بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    رحلة شحنة كوكايين قادمة من البرازيل تنتهي بميناء طنجة    فيلم "أبي الثاني" يحصد جل جوائز مسابقة إبداعات سينما التلميذ بالدار البيضاء    المنسق الوطني للجنة الوطنية لطلبة الطب ل"رسالة24″: لم نتلق أي دعوة رسمية من رئيس الحكومة بعد …    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    إسبانيا.. إحصاء أزيد من 21 مليون عامل ما يعد رقما قياسيا    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكري رابع بقصف "كرم أبو سالم" من طرف كتائب القسام    مبادرة سفراء الجزيرة .. مرعي: جئنا للمغرب لنتعافى من الجراح    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    حضور متميز للسينما المغربية في مهرجان طريفة- طنجة للسينما الإفريقية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    منيب: المجال الفلاحي بالمغرب بحاجة لمراجعة شاملة ودعم "الكسابة" الكبار غير مقبول    متجاوزا الصين واليابان.. المغرب يصبح المورد الرئيسي للاتحاد الأوروبي في قطاع السيارات    المغرب يفتتح خط طيران جديد مع جزر الكناري خلال موسم الصيف    ‮«‬حلف ‬شمال ‬إفريقيا‮»‬ ‬بديلا ‬للاتحاد ‬المغاربي    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    هزة أرضية بنواحي مدينة وزان    إضراب لثلاثة أيام يشل حركة المحاكم في مختلف المدن    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    الدورة الأولى من مهرجان مشرع بلقصيري للسينما    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    بعد الاتفاق الاجتماعي.. مطالب بالزيادة في معاشات المتقاعدين    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    وزير الدفاع الإسرائيلي لنتنياهو: حنا للي مسؤولين على إعادة الأسرى والمقترح المصري مزيان    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    الموت يغيّب الشاعر محمد حنكور "الهواري" أيقونة الشعر الأمازيغي.. هذه قصة حياته وموعد الجنازة    يهم نهضة بركان.. الزمالك المصري ينهزم قبل مباراة نهائي كأس "الكاف"    بطولة اسبانيا: بيتيس يعزز حظوظه بالمشاركة القارية    يجب على الإسرائيليين إغراق الشوارع لمنع عملية رفح – هآرتس    عنف المستوطنين يضيق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، و دول غربية تتصدى بالعقوبات    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    دعوة من بيت الذاكرة لترسيخ التنوع الثقافي من أجل إشاعة قيم السلام    الإنتحار أزمة نفسية أم تنموية    الأرشيف المستدام    العفو الملكي    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    رأي حداثي في تيار الحداثة    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله راجع (1990/1948) : جبهة تتغضن قبل الأوان

احتفاء بجزء من ذاكرتنا الثقافية المشتركة ، واستحضارا لعطاءات مبدعينا وإسهامهم في إثراء رصيدنا الابداعي الوطني والعربي ، نستعيد ، في هذه الزاوية ، أسماء مغربية رحلت عنا ماديا وجسديا ، لكنها لاتزال تترسخ بيننا كعنوان للإبداعية المغربية ، وللكتابة والفن المفتوحين على الحياة والمستقبل.
1 -
لم يكن يستطيع مواجهة الموت في عز ذاك المصيف سوى شاعر اسمه: عبد الله.
يتأبط داء تسلل دون رقيب، وينفت شعرا عميقا، يعاني مرارته، ويكابد آن قراءته، ربما كان راجع وحده من وصف الموت دون أنين ولا وجل، وهو يعلم أن نهايته تقترب:
لأني أحس بأن النهاية أقرب من شفتي إلي
وأكتشف الموت يرصدني في الممر
ويطرق بابي في مكتب أو يتابعني في الرصيف
بل تصور حال الرفاق وقد جلسوا بعد غيبته يذكرون قصائده، يستعيدون ملامحه:
سيذكرني لحظة في المقاهي التي عرفتني
رفاق رأوا جبهتي تتغضن قبل الأوان
يقولون راح هذرا وهذرا
وكان يطارحنا الهم حينا بهذا المكان
وحينا يخبئ حزن البلاد وراء ابتسامته
ثم كان وكان وكان
إنها سمة المبدعين العظام وقد رحلوا باكرا، غادروا الأهل عز العطاء. وابتسامته لم تفارق جبينا غزته التجاعيد قبل الأوان يختفي ألم الشعر ، تنسحب الصدمات التي عاشها زمنا وبشوشا يقص علينا حكايا اللئام.
