وافق علي بن أبي طالب بعد مقتل عثمان و إلحاح شديد من المسلمين بأن يكون خليفة عليهم، و سعى من أوّل يوم بويع فيه جاهداً إلى لمِّ شتات المسلمين ، و العمل على جمع كلمتهم وعدم تفرّقهم ، فلم يبدأ أحداً بقتال حتّى يعذره فيه المرّة تلو الاخرة. وكان هذا شأنه في جميع مواقفه وحروبه، وهو القائل لابنه الحسن: "لا تدعونَّ إلى مبارزة ، وإن دُعيت إليها فأجب، فإنّ الداعي إليها باغ، والباغي مصروع"... مقابل ذلك خرج إليه طلحة والزبير و عائشة، بعدما رفضوا مبايعته فوقع منهم جميعا ما وقع في موقعة الجمل التي حسمها علي لصالحه، ليتفرغ بعدها في توطيد أركان الدولة من جديد. لكن مشاريعه تلك، سيقف لها معاوية بن أبي سفيان بالمرصاد، بعدما أغرّته واقعة الجمل فرفع قميص عثمان مطالباً بدمه، معلنا عصيانه وتمرّده على الخليفة، فأرسل إليه هذا كتاباً مع جرير بن عبد الله البجلي يدعوه فيه إلى البيعة هو وأهل الشام قاطبة حتى لا تكون فتنة وإلاّ اضطرّه لمحاربته ، فمضى جرير ودخل الشام ودفع إلى معاوية الكتاب ، وخطب الناس وطالب معاوية وأهل الشام بالدخول في ما دخل الناسفيه. ولكن معاوية نادى بالناس للصلاة جامعة، وخطب بهم خطبة طويلة حثّهم فيها على المطالبة بدم عثمان، و أثار فيهم روح النخوة والحميّة. وأجابوه على ذلك وأنّهم مستعدون للطلب بدم عثمان وبايعوه عليه. فلما وصل خبرهم إلى علي بن أبي طالب، تأكد له أن معاوية و معه أهل الشام، باتوا يشكلون تهديدا على الدولة الإسلامية، و أنه يجب عليه محاربتهم لردهم إلى الحق، وإلى جماعة المسلمين، فأمر بتجميع الجيوش، واستشار الناس. فأشار الجميع بأن تخرج الجيوش، وأن يخرج علي رضى الله عنه بنفسه مع الجيش، وكان ممن عارض خروجه ابنه الحسن، ورأى أن قتال أهل الشام سوف يأتي بفتنة عظيمة، لكن علي رضى الله عنه كان يريد أن يقمع الفتنة من جذورها، وأن يحسم الأمر من بدايته. خرج علي بن أبي طالب من الكوفة إلى الشام، وتقدم بجيشه حتى وصل منطقة تُسمّى "صفين".فلما بلغت أخبار ذلك إلى معاوية، استشار قومه فأشاروا عليه بأن يخرج لجيش علي، وألا ينتظره في أرض الشام، و هو ما وافق عليه وخرج بنفسه على رأس الجيش و معه عمرو بن العاص... كان على مقدمة جيش علي بن أبي طالب زياد بن النضر، وعلى مقدمة جيش معاوية أبو الأعور السلمي، وتلتقي المقدمتان في منطقة صفين. وأرسل علي بن أبي طالب عنه أوامره إلى مقدمته يقول لهم: "ادعوهم إلى البيعة مرة بعد مرة، فإن امتنعوا، فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم، ولا يقرب منهم أحد قرب من يريد الحرب، ولا يبتعد عنهم أحد بعد من يهاب الرجال". وعرضت مقدمة علي بن أبي طالب البيعة على مقدمة معاوية بن أبي سفيان أكثر من مرة، لكنهم رفضوا البيعة، وبدأ الأعور السلمي من مقدمة معاوية القتال، ودار بينهم القتال ساعة، وسقط بعض القتلى والشهداء، و استمروا على هذا الحال حتى اليوم الثالث حين وصل علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان بجيشهما، إلى أرض المعركة. فأرسل علي بن أبي طالب وفدا آخر لمعاوية وقال لهم:"ايتوا هذا الرجل -يعني معاوية- فادعوه إلى الطاعة، والجماعة، واسمعوا ما يقول لكم". فلما دخلوا على معاوية قالوا: "يا معاوية، إن الدنيا عنك زائلة، وإنك راجع إلى الآخرة، والله محاسبك بعملك، ومجازيك بما قدمت يداك، وإني أنشدك الله ألا تفرّق جماعة هذه الأمة، وألا تسفك دماءها بينها".فرد معاوية: "قهلاّ أوصيتم بذلك صاحبكم"...كان موقف كل من الطرفين واضحا تمامًا، ولا يرى أي خطأ فيه، فقررا أن يقاتلا حتى النهاية. فقام عمرو بن العاص بخدعته الشهيرة، فدعا جيش معاوية إلى رفع المصاحف على أسنّة الرماح، ومعنى ذلك أنّ القرآن حكم بينهم، ليدعوا جيش علي إلى التوقف عن القتال ويدعون علياً إلى حكم القرآن. وفعلاً جاء زهاء عشرين ألف مقاتل من جيش علي حاملين سيوفهم على عواتقهم، وقد اسودّت جباههم من السجود، يتقدّمهم عصابة من القرّاء الذين صاروا خوارج فيما بعد، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين: "يا علي، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دُعيت، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان، فو الله لنفعلنّها إن لم تجبهم". فأجابهم علي: "ويحكم أنا أوّل مَن دعا إلى كتاب الله، وأوّل مَن أجاب إليه". فقالوا: "فابعث إلى الأشتر ليأتيك"، وقد كان الأشتر قد أوشك على اقتحام معسكر معاوية ، فأصرّوا على رأيهم، وكان علي بن أبي طالب في هذا الموقف أمام خيارين: فإما المضي بالقتال، ومعنى ذلك أنّه سيقاتل ثلاثة أرباع جيشه وجيش أهل معاوية. وإما القبول بالتحكيم وهو أقلّ الشرّين خطراً. فقبل علي بن ابي طالب التحكيم وترك القتال مكرها....
هؤلاء ازدادوا في مثل هذا اليوم: 1856 - جورج برنارد شو: كاتب مسرحي وناقد أيرلندي 1964 - ساندرا بولوك: ممثلة أمريكية. هؤلاء رحلوا في مثل هذا اليوم : 1986 - أفيريل هاريمان: ديبلوماسي ورجل أعمال وسياسي أمريكي.