بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين.. لقاء بطنجة يناقش الجريمة المنظمة العابرة للقارات    اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون "خدعة" أو مقدمة لحرب مدمرة    المغرب يتوصل ب500 "هامر" أمريكية لنشرها بالصحراء    أولمبيك آسفي يتعادل مع ضيفه اتحاد طنجة (1-1)    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لص ينهي حياة تلميذة ويصيب أخريين بحروج بليغة بصفرو    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    بعد تلويحه بالاستقالة.. مئات الآلاف يتظاهرون بإسبانيا مساندة لسانشيز    صديقي: 2.5 مليار متر مكعب من المياه توفرها تقنيات السقي بالتنقيط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقيف شينويين كانوا كيبيراطيو المكالمات الهاتفية    ساعات من الانتظار قبيل عقد المجلس الوطني ل"الاستقلال" لانتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    تحديد هوية جثة لفظتها امواج البحر نواحي الحسيمة    اعتقال بوق النظام الجزائري بن سديرة من قبل الشرطة الفرنسية    الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محادثات بشأن غزة في الرياض    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    زلزال قوي يضرب سواحل جاوا بإندونيسيا    البرلمان العربي يهتم بالذكاء الاصطناعي    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    الرشيدي يعلن اختتام أشغال مؤتمر الاستقلال بالمصادقة على البيان العام وأعضاء المجلس الوطني    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    فضيحة مدوية تهز مؤسسة تعليمية.. هذا ما تقرر بعد تحرش مدير بتلميذة    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أريحوني، أنا محطمة نفسيًّا
نشر في محمدية بريس يوم 24 - 06 - 2014


السلام عليْكم ورحمة الله،
أقدّم لكُم نبْذة مُختصرة عن وضْعي حتَّى أضعَكم في الصورة:
تزوَّجتُ وعمْري 16 عامًا، زوْجي مِزاجي جدًّا، لا يعرِف الرّومانسيَّة، مدمن الأفلام الجنسية، ولا يَجلس في البيت إلاَّ للنَّوم والأكل فقط، والله على ما أقول شهيد بدون مبالغة.

أكملتُ دراستي بعد توقّف 3 سنوات، كان لديَّ طفلان وكنتُ أُعاني جدًّا؛ ولكن - ولله الحمد - تخرَّجت من الثَّانوية بتفوُّق ودخلت الجامعة؛ لأنَّها كانت الخيار الوحيد حتَّى أنشغِل عن المشاكل، وحتَّى أجد نفسي بالرّغْم من المعاناةِ مع طفليَّ اللَّذين كانت أعمارُهما حوالي سنةٍ ونصف، وسنتَين ونصف.

كان لا يهتمّ أبدًا بدراستِي ولا يكلِّفُ نفسَه في أوْقات الاختِبارات بالسؤال عنّي، كنتُ أضَع أطفالي عند أمي الَّتي لا تبعد عنّي كثيرًا.

كان يُمارس أنواع التَّعْذيب معي، لدرجة أنِّي كنتُ أذاكِر في المطْبخ، ومع ذلِك تخرَّجتُ في الجامعة بتقْدير جيِّد جدًّا، مع العِلْم أنَّه كان يَعمل في التِّجارة، وترَك العمل بعد مشاكِل مع أهْلِه، وله الآن أكثر من 9 سنوات لا يعْمل.

بعد تخرُّجي نصحَتْه أختُه أن يقدّم لي في برنامج الابتعاث، وبالفِعْل دخل الموقع وقام بتعْبِئة الطَّلب، مع العِلْم أنَّه حينما حدَّثني في الموضوع قال: إنَّه من مصلحة الأولاد تعلُّم الإنجليزيَّة، ولَم يكُن يهتمّ بإكْمال دراستي، بل للمصلحة العامَّة، واشترط عليَّ حينما نُسافر أن تكون المكافأة تحت تصرُّفِه، ولا يَحقّ لي أن أصرف شيئًا إلاَّ بموافقته.

