العرائش أنفو التَّغْيِيرُ سمة استمرارِ المَعْنِي بِه ، قد يكون في الشَّكل لمن لانْبْهَارِ غير المهتم يغذِّيه ، أو في المضمون للمتمعِّنِ عن موقفٍ سابق لا يتنِيه ، التغيير الأقرب لسياسة العازم عليه ، البقاء على نفس الحجم دون رفعِه ، لمتطلبات أولوياتها لا تُبْقِيه ، إن كان متسمِّراً في موقعِه ، من المسؤولية متحدِّياً رغبة التَّغيير في هدفِه ، صوب تحسين وَضْعٍ بغير الاكتفاء بطِلاَءِ السَّطحِ وإهمال جوهرِه ، فشمس الحقيقةِ مُشرِقة غداً تذيب المُصطنع بحرارة افتراءاتِه ، مادام للوعْيِ عين لا تُخطئ الأساس الهشّ المعمول عن غِشٍ كميناً بجل حيلِه ، مِن الصَّلب الجيِّد الجودةِ بكل مميزاتِه ، حيال الزمن الحَكَم عن حِكْمَةٍ جاعِلَة من التغيير راحة لاستراحة من تعب تقييم ما مَضَى وما تَرَتَّب عن وقائعِه ، من أحداث جَمَّدت بالمُعْتَادِ لتَوفِيرِ اليَأْسِ ومبادراتِه ، كالقنوط والإحباط والتدمُّر والضيق والزحف للانفجار بالمعروفة من وسائلِه . … مع يقع في دول حلف الخليج العربي ، لا يعني التغيير الحقيقي الواصل مستوى إرضاء إرادات الشعوب ، وتمكينها من صلاحية الكلمة المعبرة عن اختيارات ، تراعي حاجيات الحياة في العصر الحالي ، من حرية ومساواة وعدل وتصريف ثرواتها الطبيعية بالأسلوب العائد عليها بالخير العميم ، والتوفير للغد استعدادا ًلتقلبات الظروف ، على ضوء حماقات دولٍ تسعَى الهيمنة الزائدة عن حد التعقُّل ، الرافضة التعامل باحترام القوانين والأعراف الدولية المُوَفِّرة حق سيادة الدول على ممتلكات أراضيها بالكامل . ما تعرفه دول الخليج المتعاونة على تبذير أرزاق العرب ليكون لقادتها لا غير ، الحظوة الأولى والأخيرة لدى الغرب عموماً والولاياتالمتحدةالأمريكية بصفة خاصة ، فالتركيز على بقاء كراسي (صُنعت من اختلاط الاستبداد والتسلط المفرط والتعالي العقيم ونسيان طبيعة البشر المخلوقين على نفس الطريقة المتعودين للإبقاء على حياتهم إفراغ بطونهم بذات الكيفية داخل غرف أو في الهواء الطلق) يتربعون عليها ولا بفارقونها إلا بخروجهم من الدنيا ، وقد عجزوا على اقتناء ما يطيلون به عمرهم ، فيكون مصيرهم الحتمي قذف أجسادهم في قبور ُيقابَلون في ظلمتها ما يستحقونه من مراسيم تعذيب وويلاته ، أو رحمة ونعيمها كما يشاء الخالق رب السماوات والأرض ، الحي القيوم ذو الجلال والاكرام ، سبحانه لا شريك له ، العالم بكل شيء والقادر على كل شيء . ما يثير الضحك في أوانٍ لا مجال فيه لذات الضحك ، ما يتراءى عن ذاك الحاكم ، وقد كبَّل يديه ووضعهما فوق صدره عن طيب خاطر ن ولسانه يردد بغير شعور : " أنا عبدكَ المُطاع يا فخامة الرئيس ، افعل بي وبالشعب الذي أمثله ما تريد" ، والآخير يناديه مجرداً من لقب صاحب السمو ، ومن مقام رئس الحكومة حتى ، وكأنه يدردش مع جالس رفقته في مقهى ، وليس في اجتماع رسمي منقول عبر الأقمار الاصطناعية ، لتتفرج الدنيا على مثل المسرحية المشابه ديكورها لمهرجان "ِريُّو" ، مع فارق أن الآخير تعبر به البرازيل عن فرحها بحرية تخرج الإناث الراقصات بها عن التخفي وراء أية أغطية لمعظم مساحات أجسادهن ، مما يترك لعاب الذئاب يبلل جوانب من شوارع تلك العاصمة لأكبر دولة جنوبأمريكا ، أما المهرجان الذي نحن بصدده مُعِدُ لاستقطاب الانتباه