رغم محاولات المنظمين إضفاء ألوان الفرح على الدورة التاسعة للملتقى الوطني للمديح والسماع، إلا أن ملامح الحزن والألم استعمرت وجوه الكثير من الحاضرين، فما بين دورة السنة الماضية، ودورة هذه السنة التي افتتحت مساء أمس الجمعة بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية بأصيلة، رزئت ساحة الفن الروحاني بالمغرب، بفقدان واحد من أقطاب المديح والسماع، ويتعلق الأمر بالمقرئ الحاج نور الدين الحديوي، الذي تحمل دورة هذه السنة اسمه، بعد عهده المغاربة مؤذنا لمسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء، قبل أن ينتقل إلى جوار ربه وهو يؤدي مناسك الحج. محدودية الطاقة الاستيعابية للقاعة المحتضنة لحفل الافتتاح وإكراهات التنظيم، التي تؤرق المشرفين على هذه التظاهرة، لم يمنع الافتتاح من أن يكون شامخا، فقد غاصت القاعة في تأبين جماعي وهي تشاهد شريطا وثائقيا للقطات من حياة فقيد الذكر الرباني والمديح النبوي نور الدين الحديوي، وعند نهاية العرض، حاول الكثير إخفاء بضع قطرات من دمع انسكب حزنا على رحيل أدمى قلوب العديد من المحبين، على حد تعبير الفنان الكبير عبد المجيد الصويري، الذي ألقى كلمة مؤثرة في حق الراحل الذي شاركه محطات بارزة في حياته. لحظة مؤثرة أخرى طبعت أمسية الحفل الافتتاحي لملتقى أصيلة الوطني للمديح والسماع، وتفاعل معها الجمهور بشكل لافت عندما اعتلت نجلة الراحل، الفنانة والاعلامية، منصة القاعة لتلقي كلمة عن والدها، حملت كل معاني الحزن واللوعة دل عليهما فيض الدموع وهي تسرد شذرات من مناقب وفضائل الراحل، وما خلفه خبر الفاجعة التي استشهد على إثرها في مشعر منى، من وقع وصدمة كبيرة على جميع أفراد العائلة. فقرة تأبين المقرئ المرحوم، نور الدين الحديوي، كانت هي إحدى فقرات الحفل الافتتاحي لهذا الملتقى الروحاني، الذي يتطلع من خلاله المنظمون إلى تجديد صلة الجمهور المغربي، بأبرز الأسماء الرائدة في مجال الانشاد الديني، الذي يشكل تراثا لاماديا غنيا ينبغي تثمينه والدفع بنجاحه، كما اتفقت على ذلك كلمات ممثلي عدد من الهيئات الرسمية الحاضرة، ويتعلق الأمر بمجلس بلدية أصيلة ومجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة ومجلس عمالة طنجةأصيلة. وفي أقوى لحظات الحفل الافتتاحي، عاش جمهور هذه الأمسية القادم من أصيلةوطنجةوتطوان ومدن مغربية أخرى، لحظات تجاوب مباشر مع عرض فني روحاني قدمته مجموعة الدارالبيضاء الكبرى للمديح والسماع برئاسة الشيخ عبد المجيد الصويري، التي أذهلت الحاضرين، بريبرتوارات من الإرث الروحاني المغربي الأصيل. كما نجحت المجموعة النسوية للزاوية الحراقية بتطوان برئاسة بشرى السوسي، بأصوات عضواتها الرخيمة، في رسم لوحة فنية رائعة، كانت بمثابة جسر بين الجمهور وبين مدارج المحبة وسمو الأرواح، حيث قدمت باقة من قصائد وأزجال شيوخ الزاوية الحراقية، وفن التبشير الذي هو لون خاص بالنساء، جرت العادة على إحيائه في البيوت. ويضرب المنظمون لجمهور المهرجان، مواعد مع عروض فنية لمجموعات مغربية للمديح والسماع، ومجموعة الضياء الفنية للمديح والسماع من طنجة بمشاركة المنشد سعيد الاشهب ، ومجموعة أهل أصيلة للمديح والسماع برئاسة أنس الخمال، ومجموعة النخبة الوطنية للمديح والسماع برئاسة الشيخ علي الرباحي ومشاركة عبد الرحيم الصويري ، ومجموعة دار بناني للسماع من فاس برئاسة عبدالجليل الخرشافي. كما يتضمن البرنامج عرضا خاصا للمنشد الصاعد شعيب فضيل الفائز بلقب الدورة الثامنة من المسابقة الدولية "منشد الشارقة "، وتوقيع اتفاقية شراكة وتعاون فني بين جمعية أهل أصيلة للمديح والسماع وجمعية صفوة المحبين للموسيقى والسماع الصوفي من الرباط ، واتفاقية اخرى للشراكة الفنية بين جمعية أهل أصيلة ومؤسسة دار بناني للسماع بفاس. وقبل حفل الاختتام سيكون عشاق فن المديح والسماع على موعد مع عروض شعرية لقصائد صوفية في مدح خير البرية لبعض الشعراء الشباب المغاربة والعرب أعضاء بيت المبدع المغاربية ، وعرض مشترك بين مجموعة الضياء الفنية ومجموعة أهل أصيلة للمديح والسماع في وصلة صوفية