عام أخير لحكومة "أخنوش".. تحديات وتطلعات وأجندة انتخابية (تحليل)    مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة سجلت أزيد من 17,13 مليون ليلة مبيت عند متم يوليوز 2025        نشرة إنذارية: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    حقوقيون يطالبون المغرب بإنقاذ جاليته العالقة في غزة وسط الحرب والمجاعة    العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تستنكر منع احتجاجات "جيل Z" وتدعو إلى حوار جاد مع الشباب    الركراكي يعقدة ندوة صحفية للإعلان عن لائحة الأسود لمباراتي البحرين والكونغو    كأس العالم تحت 20 سنة.. المنتخب المغربي يتصدر المجموعة بعد تعادل البرازيل والمكسيك    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين الجدد التابعين لقطاع التربية والتعليم    الخارجية الأمريكية: المغرب قطب إقليمي استراتيجي للأعمال والصناعة ويشكل بوابة نحو إفريقيا    "رويترز": ترامب سيسعى لدفع مقترح سلام بعيد المنال لغزة في محادثات مع نتنياهو    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬قواعد ‬التجارة ‬في ‬معابر ‬بني ‬أنصار ‬وتراخال ‬وسط ‬نزيف ‬استثماري ‬إسباني ‬    وجدة تحتفي بالسينما المغاربية والدولية في الدورة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    المعهد المتخصص في الفندقة و السياحة بالحوزية ضمن المتوجين في الدورة 11 للمعرض الدولي ''كريماي'' للضيافة وفنون الطبخ    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة        الذهب يتجاوز عتبة 3800 دولار للأوقية وسط تزايد توقعات خفض الفائدة            مساءلة وزيرة السياحة حول تعثر مشروع تهيئة مضايق تودغى بعد إلغاء طلب عروض بسبب كلفة الأشغال    ردا على المنع والتوقيفات.. شباب "الجيل زد" يقررون تجديد احتجاجاتهم لليوم الثالث تواليا    الاحتفاظ في الرباط بشابين موقوفين على خلفية احتجاجات "جيل زد" تحت تدابير الحراسة النظرية إلى غاية الثلاثاء    الباييس: إسبانيا فرضت رقابة على القواعد الأمريكية على أرضها لمنع نقل شحنات أسلحة إلى إسرائيل        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    تراجع طفيف لأثمان الإنتاج الصناعي    محمد وهبي: المنتخب المغربي أحسن استغلال نقاط ضعف نظيره الإسباني    اقتراع سوريا يستبعد "مؤيدي الأسد"    الأردن يحرك ملفات الإخوان المسلمين    قتيل وجنود محتجزون في احتجاجات بالإكوادور    البرلمان البرتغالي يناقش مقترح الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء            الصين تهدف تحقيق نمو يزيد عن 5 في المائة في صناعة البتروكيماويات خلال 2025-2026    رؤساء جمعيات آباء وأمهات التلاميذ يتدارسون بالجديدة مشاكل المنظومة التربوية وبنية المؤسسات التعليمية            تقرير: "جنوى" الإيطالي مهتم بزياش    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    محمدي يجمع الرواية والسيرة والمخطوط في "رحلة الحج على خطى الجد"    إلياس فيفا يتوج في مدينة البيضاء    التضليل الإلكتروني بمؤامرة جزائرية لخلط الأوراق: مشاهد قديمة تُقدَّم كأحداث راهنة بالمغرب    قمع مفرط في احتجاجات جيل Z بالمغرب.. بين انزلاقات فردية ومسؤولية مؤسساتية    ‬محاولات ‬الاقتراب ‬من ‬جيل ‬z ‬‮..‬ زورو ‬يقود ‬الربيع ‬الدائم‮!‬    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم    الرباط تختتم الدورة 27 من مهرجان الجاز بمزيج موسيقي فريد    السينما تلتقي بالموسيقى في برنامج فني إبداعي في مهرجان الدوحة السينمائي        مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو            بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو مروان سفير فلسطين السابق في المغرب : فلسطين ...وقود الثورة ودهاء الدبلوماسية

أبو مروان ، من القيادات الفلسطينية التي عايشت الإنطلاقة الأولى لحركة فتح ودورها الوطني والكفاحي في إطلاق شرارة الثورة الفلسطينية ، والدور الذي ستلعبه منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ، وعنوانا سياسيا ونضاليا لفلسطين المغتصبة . وقد واكب منذ بداية الستينات ، سواء كمسؤول إعلامي بمكتب فلسطين ثم مكتب منظمة التحرير في الجزائر قبل أن يلتحق بالمغرب ليصبح أول سفير لدولة فلسطين بعد إعلانها سنة 1987 ، واكب مختلف تطورات القضية الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية العربية والفلسطينية المغربية بالخصوص . في هذا الحوار المطول ، يفتح أبو مروان صفحات هامة من مخزون ذاكرته ، منذ أن رأى النور في قرية سيلة الضهر كاشفا عن تفاصيل وأسرار تنشر لأول مرة .
{ حضرت مختلف المؤتمرات والقمم التي نظمت في المغرب ، بعد كل هذه السنوات كيف تقيم تجربتك ، كممثل لفلسطين ، على هذا الصعيد ؟
في البداية، قبل أن تندمج فتح في منظمة التحرير الفلسطينية ، لم يكن المغرب الرسمي ينسجم مع القضية الفلسطينية، أولا لقناعته بأن الأمر يتعلق بخطاب ديماغوجي لا يوجه للعالم فمخاطبة العالم لا تتم بهذه الطريقة، وتكرست هذه الرؤية أكثر بعد 1967.
اتصالاتنا مع جلالك الملك ، الحسن الثاني ، تمت في البداية عن طريق أخ اسمه محمد يوسف النجار، كان الاتصال به قد تم في بيروت ، ثم جاء إلى المغرب حيث انتظر 20 يوما ، وكان مقيما في فندق حسان بالرباط، ليتمكن من مقابلة جلالة الملك ، وكان ذلك أوائل سنة 1968 ، أي مباشرة بعد أن التحقنا بالمنظمة ، فاجتمع الأخ الذي ذكرت مع جلالة الملك، الذي أعجب بمنطقة وأفكاره، لأنه كان شابا يتحدث بمنطق واضح وبسيط ولا يبدو أنه من المتلاعبين ، بالإضافة إلى أنه جريئ ، صريح وشجاع، وأبدى حرصا على وجود المغرب إلى جانب القضية الفلسطينية . جلالة الملك أعجب بمبعوثنا لكن أوفقير لم يعجبه فقال أوفقير: هذا ليس هو الرئيس، هذا ما بيدوش، خاصهوم يجيبو لينا الراس الكبيرة للتفاهم معنا» فتم تنظيم زيارة لأبو عمار إلى لمغرب، لكن بدون علم أوفقير، الذي فوجئ بوجوده في أثناء الاجتماع، وكانت زيارة أبو عمار هذه هي الأولى له إلى المغرب ، وكانت زيارة سرية حيث قضى ليلته الاولى في الرباط ، بمنزل أخت بنسودة ، وفي اليوم التالي ركب طائرة خاصة باتجاه اكادير، وحصل أن الطائرة واجهت أحوالا جوية مضطربة وكادت أن تسقط وهي متجهة إلى أكادير .
عموما وصلت الطائرة بسلام ، وتم اللقاء مع جلالة الملك حيث تحدث أبو عمار بنفس المنطق الذي سبق أن تحدث به يوسف النجار، بعدها توجه له جلالة الملك بالقول : يا سيد ياسر ماذا ستصنعون بالمهجرين اليهود الذين سافروا إلى فلسطين واستقروا بها ؟ فقال له أبو عمار: يا جلالة الملك نحن إذا ما أعلنت الدولة المستقلة الديموقراطية سنقبل بوجود حتى اليهودي الذي وصل إلى فلسطين ليلة الإعلان ، بعدها لا نقبل بأي مهجرين إلا طبقا للقوانين الدولية. فقال له جلالة الملك : هذا منطق عاقل وطبقا لهذا المنطق ، أنا سأشرع في الدفاع عنكم ، مادام هذا المنطق هو السائد، وفي ظل وجود القيادة الحالية، أما إذا ما تبدل هذا المنطق وهذه القيادة، فلكل حادث حديث.
في الحقيقة كان هذا الكلام عبارة عن عقد شراكة، منذ ذلك التاريخ إلى حين وفاة جلالة الملك وخلفه ابنه الذي أيضا عندما كان وليا للعهد، كان يحضر كل اللقاءات المخصصة للقضية الفلسطينية.
