الملك محمد السادس يوجه الأمر اليومي للقوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى ال69 لتأسيسها    بنسعيد: لا أقاضي الصحافيين.. والمستفيدون من العفو الملكي اعتقلو في عهد حكومي سابق    رادار سويسري يحرر مخالفة سرعة في حق بطة    جماهير الجيش الملكي تحتج على تأجيل مباريات كأس العرش    المغرب يستضيف مؤتمر وزراء الشباب والرياضة للدول الفرنكوفونية    "كورفا سود" تهاجم تسيير الرجاء : "موسم للنسيان.. ويجب الإسراع في عقد جمع استثنائي"    توتر أمني في طرابلس يجمد مباريات الدوري الليبي.. والهلع والارتباك يُخيمان على اللاعبين المغاربة    دياز في قلب مشروع المدرب الجديد لريال مدريد    باناثينايكوس يتردد في صفقة أوناحي    حادث يخلف 7 قتلى قرب الصويرة    طقس الأربعاء.. أمطار مرتقبة في الريف والأطلس والشرق مع احتمال صواعق رعدية    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب سواحل اليونان وتصل ارتداداته إلى مصر    مياه البحر تلفظ 20 كيلوغراما من الكوكايين على شاطئ جماعة مولاي عبد الله    المجلس الجماعي لفاس يصادق على مشروع عقد التدبير المفوض المؤقت لخدمة النقل العام بواسطة الحافلات    سائقو الأجرة بالحسيمة يتهمون الدرك ب"التضييق الممنهج"    المخرج روبرت بينتون يفارق الحياة عن 92 عاما    البيت الأبيض يكشف تفاصيل لقاء ترامب والشرع.. دعوة للانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية ومكافحة الإرهاب    ردا على طرد موظفين فرنسين من الجزائر.. باريس تستدعي القائم بالأعمال الجزائري وتتوعد بالرد بالمثل    برادة يعلن عن إجراءات جديدة لتنظيم العلاقة بين مؤسسات التعليم الخصوصي والأسر    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    رُهاب الجزائر من التاريخ    زيارة دبلوماسية تعزز التعاون المغربي الهنغاري: السفير الهنغاري في زيارة تاريخية لمدينة الداخلة    وفاة رئيس الأوروغواي الأسبق خوسي موخيكا    العدالة ترفض السراح لمتهم في قضايا عقارية بالحسيمة    الاتحاد الأوروبي يفرض حزمة عقوبات جديدة على روسيا    الإمارات تُجدد حضورها في موسم طانطان الثقافي بالمغرب: تظاهرة تراثية تجسّد عمق الروابط الأخوية    نحو طيّ نهائي لملف الصحراء المغربية.. 6 نونبر: هل يحمل البشرى؟    صفقة القرن الدفاعية: الولايات المتحدة والسعودية توقعان أكبر اتفاقية تسليح في التاريخ بقيمة 142 مليار دولار    المغرب يحقق المعادلة الصعبة: تكلفة إنتاج السيارات الأقل عالميًا ب106 دولارات فقط للعامل الواحد    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    المغرب في تصنيف التنمية البشرية لعام 2023: نقطة جيدة وانتظارات قوية    الأغلبية تمرر مشروع قانون المسطرة الجنائية داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب    كسوة الكعبة المشرفة ترفع 3 أمتار    الأمم المتحدة تدعو مجلس الأمن إلى التحرك "لمنع وقوع إبادة" في غزة    عندما تتحول القرارات السياسية من حسابات باردة إلى مشاعر مُلتهبة    السكوري: الحكومة تتطلع إلى مواصلة تحسين مؤشرات التشغيل لخفض البطالة إلى مستويات معقولة خلال السنة الجارية    صحيفة فرنسية: المغرب يحصد ثمار إرادة سياسية قوية لدعم بيئة الشركات الناشئة    مَأْزِقُ الإِسْلاَمِ السِّيَاسِي    نادية فتاح: حجم الدعم المخصص للمواد الأساسية تجاوز 100 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2022 و2025    الركراكي: حكيمي قائد حقيقي ومرشح للكرة الذهبية    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأخضر    المجلس الوزاري: حول الأسماء والأشياء!    محمد وهبي يؤكد أن شبان المغرب قادرون على تحقيق أشياء عظيمة    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    أسعار ‬الأسماك ‬في ‬ارتفاع ‬متواصل ‬وسمك ‬الفقراء ‬بات ‬نادرا ‬في ‬الأسواق    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة المناخ لشرم الشيخ.. وامتحان الإرادات
نشر في العلم يوم 28 - 11 - 2022

لم يسبق أن تزامن انعقاد قمة الأمم المتحدة حول المناخ مع الظروف المناخية الصعبة التي يواجهها الكون حاليا، وبالتالي فإن قمة 27 للأمم المتحدة حول المناخ التي تحتضنها مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، تعتبر أكثر هذه القمم أهمية، لأنها ستمتحن إرادة الأطراف المعنية بأزمة المناخ، خصوصا الدول العظمى منها، وسيتضح ما إذا كانت هذه الأطراف صادقة فيما ترفعه من شعارات حول ضرورة إيجاد الحلول الكفيلة بتخفيض حدة أزمة المناخ على الأقل .
