نظمت جمعية الأنساب بمراكش بتنسيق مع الفيدرالية المغربية لعلم الأنساب والجمعية المغربية للأكاديميين لنفس العلم اليوم الوطني لعلم الأنساب تحت شعار “علم الأنساب:قضاياه ورهاناته”، السبت الماضي بقاعة مجلس المنارة جليز بمراكش، وعن الأهداف المتوخاة من تنظيم هذه التظاهرة صرح محمد بركاش رئيس الفيدرالية المغربية لعلم الأنساب أن هذا النشاط الذي أضحى موعدا سنوي “جاء من أجل إشاعة ونشر ثقافة علم الأنساب والتعريف بفوائده وبمضامين فروعه، من خلال تتبع أصول وتاريخ الأسر المغربية والمواقع الجغرافية لإقاماتهم المتعاقبة على امتداد مجموعة من الحقب التاريخية”. وفي مستهل هذه التظاهرة التي عرفت حضور مجموعة من الباحثين المغاربة والأكاديمين الدوليين أكد نائب رئيس الفيدرالية المغربية لعلم الأنساب في كلمته الإفتتاحية على أهمية الدور التواصلي لهذا العلم ومساهمته في تحقيق التكافل بين الشعوب، معرًجا في ذات السياق على مراحل تطوره منذ أيام العرب مرورا بفترة ازدهاره مع مجيء الإسلام وامتداداته خلال الفترة في عدد من دول العالم. ذكر “محمد بركاش رئيس الفيدرالية المغربية لعلم الأنساب في كلمة موجهة لرئيس الأكاديمية الدولية لنفس العلم أن الدراسات والأبحاث المنجزة في هذا العلم الإنساني أصبحت خلال الفترة الأخيرة تكتسي أهمية بالغة في ضل واقع الأسر المتشبعة بقيم الفردانية -لاسيما الغربية منها- التي كانت لها انعكاسات سلبية على أواصر التماسك والترابط بين الأفراد والشعوب، مضيفا أن تاريخ الدول بدون علم الأنساب هو تاريخ غير مكتمل. ومن جهته أشاد رئيس الفيدرالية الدولية لعلم الأنساب بالتطور والقفزة النوعية التي عرفتها دراسات علم الأنساب بالمغرب خلال ست سنوات الأخيرة، مشددا على أهميتها في تحقيق الوحدة والتكامل بين شعوب المنطقة المغاربية، ومنح في أخر كلمته دبلوما معتمدا من طرف الكونفدرالية الدولية لعلم الأنساب لرئيس الفيدرالية المغربية اعترافا بمجهوداته وإسهاماته في تطوير الأبحاث والدراسات في هذا المجال. فيما سجل هذا النشاط غياب وزير الثقافة الذي اعتذر بالنيابة عنه المدير الجهوي لوزارة الثقافة. أما المداخلات العلمية التي تمت برمجتها بمناسبة اليوم الوطني لعلم الأنساب والتي ترأس أشغالها الأستاذ يوسف غاندي فقد تميزت بعرض أربع مداخلات وقف في أولاها الروائي عبد العزيز بنصالح على الحيثيات الفلكية التي رافقت تأسيس مدينة مراكش وأسباب نعتها بمدينة البهجة، مسلطا الضوء على واقع الإهمال والتردي الذي لحق العديد من المآثر التاريخية للمدينة الحمراء كضريح يوسف بن تاشفين، دار القايد ابراهيم، دار الهنا، الزاوية الكتانية، السقايات المطامير وقصر البديع الذي توقف من خلاله على مجموعة من خصائصه المعمارية والأحداث التاريخية التي واكبت تأسيسه، مشيرا في ذات السياق الى صمت مجموعة من المصادر التاريخية عن ذكر أعلام الصناع والحرفيين الذين ساهموا في تأثيث رونق القصر من دون أن ينالوا حقهم التأريخ والتوثيق. وفي مداخلته حول موضوع “اهتمام علماء الأندلس بالنسب الشريف” أشار الأستاذ أحمد وديدي الى البدايات الأولى لعلم الأنساب الذي ارتبطت بفترة العصور الجاهلية وما واكبتها من تطورات مع مجيء الإسلام الذي أحدث عليها مجموعة من التعديلات كان لها انعكاس ايجابي في قوة التماسك بين الأفراد والشعوب وفي حفظ الذاكرة الجماعية من مطبات الإهمال والنسيان، كما تطرق في ذات السياق الى مجموعة من المؤلفات لثلة من الأعلام العربية والإسلامية التي اهتمت بموضوع الأنساب وساهمت في التوثيق لأصول مجموعة من الأسر العربية وللنسب الشريف الذي أولاه العلماء الأندلسيين عناية خاصة، مستشهدا بالعديد من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء الأندلسيين في مدح الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم ونسبه النبوي. تناول الأستاذ حسن لغدش في معرض مداخلته حول “نسب بعض بيوتات مدينة مراكش” تعدد الأصول الإثنية والعرقية لسكان المغرب وانعكاسها الإيجابي على مستوى غنى وتنوع الموروث الثقافي المغربي المتجدر في عمق التاريخ، متتبعا أصول مجموعة من الأسر المراكشية والحيثيات التاريخية التي كانت وراء استقرارها بأحياء المدينة الحمراء، مشيرا الى العديد من الصعوبات والإكراهات التي تحول دون التحديد الدقيق لنسب الأسر المغربية التي استقرت خارج أسوار المدينة، فيما ختم الأستاذ محمد الطبراني سلسلة المداخلات المبرمجة بعرض تطرق فيه الى أهمية علم الأنساب ومساهمته في المحافظة على نقاوة الشرف، واستعرض أسماء بعض العلماء والمحدثين والأصول التي ينحدرون منها. وفي ختام هذه التظاهرة العلمية تمت تلاوة رسالة بعث بها “أحمد شوقي بنبين” مدير المكتبة الملكية أشاد في مثنها بأهمية الموضوع المدروس وأهاب بضرورة تنظيم ندوات مماثلة يتم الإنفتاح من خلالها على باحثين أكاديميين وفاعلين مختصين من أجل المساهمة في تطوير الأبحاث والدراسات في هذا المجال. وعن الأنشطة المستقبلية ل”الفيدرالية المغربية لعلم الأنساب” صرح محمد بركاش رئيس مكتبها التنفيذي أنه سيتم تنظيم ندوات مماثلة بعدد من المدن المغربية التي يتوخى منها انتشال مجموعة من الأعلام المغربية من غياهب النسيان، وسيتم الإعداد لإصدار العدد الثالث من مجلة الأنساب من أجل تعريف الرأي العام بأخر المستجدات التي عرفها علم الأنساب بالمغرب.