في قراءة متأنية لما أفرزته صناديق الاقتراع ليوم 25 نونبر 2011 بالمغرب، سنجد أن جهة تازةالحسيمة تاونات كرسيف قد سجلت مجموعة من الاستثناءات على الصعيد الوطن، باعتبارها منحت حزب جبهة القوى الديمقراطي، المقعد البرلماني الوحيد لها بواسطة بوعزة الركبي عن دائرة غفساي القرية، و بذلك تم حفظ ماء وجه التهامي الخياري المنحدر من مدينة تازة، و المقعد الوحيد كذلك لحزب الوحدة و الديمقراطية في أول تجربة انتخابية على المستوى الوطني، في شخص الغازي جطيو، و هو الحزب كذلك الذي يترأسه ابن تازة الأستاذ أحمد فطري. كما أن جهة تازة لم تمنح الحزب الحاكم، العدالة و التنمية سوى مقعدا واحدا من أصل سبعة عشر، مما يجعلها الجهة الوحيدة التي بخلت على العدالة و التنمية و منحته مقعدا و حيدا، على عكس باقي جهات المملكة التي تم اكتساح العدالة و التنمية لها، و ظلت وفية لرفاق على يعته، و منحته مقعدا برلمانيا، بدائرة تاونات تيسة، باعتبار جهة تازة كانت في السابق إحدى قلاع البيبساويين، لكن نتيجة الجمعة 25 نونبر تدق ناقوس الخطر للحزب، فهل هي بداية النهاية ؟
على مستوى مدينة تازة، و من نظرة أولية للنتائج، فالساكنة قد أشهرت الورقة الحمراء في وجه البرلمانيين السابقين، لتفرز وجوه جديدة، مانحة بذلك لحزب العدالة و التنمية، أول مقعد برلماني على مستوى الإقليم منذ دخوله غمار الانتخابات سنة 1997 ، و أستمر في العهد الذي يربط ساكنة الإقليم مع حزب الحركة الشعبية، و منحه مقعدا برلمانيا، لكن تراجع نسبة الأصوات يجعلها مهددة في القادم من الأيام ، خصوصا و أن حزب الحركة الشعبية كان الوسط الحضري لوحده قد منحته في الانتخابات الجماعية 2009، أربعة عشر مقعدا بأصوات فاقت 6000، في حين أنها لم تتجاوز عتبة 2703 صوت بالبرلمانية، وهو نفس عدد الأصوات التي حصل عليها و كيل لائحتها خليل الصديقي القادم من حزب التقدم و الإشتراكية إبان الانتخابات الجماعية 2009، مما جعل مجموعة من المتتبعين تتساءل عن مصير أصوات الحركة الشعبية، أم أن ذلك بمثابة رد الدين من الساكنة للتسيير المشترك. هذا العهد الذي ظل بين حزب الحركة الشعبية و ساكنة إقليمتازة ، سنجد أن أوصاله ، قد تمزقت مع حزب الاستقلال الذي يعتبر أكبر خاسر باعتبار فقدانه لمقعده الدائم بالمدينة، نفس الشيء يمكن تنزيله على حزب التجمع الوطني للأحرار و الذي فشل للمرة الثانية على التوالي في كسب مقعد له، بالمقابل حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، استعاد مقعده البرلماني المفقود منذ سنة 2007 ، فهل يعتبر هذا مؤشرا قويا على عودة حزب المهدي بن بركة لقلعته بتازة. حزب الأصالة و المعاصرة و بعد نكسة الانتخابات الجماعية 2009، تمكن من كسب مقعد برلماني ضمن المقاعد الخمسة، مما يؤكد أن الحياة لازالت تدب في حزب بيد الله رغم المشاكل و القلاقل التي عاشها منذ تأسيس المكتب الحلي بتازة ، لكن هذا لا يشفع له عن النتيجة المذلة سنة 2009. تازة أكدت أنها وفيت لأبنائها الأبرار، و منحت أحمد فطري رئيس حزب الوحدة و الديمقراطية، المقعد البرلماني الوحيد على المستوى الوطني ، رغم منافسة وكيل لائحته الغازي جطيو لصقور انتخابية بمنطقة التسول .
كل هذه النتائج عكست تطلعات ساكنة تازة، التي أدارت ظهرها لأشخاص خانوا ثقتها في الغابر من السنين ، لتنتفض ضدهم حاملة شعار " ارحل " لكن هذه المرة على مستوى صناديق الاقتراع، و مما يؤكد سخط ساكنة تازة على منتخبيها هو ما حصل عليه حزب الحركة الشعبية من عدد الأصوات الذي لم يتجاوز 2703 كعقاب له على التسيير العشوائي للمجلس البلدي و كذا التحالفات الهجينة التي أصبح عليها ( الحركة الشعبية – العدالة و التنمية – الأصالة و المعاصرة) مع انصهار كلي لحزبي التقدم و الإشتراكية و الاستقلال، فكان رد الساكنة عليهم صريحا نظرا لاستخفافهم بالأمانة التي حملوها.
لكن الكرة رماها المواطن في قلب ميدان العدالة و التنمية حوالي 7000 صوت بالمدينة لتقويم هذا الاعوجاج، و تحميلها المسؤولية، في انتظار محاسبتها دنيويا في الانتخابات المقبلة و كذا أمام خالقها يوم القيامة، فهل ستظل تمارس سياسة الصمت أمام شطحات المجلس البلدي ؟