سيطرة مغربية في "الترياثلون الإيكولوجي"    مجلس الأمة الكويتي … المأزق بين السلطة التنفيذية والتشريعية    ثلاثة وزراء ثقافة يكرّمون أحمد المديني رائد التجريب في الأدب المغربي    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    الرجاء والمغرب الفاسي يحجزان مقعديهما في نصف نهائي كأس العرش    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    بلاغ جديد للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    انعقاد الدورة ال12 لمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 17 إلى 19 ماي    انتخاب الريفية فاطمة السعدي عضوا بالمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة    دياز يهز الشباك مرتين في لقاء غرناطة    الشعباني يأمل فوز بركان بنتيجة مريحة    طوابير تنتظر المسلم في معرض الكتاب    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    صورة مذهلة.. "ناسا" ترصد أكبر عاصفة شمسية تعرض لها كوكب الأرض    العوني تتأهل إلى نهائي أنطاليا للتنس    الأصالة والمعاصرة يشيد بحصيلة الحكومة وينتقد قساوة الأحكام السطحية الشعبوية    حزب الأصالة والمعاصرة يعلن بدء التحضير مبكرا لانتخابات 2026 بهدف "الحصول على المرتبة الأولى"    مشروع خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال    الرجاء يهزم الحسنية ويبلغ نصف نهائي كأس العرش    حماس تعلن وفاة أحد الرهائن الإسرائيليين متأثرا بإصابته في غارة جوية    تحذير وزاري لمستعملي الطرق السيارة    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    انطلاق المهرجان الدولي للفروسية "ماطا" بمنطقة "بن مشيش"    الأزمي ينتقد تضارب المصالح في الصفقات العمومية الكبرى واستخدام قوانين المالية لذلك    القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية تكشف تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي"    مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة        كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الإلكترونية .. الواقع والمأمول
نشر في مرايا برس يوم 25 - 12 - 2009

دخل مفهوم الصحافة الإلكترونية مؤخراً نتيجة التطور الهائل الذي لحق بوسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، واكتسب هذا النوع الجديد من الصحافة أهمية بالغة منذ ظهوره أوائل التسعينات من القرن الماضي، وتزايدت أهمية الصحافة الإلكترونية مع توالي الأعوام وانتشار الإنترنت وتضاعف أعداد مستخدميه فأصبحت غالب المؤسسات الصحفية على الصعيدين العالمي والعربي تمتلك مواقع إلكترونية لمطبوعاتها الورقية، لكن الجديد هو ظهور نوع جديد من الصحف غير التقليدية وهو ما عرف ب " الصحف الإلكترونية " والتي يقتصر إصدارها على النسخة الإلكترونية دون المطبوعة.
ويعود صدور أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993م حيث أطلقت صحيفة سان جوزيه ميركوري الأمريكية نسختها الإلكترونية، تلاها تدشين صحيفتا ديلي تليجراف والتايمز البريطانيتين لنسختهما الإلكترونية عام 1994م، وعربياً أصدرت أول صحيفة عربية نسختها الإلكترونية منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة وهي صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن ،تزامن معها إصدار النسخة الإلكترونية لصحيفة النهار اللبنانية .
وتعد صحيفة إيلاف التي صدرت في لندن عام 2001م أول صحيفة إلكترونية عربية ، أما اليوم وبعد مضي ما يقارب من الثماني سنوات على هذه التجربة، لا أكون مبالغا حين أقول أن بإمكان متصفح الإنترنت العربي العثور يومياً على المزيد من الصحف الإلكترونية العربية الوليدة لم تتعدى أعمارها الأيام أو الأشهر.
فعلى الرغم من انخفاض نسبة قراءة الصحف بشكل عام وفقاً للدراسات في هذا المجال إلا أن عدد قراء الصحف الإلكترونية -كما تشير الدراسات نفسها - في ازدياد مستمر من 9 في المائة عام 2006 إلى 14 في المائة عام 2008.
