نشرة إنذارية…أمطار قوية أحيانا رعدية غدا الأربعاء بعدد من أقاليم شمال المملكة    سياحة الأعمال.. المغرب يسعى لاستقطاب مليون ونصف سائح سنة 2026    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    لندن.. إصابة عدة أشخاص في هجوم بالسيف واعتقال مشتبه به    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"        مفتش شرطة بصفرو يستخدم سلاحه الوظيفي لتحييد خطر صادر عن شخص عرّض سلامة المواطنين لاعتداء جدي    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    بعد مؤتمر "الاستقلال".. رجة حكومية منتظرة ووزراء يتحسسون رؤوسهم    "كيف يُمكن التصدي لمعاداة السامية واحترام رأي المحتجين؟" – واشنطن بوست    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    منظمة دولية تحمل الحكومة الألمانية مسؤولية تزايد العنصرية والكراهية ضد المسلمين بألمانيا    الطالبي العلمي: بإمكان المغرب وأوروبا التعاون لضمان هجرات آمنة    "الطاس" ترفض طلب الجزائر الاستعجالي    العصبة تتجه لتأجيل منافسات البطولة الاحترافية لخوض مباريات كأس العرش    الدار البيضاء.. مناظرة حول محاولات "السطو" على الزليج والقفطان المغربيين    تقرير رسمي: أسعار صناعة الطوموبيلات فبلادنا تزادت مع الصناعات الغذائية وإنتاج وتوزيع لما والضو استقر    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    "الأمم المتحدة": تدخل الشرطة "غير متناسب" ضد احتجاجات الجامعات الأميركية    نقابة "البيجيدي" ترفض مقاربة الحكومة للحوار الاجتماعي    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هل تحول البرلمان إلى ملحقة تابعة للحكومة؟    الناصيري ل"الأيام 24″: أشغال ملعب "دونور" تسير بوتيرة سريعة ومعالم الإصلاح ستظهر قريبا    "مصير معلق" لاتحاد الجزائر وعقوبات قاسية في انتظار النادي    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    الوداد يحدد لائحة المغادرين للقلعة الحمراء    ستة قتلى في هجوم على مسجد بأفغانستان    ف 5 يام ربح 37 مليار.. ماسك قرب يفوت بيزوس صاحب المركز الثاني على سلم الترفيحة    الموانئ الأوروبية في حاجة إلى استثمار 80 مليار يورو لبلوغ التحول الطاقي    أسترازينيكا كتعترف وتعويضات للمتضررين تقدر توصل للملايين.. وفيات وأمراض خطيرة بانت بعد لقاح كورونا!    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    يتقاضون أكثر من 100 مليون سنتيم شهريا.. ثلاثون برلمانيًا مغربيًا متهمون بتهم خطيرة    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجر جديد

ما الذي سيجعله يختلف عن الموتى ؟ ما قيمة دنيا سوداء اللون و مجهولة الأصوات ؟ الميت أفضل من مكفوف لا يستطيع ان يستمتع بحياته..كأن الزمان دار دورته فتوقف عند قدميه فأودعه ركنا من أركان منزله الفسيح ..استلقى كميت بلا حراك وهو يسمع حركات الطبيب ، صار كحبة قمح بين فكي المطحنة ،أيشفى أم سيظل يعانق الظلام ويعاشر الأشباح ..أزال الطبيب العصابة البيضاء، ابتسم في وجه أحمد بعد أن عاد خطوة إلى الوراء،رفع سبابته متسائلا- هيه ؟هل ترى شيئا؟
ابتسم أحمدابتسامة عريضة..حمد الله في خاطره ..مرض غريب أصاب حبة رأسه اليمنى فذهب نورها،أما اليسرى فقد انطفأت منذ وقت بعيد في حادثة سير..عاد فحركه من كتفه يستعجله الخبر اليقين ،ابتسم أحمد مرة أخرى قبل أن يهب ويعانقه.
الآن يرى النور، ستتصالح ذاته مع الزمن.. سيخرج من كهف الحياة وسيتعرف الأشخاص الجدد الذين يزورونه في داره .. ابن عمها حسن ... حمدان، الجار الجديد الذي حل محل صديقه الحميم السي محمد الذي لم يعد يجد عملا في مدينته الكاسدة إلا من تجارة الخمور والجنس و.. التفاح في موسم الجني.. حمدان هذا يزوره من وقت لآخر، في الليل والنهار ..زوجته دائمة الترحيب به..أحيانا يسود الصمت بين الثلاثة،يدخل الشك من بابه الواسع عقله المثقوب .. تهب عواصف رعدية تمطر قلبه بأمطار حمضية .. لم يكن يجد بدا من الصبر والاحتساب ، ذات يوم نفد صبره فسأ ل:
- هل خرج حمدان ؟
أجابه منتشيا:
- أنا هنا يا أحمد ، فقط كنت أتفرج على هد ف ..إنه هدف رائع.. ياهْ !
حرك هو حبات السبحة وتابع تمتماته الميكانيكية.... ليتني أرى ما تفعل يا حمدان، ليتني أعرف حقيقة زياراتك المتكررة..فاجأته وشوشة ضعيفة من جهة المطبخ ، تساءل خاطره المضطرب : ماذا يجري؟هل تكلم نفسها أم ماذا؟ جمدت الأصابع على الحبات البيضاء مرة أخرى ..أصاخ السمع .. كأنه يسمع ضحكات خفية ..منذ فقدانه البصر وهو يرهف السمع.. يميل بجدعه جهة الصوت فيما تتجمد باقي الحواس، يسأ ل الطفل أسئلة غريبة ،ذات مساء سمعته زوجته ،دفعت يده بقوة عن الطفل وصاحت :
- ما بك ؟ أجننت ؟ تشك كل هذا الشك ؟ دائما تشك .. سيدفننا شكك ونحن أحياء.. يا لطيف يا لطيف !