سافرْنا، بدأت في دراسة اللغة مع العلم أني أتيت بصِفر في اللغة، أدخلْتُ أوْلادي المدارِس السّعوديَّة، مع العلم أنَّها في مدينة أخرى ويَجب الذَّهاب إليها كلَّ سبت وأحد، وأنا أداوِم في المعهد من الاثنَين إلى الجمعة.

معاناة مع القِطار ثمَّ التَّاكسي، ثم أنتظر 6 ساعات، مع العلم أنَّ بنتي وولدي من الأذكِياء جدًّا - ولله الحمد - ولكِن مستواهما الآن سيِّئ جدًّا في الدِّراسة.

مشْكلتي أنَّ زوْجي لا يُراعِيني أبدًا في البيت؛ فلا يُساعِدُني، بل وطلباته جد كثيرة ويتغيَّب بالأسبوع عن المعهد، وقته يَقضيه على الإنترنت: في الجنس والمحادثات الصَّوتية.

أولادي أصبحوا تافِهين؛ يُريدون الإنترنت طوال اليوم، يبْحثون عن آخِر النُّكت والمسلْسلات، أو متذمِّرين من الجلوس في المنزِل.

لا أجد يومًا واحدًا للرَّاحة، لا بل العمل هنا أضعاف ما كنتُ عليه في السّعودية؛ عمل البيْت لا ينتهي، الأوْلاد لا يصلُّون إلاَّ بعد جهد جهيد، زوْجي يَجمع 6 أو 7 فروض معًا.

الضَّغط عليَّ جدّ لا يطاق، أصبحتُ أشْعُر بالصّداع طوال اليوم، إن طلَبتُ منْه مساعدتِي في أن يَقوم بعمَل وجبةِ العشاء أو أيّ شيء يردّ بغضب.

مع العلم أنَّ لديَّ طفلة تركْتُها عند والدتِي وعمرها 8 شهور، وهي الآن أكملتْ سنة و 8 شهور، أصبحت تبحَث عنّي.

أشعر بأنّي محطَّمة نفسيًّا وكأنّي في سجن: أداوِم في الصَّباح، أطبخ الغداء ظهرًا، ولا أستطيع أن أُذاكر مع هذا الوضْع.

قرَّرت أن أترُك البعثة؛ لأنّي أشعُر أنّي سأفقِد عقْلي إنِ استمررتُ أكثر من ذلك.

زوْجي لا يهتمّ أبدًا أبدًا بي، ولا يذْكر ولا يشْكر أنَّه السَّبب الأوَّل في اتّخاذي هذا القرار.
أنا نفسيَّتي جدّ متعبة، وأشعُر حقًّا أنَّ الصّداع ملازمي، أرجو الرَّدَّ لأنّي حقًّا مضغوطة.
الجواب
أختي العزيزة، أعانكِ الله.
وعليْكم السَّلام ورحْمة الله وبركاته،
من الواضح أنَّكِ واقعة تحت تأْثير الضّغوط؛ إذ يبْدو أثر ذلك عليْك نفسيًّا وصحّيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا، والضّغوط التي تُعانين منها تتمحْور في ثلاث نقاط رئيسة:
• إدارة الوقت.
• التعامل مع الزوج.
• تربية الأبناء.

