تهنئة عيد الأضحى المبارك    النمو الاقتصادي بالمغرب يرتفع إلى 3.8% عام 2024 رغم ضغوط التضخم وتراجع الأنشطة الفلاحية    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب    عمال النظافة بالفقيه بن صالح بلا أجور قبيل عيد الأضحى والمكتب النقابي يلوّح بالتصعيد    طنجة : العثور على جثة أربعيني بمنطقة خلاء بكورنيش "مالاباطا " يستنفر الأمن    أين ومتى ستُقام صلاة العيد بطنجة؟ إليكم ما أعلنت عنه المندوبية    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    تعاون إفريقي-إفريقي متجدد .. المغرب وغانا يعززان الشراكة الإقليمية    جمهورية غانا تعتبر المخطط المغربي للحكم الذاتي الأساس الواقعي والدائم الوحيد لحل مقبول من الأطراف لقضية الصحراء    أجواء حماسية واستعدادات قوية .. الأسود يرفعون شعار الفوز في فاس        انتخاب عميد الشرطة الإقليمي "ليلى الزوين" نائبة لرئيس الفريق الدولي لخبراء الإنتربول في مجال الجرائم السيبرانية    جلالة الملك يهنئ لي جاي ميونغ بمناسبة تنصيبه رئيسا لجمهورية كوريا    انتخاب المغربية ليلى الزوين نائبة لرئيس فريق خبراء الإنتربول في الجرائم السيبرانية    بصمة مغربية .. الأردن في كأس العالم أخيرًا!    أمير عبدو مدربا جديدا لحسنية أكادير خلفا للسيكتيوي    الحرب تندلع بين ترامب وماسك.. ترامب يصف صديقه ب "المجنون" والأخير يهدد ب "إلقاء القنبلة الكبرى"    لاعبو المنتخب: مستعدون للقاء تونس    الرجاء يعلن ضم النيجيري أوركوما    تجدد الاحتجاجات للجمعة ال79 نصرة لغزة ودعوات للمشاركة في مبادرة "عيدنا فلسطيني"    مناظرة وطنية للاقتصاد التضامني    تداولات "البورصة" تنتهي بالارتفاع    بريطانيا تحذر إسرائيل من عقوبات    هبوط اضطراري لطائرة بألمانيا بسبب مطبات هوائية وإصابة تسعة ركاب    "فيفا" يثمن مونديال الفتيات بالمغرب    سعاد صابر تحظى بتعاطف المغاربة    الحجاج يودعون "عرفات" متوجهين إلى مشعر مزدلفة    يوميات حاج (7): النفرة إلى مزدلفة.. حيث يسكن الليل وتتكلم القلوب    طنجة المتوسط يزيح موانئ أوروبا من الصدارة ويصعد إلى المركز الثالث عالميا    تجار الأزمات.. جزارون يرفعون أسعار اللحوم الحمراء ل150 درهماً للكيلوغرام        توقيف أزيد من 100 شخص متورط في الغش خلال امتحانات الباكالوريا 2025    الناطق باسم الحكومة يستعرض جديد الاستعمال المؤمن لشهادة الباكالوريا    رصد حالات إجهاد حراري بين الحجاج    إغلاق رحبات الماشية يربك الجزارين    موجة حر تضرب أقاليم مغربية خلال العيد .. و"الأرصاد" تفسر تقلبات الطقس    نشرة برتقالية تحذر من موجة حر تصل إلى 43 درجة يومي السبت والأحد    بنوك المغرب… 9 يونيو يوم عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    الدبلوماسية الجزائرية في مأزق التضليل: صفعة رواندية تكشف هشاشة النظام العسكري    كرواتيا.. المغرب يفتتح شهر السينما والثقافة العربية بمدينة كارلوفاتس    أسماء لمنور تفوز بجائزة أفضل مطربة عربية في DAF BAMA بألمانيا    معرض للفن التشكيلي والمنتجات المجالية بمولاي ادريس زرهون    مهرجان كازا ميوزيك يتافس بقوة موازين .. والجسمي يتألق في سماء الدار البيضاء    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    توقعات إيجابية لقطاع البناء بالمغرب في الفصل الثاني من سنة 2025    دونالد ترامب يوقع قرارا يمنع دخول رعايا 12 دولة لأمريكا    لقجع يزور معسكر الوداد الرياضي بمركز محمد السادس استعدادا لمونديال الأندية    يوميات حاج (6): الوقوف في عرفة .. لحظة كونية تتوق إليها الأرواح    أكثر من 1.6 مليون مسلم يتوافدون على عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    الهلال السعودي يعلن تعاقده مع المدرب الإيطالي إنزاغي بعد رحيله عن إنتر ميلان    في يوم عرفات.. ضيوف الرحمن يتوافدون لأداء الركن الأعظم بخشوع وإيمان    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوة القاهرة و الاستحالة الفعلية
نشر في أخبارنا يوم 09 - 06 - 2020

