الأمير مولاي الحسن يترأس حفل تخرج الفوج 25 للسلك العالي للدفاع والفوج 59 لسلك الأركان    وزير العدل الفرنسي يشكر المغرب بعد توقيف مجرم مطلوب لدى قضاء بلاده    عيد الأضحى في السجون دون ذبح الأضاحي وبرنامج غذائي خاص للسجناء    بعد توثيق فيديو صادم.. توقيف المتهم في الاعتداء على سيارة نقل عمال    زينة الداودية تتصدر الترند المغربي على يوتيوب بأغنيتها "سور سين"    الأغلبية الحكومية تشيد بتماسك مكوناتها وتطابق مواقفها تجاه جميع القضايا وتحيي المعارضة "المسؤولة"    قصف إسرائيلي على غزة يوقع على الأقل 16 قتيلا و"مؤسسة غزة الإنسانية" لن تفتح أبوابها الأربعاء    بودن: الدعم البريطاني لمبادرة الحكم الذاتي يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في مواقف القوى الكبرى    الأستاذ الفنان الراحل الحاج أحمد عبد السلام الطود علم الموسيقى الأندلسية بالعرائش    توقعات أحوال الطقس غدا الخميس    الوزارة تمدد الدراسة لغير الممتحنين حتى 28 يونيو وتحدد مواعيد الامتحانات    بوريطة يؤكد تحسين بنية الاستقبال بميناء طنجة تزامنا مع عملية "مرحبا 2025"            بنسليمان تحتضن المحطة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية" يومي 5 و6 يونيو    تكريمات ومسابقات.. مهرجان الداخلة السينمائي يكشف عن برنامج الدورة ال13    المغرب يستعد لصيف سياحي تاريخي في 2025    المغرب الفاسي ينفصل عن مدربه توميسلاف ستيبيتش    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    العرائش… لقاء تحضيري لتنظيم النسخة الثانية من ملتقى ليكسوس للثقافة والتراث    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    بعد نفاد التذاكر.. الجامعة تعلن إجراء مباراة المغرب وتونس بشبابيك مُغلقة    الإصابات تضرب الأسود مجددا قبل وديتي تونس والبنين والركراكي ينادي على زحزوح لتعويض دياز    سطات تقرر إغلاق رحبة بيع المواشي    23.4 مليون مليونير في العالم.. عدد الأثرياء وحجم ثرواتهم في أعلى مستوى تاريخي    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها على وقع الارتفاع    يوميات حاج (5): "يوم التروية" في مِنى .. مقام النيّة ومهد السكينة    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    لامين يامال: اللعب مع ريال مدريد "مستحيل"    على هامش تصريح بنكيران بين الدين والسياسة: حدود الفتوى ومسؤولية الخطاب العمومي    السفير الصيني بالمغرب يكتب: صين واحدة فقط – العدالة التي ندافع عنها معًا    توتر بين الصيادلة ووزارة الصحة بعد إعلان مراجعة تسعيرة الأدوية دون تشاور        عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية    الهيئة العالمية للملاكمة تمنع إيمان خليف مؤقتا حتى إثبات هويتها البيولوجية    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    أشرف حكيمي بعد تتويجه بدوري الأبطال: لحظة استثنائية وفخور بحمل علم بلدي    الجيش المغربي يعزز ترسانته بمدرعات أميركية تستعملها جيوش نخبوية    تراجع معدل الخصوبة في اليابان إلى مستوى قياسي    خامنئي: لا رأي لأمريكا في اليورانيوم    وجدة.. وضع حد لنشاط شبكة إجرامية تنشط في تزوير وتزييف المعطيات التقنية للسيارات    أكثر من مليون مسلم يبدأون الحج    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    مجد من المغرب يشارك في سباق قوارب التنين في نانتشانغ: تجربة مشوقة في قلب تقاليد مهرجان القوارب التنينية    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    غياب دياز عن وديتي تونس وبنين والزلزولي يثير الشكوك    الوداد يعسكر في "مدرسة لاندون"    ODT تقود وقفة الكرامة بالإذاعات الجهوية: وحدة الصف المهني في مواجهة التحديات    لقاء دبلوماسي رفيع بين سفيري باكستان والصين في الرباط يؤكد على التعاون الاستراتيجي وتحذير بشأن اتفاقية المياه    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    البرلمان البيروفي يحتفي برئيس مجلس المستشارين ويجدد دعمه لمغربية الصحراء    يوميات حاج (4): السعي .. درب الخوف واليقين بين الصفا والمروة    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة        وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    









عبد الله ساعف يتحدث عن "الحاضرية" في الصحافة المغربية
نشر في طنجة الأدبية يوم 09 - 12 - 2022

افتتح مختبر الدراسات الأدبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل وشعبة علوم الإعلام والتواصل يوم الثلاثاء 7 دجنبر 2022م بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس- فاس الموسم الجامعي 2022- 2023 بدرس ألقاء المفكر المغربي عبد الله ساعف في موضوع: «الإعلام، الصحافة والعلوم الاجتماعية». افتتح الدكتور محمد القاسمي مدير المختبر هذا الدرس بكلمة ترحيبية بالحضور وتعريف بالضيف كواحد من أبرز رجالات الفكر والأدب والعلوم السياسية والاجتماعية بالمغرب، وله العديد من المؤلفات القيمة، وحضوره الدائم والوازن في المجال الفكري والثقافي المغربي لا يحتاج إلى شهود. وقد عمل ساعف كمفكر مغربي على تفكيك الكثير من المفاهيم والآليات المعرفية، وعمل على نشر الوعي والمعرفة في المشهد المغربي والعربي والإنساني، من خلال إسهاماته ومحاضراته المتعددة سواء في المغرب أو خارجه. وساعف واحد من الذين تجرّدوا من عباءة الإيديولوجيا بمفهومها الحزبي الضيق مبكرا، وانحاز إلى البُعد الفكري والإنساني وإلى التعدّد المعرفي.
