في حوار له مع إحدى الجرائد الالكترونية، أعاد عبد الله زعزاع سرد اسطوانته المشروخة التي يفتخر فيها بإفطاره رمضان نهارا جهارا حيث قال "أنا ما كنصومش أنا مني بديت كا نكبر صمت لإثبات الذات، ولكن مني بلغت سن 25 سنة ما بقيتش كنصوم أنا عندي قناعة". مناضلنا الكبير يعتبر عدم صيامه الشهر الفضيل قناعة تحصلت لديه بعد بلوغه 25 سنة، ونحن نقول له أن هذه القناعة قد تأخرت كثيرا إذ المفروض أن تكون قد تمردت على هذه "التقاليد البالية"، في قاموسك، منذ السنوات الأولى في الجامعة خاصة في مرحلة عرفت سيطرة اليسار المتجذر داخل الحرم الجامعي مع ما رافق ذلك من سلوكات ومظاهر لا دينية كان أكل رمضان تكثيفا لها.
إلا أن اغلب الطلبة الذين مروا بهذه التجربة، والعبد الضعيف كان منهم، اكتشفوا من بعد أن ذلك يدخل في أطار الممارسات الصبيانية والمزايدات "الخاوية" باسم الثورة والتقدمية واعتناق الأفكار المتنورة...
إعراض هؤلاء الطلبة عن مثل هذه الممارسات الصبيانية والتي كان أكل رمضان عنوانا لها، جاء بعد تفكير عميق وبعد وعي، أو لنقل اختمار للوعي، والاصطدام بالواقع الذي لا يقبل التجاوز وهو واقع ينضح بشتى ألوان التدين ويذكر الجميع اننا في بلاد إسلامية وان الدين الإسلامي السمح وإن كان يسمح للآخر باعتناق ديانته وممارسة شعائره بكل أريحية فإن ذلك يتم في احترام متبادل للآخر ولمشاعره الدينية.
اعتزاز عبد الله زعزاع بأكل رمضان دليل على أن الفكر الصبياني لا يزال سيد الموقف لديه وهو دليل كذلك على أن فكره لم يتطوّر قيد أنملة، إذ لا يزال يبرح مكانه حيث توقف الزمن لديه في منتصف السبعينيات، في الوقت الذي مرت كثير من المياه تحت قنطرة الواقع المغربي.
عبد الله زعزاع لا يمكن أن يعتد" بأقواله بالنظر إلى غرابة مواقفه التي لا يستسيغها حتى رفاقه الذين شاركوه محن النضال والاعتقال، وبالأحرى كل المواطنين الذين لا يرون في ذلك الفكر إلا وبالا على المجتمع وعلى القيم الإسلامية التي يتشبع بها المغاربة منذ انعم الله عليهم بهذا الدين الحنيف.
الله زعزاع يحاول دائما أن يسلط أضواء الإعلام على شخصه من خلال اتخاذ مواقف شاده لا تستند إلى منطق ولا واقع، وقد سبق ان ساند حركة مالي في محاولتها تنظيم إفطار علني سنة 2010، وقدم لهم الدعم بل قام باستضافة وإخفاء زعيمتهم،مريم الغزوي، في منزله قبل أن يتم تقديمها للشرطة القضائية قصد التحقيق معها.
كما أن زعزاع لا يتوانى في إعلان مواقفه الجمهورية في الوقت الذي هجر كل الرفاق هذه الأفكار واقتنعوا بمكانة وضرورة الملكية المتجذّرة في المجتمع المغربي، إلا أن زعزاع لديه عقدة قديمة تتجلى في كونه اعتقل في السبعينات، في إطار اليسار الماركسي اللينيني، ولمّا يكن ذا مستوى تعليمي يذكر آنذاك حيث كان يزاول مهنة النجارة التي بقيت ملتصقة به إذ أن الرفاق كانوا ولا يزالون ينادونه بعبد الله النجّار.
في حوار عبد الله النجار، مع جريدة المثليين، تخون عبد الله الكلمات ويفصح انه لا يفصح عن "أكله رمضان" إذ يقول "ودائما كنخلي الشك عند الواحد في موضوع صيامي، العائلة ديالي ما عدهم حتى مشكل، أو إلى جمعني العمل مع أناس عشرة طويلة معاهم كنكون واضح"، معنى هذا أن زعزاع يعرف مدى مكانة رمضان لدى المغاربة وبالتالي فهو يحاول المراوغة وسلوك سياسة النفاق معهم أو التحجج بالمرض.
كما أن قوله "أنا أسعى دائما لتوسيع هامش الحرية" لا يستقيم ولو عند من لديه حفنة من ثقافة حقوق الإنسان، إذ أن أكل رمضان نهارا جهارا يعتبر مساسا بحرية الآخر فضلا عن كونه تحدي للقوانين المتوافق عليها وهو ضرب لأسس ما ينادي به من احترام للحقوق والحريات التي يضمنها الدستور المغربي وتدعمها باقي النصوص القانونية الأخرى.
لا احد يمكن ان يجبر زعزاع على أكل رمضان إن كان مريضا أو على سفر، وإذا كانت لديه قناعة بضرورة أكله كما يقول، فلا احد يمكن أن يحاكمه إذا فعل ذلك داخل منزله وفي كمان متوار عن الأنظار، شريطة ان لا يمس بمشاعر الآخرين وبالنظام العام، لأن المغرب دولة تحترم القوانين التي تكفل للإنسان ممارسة حقوقه والتمتع بحراته دون المساس بحقوق وحرات الآخرين، وهو ما لم يفهمه عبد الله النجار ولا يريد ان يستوعبه.