المخدرات الإلكترونية، هو نوع جديد من المخدرات بات يهدد حياة الشباب من رواد العالم الافتراضي، لكنه لا يتناول كباقي المخدرات التقليدية الشائعة، بل هو عبارة عن جرعات يتم تحميلها على شبكة الإنترنت على شكل ملفات تحوي أصواتا مضبوطة على ترددات مختلفة في كل أذن، تؤثر على وتيرة موجات المخ، وتتسبب في حالة من نشوة تتطابق مع تلك المترتبة عن استهلاك المخدرات التقليدية. وقد أثير جدل كبير عن خطر هذه المخدرات الإلكترونية، بين من يراها سمّا جديدا يهدد حياة شباب الجيل الجديد ويفتك بمستقبلهم، ومن يقول إنه لا داعي للقلق ما دام الأمر متعلقا بشبكة الإنترنت ليس إلا، وأنه ينحصر في تلك الخوذة التي تنقل إليك الأصوات، وينتهي الأمر بنزعها من أذنيك. هذه المخدرات الرقمية أو ما يُطلق عليه اسم "Digital Drugs" أو "iDoser" هي عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعات بكل من الأذنين، بحيث يتم بث ترددات معينة في الأذن اليمني على سبيل المثال وترددات أقل إلى الاذن اليسرى، نشأت "المخدرات الرقمية"، في بداية الأمررعلى تقنية قديمة تسمى "النقر بالأذنين"، اكتشفها العالم الألماني الفيزيائي هينريش دوف عام 1839، واستخدمت لأول مرة عام 1970 لعلاج بعض الحالات النفسية، لشريحة من المصابين بالاكتئاب الخفيف في حالة المرضى الذين يرفضون العلاج السلوكي (الأدوية)، ولهذا تم العلاج عن طريق تذبذبات كهرومغناطيسية، لفرز مواد منشطة للمزاج. وتنبغي الإشارة إلى أن هناك موقع إلكتروني، يعرض على صفحته أنواعا كثيرة من الأصوات المخدرة، تحمل أسماء مخدرات تقليدية وأسماء أدوية وبعض الأسماء الجديدة المستحدثة، وسعرها حسب النوع والجرعة. ولعل أبخصها ثمنا لا ينزل عن 6.5 دولار، بالمقابل تصل أسعار بعض الأصوات الجديدة إلى أكثر من 200 دولار، وبعد إتمامك لصفقة الشراء يتيح لك الموقع فرصة تحميلها على شكل ملفات، ومن ثم استهلاكها باستعمال حاسة السمع. وككل بداية في عالم الانحراف، تجد أحدا يعطيك جرعتك التجريبية الأولى بالمجان، وبعد استدراجك يطلب منك تسديد فاتورتك التي حتما ستكلفك غاليا؛ كان الأمر كذلك على الموقع، فبعد النقر على "خذ جرعة مجانية" تجد نفسك أمام مقطع وكأنه مقطع موسيقي لا تتعدى مدته 15 دقيقة! حين تتذوق سمهم سمهم باتباع توجيهاتهم، يتم سحب شاشة الكمبيوتر لمنع تسرب نورها والابتعاد عن أي تشويش، وتثبت الخوذة جيدا وتستلقي لتستغل تلك الأصوات الغريبة في الظلام الداكن؛ للوهلة الأولى يتناهى إلى سمعك صوت صفير يبدو كأنه لا نهاية له، وتترامى إلى كلتا أذنيك أوتار مختلفة بالتناوب، تارة تسمعها بأذنك اليمنى وتارة أخرى تقتحم يسراك. كان مزيج من الأصوات الإلكترونية يرتفع وينخفض حتى يبدو الأمر كأنها تقترب من كلتا أذنيك، ومن ثم تبدأ في الابتعاد شيئا فشيئا. بعد 15 دقيقة من الاستماع تشعر بإحساس غريب يزج بك في أسوأ الكوابيس ويجعلك مضطربا نوعا ما، ورغم أنك مستلق على الفراش ينتابك شعور كأنك ستسقط إلى الوراء؛ وبعد انقضاء زمن المقطع يعود ذلك المروج الافتراضي إلى الظهور مجددا من خلال لافتة إشهارية على الشاشة، قصد توجيهك إلى اقتناء جرعة حقيقية متوفرة على شكل ملفات قابلة للتحميل مدتها تتراوح بين 40 دقيقة و60 دقيقة للمقطع؛ في إشارة منه إلى أن المقطع الذي تم الاستماع إليه بالمجان ليس إلا مخدرا ذات صفة هاوية، وعليك أن تتجرع سما "صلبا" بإنشائك حسابا على الموقع وتسديد مبلغ السلعة. وقد شخصت بعض الدراسات العلمية طريقة تأثير هذه الأصوات والترددات على الأنسجة الدماغية، بأنها متعلقة بمدى ارتفاع وانخفاض واختلاف الترددات المتدفقة على كلتا الأذنين. بمعنى آخر، إذا التقطت الأذن اليسرى صوتا بتردد 512 ميغاهرتز بينما الأذن اليمنى يتدفق إليها صوت بتردد 532 ميغاهرتس، فذلك الفرق بين الترددين من شأنه أن يؤثر على خلايا المخيخ ويزج بالمستمع إلى تلك الأصوات في كابوس. وفي سياق ذي صلة، كشف عثمان أبو الوفا الإدريسي، محام بهيأة البيضاء، في حوار سابق له، أن المغرب، على غرار البلدان الأوربية والعربية، مهدد بانتشار ما يسمى بالمخدرات الرقمية، وهي تقنية يعمل موقع على الأنترنت بإرسال نغمات موسيقية إلى المدمنين عليها مقابل مبلغ مالي، يكون مفعولها شبيها بالمخدرات المعروفة مثل الشيرا والكوكايين والحبوب المهلوسة، مبرزا أنه رغم هذا الخطر، إلا أن المشرع المغربي أغفل تجريمها وباقي العديد من الجرائم الإلكترونية في مسودة القانون الجنائي المغربي. وأضاف أبو الوفا إلى أن هذه المخدرات ظهرت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وخصوصا بمدينة أوكلاهوما، حيث تم إنشاء موقع إلكتروني لترويج هذا النوع من المخدرات، والشركة المالكة له تبقى المؤسسة الوحيدة التي تحتكر هذا النشاط، وهذا النوع يختلف عن المخدرات التقليدية التي تتم عن طريق حقن الوريد أو الشم أو التدخين، إذ يتحول التعاطي لهذه المخدرات إلى تعاطي رقمي وإلكتروني.