تذمر شديد في كل الأوساط، وغليان متصاعد ينذر بأوخم العواقب لا قدر الله. المواطنون من كل الشرائح الاجتماعية حانقون مستاؤون يتساءلون عن مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، يفتشون بالفتيل والقنديل عن مصير تصريحات أعضاء حكومة بنكيران حول لائحة الأدوية التي تقرر تخفيض أسعارها، وحول قرار عدم الزيادة في أسعار المواد الغذائية، والحوار الاجتماعي، وأين وصل مشروع قانون تنظيم الإضراب، وعن السر وراء عجز الحكومة عن مكافحة تهريب الأموال والحد من تفشي الرشوة ومحاربة الفساد، استمرار المحسوبية في الإدارات والمؤسسات العمومية، وطريقة معالجة صناديق التقاعد والمقاصة، وسياسة تدبير أسعار المحروقات، وأوكار الفساد المالي والإداري التي اتسعت واتخذت لها الأذرع والفروع، وعن أبنائنا الذين أصبحوا في يد الحكومة مثل فئران تجارب بين وزارة التربية الوطنية والمجلس الأعلى للتعليم، والاتجاه نحو القضاء على المدرسة العمومية، والبطء في إصلاح المنظومة القضائية التي كلفت الدولة مبالغ طائلة، وبطاقات الراميد التي ولدت موؤودة من مهدها باعتراف وزير الصحة. المواطنون فقدوا الثقة في حكومة بنكيران، ووزراء الحكومة لم يعودوا يحظون بنفس المصداقية التي كان الوزراء يتحلون بها، خاصة بعد أن أظهرت بعض الممارسات أن شخصية بعضهم ضعيفة إلى أبعد الحدود، لدرجة أن بعضم أصبح يرجم بالحجارة، أو يتم الاعتداء عليه داخل قبة البرلمان. وربما فإن بعض الوزراء أنجزوا كل مهامهم الحكومية فوجهوا اهتمامهم لايطاليا لفك ألغاز فعلة برلسكوني، أو ركزوا على التوسط لأبناء أصدقائهم للعمل في مؤسسات عمومية. منذ تنصيب حكومة بنكيران الأولى لم يلمس المواطنون أي مؤشر إيجابي يتجه إلى تحسين أوضاعهم باستثناء التصريحات الرنانة والوعود الفارغة، فأسعار الأدوية مازالت على حالها، والغلاء يستفحل يوما بعد يوم، والفساد مازال يشحذ سيوفه ويتحدى الجميع، كل ذلك وسط تشنج شعبي عام يردد معه المواطنون عبارات «اللطيف» اللهم ألطف بنا يارب. لهذا قرر الموظفون الاضراب عن العمل ولهذا قررت النقابات وعلى رأسها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الدعوة إلى إضراب عام، بل ولهذا سيخرج الشعب المغربي في مسيرة ضد هذه الأوضاع بعد أن طفح الكيل. المواطنون ليسوا سذجاً حتى تنطلي عليهم عبارات التماسيح والعفاريت التي تعوق عمل الحكومة، ولن تنطلي عليهم تلك التصريحات الكاذبة المتعلقة بالدعم والأسعار والمنح الدراسية والحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة وما إلى ذلك من الوعود والعبارات الرنانة، بل يريدون أن يدركوا بالملموس والمحسوس وعلى أرض الواقع بوادر التغيير وتحسين أوضاعهم. مسيرات المواطنين، وإضراب العمال والقطاعات، ومظاهرات الشعب، ماهي سوى تعبير عن غضبهم ورفضهم للسياسة التي تنهجها حكومة بنكيران في تدبير حياتهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم. والمواطنون يريدونها حركة سلمية هادئة عسى أن توقظ الحكومة من غفوتها وتغير من أسلوب تدبيرها إلى ما يطمح له المجتمع طبقا لتوجهات جلالة الملك.