جلالة الملك كان ملتزما بالقضية الفلسطينية ، ليس كقضية خارجية ، بل كالتزام فكري ، وكان يحاول التفكير في حلول بطرق غير تقليدية مثلا كان ذات مرة قد قال : كم عدد اليهود على الأراضي الفلسطينية، فأجابوه بأن العدد يقارب مليون أو مليون ونصف . فقال لهم : لماذا لا نضمهم إلى الجامعة العربية ونخلص منهم. إذ منذ ذلك الوقت كان التفكير أن لا تكبر إسرائيل. وكان جلالة الملك يعي أنها قاعدة للغرب ولابد من التفاهم مع الغرب من أجل حل المشكل كما أنه بدل جهدا كبيرا مع قيادة الحركة اليهودية في العالم ، لأن التوجه الأساسي عندهم كان هو إسرائيل الكبرى وأرض الميعاد ، فأتى بمجموعة من زعماء اليهود في العالم مثل ناحوم غولدمان و منديس فرانس ، وأجرى معهم حوارا طويلا لإقناعهم بأن على إسرائيل أن تقبل بحدود في دولة صغيرة تبقى ملجأ لليهود في العالم إذا حدثت مظاهر لاسامية في منطقة من المناطق ، وأن على إسرائيل أن تغتنم هذه الفرصة التي فيها حكام معتدلين وقابلين للتسوية وتصل معهم إلى تسوية ، لأن هذه الأراضي لم تكن إسرائيلية يوم أعلنتم الدولة فلماذا لا تردوها للفلسطينيين لإقامة دولتهم عليها.
والحقيقة أنه بعد هذا اللقاء حدث انشقاق داخل الحركة الصهيونية فناحوم غولدمان الذي كان مسؤولا في الحركة الصهيونية لمدة 40 سنة ، اختلف معها وألف كتاب «إسرائيل إلى أين؟» قال فيه إن على إسرائيل ، من أجل الحفاظ على فرص البقاء ، أن تؤكد نفسها في دولة مثل باقي الدول لديها حدود ودستور إذا كانت تريد أن تبقى في المنطقة. فبدأت هذه الفكرة تجد لها أتباعا حيث تبناها أبا ايبان ومجموعة من العقلاء تبنوا هذا الخط ، وشهدت الحركة الصهيونية حوارا على أساسه سيعترف رابين لاحقا بمنظمة التحرير الفلسطنيية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
أصبح الملك الحسن الثاني محجا لكل من يريد فهم القضية الفلسطينية وفهم الشرق الاوسط، حيث كان المغرب محطة ضرورية وأساسية لكل من حاول الاطلاع على الوضع بالشرق الأوسط، فكسينجر قبل أن يزور الشرق الاوسط مر من هنا...
طبعا أسلوب الملك الحسن الثاني لم يكن أسلوب مواجهة، كان أسلوب إقناع ، وبهذه الطريقة أفادنا جدا في ترسيخ الفكر الفلسطيني في الغرب. هذه الجهود لم تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية لكن كثيرا من الدول غيرت قناعاتها ونظرتها إلى إسرائيل وفكرة إسرائيل الكبرى والدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، لتصبح مقتنعة بأن للفلسطينيين حقوق يجب أن يحصلوا عليها . ينضاف إلى هذا طبعا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي غير المسبوقة في التاريخ والتي حضرها كل رؤساء العالم الإسلامي وأصبحت تتمحور أشغالها حول القضية الفلسطينية ، وكونت لجانا عديدة زارت مختلف دول العالم ، وأهم نشاط سياسي لها كان هو لجنة القدس التي ، كما أعتقد ، كان لها دور كبير في عدم تهويد القدس، فقد وقفت في عدة لحظات حاسمة للدفاع عن القدس ، مثلا عندما كانت كندا تريد أن تنقل سفارتها للقدس ، والولايات المتحدة التي كانت عدة مرات تعلن عن محاولة نقل سفارتها للقدس ، ولكن تدخل لجنة القدس ، باسم العالم الإسلامي ككل ، كان يحسب له ألف حساب فيتم التراجع عن هذه القرارات في آخر لحظة، وبالتالي لازالت القدس قدس، فرغم اداعاءات إسرائيل، إلا أن القدس ليست موحدة، ولا يستطيع أي يهودي عادي دخول القدس العربية إلا اذا كان محميا بالجيش ، والقدس العربية، عدد سكانها في تزايد وهم أكثر صمودا وتشبتا رغم كل المحاولات.
في الواقع الملك الحسن الثاني كانت له رؤية خاصة، ومع الممارسة الطويلة أصبح زعيما عالميا له رأيه في المشاكل الدولية ونجح بالخصوص في أن يكون نائبا للمسلمين له علاقة جيدة مع نائب المسيحيين أي البابا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.