لشكر: أعضاء الحكومة يختبئون وراء الملك واستقلال القضاء صار "سلبيا"    لشكر يندد ب"قمع أردوغان لحزب الشعب" ويؤكد أن القوى التقدمية تواجه لحظة حرجة    مونديال الفتيات: المنتخب المغربي ينهزم في أولى مبارياته أمام البرازيل    بولس: الجزائر ترحب بتحسين العلاقات الثنائية مع المغرب وواشنطن سوف تفتتح قنصلية لها قريبا بالصحراء    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    "الأشبال" يستعدون لنهائي المونديال    شرطي يرتكب جريمة قتل بالبيضاء    المصادقة على 344 مشروعا بالشمال    لشكر: صرخة شباب "جيل زد" تعبر عن قلق المجتمع وتسائل آليات الدولة    الشعباني: نهضة بركان على أتم الاستعداد لتحقيق لقب السوبر الإفريقي    روسيا تشيد بالمبادرات الملكية المتعلقة بالأطلسي والساحل    التديّن الشكلي ببلاد المهجر    ليلى والذئب ..    عصفورة عمي قدور    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    تراجع المنتخب المغربي إلى المركز 12 عالميا في تصنيف الفيفا    25 لاعبا في قائمة الوداد لمواجهة أشانتي كوتوكو في كأس الكونفدرالية    "لارام" تخصص رحلتين للعاصمة التشيلية    باها يكشف لائحة "U17" لكأس العالم    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    السلطات المغربية توقف 5000 مهاجر في الشمال لمنع "الحريك" الجماعي    أرقام رسمية تكشف ضعف التبرع بالأعضاء .. وهبي يدعو لرقمنة التسجيل    توقيف شخص في بن أحمد مشتبه بقتل زوجته وتقطيعها وإخفاء الجثة    الخطوط الملكية تعلن عن رحلات مباشرة إلى الشيلي لمساندة "أشبال الأطلس" في نهائي المونديال    حركة "جيل زد" تنفي صحة بيان يتحدث عن انسحابات في صفوفها وتؤكد وحدة مكوناتها    مالاوي تجدد دعم الوحدة الترابية للمغرب    انطلاق فعاليات مهرجان "جسد" للمسرح بمشاركة نوعية    محمد وهبي ..الربان الذي يقود سفينة "أشبال الأطلس" إلى أعلى مدارج المجد الكروي    فاطمة الزهراء لحرش توضح بهدوء أسباب طلاقها وتحسم الشائعات    أمن طنجة يوقف شابًا متلبسًا بحيازة أقراص مهلوسة بمحطة القطار    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    استئنافية الحسيمة ترفع عقوبة سيدة متهمة باستدراج قاصرات لممارسة الدعارة    قيوح: تحت قيادة جلالة الملك المغرب جعل من الربط والاندماج القاري خيارا استراتيجيا    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    طنجة البالية: توقيف 3 قاصرين تورطوا في رشق الحجارة قرب مؤسسة تعليمية    مستشار ترامب: واشنطن تقترب من افتتاح قنصليتها في الصحراء المغربية... والملف يسير نحو نهايته    ألمانيا تجيز استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد    أستراليا تفرض أول حد أدنى لعمر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    الذهب يتجاوز 4300 دولار ويتجه لتحقيق أفضل مكاسب أسبوعية في 17 عاما    انفجار قنبلة أمام منزل أحد كبار الصحافيين الاستقصائيين في إيطاليا    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    شركات كبرى تحتكر سوق الدواجن بالمغرب والجمعية الوطنية لمربي الدجاج تحمّل الحكومة المسؤولية    إسرائيل ترجح إعادة فتح معبر رفح الأحد وحماس تؤكد "حرصها" على تسليم جثامين بقية الرهائن    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته للنمو في آسيا رغم التوترات التجارية الصينية الأمريكية    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنتخابات في تونس: نجاح تجربة
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 09 - 2019

بسرعة كبيرة ظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية في تونس ومعها برزت أهمية ومصداقية أداة مشاركة سياسية مهمة هي استطلاعات الرأي. وهي تجربة تطورت بسرعة في هذا البلد، وصارت فريدة من نوعها في المنطقة العربية. كانت النتائج شبه معروفة منذ أيام حسب الاستطلاعات التي قامت بها شركة “سيغما”. بل إننا اليوم نتوفر حتى على تفاصيل من صوت؟ لمن؟ الشباب الجامعيون صوتوا للفائز المستقل قيس سعيد. والأميون صوتوا لصاحب الرتبة الثانية رجل الأعمال نبيل القروي، علما بأن نسبة الأمية في تونس هي من بين الأقل في المنطقة. رغم تلك النظرة النقدية التي ترى أن الديمقراطيات في الغرب أصبحت تعيش في ظل “ديمقراطية الإستطلاعات” بسبب كثرتها وسلطتها، فإن هذه الأخيرة تبقى حسب سوسوسيولوجيا الإنتخابات أداة أساسية لشرعنة أي نظام السياسي.
هل كان النتائج بمثابة تصويت عقابي على غالبية الأحزاب السياسية الحاكمة وخاصة النهضة؟ قد يكون ذلك لكن الأمر يحتاج إلى تأكيد خلال الإنتخابات التشريعية. ولا ينبغي أن نغفل أيضا أن الناخب عاقب الجميع إلى حد ما عندما لم يصوت بكثافة. وهو قد يكون اتخذ بذلك موقفا حادا في حكمه على الحصيلة الحكومية السابقة التي استطاعت أن تحافظ لتونس على استقرارها وديمقراطيتها التي جعلتها تتقدم في مؤشرات الحريات العامة ومن بينها مؤشر منظمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة التي أعطتها المرتبة الأولى في المنطقة، وذلك في ظل محيط يتميز بعدم الاستقرار الأمني وبالقمع.