وكلّ محور يمثّل دورة تدريبيَّة قائمة بذاتها، ويصْعب عليَّ عبر استشارةٍ واحدة أن أغطّي كلَّ المحاور بِما يكفي من الشَّرح، لكن إليكِ من القلادة ما أحسَبُه يُحيط بالعنق بِمشيئة الله:
أوَّلاً: إدارة الوقت Time Management:
يُساعد تنظيم الوقت على تحْقيق التَّوازُن بين الدِّراسة والأُسرة والعمل ووقْت الرَّاحة، وإدارة الوقْت مهارة قابِلة للتَّعلّم تقوم على عدَّة أُسُس، منها:
أوَّلاً: تقديم الأهمّ على المهمّ:
أورد المدرّب الشَّهير ستيفن كوفي في كتابه "إدارة الأولويات" قصَّة جميلة يقول فيها: "لقد حضرتُ ذات مرَّة حلقة دراسيَّة كان المتحدّث فيها يتكلَّم عن الوقْت وكيفيَّة الإفادة منْه، وخلال المحاضرة قال ما يلي: حسنًا، حان الوقت لعمل مسابقة، وهنا سحَبَ من أسفل الطَّاولة التي يَجلس عليها إناء سعة جالون، له فتحة كبيرة، ووضع هذا الإناء على الطَّاولة إلى جوار وعاء به بعض الأحجار، كلّ منها في حجْم قبضة اليد، ثمَّ توجَّه إليْنا بالسؤال: كم من هذه الأحْجار يُمكن إدخاله إلى الإناء؟ رددْنا: فلْنُحاول معرفة ذاك، وبعدها بدأ بإدْخال الأحْجار الواحدة تلْو الأخرى، حتَّى وصلت الأحجار إلى فتحة الإناء، هنا سأَلَنا: هل امتلأ الإناء؟ وكان ردُّنا جميعًا بصوْتٍ واحد: نعم، فقال: حسنًا، ومدَّ يدَه وسحَب من أسفل الطَّاولة دلوًا مملوءًا بالحصى الصَّغيرة، ووضع بعضَها في فتحة الإناء، فدخلت الحصى بسهولة في الفراغ الَّذي تركته الأحْجار الكبيرة، ثمَّ قام بهزِّ الإناء عدَّة مرَّات وسألنا: هل امتلأ الإناء؟ عند هذا الحدّ تَملَّكتْنا الحيرة وردَدْنا: ربَّما لا، فردَّ قائلا: حسنًا، ثمَّ مدَّ يده إلى أسفل الطَّاولة، وسحب دلوًا مليئًا بالرّمال وأفرغ كلَّ الرّمال في الإناء، فاختفت تَمامًا في تلْك الفراغات الَّتي تركتْها الأحجار والحصى الصَّغيرة، وعندما سأَلَنا: هلِ امتلأ الإناء؟ ردَّ الجميع بصوتٍ عالٍ: لا، فقال: حسنًا، ثمَّ سحب من أسفلِ الطَّاولة إناءً مملوءًا بالماء، وبدأ يسْكب بعضَه في الإناء، ثمَّ قال لنا: ما هو الهدف من كلِّ ذلك؟ ردَّ أحدُنا قائلاً: حسنًا، هناك دائمًا فراغٌ ما في حياتِنا، ولوْ حاولْنا الاستِفادة منه لفعلْنا، وهنا ردَّ قائلا: لا، ليس هذا هو الدرس! الدَّرس هو: أنَّه لو أنَّنا لم نضَع هذه الأحجار الكبيرة أوَّلاً، ما كان بوسْعِنا إدخالُها أبدًا! وهذا هو سرّ تنظيم الوقْت الَّذي يقوم على مبدأ الأولويَّات أوَّلاً.
ثانيًا: استِعمال دفاتر اليوميات والمخططات والجداول:
احتفظي بدِفْتر يوميَّات مجدْول لتسجِّلي فيه كلَّ المهامّ والمناشط والمواعيد يومًا بيوْم، وهذا الدِّفتر يَجب أن تُراعى فيه النِّقاط التَّالية كما أوضحها كلٌّ مِن "كاثلين ماكميلان" و "جوناثان وييارز" في كتابِهما "كيف تجتاز الامتحانات واختبارات التقْييم؟":
ابدأ في إعداد دِفْتر يوميَّاتك من التَّواريخ المهمَّة موضِّحًا الأحداث المهمَّة، مثل: "إنْجاز الأعمال المكتبيَّة من أجل المقال"، أو "إعداد المسودة الأولى من المقال"، أو "الانتهاء من مراجعة موضوع معين".
ارجع إلى الدفْتر باستمرار كي تعرف دومًا ما عليك، وتخطّط مسبقًا لكلّ يوم وكلّ أسبوع، وحاول أن يكون لديْك عادة النَّظر إلى أنشِطة اليوم التَّالي في مساء اليوم السَّابق له، وأنشِطة الأسبوع التَّالي في نهاية الأسبوع السَّابق له، والدِّفْتر الَّذي يسمح لك بتصْميمه أن تنظر إلى أنشِطة الأسبوع بأكمله يُساعِدك على التَّخطيط مسبقاً.
