"الأكبر في التاريخ".. واشنطن والرياض توقعان صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار    فضيحة اختطاف معارض جزائري في باريس تلاحق أجهزة الجزائر    الذكرى ال69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية: مؤسسة ملتزمة بحزم بمسار التحديث    محمد وهبي يؤكد أن شبان المغرب قادرون على تحقيق أشياء عظيمة    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة محليا بتساقط للبرد بعدد من مناطق المملكة    قطرات مطرية متفرقة مرتقبة بطنجة وجهة الشمال يوم الأربعاء    حريق بشقة سكنية في حي بن كيران بطنجة يخلّف خسائر مادية    الاستقلال يدعو لفتيت إلى تسريع مراجعة القوانين الانتخابية استعدادًا للاستحقاقات المقبلة    صناعة الألعاب الإلكترونية تحظى بدعم حكومي عبر اتفاقيتي تكوين وتأهيل    عملية بحرية محكمة تُفشل مخطط تهريب دولي للمخدرات بالسواحل المغربية    التصعيد الدبلوماسي المستمر يسائل مستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية    أخنوش يتباحث بالرباط مع مسؤول بالحزب الشيوعي الصيني    وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية: الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية "تحت السيطرة"    المسطرة الجنائية.. الحكومة توافق على 28% من تعديلات الأغلبية و9% فقط من تعديلات المعارضة    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    الصين تعزز شراكتها مع أمريكا اللاتينية بخمس مبادرات تنموية وإنسانية جديدة    جبايات الجماعات.. البرلمان يصادق على إسناد تحصيل رسم السكن والخدمات لإدارة الضرائب وتعديل ضريبة الأراضي غير المبنية    الركراكي: حكيمي لاعب أساسي بلا نقاش في المنتخب المغربي وسيكون القائد في "الكان" المقبل    صافرة رومانية تضبط نهائي دوري أبطال أوروبا    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    مراكش ومدن مغربية أخرى تحتفي بموسيقى موزارت لتوحيد المواهب المتوسطية    في برنامج "مدارات" : لقاء مع الباحث الأستاذ أحمد متفكر ، وحديث حول سيرة محمد ابن الموقت المراكشي    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.. انتخاب سفيان البقالي رئيسا للجنة الرياضيين    أسعار ‬الأسماك ‬في ‬ارتفاع ‬متواصل ‬وسمك ‬الفقراء ‬بات ‬نادرا ‬في ‬الأسواق    صيادو الحسيمة في مواجهة خطر التراجع البيئي والاقتصادي    مؤشر "مازي" يرتفع ببورصة الدار البيضاء    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    رسوم بذيئة تعبث بموقع "تشان تشان" التاريخي في البيرو    مجموعة OCP توقع اتفاقيتَي تمويل    هشام بلاوي.. مسيرة قضائية وأكاديمية تقوده لرئاسة النيابة العامة    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    شرطة ألمانيا تفكك "شبكة متطرفة"    المغرب الفاسي يثق في منتوج النادي    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تؤشر على المنشور المتعلق ببيع أسهم "رونو"    انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    النفط يهبط بفعل مخاوف من زيادة المعروض وحذر حيال اتفاق أمريكا والصين    كيوسك الثلاثاء| برادة يتوعد مثيري الشغب الرياضي بعقوبات صارمة وإجراءات لمحاصرتهم    بكين وواشنطن تتفقان على آلية حوار اقتصادي لتفادي التصعيد    برشلونة على أعتاب لقب "الليغا" وريال مدريد يودّع أنشيلوتي    عودة الاستعمار القديم الجديد    من هو أمين الشابي سفير المغرب لدى جمهورية باكستان الإسلامية؟    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يفتقد لجهود فينيسيوس وفاسكيس للاصابة    حكيمي يعزز استثماراته الرياضية بشراء نادي إسباني    من الناظور إلى اسبانيا.. سقوط إمبراطورية الحشيش بقبضة الشرطة وهكذا وضف "الزعيم" عشيقاته لتبييض الأموال    تركيا.. أزيد من 64 مليون مسافر عبروا مطارات البلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025    مندوبية السجون توضح بخصوص زيارة الزفزافي لوالده    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرار بنكيران بأن الأوقاف وزارة سيادية..يثير جدلا مغربيا
نشر في أخبارنا يوم 20 - 12 - 2011

أثار قرار عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الجديدة بالمغرب، ترك تعيين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بيد ملك البلاد باعتبارها وزارة "سيادية" تنتمي إلى المجال الديني لإمارة المؤمنين بالمغرب، جدلا وخلافا واضحا بين مؤيدين لهذا القرار، ومستاءين من هذا الاختيار، وتبعاته السياسية والدستورية.

ويرى مختصون، في تصريحات ل"إسلام أون لاين"، أن ترك اقتراح وزير للأوقاف والشؤون الإسلامية من لدن العاهل المغربي يحمل رسائل سياسية هامة، منها التأكيد على استمرارية الشرعية الدينية السياسية لنظام الحكم، كما أن القرار أيضا هو "طمأنة" من الإسلاميين لخصومهم اليساريين الذين يتهمونهم بتوظيف الديني في السياسي.