وقد أعلنت رابطة الصحف الأميركية Newspaper Association of America أن نسبة النمو في متصفحي مواقع الصحف نما بين عامي 2007 و 2008 بنسبة 12.1 في المائة بينما وصلت نسبة النمو إلى 60 في المائة في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وفي الربع الأخير من العام 2008 زار مواقع الصحف الالكترونية ما نسبته 41 في المائة من مجمل مستخدمي الإنترنت. وأصبح قراء الصحف الإلكترونية يمثلون أكثر من ثلث قراء الصحف بعد أن كانوا أقل من الربع عام ‏2006، أما في البلدان العربية فيقدّر عدد مستخدمي الإنترنت المتكلمين باللغة العربية بحسب إحصاءات عام 2007 بنحو 28.5 مليون، أي نحو 2.5 في المائة من تعداد المستخدمين في العالم. إلا أن عدد مستخدمي الإنترنت الذين يستخدمون اللغة العربية شهد أكبر وتيرة نموّ في تاريخه بين عامي 2000 و 2007. وبلغت نسبة النمو 931.8 في المائة، مما يدل على مستقبل جيد في عالم الصحافة الالكترونية في هذه المنطقة .
و يوضح تقرير صدر عن مركز بيو للأبحاث مؤخراً تناول تحديات الصحافة الورقية والإلكترونية ومستقبلها أن مزيدا من الأميركيين يتجهون إلى الإنترنت لمعرفة الأخبار، في مقابل انخفاض قراء الصحف المطبوعة أو الورقية. ويضيف التقرير أن 39 في المائة من الذين شملهم البحث يقرؤون صحيفة يومية سواء كانت ورقية أو إلكترونية في مقابل 43 في المائة عام 2006 بينما انخفضت نسبة قراء النسخة الورقية من الصحيفة من 34 في المائة إلى 25 في المائة خلال هذين العامين. وحسب تقرير للمركز عام 2006 فإن نحو 50 مليون أميركي يتابعون الأخبار على شبكة الإنترنت[1].
ويقول الأستاذ فهد عامر الأحمدي في مقال بعنوان (النسخة الورقية هل تعيش آخر أيامها) بجريدة الرياض السعودية:"وإذا أردنا معرفة مستقبل صحافتنا الورقية فما علينا سوى النظر لما يحدث للصحف الغربية هذه الأيام. فعدد الزائرين للمواقع الإلكترونية (لأكبر عشر صحف أمريكية) يفوق الآن مبيعاتها الورقية. وفي عام 2006حققت النسخة الإلكترونية من الصندي تايمز عوائد مالية فاقت (لأول مرة) عوائد النسخ الورقية. وقبل فترة بسيطة أعلنت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" عن إيقاف نسختها الورقية نهائياً (بعد انخفاضها إلى 200ألف نسخة) والاكتفاء بنسختها الإلكترونية (التي يتجاوز زوارها المليون قارئ) أما صحيفة اللوموند الفرنسية فوصلت إلى حافة الافلاس (حيث وصلت ديونها الى 150مليون يورو العام الماضي) في حين تحقق نسختها الإلكترونية نجاحات متواصلة بين الشعوب الناطقة بالفرنسية.. وفي الحقيقة؛ لولا دخل الإعلانات المرتفع في هذه الصحيفة "الرياض" لتوقفت بدورها كونها توزع 260ألف نسخة ورقية مقابل 1.200.000زائر يومي لنسختها الإلكترونية!! "[2]
و هذا الازدياد المتطرد في الاعتماد على الصحافة الإلكترونية واتساع قاعدتها الجماهيرية، أدى بدوره إلى تنوع أشكالها ووسائلها وظهور الكثير من المؤشرات الإيجابية الدالة على تنامي قوتها وتأثيرها مستقبلاً، حتى باتت الصحافة الإلكترونية إحدى القنوات الفعالة في حياتنا اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها لدى البعض، مما دفع الكثير من المعنيين والمتخصصين والقراء على حد سواء إلى القول بزوال الصحافة الورقية التقليدية إلى غير رجعة. وذهبت الكثير من الأقلام والآراء إلى التكهن بانقراض الصحافة الورقية وربما اختفاءها نهائياً بعد أعوام قليلة تباينت التقديرات في تحديدها على وجه الدقة.
وقد يكون من المنطقي جداً تغلب الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني بشكل عام في وقت قريب تماشيا مع واقع العصر الذي نعيشه، ومستقبل الأجيال القادمة التي ستكون بالطبع أكثر استيعابا واعتماد وتأهيلا لذلك، غير أن القول بضرورة اختفاء الطباعة الورقية أو الجزم باندثارها تماما ليس له ما يبرره فالمذياع رغم انتشار الفضائيات والحد من تأثيره واستخدامه ما يزال عنصرا ووسيلة هامة من وسائل الاتصال والإعلام .
