فيدرالية اليسار الديمقراطي تؤكد تمسكها بالإصلاحات الديمقراطية وترفض العودة إلى الوراء في ملف الحكم الذاتي    إسبانيا تقلد عبد اللطيف حموشي بأرفع وسام اعترافًا بدور المغرب في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني    لجنة المالية بمجلس النواب تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    تقرير دولي: تقدم مغربي في مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال    بتنسيق مع "الديستي".. شرطة سلا توقف شخصين بحوزتهما أكثر من 6000 قرص مخدر وكوكايين    الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس تفكك شبكة متورطة في اختلاس وسرقة مركبات من المحجز البلدي بوجدة    تيزنيت: نقابة مفتشي التعليم تشيد بالأدوار المحورية التي تضطلع بها هيئة التفتيش و ترفض محاولات طمس الهوية المهنية للهيئة وتقزيم أدوارها ( بيان )    كيوسك الأربعاء | آلاف المشاريع و26 ألف كلم من الطرق لتقليص الفوارق المجالية    ليلة الذبح العظيم..    تنصيب عبد العزيز زروالي عاملا على إقليم سيدي قاسم في حفل رسمي    مجلس النواب.. لجنة المالية والتنمية الاقتصادية تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    المعهد الملكي الإسباني: المغرب يحسم معركة الصحراء سياسياً ودبلوماسيا    انطلاق أشغال تهيئة غابة لاميدا بمرتيل ، للحفاظ علي المتنفس الوحيد بالمدينة    أجواء غائمة وممطرة في توقعات طقس الأربعاء    توقيع إعلان نوايا بين المملكة المغربية ومملكة السويد لتعزيز التعاون في مجال العدالة    مأساة بخريبكة.. وفاة خمسة أشخاص من عائلة واحدة غرقا داخل صهريج مائي    "جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حداد يكتب: أزمة الثقافة في المغرب: ذيلية الثقافي للسياسي
نشر في العمق المغربي يوم 18 - 02 - 2018

لعبت الثقافة في شقيها العالم والشعبي، في مغرب ما بعد الاستقلال، دورا طلائعيا في تأطير النخب والمجتمع. بالموازاة مع الصراع السياسي من أجل الاستقلال ومن أجل السلطة (في فترة ما بعد الاستقلال) كان هناك زخم ثقافي قوامه التدافع من أجل استلهام التجارب والنماذج التعبيرية من التاريخ والثقافة الشعبية وتجارب أمم أخرى وذلك من أجل بناء متخيل، متنوع المواقف، حول الوطن والمجتمع والذات والمجموعة…هذا الزخم هو الذي طبع الإنتاج المتفرد على مستوى المسرح (الهاوي والمحترف)، والثورة الغيوانية (بمجموعاتها المتعددة)، والإنتاج المعرفي والفلسفي والنقدي للمفكرين الرواد (علال الفاسي، العروي، الخطيبي، المرنيسي، الجابري وغيرهم)، والسنيما الطلائعية وتجربة النوادي السينمائية، وخصوصية التجربة الروائية المغربية والشعر المغربي الحديث الثائر في وجه السلف العاشق للقافية والكلام المنظوم، وجمعيات التجديد الثقافي خصوصا الأمازيغية منها، وتجارب إعادة كتابة الثقافة الشعبية خصوصا التعبيرات الغنائية والجسدية المتعلقة بالكينونة الهوياتية للمجموعات التي تؤثت الفسيفساء السوسيولوجية والثقافية المغربية المتعددة الروافد.
هذا الزخم كاد أن يؤسس لقاعدة انطلاقة ثقافية حقيقية في المغرب، ولكن عملية أدلجة الثقافي التي اعتمدتها النخبة الفكرية آنذاك جعلت التجربة لا تنضج، بل وتوارى زخم الثقافة ما أن تجاوز الفرقاء مرحلة الصراع على السلطة، لتجد الثقافة نفسها يتيمة دون مثقفين ودون فعل ثقافي يؤسس لتعبيرات قوية حول التجربة المغربية يكون لها صيت على المستوى الوطني والدولي.
طبيعي أن تتأثر الثقافة بالإيديولوجيا وتؤثر فيها. والعلاقة فيما بينهما علاقة معقدة، متشعبة ومن الصعب جدا تحديد تمظهراتها المتعددة في منظومة القيم والتعبيرات والثمثلات الثقافية المتعددة. والإيديولوجيا إما واعية بحمولتها القيمية ذات الأبعاد السياسية أو مضمرة في تعبيرات أدبية وشعبية غير واعية بتمثلها لمنظومة فكرية وقيمية معينة. في المغرب، أثرت الإيديولوحيا بشكل مباشر في التعبيرات الثقافية، خصوصا العالمة منها. وهذا التأثير أعطى بعدا قيميا للثقافة ذات الحمولة الايديولوحية أو السياسية المباشرة وجعل من التعبيرات الغير الصريحة (خصوصا التعبيرات الشعبية أو تلك التي لا تمجد الفعل السياسي الصريح) في مواقفها السياسية عبارة عن وعي شقي أو انخراط في نظرة ميتافزيقية للعالم. أدلجة الثقافة خلقت تعبيرات هجينة، ذيلية للمواقف السياسية خصوصا في خضم الصراع على السلطة إبان العقود التي تلت استقلال المغرب.
