عاش مجلس النواب أطوار أمر خطير أقدم عليه عبد الإله بنكيران وحكومته، إذ دفع بالفصل 79 من الدستور ليرفع الحرج عن الأغلبية وذلك قصد رفض التعديل الذي تقدمت به المعارضة بخصوص منع أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر منع التصدير والاستيراد من الكيان الإسرائيلي، حيث اعتبرت الحكومة على لسان الوزير المنتدب في المالية إدريس الإدريسي الأزمي أن الأمر يتعلق بالسلطة التنظيمية وليس بالقانون. ومن المفارقات التي سجلها المتتبعون، أن الأغلبية صوتت ضد التعديل ذاته خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، ولم تهتد الحكومة حينها إلى الفصل 79 من الدستور، وعاد بنكيران ليشهر سيف هذا الفصل في وجه المعارضة حتى لا تصوت الأغلبية في الجلسة العامة المنقولة للرأي العام عبر الإذاعة والتلفزة. وكان حزب العدالة والتنمية من أشد معارضي التطبيع مع الكيان الصهيوني أيام كان في المعارضة، وحاول التملص من حضور الصهيوني عوفير برونشتاين مؤتمره السابق معتبرا إياه خطأ بروتوكولي، لكن بعد رفض تعديل يرمي إلى رفض التطبيع التجاري لم يعد أمام الحزب الحاكم أية حجة. من جهتها دافعت الحكومة في جلسة عامة لمجلس النواب مساء أول أمس السبت عن مشروع قانون المالية، وقال محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية إن مشروع قانون المالية لسنة 2015 يستجيب لتصور واضح المعالم وتستند توجهاته وتدابيره إلى رؤية إستراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة مشيرا إلى أن الحكومة "تعرف أين تسير وأنها لن تضل الطريق". وأبرز بوسعيد في معرض رده على مداخلات فرق الاغلبية والمعارضة، أن المشروع " واقعي في فرضياته وتوقعاته، وإرادي وطموح واجتماعي " لأنه يخصص أكثر من نصف الميزانية العامة للقطاعات الاجتماعية ويضع التشغيل في مقدمة اولوياته مضيفا أن الحكومة حددت كهدف أسمى وضع اسس إقلاع اقتصادي حقيقي يضمن تحقيق التنمية الشاملة بمكوناتها المادية واللامادية، ويضع الاليات الكفيلة بتوزيع ثمارها بشكل عادل بين المواطنات والمواطنين في كل المناطق والجهات. وسجل فريق الأصالة والمعاصرة، أن مشروع القانون المالي يعكس عدم تعاطي الحكومة مع الملفات الاجتماعية والاقتصادية وعدم التزامها بما ورد في برنامجها الذي نالت على أساسه ثقة البرلمان، معتبرا أن المشروع، إذا كان قد جاء في ظل ظرفية اقتصادية عالمية تتسم بالهشاشة وإقليمية تتسم بعدم الاستقرار في بعض الدول، فإنه "من المفترض ان يكون استفاد من الظرفية الوطنية التي تتسم بالاستقرار السياسي والاجتماعي ". وأكد الفريق الاسقلالي للوحدة والتعادلية أن مشروع قانون المالية لهذه السنة يفتقد للهوية السياسية، بحيث لا يعكس مضامين واختيارات وتوجهات البرنامج الحكومي الذي نالت على إثره الحكومة ثقة ممثلي الأمة، وذلك في ظل غياب رؤية إستراتيجية تستجيب لتطلعات المغاربة في إطار مشروع تنموي متكامل ينعكس إيجابا على تدبير السياسات العمومية بشكل يضمن الجدوى والنجاعة في تسيير الشأن العام. وبدوره، اعتبر الفريق الاشتراكي أن الأهداف الواردة في مشروع قانون المالية مجرد "شعارات تقدمها الحكومة"، التي "ما زالت منساقة وراء توجهات المؤسسات المالية الدولية"، منتقدا "هشاشة" المجهودات المبذولة من خلال هذا المشروع لاستعادة التوازنات الماكرواقتصادية. وسجل الفريق الدستوري من جهته، أن المشروع "لا آفاق له"، كونه يزيد من معاناة الفقراء ويذهب في اتجاه تفقير الأغنياء ولا يستشعر حجم انتظارات المواطنين، وجاء دون تفاعل مع التطورات الاقتصادية الدولية. إلى ذلك عارض عبد العزيز أفتاتي، عضو فريق العدالة والتنمية، الضريبة على المنتوجات الفاخرة مثل الطائرات السياحية واليخوت والسيجار والمنتوجات الكريستالية و المجوهرات واللوحات الفنية.