ضع أرقامًا للأسابيع بحيث تستشْعِر مرور الوقْت في الفترات التي تستمرّ لفترة زمنيَّة طويلة، مثل الفصل الدِّراسي، وحدِّد بدقَّة مواعيد الامتِحانات.
ثالثاً: تَحديد الفترة الزمنية التي يرتفع فيها معدَّل الانتِباه:
من العادات الجيِّدة الَّتي تساعد على إدارة الوقت وتنظيمه بفاعليَّة: معرفة الأوْقات التي يجد فيها الواحد نفسَه أكثر قدرةً على الاستِذْكار أو العمل على نحوٍ أفضل وبإنتاجيَّة أكبر، حدِّدي أنت ما إذا كنت صباحيَّة أم نهاريَّة أم مسائيَّة أم ليليَّة، وعليْه املئي جدول يوميَّاتك بالأنشطة بحيث تكونين في أوج نشاطك، أضرب لك مثالاً عن نفْسي: فأنا أحبّ الكتابة نهارًا؛ لذلك كنت أحلّ واجباتي المدرسيَّة بعد العوْدة مباشرة من المدرسة؛ أي: إنَّ أجود ما كتبتُ كان في عزّ الظهيرة، فاللَّيل ليس ملْهِمًا بالنّسبة لي؛ لكن جوّ الهدوء والصَّفاء الذي يُشيعه عادة يُساعد على صفاء الحافِظة والذَّاكرة، فأخصِّصُه للمذاكرة والحِفْظ، أمَّا الفجْر فهو أفضل وقت للمُراجعة، في حين يبقى العصْر حيث الخمولُ والكسل هو الوقت الأنسب لممارسة الأنشطة التَّرويحيَّة، ولستُ هنا أضع نفسي للقياس إنَّما لتقْريب الصّورة من فهمك.
رابعًا: وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا:
نصيحة ثَمينة يقدِّمها الدكتور عوض القرني في كتابه "حتَّى لا تكون كلاًّ" يقول فيها: "لا تتردَّد في استعمال عبارة: "ارْجِعوا هو أزْكى لكُم"، وفي الرَّدّ بكلمة "لا" عندما يتسلَّط الفارغون لإضاعة وقتِك والقضاء على أثْمن ما تَملك".
خامسًا: التفويض:
والتَّفويض هو إسناد بعض المهامّ إلى الغير تحت إشراف الشَّخص المفوّض ومسؤوليَّته، مثلما فعل موسى - عليْه السَّلام - حين استخْلفَ أخاه هارون في قومه، قال تعالى: ﴿ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142].
يُمكنكِ تفْويض مهامّ إعداد وجبة العَشاء يومًا في الأسبوع مثلاً إلى أقرب مطعَم لتوْصيل الوجبات إلى المنازِل، كما يُمكنُك تفويض بعض مهامّ البيت إلى زوْجِك، ولأنَّه يمثّل جزءًا من مشكلتك، فأنت بحاجة إلى تعلُّم بعض المهارات في التَّعامُل معه؛ كي يكون متعاونًا معك وداعمًا لكِ، وستجِدين بعضًا منها في المحْور التالي.
ثانياً: التَّعامل مع الزَّوج:
لقد تلمَّستُ في استِشارتكِ روح طالبة العِلْم الطَّموح والمثابرة، فقد حرَصتِ طيلة سنوات زواجِك على الدِّراسة والعلم إلى حدّ أنَّكِ قضيْتِ عمرَك كلَّه في دراسة! بل إلى حدّ أنَّه قد طغَت روح الطَّالبة على روح الزَّوجة في استِشارتكِ حتَّى تلاشت تَماماً!
اسْمحي لي أن أكون قاسيةً معك وأن أَقولَها لكِ بكلّ صراحة: لقد قصَّرتِ كثيرًا مع زوْجِك كزوْجة، مثلما قصَّرت مع أبنائك كأم! إذْ لا يُعقل إطلاقًا؛ بل لا يجوز شرعًا أن يبحث زوْجُك عن الإشباع الجنسي في الإنترنت - وهو وهم - وأنت موْجودة في بيته كحقيقة! كما لا يعقل أن تترُكي طفلة في المهْد في قارة وتَعيشين أنتِ في قارة أُخْرى لتكملي تعليمَك!
مشْكلتُك مع زوجِك تكمن في عدم فهْمِك لنفسيَّته وشخصيَّته وطريقة تفكيره، رغْم كلّ تِلْك السَّنوات التي جمعتْكُما معًا، وقد حان الوقْت لتفْهمي بعض النّقاط لعلَّها تساعدك مستقبلاً في التَّعامُل مع زوْجِك:
أوَّلاً: ذكرتِ نقطة مهمَّة عن تاريخ زوْجِك: فهو (يعمل في التّجارة، وترك العمل بعد مشاكل مع أهله، وله الآن أكثر من 9 سنوات لا يعمل).

