في أطار ساسية القرب عرفت طنجة سنة 2004 إنشاء مجموعة من المقرات الأمنية بعدد من المناطق والأحياء داخل المدينة ، حيث تجاوز عددها 25 مركزا من الحجم الصغير، كلها أقيمت وسط فضاءات عامة، وفي أماكن كانت مخصصة كمناطق خضراء، وهو ما جعل رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين آنذاك تتقدم بالاعتراض على القرار الذي لم يكن مدروسا بدقة بسبب الافتقار إلى دراسة خاصة بالمشروع، فضلا عن مخالفته للتصاميم العمرانية للمناطق المستهدفة بالبناء. فهذه المراكز قد تم بناؤها بكيفية عشوائية، ولهذا فشلت التجربة منذ البداية. فما أن شرع في استعمالها من طرف الأدارة الأمنية التي أعدت العدة من أجل مزاولة مهام الحفاظ على الأمن انطلاقا من هذه المراكز ، حتى اتضح بعد وقت وجيز أن هذه المراكز ظلت تفتقر إلى الموارد البشرية الكافية ، بل ظل بعضها مغلقا ولم يشغل نهائيا ليتحول مع مرور الوقت إلى مرتع لتجمع المنحرفين ومنطلق لشن الهجمات على المواطنين، ومجأ لممارسة مختلف الأنشطة المنحرفة التي تلحق الضرر بالمواطنين في أماكن تواجدهم، وتهدد الأمن العام . بل تعرضت بنيتها وأجهزتها للتخريب بسبب أعمال السطو المنظم من طرف المنحرفين واللصوص .. وقد كان لذلك انعكاس سيئ على سمعة الجهاز الأمني بالإقليم لأنه ساهم في إضعاف هيبته، إذ اعتبر غياب الأمن عن هذه المراكز في نظر المواطنين مظهرا لضعف الجهاز الأمني وعجزه عن حماية ذاته ، وبالأحرى أن يكون قادرا على حماية المواطنين .. فهذا هو الانطباع الذي تكون لدى أغلب المواطنين بسبب الحالة المزرية التي أصبحت عليها هذه المراكز المغلقة منذ عدة سنوات ، دون أن تعمد أية جهة، سواء السلطات المحلية أو إدارة الأمن أو المجالس المنتخبة إلى تعهدها بالصيانة والرعاية، وحسن الاستعمال من خلال إعادة فتحها واستعمالها في إطار سياسة القرب ، أو العمل على هدمها وتسويتها مع الأرض بعد أن تحولت إلى مصدر للخطر، أو العمل على توظيفها من طرف السلطات المحلية لملء الفراغ الأمني الذي تعاني منه العديد من المناطق .. خاصة وأن تواجد أعوان السلطة والقوات المساعدة بهذه النقط يمكن أن يشكل عامل دعم لقوات الأمن فيسهل المامورية أمام دوريات الأمن التي تجوب الشوارع وتتحرك داخل المقاطعات ..كما يمكن أن تشكل ملاذا للمواطنين حين تعرضهم للتهديد والاعتداء . ومن أجل وضع حد لهذه الظاهرة المؤلمة ، نلتمس من الجهات المسؤولة المبادرة إلى إعادة تشغيل هذه المراكز ، من خلال توفير عناصر الأمن الكافية لسد الخصاص الموجود. وبما أن هذا الإجراء قد أصبح في حكم المستحيلات بسبب الخصاص المهول في الموارد البشرية ، ندعو الجهات المسؤولة إلى وضع هذه المقرات رهن إشارة جمعيات المجتمع المدني في إطار التعاقد من أجل استئناف توظيفها وإنقاذها من الانهيار واستثمار ما أنفق عليها من أموال ، ثم التعاون على صيانتها وحفظها خدمة لمصالح الساكة ، واستعمالها كمقرات لهذه الجمعيات في إطار العمل التشاركي تحت إشراف سلطات المنطقة. ويمكن لهذه المقرات أن تكون آداة فعالة لحماية المناطق الخضراء والمساهمة في تأهيلها المستمر في إطار من التعاقد المبني على دفتر للشروط المتضمن لالتزامات كل طرف على حدة ، وما من شك أن هذه المبادرة ستساهم في تمتين العلاقة بين المجتمع المدني وبين الإدارة، والمجالس المنتخبة من أجل خدمة الصالح العام ، والتأسيس لثقافة جديدة في تدبير الشأن المحلي . المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين