أثار تقرير بثته القناة التلفزيونية الجزائرية الرسمية موجة من السخرية والاستغراب، بعد أن زعمت فيه اكتشاف "نفق سري" ينطلق من المغرب باتجاه منطقة تلمسانالجزائرية، ويستخدم بحسب الرواية الوهمية في أنشطة غير قانونية يديرها المغرب، غير أن الصور التي اعتمدها التقرير تم التعرف عليها بسرعة وتبين أنها مأخوذة من تحقيق صحفي إسباني حول نفق تم اكتشافه في مدينة سبتة قبل عدة أشهر. هذه الفضيحة الإعلامية ليست مجرد زلة تقنية أو خطأ في التحرير، بل تكشف عن نمط ممنهج في تعاطي الإعلام العمومي الجزائري مع الشأن المغربي، حيث يتم توظيف كل الوسائل الممكنة لتغذية خطاب العداء والتحريض ضد الرباط. التقرير الذي عرضته نشرة أخبار التلفزيون الجزائري الرسمي (ENTV)، أتى ضمن سياق يراد من خلاله تصوير المغرب كعنصر تهديد دائم لجيرانه، عبر ترويج قصص خيالية لا تستند إلى أي وقائع موثوقة، ورغم وضوح التزييف تم تقديم القصة على أنها "سبق إعلامي" يكشف "مؤامرة مغربية جديدة". لكن الفشل كان ذريعا، استخدام مشاهد من تقرير إسباني معروف بث قبل أشهر كشف التلاعب بسهولة وأضر بمصداقية الجهة الناشرة، وهو ما يعكس أزمة أعمق يعيشها إعلام الجيران الذي بات أداة للدعاية بدل أن يكون وسيلة لنقل الحقيقة وخدمة المصلحة العامة. الغاية من هذه المواد الملفقة لم تعد إعلام الجمهور، بل إشغال الرأي العام بقصص مصطنعة تصرف الأنظار عن الأسئلة الحقيقية: لماذا ترفض الجزائر أي تنسيق أمني مع المغرب في قضايا التهريب والاتجار عبر الحدود؟ ولماذا تستخدم وسائل الإعلام العمومية كأذرع موازية لخطاب المؤسسة العسكرية؟ الجواب المؤلم هو أن هناك رغبة واضحة في خلق حالة دائمة من التوتر مع المملكة المغربية ولو على حساب وعي المشاهد ومصداقية الإعلام. إذ أصبح الاعتماد على الإثارة الرخيصة والتلفيق أسلوبا معتمدا حتى لو كان الثمن هو مزيد من التراجع في ثقة المواطنين بالإعلام الوطني. في النهاية، يظهر أن "النفق" الذي حفرته القناة الجزائرية الرسمية، لم يؤد إلا إلى تعميق الهوة بينها وبين المشاهد، في وقت أصبحت فيه الدعاية المكشوفة تفضح نفسها أكثر مما تخدم صانعيها.