الدكتور سمير زويتة عميد الكلية أشار إلى الثورة الإعلامية الغير مسبوقة التي يعرفها المغرب كباقي دول العالم بسبب "تراجع الإعلام الكلاسيكي من جهة، والتطور السريع لشبكات التواصل الاجتماعي من جهة أخرى"، وأيضا إلى "تداخل العلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد في سياق تمدّد الإعلام الاجتماعي وتعدُّده بكل شبكاته." وهكذا أصبح لزاما، كما يقول بعض المفكرين، العمل على تقليص آليات احتكار الدول للمجال الإعلامي من خلال تصريف المادة الخبرية عبر قنوات الإعلام الجديد، وكذلك "استغلال الهاتف النقال ليس للتواصل بين الأشخاص، وإنما لنقل المعلومة وترويجها"، وهكذا " أمكن لأي شخص أن يصبح ناقلا وموصلا للمعلومة" كما جاء في كلمة السيد العميد، قبل أن ينهى مداخلته بسؤال جوهري حول "كيفية التعامل مع هذا الفضاء دون السقوط في الاستلاب، وفقدان الذات والهوية والسيطرة على الواقع". وهذا السؤال يقتضي منا العمل على مقاربات مختلفة من منظور تخصصات متعددة، وهو ما أعطي لاستضافة الأستاذ الدكتور عبد الله ساعف "دلالة أقوى ورمزية أعمق" يضيف السيد بوزويتة، بصفته ففيها اجتمع فيه البُعد السياسي وحسن التداول الاجتماعي الثاقب، وكونه الخبير بقضايا عصره، شاكرا له قبوله الدعوة. الدكتور محمد القاسمي مدير المختبر، وقبل أن يعطي الكلمة للضيف، عرّج متحدثا عن علاقة علوم الإعلام بالعلوم الاجتماعية وعلوم أخرى كعلوم الاقتصاد وعلم النفس والأنثروبولوجيا وغيرها، وتأثيره قوي وواضح على الرأي العام، وهو ما أسماه «علم الاجتماع الإعلامي".
الدكتور عبد الله ساعف تحدث عن "الكتابة الصحفية والعلوم الاجتماعية" وعن الصحافي الكلاسيكي الذي يكتب ويحلل في الصحيفة، مبرزا الفرق بين الإعلام والصحافة والإعلام الكلاسيكي. وكيف أصبحت مهنة الصحافي مفتوحة، والحصول على بطاقة الصحافة لا تخضع إلى ضوابط محددة. ويقول ساعف في هذا الباب "هناك من جاء إلى الصحافة من العلوم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أو العكس"، وأصبح لهؤلاء إشعاع عالمي مثل ميلتون فريدمان في صحيفة النيويورك تايمز. ولكن ما نحتاجه اليوم، يردف ساعف، هو "دراسة المسار النموذجي للصحافي المغربي، لأنه لا زال مجهولا ولم يأخذ حقه من الاهتمام والمتابعة العلمية". بعد ذلك تطرق إلى أسئلة أخرى مثل ماهية التكوينات الصحافية في المعاهد المغربية وكيفيتها وبأي طريق تتم، وأي علوم اجتماعية يستند عليها تكوين الصحافي المغربي؟ وماذا يدرس بشكل عام؟ وما هي النتيجة؟ وكيف ستكون الخلاصات؟ هل هناك تكوينات منسجمة تعطينا فكرة عن الصحافي المبحوث عنه؟، وعن أي توجهات علمية ممكنة؟ وأشار كذلك في معرض حديثه عن علاقة تبدو أساسية في الموضوع، مثل مقالات كارل ماركس صاحب "رأس المال" وإنجلز وغيرهما، ولا عجب في ذلك، لأن كبار المفكرين والاقتصاديين والسياسيين كانوا يكتبون في الصحافة من أجل العيش. يقول ساعف في هذا الصدد أن "النظرية دائما تغذي وتغطي التغطية الصحفية اليومية على ضوء النظرية، حيث يوجد رأس المال، يوجد تقدم حضاري كما تقول نظرية كارل ماركس، وبالتالي يمكن للمغرب أن يقبل بالمنجز الاستعماري". وهكذا يكون "الإسبان هم القادرون على إدخال رأس المال إلى المغرب"، بهذه الطريقة يبسط الكتاب أو المنظرون أطروحتهم ونظريّتهم إلى أن تجد طريقها إلى أرض الواقع. كارل ماركس كان يرى أن "كل منطقة لا يوجد فيها رأس المال يجب استعمارها، ولكن الإسبان غير قادرين على ما فعله الفرنسيون في الجزائر" يضيف عبد الله ساعف.