والبطالة - يا عزيزتي - أمرٌ شاقّ على الرَّجُل الَّذي يحدّد مفهومه لذاته من خلال تَحقيقه للنَّتائج والإنجازات المحسوسة، كان عليك أن تَكوني محفّزة لزوْجِك ليبحث عن عمَلٍ ويستقلّ ويرتقي؛ لكنَّك تصرَّفت بأنانية ولَم تهتمّي سوى برقيّك العِلْمي حتَّى لو اضطرَّك الأمر إلى المذاكرة في المطبخ!

أليْس يقال: وراء كلّ رجُلٍ عظيم امرأة عظيمة؟! فأين هو دَورك كزوْجة منذ تسع سنين عاشَها معك عاطِلاً واتّكاليًّا ومتنصِّلا من تحمُّل المسؤولية؟! لو كنتِ مهتمَّة بوضْع زوجك المادّي والاجتماعي، لو كنت حريصة على صورة زوْجِك كأب وقدوة في عيون أبنائك، لتحرَّكتِ عمليًّا لفِعْل شيءٍ من أجله، ولو أنَّك قد فعلت ذلك من القلْب لأصْغى إليكِ من القلب كما أصغى إلى نصيحةِ أُخته حين وافَقَها على موضوع ابتِعاثك، فهل كانت أُختُ زوجِك أذْكى منك في التَّعامُل مع أخيها؟ أم لأنَّها تحبّه أكثر منكِ؟!

ثانيًا: تقولين عن زوْجِك بأنَّ (وقته يقضيه على الإنترنت: في الجنس، والمحادثات الصَّوتيَّة) هذه العبارة أُتَرجمها أنا على النَّحو التَّالي: زوجك يبحث عن مُثيرات حسّيَّة في الإنترنت؛ لأنَّك بالنسبة إليه امرأة غير مثيرة!

لقد شغَلَك طموحُك عن إشباع حاجات زوجِك الجِنْسيَّة، فقبَّح الله الطّموح الذي يَجعلنا نخسر أقْرَب النَّاس إليْنا، وقبَّح الله الشّهادات العُلْيا الَّتي تَجعل معاني السَّكن والمودَّة والرَّحمة في مرتبة دُنيا!

يا أُختي، أنتِ وحْدَك المسؤولة عن إحْصان زوْجك، فكيْف وأنتُما تعيشان في بلدٍ فيه من الفِتَن ما فيه؟! أرجوكِ أعيدي حساباتِك كزوْجة، وحافظي على زوْجِك بدلاً من ترْكِه بين أيدي العاهِرات والفاسِقات! كوني أنثى، وسيقودُك حدسك الأنثوي لمعرفة احتِياجات زوجك، وصدِّقيني متى ما أشبعْتِها له سيشبع لك احتياجاتِك الأُخرى المادّيَّة منها والمعنويَّة.