هذا إلى جانب انتظام الانتخابات وانعقادها في توقيتها وشفافيتها وفقا للمعايير الدولية، وذلك رغم الحصيلة الإقتصادية المتواضعة. وأيا كان الفائز، ينبغي انتظار الانتخابات التشريعية لتكوين صورة شاملة وواضحة لشكل السلطتين التشريعية والتنفيذية ذات الرأسين. ومعلوم أن البرلمان هو الذي ينصب الحكومة ويملك سلطات أكبر من سلطات الرئيس في ظل النظام البرلماني التونسي.
الفائز الأكبر هو قيس سعيد الذي يوصف بالرئيس المحافظ الشعبوي حسب جريدة “لوموند” وخصومه الليبراليين. ويمكن بالتالي التساؤل: هل ستتقلص مساحة تأثير إيديولوجيا حركة النهضة التي توصف عادة بأنها هي حاملة لواء المحافظة؟ وهل استقطب قيس سعيد أصوات النهضة المحافظة؟ بعض الذين يعطون للنهضة قوة أكثر ربما من حجمها، يرون أنها دعمت في السر، قيس سعيد. أما الخاسر الأكبر فهي حركة النهضة نفسها التي فشل مرشحها عبد الفتاح مورو الرجل الثاني في التنظيم، ورئيس مجلس النواب المنتهية ولايته.
القطب الليبرالي، من جهته، الذي كان يجسده بقوة الرئيس الراحل باجي قايد السبسي، فشل هو الآخر بعد أن تشتتت قياداته وأحزابه، وإن كان نبيل القروي، الليبرالي الملاحق بتهم الفساد، قد يكون امتدادا له بشكل من الأشكال.
عقب فوزه، ركز قيس سعيد في خطاباته على أهمية مكانة المرأة والشباب حيث أكد، بلغته الفصحى الشاعرية التي تميزه، أنه سيدافع عن حقوق المرأة، ولن يتراجع عن المكتسبات في هذا المجال. وكان قيس قد اشتهر خلال الحملة بمعارضته لمشروع قانون مساواة الرجل والمرأة في الإرث والمجمد بالبرلمان بسبب تردد وربما معارضة النهضة. (هل سيلتقي الرئيس المحتمل مع النهضة في هذه النقطة بعد أن كانت هذه الأخيرة تتعارض مع السبسي حولها؟). يقال عموما إن الحملات الانتخابية تكون بالشعر أما ممارسة الحكم فتكون بالنثر. وهذا ما سيتضح إذا تأكد فوز قيس سعيد في الدور الثاني. هذا الأخير لمح أيضا إلى أنه يريد تغيير الدستور وتعديله بدون أن يوضح في أي اتجاه وما هو مضمون تلك التعديلات. هل سيسير في نفس نهج قايد السبسي وتياره الليبرالي الذي كان يريد تقوية موقع الرئيس وسلطاته بشكل يهدد بالعودة إلى فترة الرئيس الراحل المخلوع زين العابدين بن علي.
الأمور غير واضحة حتى الآن. لكن قيس، وهو الأستاذ المتخصص في القانون الدستوري، سيحتاج إلى ثلثي الأصوات في البرلمان وهي أغلبية غير ممكنة بدون توفره على حزب يسنده أو تحالف حزبي يدعمه وهو ما لا يتوفر عليه حتى الآن.
الشعوبية قد تكون حاضرة في خطاب سعيد وإن كانت غير مؤكدة. فهو اعتمد على شعار شهير خلال حملته وهو: “الشعب يريد” والذي كان مرفوعا عاليا في 2011 ونجح. وكأنه أراد من خلال ذلك أن يقول إن الثورة لم تنته، ولم تحقق بعد ما يرجى منها، رغم أن هناك عدة مؤشرات تقول إن بعض مطالب الثورة تحققت من أبرزها الحريات العامة والانتخابات الديمقراطية الدورية.
لا ينبغي قمع الشعبوية ومنعها من حرية التعبير حسب عالم السياسة الألماني “فيرنر مولر”، فهذا ليس حلا. وقد شاهدنا ذلك في أمريكا مع الظاهرة الترامبية، حسب وصف محمد الشرقاوي، أو مع بوريس جونسون في بريطانيا حيث بقيت آليات الديمقراطية تشتغل بشكل طبيعي من خلال الانتخابات ومراقبة السلطات لبعضها البعض.. ويمكن للشعبوية إن تواجدت أن تتراجع تدريجيا كما حصل في إيطاليا مؤخرا مع أحد ممثليها وهو ماطيو سالفيني الذي أبعدته الأحزاب بشكل ديمقراطي بعد فشل سياساته.
لا ينبغي منع الشعوبية والحل الوحيد هو تفعيل الديمقراطية التي تبقى أقل الأنظمة سوءا ولكن لم يتم حتى الآن اختراع نظام أفضل منها. إن أنصار محاربة الشعبوية في العالم العربي لا يقدمون أي بديل عنها. فالبديل الوحيد الذي يقترحونه عندما توجد أو عندما يتخيلونها هو السلطوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.