شرعت الفرقة الوطنية للجمارك في تنفيذ عمليات ميدانية مكثفة لرصد وتفكيك شبكات متورطة في تهريب وتزوير الخمور، بعدما امتد نشاطها إلى عدد من المدن المغربية الكبرى، من بينها مدينة أكادير، حيث تم تحديد مستودعات سرية وسط أحياء سكنية قريبة من الطرق الرئيسية. التحقيقات الأولية كشفت أن هذه الشبكات تعتمد على تهريب الخمور من الخارج عبر قنوات غير قانونية، قبل تبييضها وتزوير بياناتها، من خلال وضع علامات جبائية مزورة توهم بأنها منتجات أصلية مستوردة، لتُعرض بعد ذلك في حانات وملاهي ليلية بأثمنة منخفضة تجذب أصحاب هذه الفضاءات الباحثين عن هامش ربح أكبر. وفي أكادير، كما في مدن أخرى مثل الدارالبيضاءومراكش ومكناس وطنجة، رُصدت كميات من الخمور مجهولة المصدر داخل نقاط بيع مهيكلة، ما دفع بمصالح الجمارك إلى التنسيق مع مصالح الداخلية والأمن الوطني والدرك الملكي، لتكثيف عمليات المراقبة والتتبع، خاصة مع اقتراب فترة ما بعد رمضان، التي عادة ما تشهد ارتفاعًا في الطلب على هذه المنتجات. التحريات بينت أيضًا تورط نقط بيع مرخصة في تبييض هذه الخمور، التي يُدخل جزء منها إلى البلاد عبر معبر "الكركرات" الحدودي، مخفية ضمن شحنات قانونية. كما حددت التحقيقات هويات عدد من الوسطاء المشرفين على عمليات التوزيع والتخزين، الذين يستغلون البنية التحتية للمدن الكبرى لتسهيل حركة هذه البضائع الممنوعة. ووفق مصادر جمركية، فإن بعض هذه الخمور تُسوّق على أنها واردة من الأسواق الحرة بالمطارات، ما يمنحها طابعًا شرعيًا زائفًا، ويُسهل عملية تسويقها بأسعار تقل عن نصف قيمتها الأصلية. وفي خطوة لتعزيز الجهود الرقابية، شملت التحركات الأخيرة مراقبة المنافذ الحدودية والمطارات الدولية، خصوصًا مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء ومطار مراكش المنارة، إلى جانب تدقيق فواتير المخزون المعروض في نقط البيع الرسمية. كما يجري تحليل عينات من هذه الخمور للتأكد من مطابقتها للمعايير الصحية، بعد ورود معطيات عن سوء ظروف تخزينها ونقلها، الأمر الذي قد يشكل خطرًا على صحة المستهلكين. تأتي هذه التطورات بالتزامن مع مستجدات قانون المالية لسنة 2025، الذي أقر رفع الرسوم الثابتة على الخمور والجعة، محددًا هدفًا ضريبيًا بنحو 2.74 مليار درهم، مقابل 2.01 مليار درهم تم تحصيلها السنة الماضية، في خطوة تروم تأمين مداخيل ضريبية مستقرة من هذا القطاع. وتعد هذه الحملة واحدة من أبرز العمليات الوطنية لمواجهة التهريب والتزوير في قطاع المشروبات الكحولية، في ظل تصاعد الأنشطة غير القانونية المرتبطة به، وتزايد انعكاساتها الأمنية والاقتصادية والصحية على البلاد.