مجلس القضاء يستعرض حصيلة 2024    هذه هي المنتخبات المتوقع مواجهتها للمغرب في الدور الثاني من مونديال قطر للناشئين    تقرير: التغيرات المناخية والاستغلال المفرط يفاقمان أزمة الماء والجفاف عرى هشاشة بعض منظومات التزوّد    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين الوصول إلى جميع الوسائط الحديثة المشتركة    الحكم الذاتي في الصحراء.. هل يكون مدخلاً لإطلاق مشروع ديمقراطي يواكب التنمية الاقتصادية والتحديات التي يخوضها المغرب؟    المغرب يطلق تكوين 15 ألف متطوع استعدادا ل"كان 2025″    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    الحكومة تطلق من الرشيدية نظام الدعم الجديد للمقاولات الصغيرة والمتوسطة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    تستر ‬عليها ‬منذ ‬سنوات‮ ‬.. ‬    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    الصين تدعم التعاون الأمني مع المغرب    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    انقلاب "بيكوب" يرسل 17 عاملا فلاحيا لمستعجلات تارودانت    التامك يغيب لأول مرة عن مناقشة ميزانية السجون في مجلس النواب.. ما علاقة ذلك ب"إهانته" قبل عام؟    "SNRTnews" تبرز تجربة الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأخبار    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة والتنمية الإسلامي في مصيدة الحكم
نشر في أخبارنا يوم 10 - 12 - 2011

في التاسع والعشرين من نوفمبر عيّن الملك المغربي محمد السادس الأمينَ العام لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، رئيساً للوزراء وكلّفه بتشكيل الحكومة الجديدة. بكل فخر تحدث بنكيران عن لقائه الشخصي الأول بالملك الذي – كما قال – هنأه في البداية قبل أن يعطيه بعض النصائح. حصل حزب بنكيران الإسلامي المعتدل في الانتخابات البرلمانية على أغلبية واضحة بلغت 107 مقاعد، أي أن "حزب العدالة والتنمية" استطاع بوضوح أن يوّسع من قاعدة ناخبيه. بالنسبة لعديد من الناخبين من الطبقة البورجوازية في المغرب كان هذا الحزب البديل الوحيد المتبقي من المؤسسة السياسية الهَرِمة.
ولكن ينبغي ألاّ ننسى أن البرلمان قد زادت عدد مقاعده في 2011 بمقدار سبعين مقعداً، أي أن الجميع خرج منتصراً في هذه الانتخابات، إذ إن كافة الأحزاب الخمسة الكبيرة قد استطاعت زيادة عدد مقاعدها في البرلمان. وهكذا حصل "حزب الأصالة والمعاصرة" - الذي جعل من توجهات الملك الحداثية برنامجاً حزبياً له - على 47 مقعداً في أول انتخابات برلمانية يخوضها. تأسس هذا الحزب عام 2008 على يد فؤاد عالي الهمة، أحد المقربين من الملك محمد السادس، ولذلك ثارت احتجاجات عديدة ضد عالي الهمة خلال عام 2011 باعتباره رمزاً للملكية.
وحسب الأرقام الرسمية فإن المشاركة في العملية الانتخابية قد زادت زيادة طفيفة من 37 إلى 45 في المئة. غير أن نصف المغاربة فقط مسجلون على القوائم الانتخابية. وتنفي جماعة "العدل والإحسان" الإسلامية المحظورة صحة هذه الأرقام، معربة عن اعتقادها بأن نسبة المشاركة لا تتعدى 25 في المئة. إذا كان ذلك صحيحاً فإنه يعتبر تصويتاً واضحاً ضد السياسة الإصلاحية التي ينتهجها الملك، إذ إن القوى التي تراهن على تحول جذري في السياسة المغربية لم تكن مقتنعة بالتغيير الدستوري الذي أُقر في الأول من يوليو (تموز) من هذا العام. ولهذا دعت "حركة 20 فبراير" الشبابية، وكذلك جماعة "العدل والإحسان" وبعض الأحزاب اليسارية الصغيرة، إلى مقاطعة الانتخابات.