تصلبت أصابعه كالعادة على الكرات الصغيرة، كلما أصيب في مقتل تتجمد أطرافه وتتوقف شفتاه عن التمتمة ويبدأ قلبه يدق بعصبية شديدة.
كانت الحافلة تنهب الطريق نهبا، مخلفة وراءها أشجارا..دورا تتصاغر تباعا..أشخاصا يرجعون إلى الوراء بسرعة فائقة، عيناه تجولان في كل اتجاه ، أحيانا يغمضها ثم يفتحها للتأكد من الشفاء .. يعود يتفرس في وجوه الجالسين في صمت،موسيقى شعبية كانت تنبعث من مكبرات الصوت المعلقة في السقف ، شعر برغبة شديدة في الرقص أمام الملأ ..كطائر قد نبت له ريش جديد ، طفق يحس أنه يملك جناحين قويين يستطيع ان يرفرف بهما في الفضاء الواسع.. لاحظ امرأة متوسطة العمر ترنو إليه من وقت لآخر ، تغافل شخصا بدينا متكئا على حافة المقعد واضعا يده تحت جبهته فاغرا فاه ، شعرات بيضاء تفيد أنه متقدم في العمر ... كلما التفت جهتها وجدها تسترق نظرات ولهى .. أيمكن أن تكون خائنة هي أيضا ؟ تذكر قولة القائل: كل النساء عاهراتماعدا أمي احتراما ، فجأة طرأت عليه فكرة جهنمية : لم لا يتنكر وراء الظلام فترة من الزمن ريثما يتبين الصديق من العدو ؟ يتعرف ذئاب الغابة وخائني العشرة والملح؟ وجد نفسه متحمسا للفكرة ،باغتته ابتسامة وهو يتصور نفسه يرى زوجته تقبّل حبيبها ..أو يرى ابنته ترتدي لباسا شفافا بلا حياء ..
توقفت الهواجس بتوقف الحافلة،نزل وهو يدق الأرض كعادته برأس عكازه الحديدي الرأس.. كان يجر رجليه جرا . . وهو يدق أرضية الزقاق الحجريّة دقات منتظمة، لاح له الحاج المهدي قادما بخطوات وئيدة، بجلبابه الأبيض وطربوشه الفاسي الأحمر، فكر في أن يعانقه ويبشره بشفائه على الرغم من أنه لم يزره منذ مدة طويلة ، فالغائب حجته معه ، عاد فتذكر خطته ونوى الاستمرار فيها حتى سقوط الخونة ، تعمد الوقوف بمحاذاته يتفحص الحفر برأس عكازه وقد رفع رأسه إلى السماء قليلا ، لكن الآخر مر في صمت.. كان يسير الهوينى حتى لا يسمع وقع أقدامه.. كالسلطعون صار يمشي .. تنحنح أحمد وصاح: لاحول ولاقوة إلا بالله ! ذئاب ! صرخ في خاطره وقد تشنجت أصابعه على المقبض ، حتى أنت أيها الذئب الأبيض ؟ ضيف الرحمان تثلعب اليوم يا نا س ! ؟ ما نصيبك أنت يا فاطمة ؟ فجأة تسمّر في مكانه ،هاجس دغدغ أعصابه : ترى لو رأى ما يكره فارتكب جريمة ؟ هل يجب أن يستمر في لعبة الاختفاء وراء الظلام أم ينسحب ويعلن للناس ميلاده من جديد ؟ وإن كانت خائنة ؟ فهل تستحق العشرة بعد اليوم ؟ حرك رأسه أفقيا معارضا وتابع سيره.
عند الباب وقف يلتقط أنفاسه ويستعد لكل مفاجأة ، فمن يدري ؟ قد يجد الرجل في وضع مريب ... عزم على المضي قدما ودق الباب ، فتحت فاطمة وهي تتطلع إليه في صمت ثم سألت :
- هل نجحت العملية ؟
أخذ يسرح بعينيه من وراء النظارتين السوداوين..
- ما بك صامت بلا حراك ؟
" كنت أتفرج على هدف ؟ هدف أم أهداف يا ثعلب الجوار ؟ سنرى هذا الهدف معا أيها الماكر ؟ "
كان واجما من فرط الخوف من المجهول والأسئلة الخانقة ..لاحظ أن وجهها مازال يحتفظ بقسمات الجمال ، سرح في الدنيا الجميلة من خلال عينيها ،وجدها قد تزينت أكثر من اللازم ،تساءل قلبه : ترى لمن تزينت هكذا ؟ وما هذا العطر الفواح ؟ ما السبب يا فاطمة ؟ منذ مدة لم أشم فيك هذه الرائحة المغرية ..انتبه على سؤالها الملح :
- هل نجحت العملية ؟ أشفيت ؟ ألا تدخل أولا ؟
- أين ولدي حسن ؟ لم أسمع صوته .
كأنها تقتلع الجواب من قاع صدرها
- لم يعد بعد من المدرسة .
تنحنح أخيرا كمن استفاق من غفوة ، ودلف إلى الداخل وهو يدق أرضية الزليج دقا.. تلاشت نبضات قلبه وسط النقرات التي يسمع دويها في الفناء ، تبعته وهي تردد:لا حول ولا قوة إلا بالله.. يفعل الله ما يشاء.. هواجس كثيرة كانت تتدافع في رأسه ..كاد يصيح : أرني وجهك يا حمدان ويا جاري العزيز ..أكيد ستأتي لتتأكد...تململ بجسده على الفراش بحثا عن جلسة مريحة ، إذا به يسمع كالعادة طرقا حفيفا على الباب ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.