الأنترنيت في مدارسنا بالمغرب العميق الذي هو قرى وبوادي حين تصلنا أخبارها نصاب بالصعقة، من عنف الخبر والصورة إلى درجة التساؤل، هل هي صور من المغرب؟! تلك الصور التي تصلنا في أيام الكوارث، العواصف الثلجية والمطرية عبر نقاط مواقع التواصل الاجتماعي، وهي صور عرت واقع هذه المناطق وأطلعت الرأي العام على مغربنا العميق الذي يعاني بقضه وقضيضه من خصاص مهول في مقومات الحياة، كالحق في الصحة والحق في التعليم وغيرها من أهم حقوق الإنسان التي تنشط أكثر من مؤسسة وجمعية لحماية هذه الحقوق..! وفي عمق هذا الخصاص، يأتي أو بالأحرى ينفلت خبر يفيد أن مدارس العالم القروي سوف تعزز بالأنترنيت عبر تدخل مؤسسة إسبانية سوف تعمل على إطلاق أكبر عملية لربط مؤسسات التعليم العمومي في العالم القروي بالأنترنيت عالي الصبيب، وأن العملية ستشمل أربعة آلاف مؤسسة تعليمية تتمركز في العالم القروي وذلك بشراكة مع وزارة التربية والتعليم، وحتى يأخذ الخبر حقه في التعليق فإن سعر الاشتراك في هذه الخدمة يبتدئ من 300 درهم شهريا. كل هذا جميل حسب ديباجة الخبر، لكن واقع مدارسنا في العالم القروي ينطبق عليها المثل... »آش خصك العريان... الخاتم أمولاي..« خصاص كبير وعزلة قاسية نتيجة غياب الكثير من التجهيزات والمعدات، وأكيد من بين ذلك الأنترنيت الذي أصبح من ضروريات الحياة في زمن السموات المفتوحة، لكن لماذا نبدأ من الأعلى ونترك الأساس بدون دعامات قوية؟ وأكيد فبنيان كهذا سوف ينهار ويكون ضرره أكثر في غياب بناء العقول، وإمداد مؤسسات تعليمية بكل مقومات المؤسسة، ففي العالم القروي قد تكون المدرسة عبارة عن حجرة دراسية واحدة تضم أكثر من مستويين تعليميين أو ثلاثة، وحتى هذه الحجرة تتحول في أيام الشتاء إلى قسم عائم، أما التجهيزات فحدث ولا حرج... أطفال صغار يفترشون الأرض، وحتى إن وجدت طاولات بدون كراسي، فهذه الطاولات بقايا أخشاب تكون المواقد أولى بها لتدفئة الصغار من قر البرد القارس. وحتى لا نكون كمن يرمي قناديل الطريق بالحجارة، أو عدميين، فإن الأنترنيت ضروري في العالم القروي لفك العزلة عن هذه المناطق النائية، ولكن بالتوازي مع إصلاح الكثير من الأعطاب التي تصعِّب حياة السكان خصوصا في الحق في التعليم وذلك بضمان بنية تحتية أولا تواجه بالأساس معضلة الهدر المدرسي الذي يعصف بحق أبناء هذه المناطق في التعليم، وبعد ذلك أهلا بالأنترنيت التي أصبحت الحياة لا تستقيم إلا بوجودها في المدن والقرى.