ولكن لماذا أعلنت الحكومة المغربية توزيع المقاعد في البرلمان فقط، ولم تعلن – كما كان يحدث في الأعوام السابقة – النسبة المئوية للأصوات التي حصل عليها كل حزب؟ لا بد أن "حزب العدالة والتنمية" قد ضاعف نصيبه من الأصوات، وبذلك يكون قد حصل على نسبة قدرها نحو 22 في المئة من إجمالي الأصوات. وهي نتيجة جيدة كان الحزب يتطلع إليها منذ عام 2007، غير أنها لا تمثل انتصاراً ساحقاً.
المهم الآن حسب التغييرات الدستورية هو أن الملك عليه أن يعيّن زعيم الحزب الفائز بالانتخابات رئيساً للوزراء، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد. وهكذا تحتم على الملك أن يكلف عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة. وما زال "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" يجري تشاوراته بشأن مشاركة الإسلاميين وتكوين إئتلاف حكومي. و
كانت أصوات عديدة قد ارتفعت قبل الانتخابات تشك في أن الملك محمد السادس سيلتف على التعديل الدستوري، ولن يعين الفائز رئيساً للوزراء. غير أن "فوز حزب العدالة والتنمية جاء في الحقيقة مؤاتيا بالنسبة للملكية في عام الثورات العربية، عام 2011"
إن الملك يسمح الآن بوصول زعيم إسلامي إلى السلطة كان يعلن دائماً رؤيته بخصوص حكم الدولة، وبذلك يكون الملك قد ربح وقتاً. ولا يمثل "حزب العدالة والتنمية" خطراً على الملكية في المغرب، على العكس: لقد أحرج بنكيران الحركة الشبابية عشية إجراء الانتخابات مصوراً حزبه على أنه الحامي الحقيقي للملكية، وهو ما أعتبره الإسلامي عبد السلام ياسين موقفاً متطرفاً. وكانت الحركة الشبابية قد دعت في 2007 أنصارها إلى انتخاب "حزب العدالة والتنمية"، غير أنهم اختاروا هذه المرة مقاطعة الانتخابات.
وبهذا يكون بنكيران قد وصل إلى هدفه بعد 35 عاماً من العمل السياسي. وكان بنكيران في سنوات السبعينات عضواً في "حركة الشبيبة الإسلامية" التي كانت في الماضي تتبنى العنف، كما كان بنكيران لفترة طويلة قائداً لحركة "الإصلاح والتجديد". ومنذ عام 1992 حاول الزعيم الإسلامي عدة مرات تأسيس حزب سياسي، ولكن محاولاته انحصرت دائماً في الدوائر المحافظة والقريبة من القصر. وهكذا اقترب في عام 1992 من "حزب الاستقلال" الذي ظل سنوات طويلة يدير دفة الحكم في البلاد. وفي عام 1996 تعاون بنكيران مع عبد الكريم الخطيب لدمج حزب "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" المتفكك آنذاك مع الحركة الإسلامية "التوحيد والإصلاح "، وتأسيس "حزب العدالة والتنمية". وقد حدث ذلك أيضاً بمبادرة من وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري. وهكذا تم إيجاد بديل إسلامي داخل نظام التعدد الحزبي في المغرب، ومن ناحية أخرى كان الخطيب شخصاً موالياً للملكية. في أول تصريح له أكد بنكيران على كون المغرب دولة إسلامية منذ أربعة قرون، وأن ما يهمه هي التحديات الاجتماعية والاقتصادية، كما أوضح أنه لا يريد أن يتدخل في الحياة الخاصة للمغاربة. ولذلك غض البصر سريعاً عن منع الكحول في المغرب. هل سيتم في مقابل ذلك رفع ضريبة القيمة المضافة على الكحوليات؟
لقد تبنى بنكيران أربعةً من بين أولاده الستة، وهو أمر غير جائز حسب الفهم الإسلامي الصحيح. ومن اللافت للنظر أيضاً أن كلمة "إسلام" لا ترد في برنامج "حزب العدالة والتنمية" الذي يبلغ 14 صفحة سوى أربع مرات، وذلك في سياق التحدث عن القيم المغربية والقانون الاقتصادي. في كثير من الأماكن أعلن بنكيران أن الإسلام ليس ديناً جامداً. وليس هو بالذئب المتنكر في شكل حمل.
ومن المصطلحات الرئيسية لدى بنكيران مصطلح "المصلحة العامة". ولكن هل سيتحلى بالشجاعة التي تمكنه من مواجهة الملك في الموضوعات المهمة، مثل إعادة توزيع الثروات والاستثمار العادل اجتماعياً ومحاربة الفساد؟ قد يكون هدف محمد السادس هو تبديد الهالة السحرية التي تحيط بالإسلاميين عبر إشراكهم في الحكم. والخطوة الأولى في ذلك كان الاستقبال الملكي الذي حظي به بنكيران.

عن موقع قنطرة الإلكتروني
سونيا حجازي


في التاسع والعشرين من نوفمبر عيّن الملك المغربي محمد السادس الأمينَ العام لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، رئيساً للوزراء وكلّفه بتشكيل الحكومة الجديدة. بكل فخر تحدث بنكيران عن لقائه الشخصي الأول بالملك الذي – كما قال – هنأه في البداية قبل أن يعطيه بعض النصائح. حصل حزب بنكيران الإسلامي المعتدل في الانتخابات البرلمانية على أغلبية واضحة بلغت 107 مقاعد، أي أن "حزب العدالة والتنمية" استطاع بوضوح أن يوّسع من قاعدة ناخبيه. بالنسبة لعديد من الناخبين من الطبقة البورجوازية في المغرب كان هذا الحزب البديل الوحيد المتبقي من المؤسسة السياسية الهَرِمة.
ولكن ينبغي ألاّ ننسى أن البرلمان قد زادت عدد مقاعده في 2011 بمقدار سبعين مقعداً، أي أن الجميع خرج منتصراً في هذه الانتخابات، إذ إن كافة الأحزاب الخمسة الكبيرة قد استطاعت زيادة عدد مقاعدها في البرلمان. وهكذا حصل "حزب الأصالة والمعاصرة" - الذي جعل من توجهات الملك الحداثية برنامجاً حزبياً له - على 47 مقعداً في أول انتخابات برلمانية يخوضها. تأسس هذا الحزب عام 2008 على يد فؤاد عالي الهمة، أحد المقربين من الملك محمد السادس، ولذلك ثارت احتجاجات عديدة ضد عالي الهمة خلال عام 2011 باعتباره رمزاً للملكية.
وحسب الأرقام الرسمية فإن المشاركة في العملية الانتخابية قد زادت زيادة طفيفة من 37 إلى 45 في المئة. غير أن نصف المغاربة فقط مسجلون على القوائم الانتخابية. وتنفي جماعة "العدل والإحسان" الإسلامية المحظورة صحة هذه الأرقام، معربة عن اعتقادها بأن نسبة المشاركة لا تتعدى 25 في المئة. إذا كان ذلك صحيحاً فإنه يعتبر تصويتاً واضحاً ضد السياسة الإصلاحية التي ينتهجها الملك، إذ إن القوى التي تراهن على تحول جذري في السياسة المغربية لم تكن مقتنعة بالتغيير الدستوري الذي أُقر في الأول من يوليو (تموز) من هذا العام. ولهذا دعت "حركة 20 فبراير" الشبابية، وكذلك جماعة "العدل والإحسان" وبعض الأحزاب اليسارية الصغيرة، إلى مقاطعة الانتخابات.
ولكن لماذا أعلنت الحكومة المغربية توزيع المقاعد في البرلمان فقط، ولم تعلن – كما كان يحدث في الأعوام السابقة – النسبة المئوية للأصوات التي حصل عليها كل حزب؟ لا بد أن "حزب العدالة والتنمية" قد ضاعف نصيبه من الأصوات، وبذلك يكون قد حصل على نسبة قدرها نحو 22 في المئة من إجمالي الأصوات. وهي نتيجة جيدة كان الحزب يتطلع إليها منذ عام 2007، غير أنها لا تمثل انتصاراً ساحقاً.