في الفكر الماركسي هناك من يؤمن بأن البنى الفوقية التعبيرية والسياسية والمؤساساتية والمجتمعية هي انعكاس مباشر للبنى التحتية المادية والاقتصادية. هذا ما يسميه فريدريك جيمسون (مستوحيا موقفه من رواد مدرسة فرانكفورت: أدورنو وهوركهايمر وبنيامين) "الماركسية البذيلة". على نفس الطريقة، فإن من ينتظرون من الثقافة أن تعكس موقفا إيديولوجيا أو سياسيا معينا فإنهم يخلقون منها "ثقافة بذيلة"، متدنية وهجينة.
لم تكن كل التعبيرات الثقافية العالمة التي ظهرت في فترة ما بعد الاستقلال هجينة وذيلية ولكن أغلب النقاش الذي رافق الصراع الثقافي كان يدور حول ضرورة تسييس الثقافي لكي يساهم في الثورة المنشودة أو التغيير المنشود. بل إن النقد الثقافي كان يعطي بعدا قيميا للإشارات السياسية في التعبيرات الثقافية وهي إشارات ومواقف كانت مطلوبة، خصوصا وأن المؤسسات الثقافية (اتحاد كتاب المغرب مثلا) كانت لا تعدو عن كونها مواقع خطابية للقيام بالسياسية بطريقة أخرى.
أزمة الثقافة هي أزمة حدود، أزمة هوية، أزمة ستقلالية وهو ما فوت على الفعل الثقافي في المغرب فرصة التطور والنمو والتأثير وطنيا ودوليا. النتيجة هي محاولات هنا وهناك ومبادرات فردية وجماعية لم تؤسس لصناعة ثقافية لها ضوابطها وقواعدها وديونطولوجيتها وتتفاعل مع السياسة والايديولوجيا والمجتمع من منظور إنتاج التعبيرات وخلق التمثلات في إطار جدلية مستمرة بين حرية التعبير الثقافي وقضايا المجتمع الملحة الأخلاقية والفلسفية والمعيشية والتاريخية والسياسية والمصيرية.
ترجع أزمة الثقافة إلى سوء فهم لدور المثقف ودور الثقافة وكذا لعلاقة الثقافي بقضايا المجتمع. مقولة المثقف العضوي التي قال بها غرامشي خلقت انتظارات مغلوطة لدى الكثير من المثقفين والنقادالمغاربة جعلت من المثقف فقط أداة للتعبير المباشر عن هموم طبقة أو فئة معينة. بل وأن سيطرة تصور سياسي معين في الجامعة وعلى مستوى مؤسسات وفضاءات الإنتاج الثقافي جعل العضوية مرتبطة بما كان يصطلح عليه آنذاك ب"الجماهير الشعبية" وهو مصطلح ينم عن رومانسية ثورية لا أساس سوسيولوجي لها. هذا يعني ان نموذج المثقف العضوي كان مفهموما معياريا ملتصقا بإيديولوجيا معينة دون غيرها. لهذا، فرغم أن بلزاك، مثلا، يعبر عن هموم الطبقة البورجوازية الفرنسية في صراعها مع بقايا الفيودالية وحكم النبلاء في القرن التاسع عشر فهو من المنظور المعياري الذي قال به نقاد الثقافة المغاربة ليس عضويا، لأن العضوية بالنسبة لهم هي عضوية هذه الفئة العريضة (المتخيلة أصلا) والتي تسمى ب"الجماهير الشعبية".
من قالوا بأن دور الثقافة ليس هو خلق الثورة ولكن المساهمة في الصراع والزخم الفكري لتمثل أقوى للواقع في كل تعقيداته وللمجتمع في تنوعه وغنى روافده كانوا قلة قليلة، لأن الكل كان منبهرا بالفن الطلائعي في نسخه السوريالية والتجريدية، وسينما إزنشتاين ومن بعده كودار، والرواية الجديدة الفرنسية المحطمة للنسق والسنن البالزاكي، و بالبريشتية كثورة في حد ذاتها في عالم المسرح. كتاب أمريكا اللاتينية استلهموا هذه الأفكار كذلك ولكنهم سألوا واقعهم، وواقع مجتمعاتهم، وطرحوا سؤال الحداثة في علاقته مع التعبيرات والتمثلات الموجودة في البنيات المجتمعية المكسيكية والكولومبية والشيلية وغيرها واستطاعوا إنتاج ثقافة مقعد لها بشكل قوي على مستوى الثقافات المحلية ولكنها عالمية من حيث القضايا التي تطرحها. في المغرب استوردنا الأفكار وفرضناها على واقع دون مساءلته وتمحيصه وفهمه. لهذا جاءت بعض أفلامنا ورواياتنا ضرب من الطلائعية المثالية التائهة في التجرد وطرح القضايا الاستتيقية التي لا يستوعبها الواقع الثقافي المغربي، لأن ما كان يهم هو تسييس الفعل الثقافي وإعطائه بعدا ثوريا مهما كلف ذلك.