ثالثًا: تقولين: (زوجي يجمع 6 أو 7 فروض معًا)، هي خمسة فروض في اليوْم على أيَّة حال، ويُمكنك تشْجيع زوْجِك على الصَّلاة لو فرشت له سجَّادة الصَّلاة وذكَّرْتِه بالصَّلاة بكلّ ودّ.

رابعًا: لكي يكون زوْجُك متعاونًا معك ومساندًا يَجب أن تتعلَّمي الأسلوب الصَّحيح في الطَّلب، وقد ذكر د.جون غراي مؤلّف كتاب "الرّجال من المرّيخ، النّساء من الزهرة" خمسة أسرار لكيفيَّة طلَب الدَّعم من الرَّجُل:
التَّوقيت المناسب: يقول غراي: "كوني حذِرة من سؤاله القِيام بشيءٍ يكون من الواضح أنَّه يُخطِّط للقيام به"، ويقول: "إذا كان منهمكًا في عمل ما فلا تتوقَّعي أن يستجيب مباشرة لطلبك".
الموقف غير المطالَب: "تذكَّري أنَّ الطَّلب غير المطالبة، إذا كان موقفُك استِيائيًّا وتعسُّفيًّا، مهْما كان حرصك على انتِقاء الكلمات، فسيشْعُر بأنَّه غير مقدّر لما سبق أن قدَّمه لك وربَّما قال: لا".
الإيجاز: "كلَّما أسهبت في توْضيح موقفك كلَّما كانت مقاومته أكبر، فالشّروحات الطَّويلة لتأْيِيد طلبك تجعله يشعُر وكأنَّك لا تثقين بأنَّه سيدْعمُك، وسيشْعُر بأنَّك تتلاعبين به بدلاً من أن يقدّم دعْمَه بحرّيَّة".
الأسلوب المباشر: يقول غراي: "تظنّ النّساء غالبًا أنَّهنَّ يطلبن الدَّعم في حين أنَّ الحال ليس كذلك، فعندما تَحتاج إلى الدَّعم، يُمكن أن تقدّم المرأة المشكلة ولكن لا تطلب دعمه بطريقة مباشرة، فهي تتوقَّع منه أن يقدّم دعمه وتتجاهل أن تطلب ذلك بشكل مباشر".
استِعمال الكلمات الصحيحة: يقول غراي: "أحد أكثر الأخطاء شيوعًا في طلَب الدَّعم هو استِعْمال: هل تستطيع، وهل تقدر؟ بدلاً من: هل لك أن تفعل، وهل ستفعل؟".

تذكَّري نقطة مهمَّة هنا، وهي أنَّ وصولَك إلى الممْلكة المتَّحدة هو عطاء من زوْجِك غير أنَّك لم تثمِّنيه؛ لأنَّك تنظرين فقط إلى كلِماته لك بأنَّ ذلك من مصلحة الأبناء، ولَم تنظُري إلى الفعل نفسه، كان عليك شكره وتقْديره بدلاً من شكْواك وتذمُّرك!

خامسًا: أحبّي زوجَك واغمريه بحبّك ولو برسالة حبّ تحت وسادتِه، وشاركيه اهتماماتِه ليُشاركك اهتماماتك، كوني صديقتَه في هذه الغربة، كوني أمَّه وأُخته وحبيبتَه، وجدِّدي علاقتَكما الزَّوجيَّة محبَّةً فيه وطاعةً لله، وانفُضي عن حياتك غبار التعوُّد.

أَذيبي الثّلوج العاطفيَّة الَّتي تغطّي مشاعركما بدفْء المرأة الذَّكيَّة، واقرئي عن ذلك إن لَم تجدي في نفسك القدرة على أن تكوني زوجة صالحة لزوْجك؛ فأنت مطالبة شرعًا بأن تكوني سكنًا لزوْجِك، كما هو مطالب بأن يكون سكنًا لك؛ ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189]، أليس كذلك؟!

