إصدار أكاديمي يُقارب رهانات الجهوية    غامبيا تجدد دعم مقترح الحكم الذاتي    لشكر يتفاعل مع انتظارات في تطوان    تفاقم العجز التجاري ب6.8 في المائة    الأول في شمال إفريقيا .. جواز السفر المغربي يتقدم إلى المركز 67 عالميا    وكالة "AMDIE" ترفع دينامية المغرب لجذب الاستثمار وتوسيع الأسواق    غزة تسجل 10 وفيات جديدة بالمجاعة    مديرة يونسكو تأسف لانسحاب أمريكا    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    أمين فرحان يعزز دفاع الفتح الرباطي    السكتيوي يكشف صعوبات حسم اللائحة    ذوو احتياجات خاصة يطالبون بإصلاح شامل لمنظومة الاستهداف الاجتماعي    المجمع الزراعي بالخميسات ينال لقب "أفضل اكتشاف أثري" في إفريقيا    العرائش تبقي هوية الشرفة الأطلسية    زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    التشكيلي عفيف بناني في ذمة الله    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات    فرنسا تفرض حظر تجول ليليًا على القاصرين في مدن عدة بسبب تصاعد عنف المخدرات        ميسي وألبا يواجهان خطر الإيقاف بعد الانسحاب من مباراة كل النجوم في الدوري الأميركي        الكنيست يؤيد بالأغلبية اقتراحا يدعم "ضم" الضفة الغربية المحتلة    مجلس إدارة الصندوق المغربي للتقاعد يوافق على صياغة عقد برنامج جديد مع الدولة للفترة 2025-2027    الأزبال تغزو شاطئ بوقانة في عز الصيف وتُغضب المصطافين        المجلس الأعلى للاتصال يُحفظ شكايات ضد بث حفل "طوطو" بموازين ويشدد على احترام حرية التعبير وسياق البث        الدرك يعتقل بارون مخدرات نواحي اقليم الحسيمة مبحوث عنه وطنيا    الصين تدعم المغرب لتطوير شبكة السكك الحديدية عبر أسرع قطارات العالم    كلمة .. المغرب أولا أيها المشرعون        وكالة بيت مال القدس الشريف توقع اتفاقية مع مستشفى المقاصد لإيواء مرضى ومرافقيهم من قطاع غزة    يواجهن منتخب نيجيريا يوم السبت في نهائي قوي .. ضربات الترجيح تُقَرِّبُ لبؤات الأطلس من لقبهن القاري الأول    جمعية أمل إنزكان تفوز بكأس العرش للسباحة بالزعانف    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    ‬أعلنت ‬الحكومة ‬الإسبانية ‬في ‬مارس ‬2022 ‬دعمها ‬لمشروع ‬الحكم ‬الذاتي ‬و ‬اعتبرته ‬يمثل ‬الأساس ‬الأكثر ‬جدية ‬و ‬مصداقية ‬لحل ‬النزاع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    اختتمت المعرض الجهوي للمنتوجات الفلاحية بإقليم الحسيمة    تسجيل أكثر من 100 ألف عضة و33 وفاة بالسعار في 2024 بالمغرب    لأول مرة بإفريقيا.. المغرب ينجح في زراعة جهاز تنظيم ضربات القلب اللاسلكي    تنظيم مهرجان كانگا إفريقيا 2025 بتارودانت    غدا تنطلق فعاليات الدورة 19 لمهرجان تويزة    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع اليابان يتضمن خفض الرسوم الجمركية إلى 15%    أمن أكادير يحقق في دخول سيارة أجنبية إلى رمال الشاطئ    مهرجان "إيكودار" يعود في دورته السابعة بإداوكنظيف: الثقافة الحية عنوان للاحتفاء بالتراث والتنمية    معرض الصناعة التقليدية والفن التشكيلي يضيء فعاليات ربيع أكدال الرياض في دورته الثامنة عشرة    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    "أونروا": فلسطينيو غزة يموتون وموظفونا يغمى عليهم من التجويع الشديد    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحابة اتهموا بالكفر وعلماء بالزندقة 45 : الجاحظ: المعتزلي «الضال عن علم»!