المهم الآن حسب التغييرات الدستورية هو أن الملك عليه أن يعيّن زعيم الحزب الفائز بالانتخابات رئيساً للوزراء، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد. وهكذا تحتم على الملك أن يكلف عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة. وما زال "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" يجري تشاوراته بشأن مشاركة الإسلاميين وتكوين إئتلاف حكومي. و
كانت أصوات عديدة قد ارتفعت قبل الانتخابات تشك في أن الملك محمد السادس سيلتف على التعديل الدستوري، ولن يعين الفائز رئيساً للوزراء. غير أن "فوز حزب العدالة والتنمية جاء في الحقيقة مؤاتيا بالنسبة للملكية في عام الثورات العربية، عام 2011"
إن الملك يسمح الآن بوصول زعيم إسلامي إلى السلطة كان يعلن دائماً رؤيته بخصوص حكم الدولة، وبذلك يكون الملك قد ربح وقتاً. ولا يمثل "حزب العدالة والتنمية" خطراً على الملكية في المغرب، على العكس: لقد أحرج بنكيران الحركة الشبابية عشية إجراء الانتخابات مصوراً حزبه على أنه الحامي الحقيقي للملكية، وهو ما أعتبره الإسلامي عبد السلام ياسين موقفاً متطرفاً. وكانت الحركة الشبابية قد دعت في 2007 أنصارها إلى انتخاب "حزب العدالة والتنمية"، غير أنهم اختاروا هذه المرة مقاطعة الانتخابات.
وبهذا يكون بنكيران قد وصل إلى هدفه بعد 35 عاماً من العمل السياسي. وكان بنكيران في سنوات السبعينات عضواً في "حركة الشبيبة الإسلامية" التي كانت في الماضي تتبنى العنف، كما كان بنكيران لفترة طويلة قائداً لحركة "الإصلاح والتجديد". ومنذ عام 1992 حاول الزعيم الإسلامي عدة مرات تأسيس حزب سياسي، ولكن محاولاته انحصرت دائماً في الدوائر المحافظة والقريبة من القصر. وهكذا اقترب في عام 1992 من "حزب الاستقلال" الذي ظل سنوات طويلة يدير دفة الحكم في البلاد. وفي عام 1996 تعاون بنكيران مع عبد الكريم الخطيب لدمج حزب "الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية" المتفكك آنذاك مع الحركة الإسلامية "التوحيد والإصلاح "، وتأسيس "حزب العدالة والتنمية". وقد حدث ذلك أيضاً بمبادرة من وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري. وهكذا تم إيجاد بديل إسلامي داخل نظام التعدد الحزبي في المغرب، ومن ناحية أخرى كان الخطيب شخصاً موالياً للملكية. في أول تصريح له أكد بنكيران على كون المغرب دولة إسلامية منذ أربعة قرون، وأن ما يهمه هي التحديات الاجتماعية والاقتصادية، كما أوضح أنه لا يريد أن يتدخل في الحياة الخاصة للمغاربة. ولذلك غض البصر سريعاً عن منع الكحول في المغرب. هل سيتم في مقابل ذلك رفع ضريبة القيمة المضافة على الكحوليات؟
لقد تبنى بنكيران أربعةً من بين أولاده الستة، وهو أمر غير جائز حسب الفهم الإسلامي الصحيح. ومن اللافت للنظر أيضاً أن كلمة "إسلام" لا ترد في برنامج "حزب العدالة والتنمية" الذي يبلغ 14 صفحة سوى أربع مرات، وذلك في سياق التحدث عن القيم المغربية والقانون الاقتصادي. في كثير من الأماكن أعلن بنكيران أن الإسلام ليس ديناً جامداً. وليس هو بالذئب المتنكر في شكل حمل.
ومن المصطلحات الرئيسية لدى بنكيران مصطلح "المصلحة العامة". ولكن هل سيتحلى بالشجاعة التي تمكنه من مواجهة الملك في الموضوعات المهمة، مثل إعادة توزيع الثروات والاستثمار العادل اجتماعياً ومحاربة الفساد؟ قد يكون هدف محمد السادس هو تبديد الهالة السحرية التي تحيط بالإسلاميين عبر إشراكهم في الحكم. والخطوة الأولى في ذلك كان الاستقبال الملكي الذي حظي به بنكيران.

عن موقع قنطرة الإلكتروني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.