وبرغم المؤشرات الإيجابية الكثيرة التي تصب في صالح الصحافة الإلكترونية فإن كثيراً من الصعوبات والتحديات والسلبيات ما تزال تشكل حجر عثرة في طريق تفوقها، مما يتوجب على المهتمين بهذه الصناعة العمل على تلافيها في المستقبل إذا ما أرادوا النهوض بها وتتلخص في الآتي:
أ.تعاني أغلب الصحف الإلكترونية من صعوبات مالية تتعلق بالتمويل.
ب. غياب التخطيط وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بمستقبل هذا النوع من الإعلام.
ج. عدم وجود عائد مادي لدى أغلب هذه الصحف كما هو الحال في الصحف الورقية عن طريق الإعلان ، إذ أن المعلن ما يزال يشعر بعدم الثقة في الصحافة الإلكترونية[3].
د. عدم خضوعها للرقابة في ظل غياب الأنظمة واللوائح والقوانين التي تنظمها، فلا يوجد تشريعات تحكم عمل الصحافة الإلكترونية، ولا يوجد تراخيص ممنوحة لهذه الصحف حتى يمكن السيطرة عليها ومحاسبتها في حالة تجاوزها ، فنلاحظ أن الكثير من هذه الصحف بات مصدراً للشائعات والأخبار المثيرة العارية من الصحة بهدف جذب اكبر عدد ممكن من القراء.
ه. غياب الإطار القانوني والمهني الذي ينظم عمل الصحفيين في المجال الإلكتروني ويحفظ حقوقهم فلا توجد نقابات مهنية لهم كم لا يسمح بانضمامهم لنقابات الصحفيين.
و. عند استقراء أغلب هذه الصحف الإلكترونية اتضح الكثير منها يقوم على سياسة الاستنساخ من الصحف المحلية والعالمية ووكالات الأنباء حتى ومن بعضها البعض فأصبحت هذه الصحف تعتمد غالباً على النسخ واللصق يصل أحياناً إلى حد السرقة الصريحة واستبدال أسماء المحررين والكتاب بأسماء أخرى ويرجع ذلك غالباً نتيجة ضعف الإمكانيات المادية و قلة عدد المحررين مع غياب المحاسبة والرقابة في المقام الأول.
وبرغم هذه الصعوبات والعوائق التي تواجه الصحافة الإلكترونية والسلبيات التي تعترض طريقها إلا أننا في المقابل نستطيع أن نلمس بوضوح الكثير من الإيجابيات والمميزات التي ينفرد بها هذا النوع الوليد وينبئ بمستقبل مبشر ويمكن تلخيصها فيما يلي:
أ‌. قلة التكلفة المالية التي يتحملها الجمهور مقارنة بالصحافة التقليدية فعن طريق الاشتراك في خدمة الانترنت تستطيع تصفح كافة الصحف والمجلات التي تمتلك مواقعها إلكترونية في حين أنه من الصعوبة بمكان أن تشترك في كافة هذه المطبوعات أو تقتنيها.
ب.ومما يميز الصحافة الإلكترونية عامل الوقت فالصحف الإلكترونية بتحديثها مستمر على مدار الساعة، في حين أن الصحافة المطبوعة ومواقعها الإلكترونية يتم تحديثها كل أربعة وعشرين ساعة الأمر الذي يجعل الصحافة الإلكترونية تحرق الأخبار كما يقال أو تجعلها عديمة الفائدة في الجرائد المطبوعة فتصبح عبارة عن أحرف تملأ بها المساحات فإذا كانت الصحيفة تطبع في تمام الساعة الثانية عشر صباحا مثلا ووقعت حادثة في ساعات الصباح الأولى فحتى تنشره الجريدة يحتاج ليوم كامل الأمر الذي يكون معه الخبر مستهلكا وقديماً في ظل وجود الصحافة الإلكترونية التي تستطيع تغطية الحادث خلال دقائق من وقوعه.
ج‌. سهولة تعديل المعلومات وتصحيحها وتحديثها بعد النشر.
د‌. سهولة نقل المعلومة وتداولها وحفظها واسترجاعها وسرعة انتشارها في أسرع وقت ممكن.
ه‌. تتمتع الصحافة الإلكترونية بهامش أكبر من الحرية بعيدا عن مقص الرقيب ، والحرية الموجودة في هذه الصحف الإلكترونية أكبر من نظيرتها المطبوعة والتي تواجه قيوداً كثيرة لم تقتصر على المادة التحريرية فحسب، فحتى تعليقات القراء على الموقع الإلكتروني تخضع غالباً لمعايير شديدة الرقابة تتنافى مع حرية الإنترنت التي يريدها الجمهور ، في حين نجد أن أغلب الصحف الإلكترونية تعطي هامشا كبيرا من الحرية في التعليقات تصل لحد التصادم والسباب "عند البعض" لزيادة التفاعل والإقبال الجماهيري عليها.
