خلق منعشٌ عقاريٌّ "الحدث" في مدينة الناظور، حين بادر أخيرًا إلى إنشاء مكتبة عمومية على نفقته ومن مال جيبه الخاص، وفق مواصفات عصرية بإحدى التجزئات السكنية الحديثة وسط حاضرة الناظور، في مبادرة محمودة وغير مسبوقة، لقيت إشادة واسعة واستحسانا تثميناً عارميْن في أوساط المواطنين. وأُقيم مبنى المكتبة العمومية التي حملت اِسم "مكتبة القمر"، فوق وعاء عقاري ذي مساحة شاسعة، بحيث تشمل منشأته عدة طوابق سيتم تخصيصها للمطالعة والبحث ومعروضات الكتب، علاوة على ضمّها مرافق أخرى وقاعات أنشطة موازية من المنتظر أن يستفيد من خدماتها أبناء المنطقة بالمجان حسبما جرى تناقله عن صاحب المشروع. وقد راجت على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رزمة صورٍ توثق لبناية "المكتبة العمومية" المُجهزة بأحدث التجهيزات والبنى التحتية اللازمة، والمُصممة بحلّة عصرية جعلت منها تحفة معمارية آسرة، وقد اقتربت أشغالها من المرحلة الأخيرة. وعن هذه المبادرة، علق الصحافي إسماعيل عزام، قائلا "سمعتُ كثيرا عن مقاولين يبنون العمارات ويشترون الأراضي أو في أفضل الأحوال ينشِئون شركات هدفها الربح ويشغلون الناس، وهو حق لهم ما داموا يحترمون حقوق الناس؛ لكنها أول مرة أسمع أن هناك مقاولاً مغربيا قرّر، خلال سنوات اجتياح الانترنت والهواتف الذكية، استثمار جزء من أمواله في القراءة عبر إنشاء مكتبة عمومية؛ نعم حدث هذا في الناظور". وحول ذات المبادرة، غرّد الناشط الحقوقي خالد البكاري "مبادرة تستحق الإشادة ورفع القبعة لهذا المواطن الاستثنائي؛ مواطن يشيّد من ماله الخاص مكتبة عمومية بالناظور، مفتوحة في وجه الطلبة/ات والباحثين/ات، وعموم الراغبين في المطالعة والقراءة؛ ما ساءني هو تجاهل هذه المبادرة، وأعتقد أنه لو كانت في واحدة من مدن المركز لكان الاحتفاء بها أكثر، ولكن مدن الأطراف، حتى مبادرات مواطنين في غياب اهتمام الدولة والجماعات المنتخبة بالثقافة، لا تلقى الالتفات". وفي تصريحٍ أوفاه ل"أخبارنا"، نوّه المستشار الجماعي ببلدية الناظور حكيم شملال، بالمبادرة التي وصفها ب"القيّمة" كما وصف صاحبها ب"المنعش العقاري المثقف والغيور"، منتقدًا في الحين ذاته المجالس المنتخبة على ما أسماه ب"تقاعسها في إنجاز مثل هذه المشاريع الحيوية التي تدخل في صلب اهتماماتها مثلما يفترض، والتي تمّس إليها حاجة المدينة". واعتبر المتحدث، المحسوب على تيار المعارضة داخل المجلس البلدي، أخذ مواطنٍ زمام المبادرة لإقامة مرفق المكتبة العمومية، رغم الأصوات المنادية لإحقاق هذا المطلب طيلة سنوات، طعنًا في مصداقية المجالس المنتخبة، بذريعة أن "هذه المشاريع ليست مهمة إنشائها وإحداثها، منوطة بأشخاص ذاتيين" يردف. موضحا أن "انعدام المرافق التربوية والثقافية والفنية بالمدينة، إلى جانب الغياب التام للمجالس الترابية كافة، بدأ يحذو بالأشخاص الذاتيين إلى التدخل بدافع الغيرة على هذه الحاضرة المنكوبة، من أجل إنقاذها ممّن أوكلت إليهم مهام تسيير وتدبير الشأن العام". تجدر الإشارة إلى أن ثلة من نشطاء المجتمع المدني، سبق لهم أنْ قدموا للمجلس البلدي مطلع السنة الجارية، عريضة تضم مئات التوقيعات لفعاليات حقوقية ومدنية وجمعوية، تطالب بإحداث مكتبة عمومية بالمدينة، وهو المطلب الذي نُودي به على مدى عقود دون أن تستجيب له المجالس المنتخبة التي تعاقبت على القصر البلدي.