ضمن الاحتفالية الثقافية التي تحتضنها الدارالبيضاء إلى غاية 19 فبراير الجاري، اختارت إسبانيا أن تقدم لعشاق الكتاب من زوار الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، من خلال رواقها بالمعرض، برنامجا يجمع بين الاحتفاء بالإبداع في تجلياته المتعددة، وبين إبراز التلاقح الثقافي بين حضارتين جارتين. فالرواق الإسباني، الذي تشرف عليه سفارة إسبانيا بالمغرب ومعهد سيرفانتيس بالدارالبيضاء، يضم عينة من الأعمال الإسبانية المتميزة والمنشورة حديثا، والتي تعالج مواضيع مختلفة، باللغة الإسبانية، وباللغات المعتمدة رسميا بالبلاد (الكاطلونية والبلنسية والباسكية والغاليسية)، فضلا عن عرض مجموعة من الكتب التي حازت جوائز أدبية كبرى، وتنظيم لقاءات مباشرة مع عدد من مؤلفيها. وقد اختار المشرفون على هذا الرواق محاور بتيمات معرفية متعددة، لتأطير مجموع الفعاليات المبرمجة ضمن دورة هذه السنة، وتخص أدب الشباب كمدخل للقراء الجدد، والأشكال الجديدة من القراءة، والكتاب الالكتروني، والشاشات البديلة، والمرشدون الجدد ومدى تأثيرهم على الإبداع الأدبي. ومن أبرز فقرات هذا البرنامج، "منتدى المترجمين" الذي سيميط اللثام عن أسرار الترجمة من الإسبانية إلى العربية، والحلقات الدراسية التي تشرف عليها مؤسسة "أونيك ماروك"، بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب ووزارة الثقافة المغربية، والتي تهدف إلى تطوير مضامين واستراتيجيات برنامج "ثقافات من أجل العيش معا" لأعوام 2017-2019، وهو برنامج لتقريب المجتمعات فيما بينها والنهوض بالتعايش من خلال الثقافة. وإلى جانب احتضانه للفعاليات التي برمجتها مختلف سفارات بلدان أمريكا اللاتينية، سيخصص الرواق فضاءات خاصة بالأطفال واليافعين والشباب، تتنوع أنشطتها بين الحكاية، وتقنيات فن السرد القصصي، ودروس قصيرة في اللغة الإسبانية، وورشات "بوكتوب" للشباب. وتعود أهمية المشاركة الإسبانية في معرض الدارالبيضاء للنشر والكتاب، إلى طبيعة العلاقات الثقافية والتاريخية التي تجمع بين البلدين، واللذين يمتلكان الكثير من القواسم المشتركة التي تجعل من هاتين الجغرافيتين الحضاريتين مدار تلاقحات ثقافية كبرى على مستوى الفكر الإنساني. فأهمية الفعل الثقافي، في الراهن العلائقي بين المجموعات الحضارية، تكمن في قدرته على خلق تواصل كبير، وتوليد أدوات أخرى جديدة، مما يضع على عاتق الفاعلين في الحقل الثقافي بالضفتين تكريس هذا التكامل المغربي الإسباني، والعمل على إثرائه، بما يضمن أمن واستقرار واشعاع المنطقة برمتها. الحدود