سادسًا: حافظي على خطّ الحوار معبَّدًا بينك وبين زوْجِك، وكوني أنت المبادئة؛ فهذه مهارة ضعيفة لدى الرّجال بصفة عامَّة نظرًا لضعف مهاراتِهم اللّغويَّة، ستكونين بِحاجة إلى مزيد من الصَّبر والمُثابرة، حتَّى يعتاد زوْجُك على الحوارات الأسريَّة من حين لآخر.
ثالثاً: تربية الأبناء:
قرار إلْحاق أبنائِك بالمدارس السعودية حكيم ويستحقّ التَّعب؛ كي لا يفقِدوا هويَّتهم وثقافتهم ولُغتهم، لكن مشكلتهم الرَّئيسة هي غياب القُدْوة، فأنت منشغِلة بدراستك وزوجك منشغِل بالإنترنت!
أنصحك بتقْنين دخولهم إلى الإنترنت، وليكن هذا هو دور زوجِك لكوْنِه ملازمًا للإنترنت، والتَّقنين والضَّبط لا يعني الحِرْمان كليًّا من الإنترنت، كما لا يعني ترْك الحبل على الغارب.
احرصي على تنمية هواياتِهم وإثراء حصيلتهم اللّغويَّة والفكْريَّة عبر القصص والمسلسلات الكرتونية المدبْلجة الهادفة، والمختارة بعناية ولو من خلال الإنترنت.
وارْبطيهم بالله، وشجِّعيهم على الصَّلاة، وكافئيهم إذا واظبوا عليها بالتَّقبيل والاحتِضان وحتَّى بالحلوى من وقت لآخر.
جالسي أوْلادك واستمتعي بلحظاتِك معهم، ولا تعيشوا في عزلة عن الآخَرين فقط لأنَّكم سعوديّون ومسلمون! بل ابحثوا عن المناطق الَّتي توجد فيها الجالية السّعوديَّة والجاليات العربيَّة المسلمة، وتواصلوا معهم ومع أبنائِهم؛ فالله جعلنا شعوبًا وقبائل لنتعارف.
أمَّا طفلتك الصَّغيرة في السعوديَّة، فتواصلي معها صوتيًّا ومرئيًّا عبر الإنترنت وبشكلٍ مستمرّ كي لا تنساك، على أنّي لا أشجِّعك على ترْكِها بعيدًا عن حضنك، وما زلتُ حتَّى الآن أتعجَّب كيف استطاع قلبُك فعْلَ ذلك!
ختاماً:
لو أنَّكِ كاتبتِنا قبل التحاقك بالبعثة لنصحْتُك بعدم الذهاب، أما وقد ذهبْتِ وقطعْتِ شوطًا وتُكاتِبينَنا الآن من هناك، فنصيحتي لك أن تتمسَّكي بدراستك وتُثابري وتَجتهدي فيها ولا ترْجعي بخفَّي حُنين.
لا تضيّعي وقتَك في البكاء على اللَّبن المسكوب، بل ابذُلي جهدك وتوكَّلي على الله، من دون إغفال العناية بصحَّتِك النَّفسيَّة والجسديَّة، فالصّداع المزْمِن الَّذي تُعانين منه ليْس إلاَّ نتيجة طبيعيَّة للضّغوط المتراكمة، فاسترْخي وتناولي المكمّلات الغذائيَّة، خصوصًا أوميجا 3؛ لما لذلك أكبر الأثر في التَّخفيف من الاكتِئاب والتوتُّر النَّفسي، واحتسبي الأجْرَ عند الله واطْلُبي منه المعونة والتَّوفيق، واستبْشِري خيرًا؛ فقد قال الغزالي: "إذا رأيتَ الله يحبس عنْك الدّنيا، ويكثر عليك الشَّدائد والبلوى، فاعلم أنَّك عزيز عنده، وأنَّك عنده بمكان، وأنَّه يسلك بك طريق أوليائِه وأصفيائْه".

دمتِ بألف خير، ولا تنسَيني من صالح دعائكِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.