الكتابة الصحافية تهيّئ الكتابة الأكاديمية في العلوم الاجتماعية، والدليل هو أن ريمون آرون أحد كبار مفكري القرن العشرين كان صحافيا كبيرا في صحيفة لوفيغارو الفرنسية، ويضيف ساعف أن "تغطية الأحداث عن طريق الصحافة، تهيء لمرحلة لاحقة هي التنظير"، وكتابات آرون الصحافية تم "تعميقها وصياغتها وإعطاؤها المزيد من المصداقية"، وبالتالي أصبحت كتبا ومراجع معتمدة، كما أن "الكتابة الصحفية تدعم النظرية، والتركيز على موضوع معين ينتج الرؤية بمفاهيم جديدة وعلاقات أخرى، مثلما فعل ماكس فيبر(1864- 1920)"، ورغم ذلك لا زالت له مكانة محورية في التنظير، وقد أثَّرَت أفكاره بعمقٍ على النظرية الاجتماعية والبحثِ الاجتماعي، وكل كتاباته جُمّعت ثم ترجمت، ومن ضمنها كتاب "الاقتصاد والمجتمع"، وماكس فيبر بصفته عالم اجتماع وكاتبا صحافيا، سبق له أن كتب عدة مقالات حول القومية الجرمانية، وهو ما وقع في عالمنا العربي مع وضّاح شرارَة. ولذلك يجب أن تبقى "الطاقة الذهنية ضرورية للفصل بين الاثنين، وهو أن نميّز بين قدرة الباحث على الفصل بين اهتماماته الصحافية والأكاديمية، وبين ما هو صحافي وعلمي أكاديمي". ولذلك يقال إن راهنية بعض المقالات الصحافية تكون دائما مؤقتة. كما أن "الكتابة الصحافية المكتوبة تعتبر مادة خام تغدي الأبحاث في مختلف المجالات العلمية، وهذا ما يظهر قوّة الصحافة وأهميتها". وقد سبق لسمير أمين أن بدأ كتابه (L'échange inégale) بجملة يقول فيها: «لقد اختفت العلوم الاجتماعية، وتركت المجال للكتابة الصحفية"، وهذا قول فيه استخفاف واضح بالصحافة، ونسي وضّاح أن الصحافي يتخذ كامل احتياطاته في المنهجية عند الكتابة، واخيار عبارات معينة لإيصال المعلومة للقارئ بدقة". هناك دائما حدود تفصل بين الصحافة والعلوم الاجتماعية، وبين الآثار البنيوية فيهما، وهو ما يسمى "نزعة الحاضِرية" (أي من الحاضر)، لأن "اللحظة الآنية تطغى على الحدث، في الصحافة يكون للحدث مضامين وهمية، ومع ذلك أصبحت "الحاضرية" تطغى بشكل قوي". والدليل على ذلك هو أن "الجميع يتحدث عن أزمة صامتة بين فرنسا والمغرب، ولكن لا أحد له حجة بوجودها أو وثيقة تؤكدها، ولكن المؤشرات السطحية تظهر أن هناك أزمة". ويضيف ساعف أنه مع ذلك "تطغى "الحاضرية" على الصحافة، ولكن ليست هناك دراسات أكاديمية في هذا المجال". وانتهي الدرس الافتتاحي في كلية فاس- سايس بأسئلة الحضور وأجوبة المفكر المغربي عبد الله ساعف، ولم يكن بخيلا كعادته في الردود والأجوبة على كل من سأل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.