و. إمكانية تضمين الخبر مقاطع صوتية أو لقطات مصورة بالفيديو مما يجعل التغطية أكثر ثراءً وجذباً للقارئ وتعايشا مع الحدث.
ز‌. من أهم ما يميز الصحافة الإلكترونية كونها صحافة تفاعلية فبإمكان القارئ التعليق على الخبر فور قراءته، والتواصل مع جمهور القراء ومناقشة الآراء والأفكار، وكذلك بإمكانه إرسال مشاركاته من الأخبار والمقالات ونشرها باسمه الصريح أو المستعار أو عن طريق عمل معرف خاص به يتمكن من خلاله من إضافة تعليقاته ومشاركاته.
ح‌. توفير أرشيف صحفي ضخم يتيح الحصول على المعلومات بسهولة ويسر من خلال محركات البحث .
ط‌. عدم حاجة المؤسسات الصحفية إلى مقر واحد ثابت يحتوي كل الكوادر العاملة، فالصحف الإلكترونية اليوم يعمل أغلبها عن طريق المراسلة الإلكترونية .
هذه المعطيات السابقة وغيرها دفعت الخبير الأمريكي في الصحافة الاستقصائية سيمور هيرش للصحافة الإلكترونية إلى تشبيه الصحافة الإلكترونية بالخيولالتي انطلقت من زمامها ولا يمكن توقيفها[4].وهو ما حدا رئيسة منظمة الصحافة العالمية مارثا ستون إلى التأكيد على تغيير الصحافة الإلكترونية لمعايير الأداء والتقييم العالمية بقولها: "لن يخضع تقييم أي مطبوعة في المستقبل لمستوى جودتها الطباعية بل لغنى وتطور المحتوى مقارنة بالمحتوى الإلكتروني، كما سيأخذ بعين الاعتبار أسلوب إدارة تكلفة العملية الطباعية "[5].
غير أنه من المبكر جدا الحكم على هذه التجربة كونها ما تزال تخطو خطواتها الأولى، سيما أن الصحافة الورقية ما زالت تحتل الريادة رغم دخول الأشكال الصحفية الجديدة في دائرة المنافسة كونها ما تزال تمتاز بامتلاك كبار الكتاب والمفكرين وصناع الرأي التي يحرص القراء على معرفة آراءهم وتوجهاتهم وتحليلهم للأحداث الجارية ، كما أن العلاقة بين الصحافة الإلكترونية ونظيرتها المطبوعة لا يجب أن ينظر لها على أنها علاقة إقصاء أو إلغاء بل هي علاقة تكاملية تنافسية تصب في النهاية لصالح القارئ والرأي العام شأنها شأن جميع الوسائل الإعلامية الأخرى، ويمكننا تلخيص المقترحات والمتطلبات اللازمة لرقي الصحافة الإلكترونية في الدول العربية وتطورها فيما يلي :
أ. إجراء تعديلات على القوانين الخاصة بالنشر والمطبوعات تضمن حماية حرية الرأي والتعبير وحرية النشر والحصول على المعلومات وحرية مناقشة أمور وقضايا حكومية ورسمية ، وكذلك إضافة تعديلات تضمن حقوق الملكية والنشر الإلكتروني وإضافة القواعد واللوائح التي تنظمها.
ب. إنشاء اتحادات ونقابات رسمية للعاملين في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني لضمان حقوق العاملين.
ج. الاعتراف بالصحفيين العاملين في الصحافة الإلكترونية وحصولهم على عضويات نقابية في نقابة الصحفيين في بلدانهم وكذلك السماح بانضمامهم لاتحاد الصحفيين العرب.
د.الانفتاح على الانترنت يجب ألا يقتصر دوره وتأثيره على الصحافة المكتوبة بل من المهم جداً أن يتشمل كل مكونات الإعلام السمعي البصري لتصبح القنوات الإخبارية والمحطات التلفزيونية والإذاعية أكثر تنافساً على تصدير خدماتها عن طريق الشبكة العنكبوتية ،وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة كيف أن بعض القنوات خلقت لها أقساما أخرى, مختصة فقط بخلق وتسيير مواقع إلكترونية ضخمة تابعة لها, كذلك من المهم جداً الاهتمام بالفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة وتخصيص صحف إلكترونية للمكفوفين أو نسخاً من الصحف الحالية.