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 07 - 2017

لم يخرج الجاحظ في موقفه من العقل عن موقف المعتزلة الذين جعلوه الأساس الأول لفكرهم والسلطة المرجعية المحدّدة لأصولهم ومبادئهم. وهذا ما يوضحه حمادي ذويب في مقال له تحت عنوان: «العقل لدى المعتزلة: الجاحظ نموذجا»، فيقول:
اعتبر الجاحظ أنّ هذا العقل المكتسب مادة؛ أي أنّه محتوى العقل الآلة. ومن الواضح أنّ الجاحظ يفضّل العقل المكتسب إشارة إلى أنّ الدور الإنساني مركزي لقيام العقل، فهذا العقل المكتسب لا حدود تضبطه كما هو حال العقل الفطري، يقول الجاحظ: «والعقل المولود متناهي الحدود وعقل التجارب لا يوقف منه على حدّ»، وفضلاً عن ذلك فالعقل الفطري ناقص لا يكتمل إلا بمساعدة العقل المكتسب. يقول الجاحظ: «وقد اجتمعت الحكماء على أنّ العقل المطبوع والكرم الغريزي لا يبلغان غاية الكمال إلاّ بمعاونة العقل المكتسب…. وذلك أنّ العقل الغريزي آلة والمكتسب مادة…»، وأكّد الجاحظ بناء على هذا أنّ مصدر المعرفة الموثوق بها هو العقل لا الحواس. يقول: «فلا تذهب إلى ما تريك العين واذهب إلى ما يريك العقل، الاعتماد على العقل دون الحواس. وللأمور حكمان حكم ظاهر للحواس، وحكم باطن للعقول والعقل هو الحجة»، والملاحظ أنّ عبارة «الحجة هو العقل» تعني أنه أصل من أصول الأحكام ومصدر من مصادر المعرفة والشرع. يقول الماوردي في هذا السياق: «لأنّ حجج العقول أصل لمعرفة الأصول، إذ ليس تعرف الأصول إلا بحجج العقول»..
ويفسّر موقف الجاحظ هنا باعتقاده أنّ المعرفة المتأتية من الحواس يطرأ عليها الخطأ والكذب ضرورة، بيد أنّ المعرفة الناشئة من العقل قطعية وصحيحة، لأنّه بين أعضاء الانسان في مقام القيادة والصدارة. يقول الجاحظ في لهجة وثوقٍ تامٍ بالعقل وانبهار به: «ولعمري إنّ العيون لتخطئ، وإنّ الحواس لتكذب، وما الحكم القاطع إلا للذهن، وما الاستبانة الصحيحة إلا للعقل؛ إذ كان زماماً على الأعضاء وعياراً على الحواس».
وإذا كان مقام العقل عند الجاحظ على هذا النحو فما هي مرتبته بين الأصول التشريعية المعروفة؟ يميز الجاحظ في هذه المسألة بين مستويين: مستوى المسائل والأحكام الفقهية، ويتنزل فيه العقل في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسُنّة المتواترة. يقول: «وإنّما يُعرف الحلال والحرام بالكتاب الناطق والسُنّة المجمع عليها والعقول الصحيحة والمقاييس المصيبة»، وهذا الموقف متأثر حتماً بالترتيب المنقول عن إبراهيم النظّام شيخ الجاحظ. يقول أبو نشوان الحميري الزيدي، ابن القرن السادس للهجرة: «وقال النظّام: «لا تعقل الحجة عند الاختلاف من بعد النبي إلاّ من ثلاثة أوجه: من نص تنزيل لا يعارض بالتأويل، أو من إجماع الأمّة على نقل خبر واحد لا تناقض فيه، أو من جهة العقل وضرورته، وبقوله قال أكثر المعتزلة»[13] لكنّ موقف النظّام هنا ينبغي ألاّ نطمئن إليه كل الاطمئنان لورود ما يعارضه، إذ يروي الزركشي أنّ الجاحظ «حكى في كتاب «الفتيا» عن النظّام أنه قال: «الحكم يعلم بالعقل أو الكتاب أو إجماع النقل لكنه قيل إنه عنى به التواتر».