أن الدولة السعودية المفروض أن تكون عاصمة لكل مسلمي الأرض ، أصبحت مباحة لمن سيبعدها (لو استطاع) عن نور الهداية ، إلى ظلام العودة لعصر الجاهلية التي كان الإنسان مُقاداً بشهوته ، مُطاعاً لقسوته وجبروته ، مالكاً لعبيد من الجنسين ، بلا أجرة يدفعها ، ولا حقوق يمنحها ، وكأنه المخلوق وبيده سيف مهيأ لقطع رؤوس من لا يخضع لأوامره ، مهما كانت مجحفة لا تتناسب وكرامة بني البشر . مهرجان أوقف الحركة في مجموع التراب السعودي ، لسماع الكلمة التي سيدلي بها الرئيس الأمريكي ، وقد جاءت لمسح مرحلة والولوج في مرحلة تشهد فيها بقيادته الولاياتالمتحدةالأمريكية ، رخاء غير مسبوق ، ومناعة لا تُضاهًى ، وقوة قادرة على تمكين تلك الدولة من عظمة السيطرة المسيطِرة على العالم دون منازع ، تفعل ما تشاء ، ووقتما تشاء ، ومع من تشاء ، ولا أحد له حق الاعتراض عليها ، لأنها الوحيدة المؤهلة ستكون لتوزيع المهام عبر القارات، دون قيد أو شرط ، طبعاً للرئيس ترامب أن يصف بلده كما يحلو لمزاجه ، بل ويدافع عن مصالحها ، والأزيد من هذا أهمية أن يُغرق خزائنها بثروات بلاد راضية تكون ، للخضوع إرضاء لبركات رحمته وطمعاً في كرم حمايته لكراسي حكامها المطلب الفارض نفسه وبإلحاح من طرفهم . ومن هذه الدول المملكة السعودية في المقدمة ، التي شعر محمد بن سلمان كما يناديه الرئيس ترامب ، مضيفاً أنه "إنسان جميل"، وقد رفعته نشوة الفرح إلى التحليق عالياً مخاطباً من سمع وعلى نطاق عالمي " أرأيتم كيف يخاطبني أقوى حاكم لأعظم دولة في العالم ؟؟؟ ، مطالبا مني الحرس من الحسد حتى الغربي ، لما حققنه من منجزات وعلى رأسها هذا التقارب المثالي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي كل المجالات" . وهنا يتجلى الفرق الشاسع بين الدهاء الأمريكي في شخص الرئيس الذكي ، والجمود الفكري المرتمي تحت مستويات أي وصف سلبي أقله الغباء لطرف ثاني ، ظن أنه ارتقى المجد وحقق بمثل التقارب المبني عن ضعف بيِّن ، أن الإدارة الأمريكية ستغيِّر سياستها (تحت أي عروض مهما كانت سخية كالتي جنتها من السعودية والامارات) من الكيان الصهيوني ، إذ بمثل السياسة التي تبنتها منذ عقود تمكنت وحتى الآن من حصاد ثروات الأنظمة العربية المشرقية المتهالكة بالوراثة ، وإذا كان الرئيس ترامب لم يكتف بإبعاد إسرائيل من برنامج زيارته هذه ، بل تجاهل النطق باسمها خلال كلمتيه اللتين ألقاهما في مهرجان المنتدى إياه ، وقمة دول التعاون الخليجي المنعقدة بالمناسبة في الرياض ، من باب مجاملة الملتفتين حوله من هؤلاء القادة العرب ، بكون أمريكا قادرة على ترك تبعيتها لإسرائيل متى أرادت خدمة للحق العربي المعهود التعبير عنه في مثل الثرثرة الموسمية ، كمدخل للحصول على أكثر قدر من المنافع ، ومنها الاستثمارات بأرقام خيالية لم يسجل مثلها في تاريخ المعاملات بين الدول ، وهو يعلم علم اليقين أن هؤلاء القادة لا يمثلون في العمق إرادات شعوبهم ، إذ لو كان الأمر كذلك لانحازوا بمثل الاهتمام في مجال الاستثمار لدول عربية مسلمة تستحق ، ومنها جمهورية مصر العربية ، المتروكة لمن يريد إخضاعها لجبروته ، ليوجهها ضد تيار مبادئها ، عساها تلتحق بتلك المنبطحة الفاقدة صفة الدول المستقلة بالفعل . (يتبع) الخميس 15 ماي سنة 2025