أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن السلطات الهندية شرعت، منذ مطلع أبريل من السنة الجارية، في حملة ترحيل واسعة استهدفت آلاف المسلمين بزعم أنهم "متسللون غير شرعيين" من بنغلاديش، في أعقاب هجوم مسلح وقع في منطقة كشمير وأدى إلى مقتل 26 شخصًا. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه الحملة ترافقت مع اعتقالات جماعية، وهدم أحياء سكنية بالكامل، وترحيل قسري بوسائل غير قانونية؛ بينها إجبار أشخاص على القفز في البحر باتجاه السواحل البنغالية. ومن بين الحالات التي وثقتها المنبر الإعلامي سالف الذكر رواية المواطن الهندي حسن شاه، الذي قال إنه اقتيد من منزله في ولاية غوجارات، وتم تقييده وتعصيب عينيه، ثم نُقل على متن قارب إلى عرض البحر، حيث أُجبر تحت التهديد على القفز نحو الساحل البنغالي. وأكدت الصحيفة أن خفر السواحل في بنغلاديش عثر عليه بعد ذلك ونقله إلى مدينة ساتخيرا، في الجنوب الغربي من البلاد، دون أي وثائق تثبت هويته، بعدما صادرت الشرطة الهندية كل أوراقه. ووفق ما أوردته الصحيفة الأمريكية، فإن أكثر من 1,880 شخصًا رُحّلوا من الهند إلى بنغلاديش خلال الفترة بين 7 ماي المنصرم و3 يوليوز الجاري، استنادًا إلى بيانات غير منشورة من الحكومة البنغالية. كما أعيد لاحقًا 110 أشخاص، بعد أن تبيّن أنهم يحملون أوراقًا رسمية هندية؛ مما يسلط الضوء على حجم الأخطاء في تنفيذ عمليات الترحيل. الحملة لم تقتصر على الترحيل؛ بل شملت أيضًا هدم آلاف المنازل في مناطق ذات كثافة سكانية مسلمة. ففي حي تشاندولا لايك بمدينة أحمد آباد، أزالت السلطات نحو 12 ألف منزل خلال أسبوعين فقط، حسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية سالفة الذكر عن مسؤولين محليين وشهادات سكان. وتحدثت تقارير عن اعتقالات شملت مئات النساء والأطفال، وسُجلت عمليات نقل قسرية إلى مراكز احتجاز دون أوامر قضائية أو إنذار مسبق. عبد الرحمن، شاب في العشرين من عمره، قال للصحيفة عينها إنه تعرّض للضرب والتعذيب خلال احتجازه، وأُجبر على الاعتراف كذبًا بأنه بنغالي، قبل أن يُلقى به هو الآخر في البحر ويُترك لمصيره. وقدّم والده، لاحقًا، نسخة من بطاقة الهوية وشهادة ميلاده التي تثبت ولادته في أحمد آباد، وقد تحققت الصحيفة من صحتها. وأورد "واشنطن بوست" أن أفرادًا آخرين نُقلوا ليلًا عبر الحدود البرية، حيث أُطفئت كشافات المراقبة، ودُفعوا عبر المساحات العازلة دون تنسيق مع السلطات البنغالية؛ ما دفع مسؤولين من حرس الحدود في بنغلاديش إلى وصف الإجراءات بأنها غير قانونية وتنتهك الأعراف الدبلوماسية القائمة. من بين الحالات التي أثارت تعاطفًا واسعًا، قصة السيدة مسما خاتون (72 عامًا)، التي قالت إنها من ولاية آسام الهندية، وأُجبرت على مغادرة البلاد. وبعد أن سُمح لها بالعودة، اختفى أثرها ولم تتمكن عائلتها من التواصل معها حتى اليوم، حسب الصحيفة. ووفقًا لخبراء قانونيين تحدثوا ل"واشنطن بوست"، فإن عمليات الترحيل هذه تفتقر إلى الأساس القانوني، لا سيما في ظل عدم وجود اتفاقية رسمية بين الهندوبنغلاديش تنظم مثل هذه الإجراءات. كما أنها تخالف مبادئ القانون الدولي التي تضمن حق الأفراد في الطعن أمام القضاء، وعدم حرمانهم من جنسيتهم بشكل تعسفي. حتى لحظة نشر التقرير، لم تصدر الحكومة الهندية أي تعليق رسمي على الوقائع الموثقة؛ بينما أكدت الحكومة البنغالية أنها وجّهت مذكرات دبلوماسية عديدة إلى نيودلهي للاحتجاج على الترحيلات المفاجئة التي أُجريت دون تنسيق مسبق. وترى الصحيفة أن الحملة الأخيرة تأتي في سياق أوسع من السياسات الأمنية التي تستهدف المسلمين في عدد من الولايات، مشيرة إلى أن البيئة السياسية الحالية في الهند تشهد تصاعدًا في الخطاب القومي وتراجعًا في الضمانات الدستورية الخاصة بالأقليات.