أمّا المستوى الثاني، فهو يخص المسائل الكلامية والدنيوية، وفيها يتنزل العقل في المرتبة الأولى. وعلى هذا الأساس، ينفي الجاحظ التشبيه عن الله بدلالة العقل أولاً ثم القرآن، يقول: «وبعد، ففي حجج العقول أنّ الله لا يشبه الخلق بوجه من الوجوه، فإذا كان مرئياً فقد شبهه في أكثر الوجود، وإذا كان قولهم في النظر يحتمل ما قلتم وما قال خصمكم مع موافقة أبي صالح ومجاهد في التأويل، وكان ذلك أولى بنفي التشبيه الذي قد دل عليه العقل ثم القرآن كان التأويل ما قال خصمكم دون ما قلتم».
وقد ترتبت على منزلة العقل الرفيعة عند الجاحظ عدّة نتائج في أغلب المجالات التي درسها؛ ففي المستوى السياسي مثلاً اعتبر الجاحظ أنّ قيام السلطة لتنظيم المجتمع البشري أمر ضروري، وأنّ العقل مصدر هذه الضرورة. وفي مجال التعليم، نقد الجاحظ ما كان سائداً في عصره من تركيز على الحفظ وإهمال العقل والنظر والاستنباط. يقول: «وكرهت الحكماء الرؤساء أصحاب الاستنباط والتفكير جودة الحفظ لمكان الاتكال عليه وإغفال العقل من التمييز حتى قالوا الحفظ عذق الذهن، «ولأنّ مستعمل الحفظ لا يكون إلا مقلداً، والاستنباط هو الذي يفضي بصاحبه إلى برد اليقين وعز الثقة. والقضية الصحيحة والحكم المحمود أنه متى أدام الحفظ أضر ذلك بالاستنباط، ومتى أدام الاستنباط أضر ذلك بالحفظ، وإن كان الحفظ أشرف منزلة منه. ومتى أهمل النظر لم تسرع إليه المعاني ومتى أهمل الحفظ لم تعلق بقلبه»، وفي مجال تأليف الكتب سعى الجاحظ إلى أن تكون مادتها خاضعة للعقل بشكل رئيس، يقول: «فلم أدع من تلك المواضع الخفية موضعاً إلا أقمت لك بإزاء كل شبهة منه دليلاً، ثم لا أرسم لك من ذلك إلا الأمر المعقول في كل طبيعة».
إن اشتغال الجاحظ بالعقل وانشغاله به ساق إليه موجة من التكفيريين الذين ألحقوه بمعسكر الضلال والفتنة والزندقة والمروق عن الدين. فهذا الذهبي يقول في «ميزان الاعتدال»: «عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون. قلت: وكان من أئمة البدع» .
وقال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» معلقاً على ثناء الخليفة المأمون على مؤلفات الجاحظ: «وهذه والله صفة كتب الجاحظ كلها فسبحان من أضله على علم».
ومما أروده عنه في ترجمته أيضاً: «حكى الخطيب بسند له أنه كان لا يصلي.
وقال إسماعيل بن محمد الصفار سمعت أبا العيناء يقول إنا والجاحظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه أباه وقال هذا كذب سمعها الحاكم من عبد العزيز بن عبد الملك الأعور. قلت: ما علمت ما أراد بحديث فدك.
وقال الخطابي: «هو مغموص في دينه».
وذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه كان يرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعاراً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.