تحدث المشرع المغربي في المادتين 268 و 269 من قانون الالتزامات و العقود عن شروط تحقق القوة القاهرة المعفية من التعويض و الموجبة للفسخ و اشترط بأن يكون السبب خارج عن إرادة الملزم و غير متوقع و غير قابل للدفع، إذن، فالمشرع المغربي تحدث فقط عن استحالة التنفيذ في علاقتها المباشرة بالقوة القاهرة و لم يتعدى ذلك للحديث عن عسر التنفيذ و إمكانيات إيجاد حلول أو إبرام اتفاقات بشروط أخرى، كما تؤسس لذلك نظرية الظروف الطارئة، لكن كيف يتعين النظر لشرط الاستحالة؟

إذا كان المشرع المغربي لم يشرع بعد أي نص يتبنى نظرية الظروف الطارئة و اكتفى بالحديث عن القوة القاهرة و الحادث الفجائي و هو ما يمكن تسجيله كفراغ تشريعي، فإن اشتراطه لوجود استحالة في التنفيذ ,ينظر إليه القضاء و الفقه بشكل متشدد، فالاستحالة الفعلية ينظر إليها بصفتها هذه ,أي أن تكون حقا فعلية أي مانعة للتنفيذ بصفة مطلقة و على من يتمسك بالدفع بالقوة القاهرة أو من يؤسس دعوى الفسخ على وجودها , أن يثبت بأنه بدل عنايته و كل ما في وسعه لتنفيذ الالتزامات و التعهدات الواقعة على عاتقه بعد انتهاء الحادث الاستثنائي مع إثبات أنه كان بالنسبة له مانعا حقيقيا و حال دون التنفيذ بصفة نهائية و ليس مانعا مؤقتا أو يمكن التغلب على آثاره.

من العبث القول بوجود قوة قاهرة معفية من التنفيذ و التعويض إذا لم تكن الاستحالة لا زالت متحققة إثر زوال الحادث المتسبب ، فإذا كانت الدولة مثلا قد أطلقت برامج تمويلية و أدخلت صندوق الضمان المركزي كضامن للديون و إذا كانت المؤسسات البنكية قد منحت للمقاولات آجال تعليق استخلاص الاقساط تصل إلى سنتين، فليس من المقبول بتاتا أن يتمسك مقاول ما بانعدام وجود السيولة إثر توقفه المؤقت عن مزاولة نشاطه لحصول ظرف استثنائي تمثل في الحجر الصحي, في حين أنه لا يحتاج سوى الى مبلغ بسيط لإعادة تشغيل مقاولته و الحفاظ على مناصب الشغل بها , فقدرته في الحصول على قرض بنكي و بشروط مخففة تجعل من العقد قابلا للتنفيذ ببساطة و تجعل من تمسكه بالقوة القاهرة مجرد محاولة للتملص من مسؤوليته العقدية و من هذا المنظور فالاستحالة يتم تقييمها كذلك في مرحلة ما بعد انتهاء الظرف الاستثنائي, لتشمل أيضا عدم استطاعة المدين التخلص من النتيجة السلبية للظرف المتمثلة في عدم التنفيذ.