كوب 27 الملتئمة في أرض الكنانة تصادف وصول أزمة المناخ إلى مستويات مخيفة جدا تؤشر إلى ما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتريس ب(الكارثة)، فمن جهة تتزامن هذه القمة مع أخطر فترة جفاف حاد تعرفه منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث سجلت هناك خلال فصل الصيف، الذي لا يزال مستمرا في العديد من دوله كأعلى درجات حرارة، في نفس الوقت التي تعرف فيه دول كثيرة من قارة آسيا فيضانات جارفة أزهقت أرواح آلاف الأشخاص ودمرت معالم الحياة في العديد من المناطق، في نفس الوقت الذي انتشرت فيه ألسنة النيران تلتهم عشرات الآلاف من المساحات الزراعية والغابوية، في نفس الوقت الذي تتعرض فيه جمهورية الصين وكندا إلى ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة. هذه التقلبات المناخية التي تؤشر على مواجهة أعمق أزمة في المناخ، تسببت في تداعيات تكتسي خطورة كبيرة على مستقبل البشرية جمعاء، خصوصا في الأقطار ذات الأيادي القصيرة من حيث إمكانيات وآليات المواجهة والتصدي، والقصد هنا وجود نقص كبير في المياه بسبب ضعف أو انعدام التساقطات المطرية، ولهذا السبب أضحت كثير من الدول مهددة بأزمة عطش حادة، ناهيك عن باقي استعمالات المياه، خصوصا ما يتعلق بالسقي وإنتاج الكهرباء. كما أن ضعف المحاصيل الزراعية بسبب موجة الجفاف الحاد، التي اجتاحت العديد من المناطق تهدد بارتفاع مهول وخطير في ظاهرة المجاعة هناك.
القمة 27 تواجه تحديا كبيرا، لأن كل هذا الذي يحدث تتسبب فيه سياسات معينة في الاختراعات العلمية التي تراكمها الدول المتقدمة وتخلفها الصناعة والنقل وغيرها، وهذه السياسات تقود العالم بثبات نحو كارثة مناخية حقيقية، عنوانها البارز، اتجاه مؤشر ارتفاع درجات الحرارة نحو الصعود سنويا، ليصل حسب تقديرات الأمم المتحدة إلى 2،8 درجة قبل نهاية القرن الحالي، وأيضا تواصل ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
لذلك فإن هذه القمة التي يشارك فيها أكثر من أربعين ألف مسؤول من مختلف القطاعات الرسمية وغير الحكومية، ينتمون إلى 196 دولة، وضمنهم عشرات رؤساء الدول والحكومات ، تمثل لحظة امتحان حقيقية لصدقية الإرادات المعبر عنها، ومحطة اختبار حقيقية لقدرة المجتمع الدولي على أن تكون القمة المعبر السالك والممر الآمن من الوعود إلى الأفعال بما يمكن من تنزيل ركام من الالتزامات المتفق عليها سابقا إلى أرض الواقع.
