وقالَ ابنُ عَربِي

في مُرَّاكُشْ
ها أنا قُرْبَ الكُتْبِيةِ
أوْ فِيها
أخْلعُ ظلِّي
فأخِفُّ
فأنْسابُ هواءً أبْيضَ
في الآمادِ بعيداً
في الأفْلاكِ القُصْوَى
لا أتعثَّرُ
في نارِ البَرْقِ
ولا في طينِ الرِّيحْ
أسْرِي
كالموْجةِ
بين القطْرةِ والبحْرِ
أجُوزُ مقاماتٍ
عُليَا
حتَّى أبلُغَ في الرِّحلةِ
آخِرَها
وهناك الأقْباسُ
اللاَّ تُحصَى
وهناكَ قوائِمُ مِنْ ياقوتٍ
للعرْشِ
وحَولَ الظِّلِّ النُّوراني
لصُورتِهِ القُدسيَّةِ
أطيارٌ شتَّى
لا أبْهى مِنها
تترنَّمُ تسْبيحاً
وتطُوفُ سُجوُداً
وأنا لا أدْرِي
إلاَّ أنِّي أتلاشَى
أوْ تلاشيْتُ
إذا بِي
يُحْيينِي
صوْتٌ لا أبْلََغَ منْهُ
ولا أعذبَ
وافانِي
من سيِّدِ الطَّيرِ جميعاً
دثَّرني
ثمَّ أوْصاني
أن أنْزِلَ في فاسَ
مقام الغرْبِ
ومِعْراجَ الشَّرْقِ
وأوْصَاني
أنْ لا أرْحلَ وحْدِي
فالطُّرقاتُ إلى النَّبعِ
بلا أنْصَابْ
في بجَايَةْ
ها أنا في بْجَايةَ
أوْ في مسْجدِها الأوَّلِ
أنْظِمُ نجْماتِ اللَّيْلِ جميعاً
في عقْدٍ
هُوَ أنْفسُ مِنْ كُلِّ عُقودِ البُسْتانِ
ومِنْ كُلِّ عُقودِ الملِكاتْ
ثُمَّ أُعلِّقُهُ تحْتَ الصَّدْرْ
فأرَى في الحَبَّاتِ مرايَا
لسَماواتٍ خلْفَ سماواتٍ
وأراها تَلْبسُ أجْسادَ العذراواتِ
يَمِسْنَ كأغْصانِ الحُورِ
أراني مُغْتبِقاً
بالأشْذاءِ
على الشَّعْرِ المَضْفُورِ
على الأرْدافِ
على أيْديهِنَّ البِيضْ
على الأحْداقِ الزَّرقاءْ
وأرى العِقْدَ حُقولاً
أبْذرُ فيها السَّوْسَنَ
والأشْعارْ
أراني أقْطِفُ ما أشْهَى
أشْربُ أعْناباً
وأنامُ على أفْرِشَةِ الأوْراقْ
مع النَّجْماتْ
دجنبر 2009
* الفتوحات المكية