لنأخذ مثال البريشتية مثلا. برتولد بريشت قال بضرورة تقويض مقولة التعاطف بين المتفرج والممثلين على الخشبة في المسرح التقليدي (البورجوازي؟) عبر تكسير الجدار الخيالي الموجود بينهما والتأكيد على أن الفعل المسرحي هو فعل تمثيلي محض وليس انصهار في عالم الحلم الدي تصنعه الخشبة، وهو الحلم الذي يستلب المتفرجين ويجعلهم يقبلون بوضعهم الاجتماعي. ولكن ليس هناك شيء يؤكد أن الحلم يخلق الاستيلاب ويحول دون وجود وعي طبقي أو غيره؛ بل إن مسرح بريشت ومن تبعه في الغرب كان يثور ضد نماذج ثقافية معينة يالإضافة إلى الهدف الثوري الذي كان يقول به. في المغرب لم تكن هناك تجربة مسرحية بقواعدها وأنماطها أسست لممارسات متجدرة وجبت الثورة ضدها. البريشتيون في المغرب ثاروا ضد فراغ وكل ذلك في إطار فعل مثاقفتي يستورد صراعات فكرية بعيدة عن البيئة المغربية.
من جهة أخرى، ما سماه ماو تسي تونغ ب"الثورة الثقافية" (والتي تأثر بعا الكثير كمقولة) كان لها أثرا وخيما على البنيات السوسيولوجية التقليدية في الصين والتي هي أساس الفعل الثقافي مساندا كان أو طلائعيا. هدم وسائل إنتاج الثقافة البورجوازية –كما كان يسميها ماو ومن بعده بول بوت وغيرهم–كان مغامرة ضد الثقافة، لأن الثقافة في أصلها فعل متجدر، وملتصق بالوضع القائم، ورغم أن هناك من يثور ضدها أو يقوض قوالبها (كبريشت وكودار وأوزو ونيرودا وروبيرت كريي وميرو وغيرهم) فإن كنه الثقافة العالمة بورجوازي بالمعنى الألماني للكلمة، أي فعل مدني متواطيء موضوعيا مع الوضع القائم. ماو كان يفهم هذا، ولكن الثورة الثقافية التي قال بها قوضت حتى الأسس التي يمكن بناء فكر طلائعي تحرري عليها.
حتى الثقافة الشعبية فإن احتفاليتها وتركيزها على الجسد ونقضها للأخلاق البورجوازية (قراءة باختين لرابليه) لا يعدو عن كونه فعلا هامشيا، أي أنه غير ممكن إلا على هامش الثقافة المسيطرة. بل وإن الهامش يستمد ثوريته وموقفه النقدي من الثقافة السائدة والتي هي عادة ما تكون ثقافة طبقة وسطى تستمد جدورها من التاريخ والايديولوجيا ومفهوم متعال للوطن والمجتمع. لا يمكن للثقافة الشعبية أن تكون شعبية في غياب ثقافة بورجوازية عالمة وغير عالمة. الثقافة الشعبية هي في أصلها فعل مضاد لا وجود لع دون وجود معيار مجتمعي ينتفض ضده (إن قبلنا بأطروحة باختين حول دور الثقافة الشعبية عند وابليه وبوكتشيو وفضاءات أوربا الثقافية البديلة في عهد النهضة).
أزمة الثقافة هذه، هي التي جعلت المثقف في المغرب غير مؤثر لا في السياسية ولا على المجتمع. الإرهاصات الني شهدناها في الستينات والسبعينات والتي كا فيها مثقفون يؤثرون في الجامعة وسوق الأفكار وعلى رجال السياسة صارت في خبر كان الآن. توارى دور المثقف وأصبح يغرد في واد بينما المجتمع في واد آخر. أضف إلى هذا أن الإشعاع الدولي للمثقف المغربي هو شبه منعدم، وذلك لأن المؤسسات أهملته على عكس ما يقع في كثير من بلدان الجنوب، ولأنه لم يواكب قضايا العصر ووسائله في التواصل ولأنه أصابه الإحباط نتيجة تبخر أحلام الثورة والتغيير ونتيجة تواطءالنخبة مع الوضع القائم.
لهذا وجب إعادة النظر في الفعل الثقافي برمته في المغرب. وهذا يقتضي بعد نظر ورؤيا حول دور الثقافة ودور المثقف ومكانة المغرب الثقافية في منظومة القيم الكونية. هذا يتطلب وجد تصور مشتقبلي وتدبير استراتيجي ووضع أسس صناعة ثقافية متينة وتخصيص الموارد اللازمة للنهوض بكل أشكال التعبيرات وتحصين التراث وتثمين الفضاءات وصقل كفايات الفاعلين والرواد والمؤثرين والشباب والمجموعات المتعددة…لا تنمية بدون ثقافة، ولا هوية بدون ثقافة، ولا مستقبل دون فعل ثقافي فاعل، ناجع، متجدر، ناقد ومنتقد، ولكنه مستقل وقوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.