الاستحالة كما سبق الذكر، ينظر إلى تحققها من منظورين، عدم استطاعة توقع ودفع الحدث الاستثنائي من جهة وعدم القدرة الفعلية على تجنب آثاره من جهة أخرى أي أنه ينظر في السبب المانع من التنفيذ في علاقته مع شخص المنفذ وإمكانية تغلبه على الآثار الناشئة عن الظرف الخارجي الاستثنائي، فعدم القدرة على رد الحدث لا تعني عدم القدرة على رد آثاره والتغلب عليها.

وهكذا، جرى الاجتهاد القضائي والعمل القضائي بمحاكم المملكة بالاعتداد بالاستحالة المطلقة والتشدد فيها لقبول الدفوعات المتعلقة بالقوة القاهرة، بحيث لم تعتبر محكمة النقض في قرار صادر عنها بتاريخ 15 يناير 2008,أن المرض قد يشكل قوة قاهرة، بالنظر لإمكانية الاستعانة بشخص آخر و هو ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بالرباط، في قرار لها بتاريخ 27 فبراير 2008 , كما نفت نفس المحكمة في قرار لها بتاريخ 6 يوليوز 1963 اعتبار هيجان البحر بمثابة قوة قاهرة، لإمكانية التغلب عليه.

لكن إذا ما كان التنفيذ مرهق كثيرا أو يهدد بشكل كبير الوضعية المالية و الاقتصادية للطرف المنفذ، فهل يملك القضاء المغربي تعديل العقود بالزيادة و النقصان أو تعليقها بعد ملاحظة عدم توفر عنصر الاستحالة؟

طبعا , وكما سبق الذكر ,فإن المشرع لم يتبنى بعد نظرية الظروف الطارئة ,التي تتيح للقضاء تعديل شروط الالتزامات و تحقيق التوازن و العدالة الاقتصادية للعقود و لا زالت سلطة القاضي في التعديل تقتصر على منح آجال إضافية للتنفيذ في إطار نظرة الميسرة أو تتمثل في مراجعة الشروط الجزائية ، لكن إذا كان القضاء المغربي قد اتجه إلى اعتبار الاستحالة المطلقة وحدها الموجبة للفسخ و المعفية من التنفيذ و التعويض ، فإن تنفيذ بعض العقود إثر زوال الظروف الطارئة ,قد يحمل المدين خسائر مادية كبيرة أو من الممكن أن تهدده بالافلاس أو تجعل منه مديونا بشكل لا يطاق ، بالنظر مثلا لارتفاع المواد الأولية في السوق العالمية , فهل من العدالة أن يطالب المدين بتنفيذ التزامه في هذه الحالة أو أليس من العدل أن يستفيد من الدفع بالقوة قاهرة ؟

بإمكان المدين في هذه الحالة التمسك بالقوة القاهرة و المطالبة بفسخ العقد، على اعتبار أن التنفيذ متعذر و لا يمكن أن يحصل إلا بهلاكه أو من شأنه أن يلحق به أضرارا كبيرة لا يمكن إصلاحها، أي أنه يشكل بالنسبة له ضربة في مقتل و هو ما يرفع من قيمة العسر الحاصل إلى درجة الاستحالة و إعمالا لقواعد العدل و الانصاف التي هي قواعد قانونية كونية، فإن التصريح بفسخ العقد و إرجاع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل انعقاده، فيه من تحقيق العدالة ما ليس في تنفيذه، فلا ضرر و لا ضرار.


لقد أصبحت الحاجة ملحة في السير في مسار التشريعات المقارنة و سن مقتضيات قانونية تتبنى نظرية الظروف الطارئة ,التي تحل بشكل سلس المشاكل المترتبة عن اختلال التوازنات العقدية و عسر التنفيذ و التي تمنح للقضاء سلطات واسعة لتعديل العقود بالتعليق و النقصان و الزيادة, مما يضمن تحقيق عدالة اقتصادية و مالية للفاعلين الاقتصاديين و لمختلف الشرائح المجتمعية و خاصة في ظروف مثل ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية التي تسببت فيها جائحة كورونا و هو ما سيحسن من مناخ الاعمال و يزيد من درجة النجاعة القضائية و يعزز دور القضاء في حماية و تشجيع الاستثمار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.