قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة رسمية إلى روسيا، هي الحادية عشرة له منذ توليه منصبه، حيث التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في زيارة تحمل رمزية كبيرة في توقيتها ومضامينها. الزعيمان وقّعا على عدد من الاتفاقيات المشتركة، وأكدا خلال مؤتمر صحفي مشترك من الكرملين عزمهما على مواصلة التعاون الاستراتيجي، والدفاع عن مفاهيم العدالة والإنصاف في النظام الدولي، في مواجهة ما وصفاه بنزعة الأحادية والهيمنة في العلاقات الدولية. وشهدت الزيارة مشاركة شي في احتفالات الذكرى الثمانين للانتصار في "الحرب الوطنية العظمى" في موسكو، وهو حدث يربط بين الذاكرة التاريخية الصينية والروسية في مقاومة الفاشية، ما يعكس تشابك الرؤى بين البلدين في قراءة التاريخ وتوظيفه في الحاضر السياسي. واتفق الجانبان على ضرورة الدفاع عن نتائج الحرب العالمية الثانية، ورفض محاولات تشويهها أو إعادة كتابتها لخدمة أجندات سياسية ضيقة، مشددين على أهمية احترام الأسس القانونية التي أرستها المحاكمات الدولية عقب الحرب، مثل محكمة نورمبرغ. وفي ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، عبّر الجانبان عن رغبتهما في تعزيز دور المؤسسات متعددة الأطراف، مثل الأممالمتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس، كمنصات لتفعيل التعاون الدولي، بعيداً عن السياسات الأحادية والإقصائية. الزيارة، التي استمرت من 7 إلى 10 مايو، لم تقتصر على الشؤون السياسية، بل شملت أيضاً التعاون الاقتصادي، حيث تبادل الطرفان أكثر من 20 وثيقة تعاون تغطي مجالات متنوعة، في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية العالمية، من حروب تجارية إلى اضطرابات في سلاسل التوريد. وأكد الرئيس شي أن بلاده، بالتعاون مع روسيا، ستواصل دعم الاقتصادات الناشئة وتعزيز مشاركة الدول النامية في النظام التجاري العالمي، فيما شدد بوتين على أن الإجراءات الاقتصادية القسرية، مثل فرض الرسوم الجمركية الباهظة، لا تخدم الاستقرار العالمي. في ظل هذا المشهد الدولي المتقلب، تقدم العلاقات الصينية الروسية نموذجاً لتحالف يُبنى على المصالح المشتركة والرؤية الموحدة لمستقبل متعدد الأقطاب، حيث تتجلى «المسؤولية الكبرى» للبلدين في سعيهما نحو تحقيق عالم أكثر توازناً وعدلاً.