في كتابه الذي نزل إلى الأسواق بداية شهر فبراير 2025، تحت عنوان "إسماعيل العلوي: نبل السياسية مسيرة حياة"، تحدث مولاي إسماعيل العلوي الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، عن بعض خبايا محاولة الانقلاب التي دبرها الجنرال محمد أوفقير سنة 1972. وقال العلوي، إنه "بعد مرور حوالي ثلاثة عشر شهرا على مجزرة الصخيرات الدموية الناتجة عن محاولة الانقلاب في 1971، جرت محاولة أخرى يوم 16 غشت 1972″، مضيفا أن "الفصل كان صيفا، وكنت يومئذ رفقة أسرتي في منزل جدتي لالة مريم الكباص في شاطئ "سيدي بوزيد" في ضواحي مدينة الجديدة".
وتابع: "صادفت الزعيم النقابي المحجوب بن الصديق وهو يتجول بدراجته الهوائية في المصطاف، لم أخبره ولم أتحدث إليه "فأنا بطبعي شوية حدودي"، كل ما هنالك أنه قبل أن يتناهى إلى علمي خبر المحاولة الانقلابية من راديو فرانس أنترناسيونال (RFI) رأيت بن الصديق، ولم يكن هو الآخر يعرف أي شيء، فقد كان مستبعدا أن يعيد الجيش الكرة مرة ثانية ليقلب نظام الحكم".
وأكد العلوي، أن "المحاولة الثانية فكت خيوط تماس سياسي خفي جمع تحالفا بين عناصر معدودة محسوبة على الاتجاه التقدمي في المغرب، لم تكن لدى أصحابها نية الاستمرار داخل الإطارات السياسية، فتحالفت مع الجنرال محمد أوفقير، الذي كان ينوي، في حالة نجاحه، الاستيلاء على الحكم كما دلت على ذلك وثائق خاصة، والقيام بعمل انتقامي كبير ضد جميع التقدميين في المغرب".
وأوضح العلوي، أن "أوفقير أعد بحسب ما راج حينئذ، قائمة تضم نحو ستة آلاف (6000) اسم من أنصار الديمقراطية والتقدم، إما لتصفيتهم أو الزج بهم في غياهب السجون. ولو نجح كانت ستحل كارثة غير مسبوقة بالبلد. ويقال إن القائمة كانت تضم أسماء شخصيات سياسية وحزبية وعسكرية وغيرهم من نخب المغرب".
وأشار العلوي، إلى أن خاله الدكتور عبدالكريم الخطيب أسرع إلى محطة القطار في الرباط للقاء الحسن الثاني قبل انطلاق القطار الملكي نحو طنجة، كي يبحر منها على متن الباخرة في رحلة ملكية إلى فرنسا في 26 يوليوز 1972، بعد أن بلغت إلى علمه معلومة سرية عن مؤامرة أوفقير ضد الملك، مبينا أن الخطيب "قام بإبلاغ الحسن الثاني، وهو في القطار، بالمعلومة التي لديه ونبهه إلى المؤامرة، لكن مع الأسف لم يأخذ الملك الراحل تلك المعلومة بالجدية اللازمة".
وفي هذا الصدد يقول الدكتور الخطيب في مذكراته: "التحقت مسرعا في الحين بمقر محطة القطار في الرباط، وكان القطار الملكي على وشك الانطلاق نحو طنجة، حيث كان مقررا أن يسافر الوفد الملكي على متن باخرة إلى فرنسا. صعدت المقطورة الملكية وطلبت مقابلة جلالة الملك، ولما استقبلني أخبرته بما تم إبلاغي به، نادى الملك حينها على أوفقير وقال له "تعال، اسمع ماذا يقول الخطيب".
وسجل العلوي، أنه "بعد المحاولة الانقلابية الأولى لم نكن نتخيل أن الأمور ستتحسن بالنسبة إلى حزب التحرر والاشتراكية، في ظل وجود أوفقير. وقد اجتمعنا في الحزب، وكان القرار المزيد من الانغماس في السرية، إلى أن تتوضح الأمور".
واعتبر أنه "بعد فشل المحاولة الانقلابية الثانية. صارت الأوراق مكشوفة، إذ قام الحزب، على غرار هيآت سياسية أخرى، بإرسال مذكرة إلى الملك، وتجدر الإشارة إلى أن الملك الحسن الثاني استقبل على إثرها المسؤولين الرئيسيين في الأحزاب المغربية كل واحد على حدة، وكان ضمنهم الرفيق علي يعتة، في اجتماعات كانت بمثابة مكاشفة صريحة حسب ما يبدو. ومنذ ذلك الوقت، تغيرت الأمور بالنسبة إلى الحسن الثاني، إذ بدا له أن أسرع طريقة لاسترجاع قوته هي تهدئة الأجواء مع الحركة الوطنية، ومن ثمة برزت فكرة تحرير المناطق الجنوبية".