تصاعدت المخاوف في أوساط المجتمع المصري أثر إعلان جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" تحركها المعلن لفرض الشريعة الإسلامية.
وقوبل إعلان مؤسس الجماعة في مصر هشام العشري عن بدأ عملها، بصمت حكومة الإخوان المسلمين، ورفض طبقات المجتمع المصري العودة بالبلاد إلى قرون الظلام، وفرض تقاليد طارئة على طبيعة المجتمع.
وأكد مؤسس الجماعة هشام العشري إنها ستبدأ عملها الخميس، من خلال اجتماع رسمي للمؤسسين في مسجد "الست مسكة" في حي السيدة زينب وسط القاهرة، لتحديد خطوات العمل في الجماعة وكيفية النزول في الشارع لتوعية الأهالي وحثهم على الالتزام بالشريعة الإسلامية.
وقال العشري أن تحرك جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يقودها، يستهدف تطبيق الشريعة، نافيا غلقهم محال الخمور والنوادي الليلية.
وأكد أن جماعته لن تلجأ إلى العنف في التوعية، ولكن للنصح والإرشاد بأمور الدين، وسينتقدون تصرفات المواطنين بسلمية.
وأوضح العشري "أن دور الجماعة يعتمد على السلمية في توعية الفرد وإقناعه بدينه والابتعاد عن التصرفات المسيئة"، مشيرا إلى أنه في حالة ارتكاب فعل فاحش، سيتم إبلاغ الشرطة ووزارة الداخلية عنه، لأن التصدي له مسؤولية الشرطة.
ويرى العشري أن فرض الحجاب على المرأة المسلمة واجب، لكن ستبقى المسيحية عرضة للاعتداء والاغتصاب لأنها ترتدي الملابس الضيقة وتكشف عن أجزاء من جسدها.
وأكد إن تشكيل جماعة لمكافحة الرذيلة على غرار جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية ليس بالأمر السيء.
مشددا بقوله "يجب أن تكون مصر دولة إسلامية بمنع بيع وترويج الخمور وفرض الحجاب على النساء".
وسبق وان أثار العشري فزع المصريين عندما ظهر شاشة التلفزيون ليقول إن على النساء أن يرتدين الحجاب ليحمين أنفسهن وأيد فكرة تشكيل جماعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وغادر العشري مصر متوجها إلى نيويورك في تسعينات القرن الماضي بحثا عن حياه أفضل عندما كانت البلاد ماتزال تحت قبضة الرئيس السابق حسني مبارك.
وقال في أحد أحاديثه التلفزيونية "أنا ذهبت حالما بالعودة ببنت شقراء، لكن في الطائرة نصحوني ألا أفرط بديني ولا أدع أميركا تفسدني!!".
وقال أن قناعته الدينية زادت على مدى 15 عاما قضاها في الولاياتالمتحدة.
وزعم انه أهدى الكثير من المسيحيين إلى الإسلام، من دون أن يذكر العدد، لكن أكد بأنه أكثر من مائة شخص.
وعندما كان يعمل في مصنع لملابس الرجال في نيويورك اقتنع أن مصر بحاجة إلى قوة مثل جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية.
ويرى البعض أن ظهور داعية مغمور لمجرد ترويجه لمثل هذه الآراء مثال آخر على الارتباك الذي تشهده الساحة السياسية في مصر منذ صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة.
وأثارت آراء العشري الذي اقر بأنه توجه إلى الولاياتالمتحدة وهو يحلم بأن يعود بصحبة فتاة شقراء إلى أن وجد غايته في الدعوة، مشاعر استياء وقلق في آن واحد.
ومع التراجع الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية على نحو يشكل ضغوطا على الحكومة يشعر المسلمون المعتدلون والمسيحيون وغيرهم بالقلق من أن يستغل متشددون عازمون على فرض قيمهم على المجتمع المتسم بالاعتدال عادة تلك الحرية السياسية التي لاحت أخيرا.
وكثيرا ما قالت المؤسسات الإسلامية الكبرى في مصر مثل الجامع الأزهر ودار الإفتاء إن الممارسات الدينية لا تفرض على أحد.
ورفض مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة آراء الداعية هشام العشري.
وقال المفتي "مثل هذا التفكير الأحمق يسعى إلى زعزعة وضع مضطرب أصلا بدرجة اكبر".
وأضاف "علماء الدين الإسلامي كانوا على مدى فترة طويلة يرشدون الناس للعمل بشكل لا يخالف التزامهم الديني لكنهم لم يفكروا قط في ان ذلك يتطلب اي نوع من التدخل البوليسي".
ونأت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس محمد مرسي بنفسها عن مثل هذه الآراء وإن لم ترفضها بشكل صريح.
وقال محمد غزلان المتحدث باسم الجماعة "إن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متضمنة في اختصاصات السلطة ولا تترك لأفراد او جماعات. وأضاف انه ليس من حق احد أن يتدخل".
وكان مرسي قد تعهد بعدم فرض الممارسات الإسلامية وحماية أصحاب الديانات الأخرى. لكنه بدأ كذلك العمل بدستور جديد يحمل صبغة إسلامية أكثر من الدستور السابق ويقول منتقدوه إنه لا يحمي الحريات وحقوق المسيحيين وغيرهم من الأقليات.
ويقول نشطاء إنه حتى لو كان معسكر مرسي لا يعتزم التضييق فيما يتعلق بالالتزام الديني فإن هذا الوقت الذي يتسم بالحساسية يتطلب إدانة قوية لمثل هذه التصريحات.
وقال جمال عيد الناشط المدافع عن حقوق الإنسان "إن هذه التصريحات التي لا يدينها المسؤولون بقوة وعلنا تترك المجال للمتشددين ليعملوا بحرية ويفرضوا رؤيتهم على الناس".
وتابع "أن صورة حكام مصر الملتحين مع زوجاتهم المحجبات توجه رسالة معنوية قوية قد تناقض كلماتهم الرسمية".
وقال عيد إن المسؤولين الإسلاميين يحتاجون لاتخاذ مواقف أكثر وضوحا بشأن الحقوق والحريات والتعامل بصرامة اكبر إذا ما تعرضت هذه الحقوق والحريات لأي تهديد.