ه. إنشاء مؤسسات صحفية أو شركات مساهمة إعلامية تتولى إدارة هذه الصحف الإلكترونية وتنمية مواردها للتغلب على المشكلات المالية والتمويلية التي توجهها وذلك عن طريق طرح فرص استثمارية تجارية والترويج لثقافة الإعلان الالكتروني وعرض مزاياه المختلفة وتعريف المنتجين به وبمزاياه فضلا عن البحث الدائم عن مصادر دعم من بعض المتبرعين المتعاطفين بالتوازي أو الرعاة الرسميين الذين يتماشون مع توجهات الصحيفة وطبيعة الجمهور المستهدف وسياقاتها الثقافية والاجتماعية.
و. الاعتماد على قوة ورصانة المحتويات الفكرية والعلمية واستخدام المنهجية المتعارف عليها في دنيا الصحافة والاعتماد على القوالب الصحفية المعروفة كالخبر والتحقيق والتحليل ومقال الرأي والاستفادة القصوى من تقنية النص والصوت والصورة التي تفتقر إلى وجودها مجتمعة الصحافة التقليدية بنسختها الورقية في استحداث تغطيات جديدة تواكب الحدث لحظة بلحظة.
ز. ضرورة تفرغ العاملين في هذا السلك بصورة كاملة لانجاز أعمالهم من اجل صناعة صحافة متميزة تكسبهم الاحترام والتقدير من قبل جمهور المتلقين وتنأى بهم عن الاتهامات التي تضعهم في خانة الهواة أو الطارئين أو المتطفلين على المهنة.
ح. لابد من الاستفادة الكاملة من فضاء الحرية الذي يمنحه الجو الالكتروني خصوصا في التعامل مع القضايا السياسية والاجتماعية التي يعد ظهورها على ورق الجرائد العادية من قبيل المحرمات, ومزاوجة هذه الحرية بالمسؤولية التي من شانها إن تطبع الأطروحات الجريئة بخصائص الاتزان والموضوعية وقبول الرأي الأخر وتبتعد بها عن حالات التردي والهبوط الى قيعان الإسفاف والابتذال
ط.من المهم جداً توخي المعايير المهنية العالمية من أجل صحافة الكترونية أكثر تأثيرا ومن تلك المعايير حداثة الخبر و تحديثه على مدار الساعة وسهولة تعاطي الزائر مع الصحيفة الالكترونية عبر شبكة الانترنت ويمكن حساب درجة التفاعلية بين الوسيلة والجمهور بسهولة ومرونة أكثر من نظيرتها المطبوعة وذبك عن طريق متابعة عدد الزوار من خلال المواقع التي تعنى بهذا الغرض مثل موقعelexaالعالمي فضلا عن إجراء الاستبيانات والاستطلاعات التي تفيد في تقييم وتقويم موقع الصحيفة من حيث مستوى الإقبال ووجود الخدمات الضرورية المتعلقة بالبحث والأرشفة وتنوع النوافذ وما إلى ذلك من المقاييس التي تحكم على مستوى الالكترونية من حيث التراجع أو الثبات أو التقدم على أشكال بيانية أو متواليات عددية أو هندسية، كذلك يتوجب العناية الفائقة بجودة التصميم وتجديده بين الحين والآخر إذا تطلب الأمر.[6].
---------------------------------
[email protected] mailto:[email protected]
[1]جريدة النهار 24/5/2009، الصحافة الورقية وهاجس "الانقراض"
[2]جريدة الرياض- 25 ديسمبر2008م - العدد 14794
[3]بندر العتيبي، الصحافة الإلكترونية هل هي بديل للصحافة الورقية أم منافس لها؟ ، مجلة العالم الرقمي العدد 142،
[4]a title="http://www.okhdood.com/index.php?act=artc&id=4188" tar***"_blank" href="http://www.okhdood.com/index.php?act=artc&id=4188"http://www.okhdood.com/index.php?act=artc&id=4188
[5]a title="http://www.almajlis.net/social/1230-2009-04-22-14-42-18.html" tar***"_blank" href="http://www.almajlis.net/social/1230-2009-04-22-14-42-18.html"http://www.almajlis.net/social/1230-2009-04-22-14-42-18.html
[6]لطيف القصاب، صحافة إلكترونية جادة، مركز المستقبل للدراسات والبحوث
a title="http://mcsr.net/activities/051.htm" tar***"_blank" href="http://mcsr.net/activities/051.htm"http://mcsr.net/activities/051.htmبتصرف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.