نحن قاب قوسين أو أدنى من أيام القيظ و الهجير ، حيث تكتوي الأبدان بلفحات الشمس الوهاجة المحرقة ،التي يضطر معها الأطفال والشباب على وجه الخصوص ، للبحث عن البرك أينما وجدت، أملا في الانتعاش ببرودتها ، لاسيما عند الظهيرة ، و بعد الزوال ، حين يشتد الحر اشتدادا...لا يبالون بسيلانها أو ركودها... ولا بنقائها أو اتساخها... و لا بالمخاطر الجمة التي قد يتسبب فيها عمقها و أوحالها... لن ينسى سكان كرامة أبد الدهر ، تلك المآسي المروعة التي تسببت فيها مياه آسنة ، أودت في السنوات المنصرمة ، بحياة سبعة ضحايا أبرياء ، كلهم في عمر الزهور.......فتاة في السابعة عشرة من عمرها ، و يافع في سنه الرابع عشر ، قضيا غرقا في نهر "كير " ... وصبي في ربيعه الثامن ، ، تم إخراجه ميتا، من أوحال مستنقع بنهر "خيار". لتلقى طفلة ذات تسع سنوات نفس المصير غير بعيد من مكان الفاجعة الأولى....وشابان ماتا في صهريج ضيعة فلاحية بقرية "ملاحة" ...و طالب كان –قيد حياته – يتابع مشواره الدراسي في المستوى التاسع الإعدادي ، لم تتمكن عناصر الوقاية المدنية من انتشال جثته ، من البحيرة المتعفنة للسد المهجور: "بوتعريشت" ، إلا في حدود منتصف ليل مظلم و كئيب.....أما الذين كتبت لهم الحياة ، بعد أن نجوا بأعجوبة هنا و هناك، فيعدون بالعشرات ...... تحدث كل هذه الأحزان ، والبلدة تتوفر على مسبح بناه الفرنسيون منذ عقود طويلة، و شقوا إليه ساقية خصصوا له فيها حصة مائية، ضمن الأيام الخمسة التي وهبها لهم أعيان قبيلة : "إكرامن "،(القصر الكبير- أيت سعيد أو عمرو- أيت علي) ، بعد اقتطاعها من دورة سقي، كانت مدتها 21 يوما ، قبل أن تتقلص- مؤخرا- إلى 18 يوما عقب الاحتجاجات العارمة لسكان المداشر الثلاثة الآنفة الذكر ... و كان المعمر يتعهده دوما بالصيانة و المعالجة، و بتصريف الماء المستعمل ،عند نهاية كل أسبوع ، لجعله رهن إشارة الفلاحين البسطاء ...ثم استمرت أيامه الزاهية بعد فجر الاستقلال ، حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي ، شكل خلالها موردا ماليا مهما للجماعة الأم ، و مصدر رزق لبعض العاطلين عن العمل ، و متنفسا لكافة أبناء المنطقة .. غير أن أحد رجال السلطة آنذاك ، أبى إلا أن يمارس الشطط في أبهى صوره ، فخلق بمحاذاته بستان زيتون ، أضافه إلى لائحة البساتين و الحقول التي يستغلها مقر القيادة ... وبذلك حرم المرفق الحيوي من الماء نهائيا ، وحرمت معه المنطقة برمتها من ملاذ غاية في الأهمية..لاسيما بعد أن حذا المسؤولون الذين خلفوه حذوه ، وساروا على سنته .. فتحول إلى أثر بعد عين ، و مرتع لكل أنواع العفن ... - بناء على المعطيات السالفة. - و انطلاقا من حقيقة مفادها أن البلدة تزخر- و لله الحمد- بكمية هائلة من المياه الجوفية و السطحية ، خاصة بعد التساقطات المهمة التي عرفتها المنطقة هذه السنة. - و نظرا لأن إصلاح المسبح و هيكلته لن تتطلب سوى ميزانية محدودة و ضئيلة. - وسعيا لتوفير ملجإ ضروري و حيوي لشباب و أطفال المنطقة عموما ، في فصل المصيف القائظ جدا ، و كذا لحماية أرواحهم البريئة. - و دعما لموارد الجماعة الأم من جهة ، وأملا في خلق بعض من فرص الشغل من جهة أخرى. - و حفاظا على الماء الذي أصبح ضائعا في الشعاب و المسالك ، بعد أن شبعت بعض الحقول أو تشبعت.... فإن الساكنة ليس أمامها إلا أن توجه صرخة مدوية ، على شكل نداء استغاثة إلى كل المسؤولين وطنيا و جهويا و إقليميا ، طالبة منهم أن يقوموا بما يمليه عليهم الواجب ، حتى يكون المسبح في متناول شباب غالبيته محرومة من "الشاطئ" و "الكورنيش" و "المنتجع" و ما إلى ذلك من المصطلحات التي طالما اعتبرتها كماليات بعيدة المنال........... حوض المسبح القديم بكرامة