والأكيد أن اتفاق باريس للمناخ يعتبر في مقدمة هذه الالتزامات، وهو الاتفاق الذي تم تبنيه في قمة المناخ بباريس سنة 2015، والذي دخل حيز التنفيذ رسميا في 4 نوفمبر 2016 ، وهو يعتبر أول اتفاق عالمي بشأن المناخ، والذي نصت مضامينه على حتمية احتواء الاحترار العالمي في أقل من درجتين، وعلى السعي لضمان حده في 1,5 درجة، ووضع 100 مليار دولار أمريكي سنويا كحد أدنى كمساعدات للدول النامية، على أن تتم مراجعة هذا المبلغ في سنة 2025. ناهيك عن الالتزام بمواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفينة، وكيفية توفير الحلول للتكيف معها، والتخفيف من حدة ضررها على البيئة، ومعالجة الآثار الواضحة للتغيرات المناخية، واعترف هذا الاتفاق بأن التغير المناخي في العالم يتطلب جهودا قصوى وتعاون مشترك من طرف جميع الدول وضرورة وجود استجابات دولية فعلية لهذه التحديات.
اليوم، وبعد حوالي سبع سنوات كاملة من اعتماد هذا الاتفاق، الذي قيل آنذاك إنه سيمثل منعرجا حاسما في التصدي لأزمة المناخ، تجد القمة 27 للمناخ نفسها مجبرة على بحث سبل تفعيل مضامين هذا الاتفاق وتنزيل مقتضياته، فالخسائر الفادحة التي تتسبب فيها هذه الأزمة والأضرار الجسيمة التي تخلفها ليست قابلة للتعويض، وكل ما عمرت هذه الأزمة وزادت استفحالا، فإن الذي لا يعوض يزداد حجما وتكلفة.
فإذا كانت الخسائر والأضرار التي تم إدراجها رسميا في جدول أعمال قمة شرم الشيخ الحالية تتمثل في التداعيات على التغير المناخي والتي تقدر تكلفتها حاليا بعشرات المليارات من الدولارات، فإن المؤشرات المتوفرة تؤكد أن هذه التكلفة ستصل إلى مستويات خيالية إذا ما بقيت الأوضاع على ما هي عليه اليوم .
وعلى هذا الأساس، فإن إحدى أهم القضايا التي يؤمل أن تحسم فيها قمة شرم الشيخ، تتمثل في تجسيد الدعم المالي من الدول العظمى إلى الدول الفقيرة، والذي حدده اتفاق باريس قبل حوالي سبع سنوات في 100 مليار دولار سنويا. وتتطلع العديد من الدول إلى أن يتم الاتفاق على آلية محددة لتنفيذ هذا الالتزام، من قبيل إنشاء صندوق عالمي تعهد إليه صرف هذه الميزانية بما يضمن الفعالية، والحقيقة أن تخصيص هذا المبلغ الهام سنويا لا يندرج في سياق المنة ولا الهبة، بل إنه يضمن منسوبا مقبولا من العدالة فيما يتعلق بأزمة التغير المناخي، لأن الدول العظمى هي صاحبة الاقتصادات القوية في المجالات الصناعية والتحويلية بصفة خاصة، وهي التي تتسبب بصفة رئيسية ومباشرة في التغيرات المناخية المطبوعة بالاحتباس الحراري، وبالتالي من المنطقي أن تتحمل هذه الدول تكلفة التصدي لما تتسبب فيه من كوارث على مستقبل البشرية .
تبقى الإشارة في الأخير، إلى أن انعقاد القمة 27 فوق أراض أفريقية يحمل دلالة عميقة جدا، ذلك أن دول هذه القارة تعتبر الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، وهي الأقل مسؤولية عما يحدث، لذلك فإن الأمل معقود على إنصاف الدول الإفريقية من فوق أرض إفريقية ممثلة هذه المرة في جمهورية مصر العربية التي تفوقت في ضمان شروط وظروف نجاح هذه القمة العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.