2
كانت الجلسات سبيلا الى ضحك يتمادى ليغضب بعضا من العابسين وقد حلقوا حول مائدة ينحرون النصوص وأصحابها طيلة المهرجان.
ظلت الخطوات ذهابا إيابا على الجسر بين الرصافة ظهرا وبهو الرشيد مساء، نخاطب فينا (ابن جهم) وقد أسرته عيون المها قرب هذا المكان، وكنت أعاتبه فالسجائر تهلكه، كان يسخر مني كعادته ويقول: (الصحة مشات بقا غير الفانت).
(عرق) يتصبب منا انتشاء ونحن جلوس بمقهى (نواسي) وتمثاله الرائع المنتصب. وتذكرت مقهى ابن بطوطة المغربي وكان ملاذا لنا، يصطفي ثلة ومزيجا من الشعراء وبعض رجال الصحافة والمخبرين وساسة ذلك الزمان المعارض، كنا نتوج أحلامنا ونغذي من الشعر أوهامنا، وكعادته، سيفاجئنا شعره، يصف الهم ينحت كل تفاصيل جلستنا وفضاءتنا: من بريد، وساحته، ومحطتنا، والحمام الذي يستفزه ذاك المجال:
البلاد ارتمت في البلاد:
البريد ومبنى المحطة والحافلات التي تستفز الحمام
وهذا المدى
كل هذا المدى شيق
غير أن القصيدة جرح
توغل قدر المسافة بين المدى والخيال
3
وتذكرت إلحاحه أن أسافر صحبته مرة، كي يبدد وحشته، فالمشافي هناك رتابتها غير محتملة. ويخاطبني مازحا (كلشي خالص مالك انتا؟) بيد أن الطبيب المعالج آثر أن يكتفي بالدواء وأقراص لا تستجيب إلى الذوبان ولا حاجة للسفر.
وتسرب دمع خفي، وأنا أتمعن نصا تسامق بعد الرحيل وقد ذكر الأصدقاء وقد ألفوا موعدا مستداما بنفس المكان، كان قد خصني بنصيب المحبة (يا صاحبي) حيث قال:
سلام عليك عنيبة
كيف تجر الخطى شيقا بين غيم القصيد
وغيم الإدارة، هل نحتسي قهوة؟
لن نقول ليوسف: أهلا
فيوسف لا يستطيب التحية إن كان يكتب
بعد قليل سيقبل نجمي
نزوج ريما بأيمن ثم نغمس أحلامنا في المحال
سلام عليك عنيبة
لم أكتب اليوم شيئا
فقد طار سرب الحمام وخلف لي ريشه
أتريد القصيدة يا صاحبي
أم تريد الظلال؟
4
كثرت مفردات العزاء أسابيع ثم خبت واختفت من سنين. كلما ذكروا راجعا زفروا حسرة، واكتفوا بالملام، والمدرج كان مليئا ومزدحما بالخطب، تلك جمهرة النابحين، تطبل ثم تزمر في كل آن، تتزيا لباس المواسم في فرح أو ترح. والغريب انبراء المعزين من شعراء (الرثاء) وقد دبجوا للوداع (نصوصا) كعادتهم تتجدد كل وفاة وتحمل حزنا رتيبا أليفا لكل عزاء، ويظل هناك استثناء، قال المجاطي:
أهي المنون برتك عبد الله
أم خذلتك أشرعة القوافي
بات منك العصف مأكولا
وأسلمك المداد الى الرماد
جل الذي سواك من أرق
وطرز بالكوابيس احتماء الروح
بين شفير وجهك والفؤاد
5
كان ذاك الصباح مثار اعتزاز لنا، زمرة من رفاق الفقيد، ونحن نحاول مد جسور التذكر عبر (الشواهد) حين تكفل صم الحديد بأسماء من رحلوا (أحمد الجوماري، أحمد بركات، عبد الله راجع)، لتخلد بعض الشوارع أسماؤهم، أو نسمي شوارع باسمهم، ب «المعاريف» يصحبنا الراشدي عبد المقصود وكانت مبادرة منه دون ضجيج.
الختم للشاعر:
ولست جديرا بكل بلاد يكون المرور إليها جواز سفر
جدير بكل بلاد جوازاتها أن تحب القمر
وأن يملأ الكادحون بها المدنا
لذلك أرحل عنكم وعني
فما وجدت نبضتي مستقرا
ولا جسدي وطنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.