ومقابل ذلك، يعتبر مراقبون أن ترك رئيس الحكومة الجديدة تعيين وزير الأوقاف بين يدي الملك محمد السادس، يندرج ضمن الهوية السياسية لحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، والتي تقوم على أساس الخضوع التام للملك، والتسليم له بالشرعية الدينية والتاريخية والسياسية الدستورية.

وجدير بالذكر أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المُعين، صرح أخيرا بأن الائتلاف الحكومي، المكون من حزبه وأحزاب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، سيقترح جميع الوزارات على الملك، باستثناء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لكونها تبقى من اختصاص الملك بصفته أمير المؤمنين، فضلا عن إدارة الدفاع الوطني، بحكم أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بالبلاد.
جدل سياسي وإيديولوجي

وأدت تصريحات رئيس الحكومة الجديدة بترك تعيين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في يد الملك لأن المجال الديني يختص به، إلى جدل ونقاش حول صواب هذا التصرف من عدمه، وأيضا حول الخلفيات والأسباب الثاوية التي جعلت من "العدالة والتنمية" يتخلى عن حق كفله الدستور الجديد، الذي يشدد على أن رئيس الحكومة المُكلف هو من يقترح أسماء جميع الوزراء على الملك.

ويرى الدكتور رشيد مقتدر، الخبير في العلوم السياسية، أن ما تم تداوله إعلاميا وسياسيا في الآونة الأخيرة حول إصرار بن كيران على أن تعيين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يجب أن يكون بيد الملك، هو استمرارية لجدل سياسي وإيديولوجي حول ما يسمى بوزارات السيادة.

وقال مقتدر، في تصريحات ل"إسلام أون لاين" ، إن المرحلة الجديدة بعد إقرار الدستور المُعَدل تقتضي العمل على تفعيله ديمقراطيا ووفقا للآليات جديدة، أمام ضغط الحركة الاحتجاجية التي تشكلها حركة 20 فبراير، بمختلف مكوناتها المدنية (جمعيات حقوقية ومناضلون لا منتمون)، والإسلامية ( جماعة العدل والإحسان)، والسلفية، واليسارية (النهج الديمقراطي، واليسار الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة).

وأضاف مقتدر أن الإشكال الذي ظل عالقا هو كل من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وإدارة الدفاع الوطني، حيث تم الحديث في هذا الصدد عن وجود مشاورات بين عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة والملك محمد السادس، مشيرا إلى أن الأمور تسير نحو تعيين شخصية محايدة لتولي هذا المنصب الحساس، باقتراح من الملك.
ثلاث رسائل

وحول التفسيرات السياسية التي تقف وراء استمرار تعيين وزير الأوقاف من لدن الملك، أجاب الدكتور مقتدر أن هذا التوجه يتضمن ثلاثة رسائل رئيسية، وهي: أولا، الاعتراف بالمجال الديني الخاص بإمارة المؤمنين، والذي يعكس استمرارية الشرعية الدينية السياسية لنظام الحكم الملكي، ويكرس سموه السياسي والرمزي وتموقعه فوق الصراعات الحزبية، وهو إقرار بارتباط الشرعية السياسية الدينية بالملك أمير المؤمنين، التي لا تخلو من رغبة في استمرارية احتكار هذا المعطى الجوهري وفقا للدستور الجديد.

والرسالة الثانية، وفق مقتدر، هي "طمأنة" الإسلاميين لخصومهم السياسيين خاصة القوى اليسارية التي طالما اتهمت الإسلاميين بتوظيف الديني في السياسي، وكانت تنظر لهذه القضية بسلبية، وترى فيها توظيفا للرموز الدينية والمفاهيم الشرعية في ميدان العمل السياسي، من خلال خطبة الجمعة أو في الوعظ والإرشاد، وهي المسألة التي لا تروق للمؤسسة الملكية أيضا؛ إذ تساهم في منافسة الملك باعتباره أميرا للمؤمنين على السلطة السياسية الدينية.

وثالثة الرسائل، يخلص مقتدر، تعكس واقعية سياسية من الإسلاميين رغم الاعتراضات الموجة إليهم بالابتعاد عن التوظيفات الإيديولوجية والسياسية للحقل الديني، ورغبتهم في حل إشكالات الدمقرطة، وحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وليس التركيز على مجال القيم والرموز التي لا تنسجم مع موقعهم الجديد في قيادة الحكومة.

خضوع الحزب !

هذه الرسائل التي يفسر بها مقتدر قرار بنكيران تركَ تعيين وزير الأوقاف بيد الملك، يختزلها الدكتور عبد العالي مجدوب الباحث المتخصص في الشأن السياسي الإسلامي بالمغرب، في مظهر واحد يتمثل في خضوع وانبطاح حزب العدالة والتنمية إزاء الملك، وما يصدر عنه من قرارات وسياسات.

