون أن يفوته التأكيد على أن " هناك أسبابا للتفاؤل، ويتعين فقط التعمق في كل مايطرح من مؤشرات تخص الشباب". "الشبيبة أرضية خصبة" ولخص اسماعيل الحمراوي، من حكومة الشباب الموازية بعض مشاكل الشباب في انعدام الولولوجيات للوصول إلى الجامعات بحكم البعد،والتفاوتات الاجتماعية، وفي مظاهر الإقصاء والفقر والتهميش، وغيرها من المعيقات. وقال الحمراوي إن نسبة 1 في المائة من الشباب المنخرط في السياسة لم تفاجئه، مشيرا إلى أن الحراك الاجتماعي الذي شهده الشارع المغربي، لابد أن يسفر عن نسبة جديدة في هذا الإطار، واصفا شبيبة المغرب بانها " أرضية خصبة"، وقابلة للتطور والارتقاء. دور جديد للدولة ومن جهته، أكد يونس السكوري، من حزب الأصالة والمعاصرة، المعارض، انه لن يكون هناك أي تغيير لفائدة الشباب، إذا لم يقم السياسيون بدورهم المسنود إليهم، مبرزا أن الوعي الجماعي بالتاريخ حافز على المضي قدما، وقال إن لانخراط في السياسة يبقى مدخلا أساسيا وضروريا. وفي هذا السياق، ألح السكوري على مسؤولية الحكومة اتجاه الشباب في مجال التعليم، وكذا الإعلام انطلاقا من دفاتر التحملات لإصلاح المشهد السمعي والبصري. وقال إن المشكل يكمن أساسا في المقاربة،داعيا إلى" تسيير البلاد بشكل مختلف"، عبر مواجهة بعض المشاكل البنيوية المرتبطة بالشباب، لتسهيل اندماجه في الحياة العامة . وحث السكوري الدولة على أن يكون لها " دور جديد إزاء الشباب"، متسائلا في نفس الوقت، حول ماإذا كانت لديها الاعتمادات الكفيلة بصرفها على الشباب، تربية وتوجيها وتأطيرا. شهادات..شهادات وانصبت أغلب خلاصات المشاهدين عبر الأنترنيت حول محاور أساسية، ومنها أن الشباب المغربي غير ممثل بشكل كاف في مراكز القرار السياسي، وانه يريد الشغل والعيش الكريم، ولايؤمن إلا بالخطابات السياسية الواضحة المنطلقة من الواقع، وأن الإصلاح يبدأ من أن يتحمل كل واحد مسؤوليته، بما في ذلك الشباب نفسه. واستبعد بعض المشاهدين أن يهتم الشباب المعطل بالمشاركة السياسية لأنه منشغل بالبحث عن آفاقه المستقبلية، فيما انتقد آخرون المنظومة التربوية لأنها " غير متوازنة" في نظرهم، داعين إلى ضرورة إعادة الثقة إلى الشباب المغربي لينخرط في الشأن العام بكل وعي وحماس ومسؤولية. [Share this]