فتح الموقف البريطاني الجديد في ملف الصحراء المغربية الأعين على تموقع القوى الغربية حيال الملف، على غرار الموقف الألماني الذي يرى متابعون أنه غير كاف ويكتنفه حذر ومسك للعصا من الوسط. معتبرين أن التحولات المتسارعة التي يشهدها الملف على المستوى الدولي، من واشنطن إلى باريس ومدريد ولندن، يؤكد أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تمثل خيارا "ذا مصداقية" يستجيب لمعايير التسوية السياسية المتعارف عليها دوليا، في توافق تام مع المرجعيات الأممية.
موقف لندن جدد الأنظار حول تعاطي برلين مع ملف الصحراء المغربية، فعلى الرغم من البلاغ الرسمي الذي نشر بتاريخ 22 من شهر غشت سنة 2022 بعد لقاء جمع بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في الرباط، جاء في الفقرة 15 من البلاغ أن ألمانيا ترى "أن مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 يشكل جهدا جديا وذا مصداقية من قِبَل المغرب وأساسا جيدا للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين"، لكنه يبقى غير كاف إذ لم تتبعه تفعيل للموقف سواء عبر التعاون الاقتصادي أو المواقف الدبلوماسية العلنية.
موقف برلين المتأرجح برز بشكل جلي من خلال تدوينة غامضة للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في التاسع من أكتوبر الماضي عبر حسابها الرسمي التابع لوزارة الخارجية الألمانية بما يلي: "حكمت المحكمة الأوروبية مؤخرا لصالح شعب الصحراء الغربية، مؤكدة أن الاتفاقات الموقعة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب عام 2019 كان ينبغي أن تحظى بموافقة شعب الصحراء الغربية، وبالتالي فإن الاتفاقات باطلة".
وفي مطلع مارس 2021، قرر المغرب قطع علاقاته مع السفارة الألمانية بالرباط، جراء "خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية (لم يوضحها آنذاك)، ثم استدعى في 6 ماي الماضي، سفيرته لدى برلين، زهور العلوي، للتشاور بسبب ما اعتبره أنه موقف ألمانيا "السلبي" تجاه قضية الصحراء المغربية، و"محاولة استبعاد الرباط من الاجتماعات الإقليمية حول ليبيا".
المغرب وألمانيا اتفقا سنة 2022 على "تجاوز سوء الفهم" الذي توترت بسببه العلاقات بين البلدين على مدى أشهر، حيث أعقب ذلك عودة السفيرة المغربية إلى برلين ووصول سفير ألماني جديد إلى الرباط.
وتعدّ ألمانيا من أهم الشركاء الاقتصاديين والتجاريين للمغرب، إذ تنشط حوالي 300 شركة ألمانية في هذا البلد، فضلاً عن كونها من أبرز مانحيه في برامج تعاون ثنائي.
ويُوقع المغرب على انتصارات دبلوماسية مهمة في ملف الوحدة الترابية، فمنذ نهاية سنة 2024 تمكنت الرباط من حيازة أكثر من 85 في المائة من الدول الأعضاء بالأممالمتحدة لا تعترف بجبهة البوليساريو الانفصالية.
كما جدد أزيد من 30 بلدا التأكيد على دعمهم لمغربية الصحراء وللمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل السياسي الوحيد والأوحد لهذا النزاع الإقليمي، مما يوسع دائرة الدعم لمغربية الصحراء ولمبادرة الحكم الذاتي إلى 116 بلدا عبر العالم، أي أزيد من 60 في المائة من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة.