ملف يُنتظر أن يكشف المزيد من التفاصيل حول طريقة تدبير المال العام واستغلال النفوذ... علم من مصادر موثوقة أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الأستاذ الطرشي، أمر بإيداع البرلماني السابق أحمد شدا السجن، بعد مثوله أمام الوكيل العام في إطار ملف ضخم يتعلق بتفويتات عقارية مشبوهة وصفقات عمومية يشتبه أنها تمت خارج الضوابط القانونية، وُصفت بالفضائحية من حيث حجم الأموال التي تم تبديدها وشبكة العلاقات التي تورطت فيها. التحقيق الذي باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ شهور، أسفر عن إحالة مجموعة من المشتبه فيهم، ضمنهم مقاول معروف بلقب "بيكترا"، الذي سبق أن تم اعتقاله وجرى عرضه بدوره أمام الوكيل العام، حيث تمت مواجهته بأحمد شدا، في خطوة قضائية اعتبرها المتتبعون لحظة حاسمة في مسار هذا الملف الذي هز الرأي العام المحلي والوطني. المعطيات الأولية تشير إلى أن البرلماني المعتقل، الذي سبق له أن شغل مناصب بارزة من بينها رئاسة لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، كما ترأس جماعة بني ملال لسنوات، متابع بملف ثقيل يتضمن شبهة اختلاس وتبديد أموال عمومية، وتجاوزات في إسناد الصفقات إلى شركات بعينها دون احترام قواعد الشفافية والتنافسية، وهو ما يطرح علامات استفهام حول آليات الرقابة والمحاسبة في تدبير الشأن المحلي. في سياق التحقيق ذاته، تم اعتقال صاحب شركة للنظافة ومهندس معماري على خلفية علاقتهم بالصفقات المذكورة، بينما تم إطلاق سراح عدد من المتهمين الآخرين بكفالات مالية متفاوتة، من بينهم أحمد بدرة، رئيس المجلس الجماعي الحالي لبني ملال، مقابل كفالة قدرها خمسون مليون سنتيم، مع إمكانية استدعائهم لاحقًا في إطار التحقيق. القضية تذكّر بقضية الوزير السابق محمد مبديع، الذي لا يزال رهن الاعتقال الاحتياطي في ملف مشابه يتعلق بالفساد المالي وسوء تدبير الجماعة الترابية التي ترأسها لأزيد من عقدين، ما يكشف عن اتساع رقعة التحقيقات القضائية التي بدأت تطال أسماء وازنة في المشهد السياسي المحلي. أحمد شدا، الذي تم تجريده من صفته البرلمانية بقرار صادر عن المحكمة الدستورية بطلب من وزارة العدل بعد عزله من رئاسة الجماعة بقرار قضائي نهائي، يواجه اليوم واحدة من أخطر مراحل مسيرته السياسية، بعدما بات في قلب ملف يُنتظر أن يكشف المزيد من التفاصيل حول طريقة تدبير المال العام، واستغلال النفوذ، وتورط شخصيات نافذة في تمرير صفقات ومصالح مقابل امتيازات خاصة. التحقيق القضائي الجاري يعيد فتح النقاش حول حدود المساءلة في تدبير الشأن المحلي، ويدفع باتجاه مساءلة رموز المرحلة السابقة، ممن راكموا السلطة والنفوذ، واستفادوا من هشاشة منظومة الرقابة على الجماعات الترابية. كما يعكس إرادة متجددة لدى المؤسسة القضائية لتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح الملفات التي ظلت لسنوات محمية بالصمت أو بالتواطؤ. الملف لا يزال مفتوحًا، والرأي العام يترقب ما ستكشف عنه الأيام المقبلة من تطورات، في واحدة من القضايا التي قد تُسجَّل كأبرز محطات محاربة الفساد السياسي والمالي في المغرب الحديث.