ويشرح مجدوب، في تصريحات ل"إسلام أون لاين" ، أن بنكيران ومن سيكون معه في الحكومة القادمة لن يكون له رأي ولا سلطة ولا أي شيء يمكنه أن يغير السياسات التي يقررها الملك، بل إن هذه الحكومة ستكون ملكية أكثر من الملك، نظرا لهذا الخضوع المطلق الذي ما فتئ يبديه السيد بنكيران تجاه الملك وسلطاته، وكل ما يصدر عنه.

ولفت المحلل بأن تصريحات المتتبع لتصريحات بنكيران لا يفوته أن الرجل كان دائما يذكر الملك في سياقات تؤكد أن الملك هو الفاعل الأول في شؤون الدولة، أي هو الحاكم الحقيقي، وما الحكومة والبرلمان وسائر المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة إلا توابع وأعوان في خدمة ما يقرره "المخزن"، الذي يستبد بالسلطات الفعلية بنص الدستور الممنوح.

ومن تحصيل الحاصل، وبناء على ما قدّمت، يضيف مجدوب، فإن بنكيران، في الحقيقة، لن يكتفي بترك تعيين وزير الأوقاف للملك، بل إنه يسلّم للملك في كل شيء، وما امتناعه عن الإفصاح عما ما دار بينه وبين الملك في لقاء الأربعاء الماضي إلا شيء من هذا القبيل، على حد تعبير مجدوب.
الولاء للملكية
واستطرد الدكتور عبد العالي مجدوب بأن بنكيران "صريح إلى أقصى حد في هذا الموضوع، لأنه ما يزال يقول في كل مناسبة بأن رئيسه هو الملك، ومن ثمّ فإنه لا يمكن أن يفعل أي شيء بغير رضا الملك، مشيرا إلى أن هذا يُفهم منه أن بنكيران وحكومته المقبلة، في علاقته بالملك، سيكون سهلا هيّنا ليّنا مطواعا لا يردّ أمرا للملك، وليس عنده إلا السمع والطاعة.

وأبرز مجدوب أن حزب العدالة والتنمية بنى هويته السياسية على أساس الخضوع التام للملك، والتسليم له بالشرعية الدينية والتاريخية والسياسية الدستورية، مضيفا أن القارئ في أدبيات الحزب، وقبله في أدبيات حركة "الإصلاح والتجديد"، ثم في أدبيات حركة "التوحيد والإصلاح"، يجد أن الولاء للملكية، كما هي مطبقة على الأرض، بكل ما لها وعليها، هو روح الاختيار السياسي للحزب وحركته الأمّ.
ولهذا، يكمل مجدوب، كنتُ وما أزال أصف حزب العدالة والتنمية بأنه حزب "مخزني"، ليس على سبيل القدح والتجريح، وإنما على سبيل وصف ما هو واقع، لافتا إلى كون حزب العدالة والتنمية، في مساره القديم والجديدة، بقيادة عبد الكريم الخطيب رحمه الله، ثم بقيادة السيد بنكيران وأصحابه، كان مهيأ ليلعب أي دور يرضى عنه الملك، ويخدم النظام المخزني.
وزير كفء؟

وفي سياق ذي صلة، لاقى قرار بنكيران ترك وزارة الأوقاف ضمن وزارات السيادة، ومن اختصاص الملك، اعتراض الرابطة الوطنية لأئمة المساجد، وهي جمعية مدنية تعنى بشؤون وحقوق أئمة المساجد، حيث وصفت هذا الموقف من حزب العدالة والتنمية بكونه "تراجع" عن موقفه المساند لملف القيمين الدينيين قبيل الانتخابات حين كان في موقع المعارضة.
وبحسب عبد العزيز خربوش، الكاتب العام لرابطة أئمة المساجد، فإن المشكلة ليست في "أن يعين الملك من يتولى وزارة الأوقاف، إنما في أن تبقى هذه الوزارة ضمن ما يسمى وزارات السيادة، لأن هذا "يعد منافيا للدستور، فلا وجود لنص يستثني وزارة دون أخرى".

وعبر خربوش عن خشيته إذا ما بقيت وزارة الأوقاف وزارة سيادية أن تظل أوضاع قطاع الشأن الديني بالبلاد على حالتها المزرية، دون إيجاد حلول ناجعة للمشاكل المتفاقمة في هذا المجال الحيوي، ودون وضع حد للفساد المستشري في دواليب هذه الوزارة.

وكانت الرابطة قد راسلت منذ أيام رئيس الحكومة الجديدة، تطالبه من خلالها ب "تحسين أوضاع أسرة المساجد المادية والمعنوية"، وباختيار "مسؤول كفء لشغل منصب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والسعي إلى "محاربة لوبيات الفساد داخل وزارة الأوقاف، وما أكثرها.."، وفق تعبير الرسالة ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.