* محمد الطالبي تعيش الدبلوماسية الجزائرية لحظة حصار كامل بسبب فشلها في تدبير ثلاث ملفات: أولها، القمة العربية، حين عجزت الجزائر تنظيمها في الوقت الذي حددته بشكل منفرد، وثانيها، على المستوى الافريقي، بسبب موقفها من موضوع الانقلاب الذي عرفته مالي، وإقليميا، بسبب نجاح المغرب في إدارة التوتر مع بعض دول أوروبا وبشكل خاص مع إسبانيا وألمانيا.
وحسب ما أورده بلال التليدي، باحث وكاتب مغربي، في مقال نشر بموقع "القدس العربي"، فإن دائرة التوتر بين الجزائر والمغرب أخذت تتوسع إقليميا، إذ لم يعد الأمر يتعلق بخلافات محصورة في ثلاث نقاط أو سبع حسب الموقف الجزائري المتحول، ولا حتى بالعلاقات المغربية الإسرائيلية، وإنما تحول الصراع إلى بؤرة إلى إنتاج الديناميات الدبلوماسية المتقابلة في أكثر من ملف.
وأوضح المتحدث ذاته، أن السلطات الجزائرية تشعر بالعزلة جراء إعلانها، وبشكل منفرد، عن تنظيم القمة العربية في الجزائر في مارس الحالي، مؤكدا أنها "تلقت صفعة بعد أن عجزت عن إقناع مختلف الأطراف العربية بتنظيم القمة في هذا التوقيت".
أما في الساحة الإفريقية، يقول التليدي، فإنها تحولت إلى منطقة جذب آخر بين الدبلوماسيتين، حيث تسعى الجزائر إلى استعادة دورها في إفريقيا، وبشكل خاص، في دول غرب إفريقيا، ملفتا، في جانب آخر، إلى أن المغرب "يراكم مكاسب دبلوماسيته التي نشطت على المحور الإفريقي، قرابة عقدين من الزمن، وبالتحديد منذ 2004."
ويعتبر الملف المالي، حسب الكاتب والباحث المغربي، من بين الملفات، التي تفجّر فيها الصراع بين الدبلوماسيتين، فعلى الرغم من أن البلدين سارعا إلى إعلان موقفهما المعارض للانقلاب، ودعيا إلى إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة مدنية في مدى قصير، إلا أن التطورات اللاحقة دفعت الجزائر إلى أن تغير موقفها جزئيا، وتلعب على بعض التناقضات، لتستعيد نفوذها في مالي. وشدد التليدي، على أن المغرب
ظل ملتزما بتوازن موقفه، إذ بقي رافضا للانقلابين (الانقلاب على أبي بكر كيتا، والانقلاب على السلطة الانتقالية)، وظل متشبثا بضرورة إجراء الانتخابات في مدى قصير، وتشكيل حكومة مدنية، تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى ان الجزائر، وعكس ذلك "حدث لها تحول مهم في الموقف، فانتقلت من دولة تنابذ سلطة الانقلاب، إلى دولة تقوم بدور الوساطة معها".
وأوضح التليدي، أن الجزائر تراهن على معطى الوقت، حتى تُؤمّن مدى زمنيا متوسطا، يعطي فرصة للانقلابيين لقص نفوذ فرنسا والمغرب، وفي الوقت ذاته، يؤمن مدة أطول للروس لتوطين نفوذهم في المنطقة، مستدركا بالقول:"غير أن تقدير الدبلوماسية المغربية
يرى أن نجاح التحالف الإفريقي والأوروبي والأمريكي في محاصرة قادة الانقلاب، يصب في سلة تأمين مصالحه في المنطقة، وتجديد دوره بها".
أما الملف الثالث الذي ساهم في محاصرة الدبلوماسية الجزائرية، حسب الباحث المغربي، هو المؤشرات الجديدة عن قرب طي صفحة التوتر في العلاقات الإسبانية المغربية، وحديث عن مساعدة مدريد للمغرب، للتزود بالغاز عبر الأنبوب المغاربي (بشكل معكوس) وهو ما يزيد من تطويق الدبلوماسية الجزائرية.