أخنوش يشيد بعلاقات المغرب وفيتنام    35 ألف نزيل مرشح للعقوبات البديلة"    تقرير رسمي يرصد حرمان متقاعدين من التغطية الصحية وسط صمت حكومي    إعادة تعيين المغرب، في شخص محمد بلعيش، ممثلا خاصا لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ورئيسا لمكتب إتصال الاتحاد الإفريقي في السودان    أطباء يضربون في إنجلترا من أجل رفع الأجور    مجلس المنافسة: 9 شركات كبرى تهيمن على 84% من سوق المحروقات    دعوات لتنظيم احتجاجات واعتصامات بقرع الأواني في عدة مدن مغربية تنديدا بتجويع غزة    إيران تنخرط في "محادثات نووية"    الرجاء يستعين بخبرة بلال ولد الشيخ    مدن إسبانية تتحول إلى أنهار.. مشاهد مأساوية بسبب سوء الأحوال الجوية    نادي الفتح السعودي يخطف الأنظار بفيلم وثائقي    النهائي الثاني على التوالي.. لبؤات الأطلس تصطدم بنيجيريا بحثا عن المجد الإفريقي    "كان" السيدات: تحكيم ناميبي للمباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مؤسسة محمد السادس للعلوم تجري أولى عملياتها الجراحية الباطنية بمساعدة روبوت    رؤية من أمريكا اللاتينية : منجزات المغرب تحت قيادة الملك تحظى بإشادة دولية    مهرجان الراي يضيء سماء وجدة بعد غياب أربع سنوات    ندوة بالقصر الكبير تسلط الضوء على معركة أنوال: قراءة متعددة الزوايا في الذاكرة والتاريخ والقانون    3534 محطة وقود عاملة في المغرب.. الشركات الكبرى تسيطر على 72% من السوق    ردا على ماكرون.. السفير الأمريكي في إسرائيل يسخر: دولة فلسطين مكانها الريفييرا الفرنسية    مسيرة حاشدة بمراكش تنديدا بسياسات التجويع الإسرائيلية في غزة    استنفار أمني استباقي بمحيط سبتة بسبب رواج انباء عن هجومات محتملة لمهاجرين سريين...    ارتفاع عدد شكايات زبناء البنوك في المغرب إلى 2298 شكاية عام 2024    المغرب يقتحم سباق مراكز البيانات الخضراء.. والوزيرة السغروشني تكشف لوكالة رويترز تفاصيل مشروع الداخلة الضخم    هذا المساء في برنامج "مدارات":جلسة أدبية مع الشاعر الزجال مراد القادري    وزير الخارجية البريطاني: الوضع المتدهور في غزة لا يمكن الدفاع عنه    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جنوب المحيط الهادئ                الجزائر والتطبيع الصامت... حين تنطق البيانات بما لا تقوله الشعارات: تبون يعترف ضمنيا بإسرائيل    طنجة.. نقل قاصر إلى المستشفى إثر تعرضه للسعة عقرب بطريق المنار    لماذا لا تصل إلى الغزيين مساعدات يحتاجون إليها بشدة؟    قيوح:المكتب الوطني للمطارات يطمح لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات إلى 80 مليون مسافر في أفق 2030        كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. تعيين الناميبية أنسينو توانانيكوا لإدارة المباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    وسيط المملكة حسن طارق يقدم تقريره السنوي: تزايد التظلمات ومطالب بتجويد البرامج العمومية    افتتاح ناجح لمهرجان إفران الدولي .. أحيدوس وفنانون كبار في أولى سهراته    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة        زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحابة اتهموا بالكفر وعلماء بالزندقة 45 : الجاحظ: المعتزلي «الضال عن علم»!
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 07 - 2017

لم يخرج الجاحظ في موقفه من العقل عن موقف المعتزلة الذين جعلوه الأساس الأول لفكرهم والسلطة المرجعية المحدّدة لأصولهم ومبادئهم. وهذا ما يوضحه حمادي ذويب في مقال له تحت عنوان: «العقل لدى المعتزلة: الجاحظ نموذجا»، فيقول:
اعتبر الجاحظ أنّ هذا العقل المكتسب مادة؛ أي أنّه محتوى العقل الآلة. ومن الواضح أنّ الجاحظ يفضّل العقل المكتسب إشارة إلى أنّ الدور الإنساني مركزي لقيام العقل، فهذا العقل المكتسب لا حدود تضبطه كما هو حال العقل الفطري، يقول الجاحظ: «والعقل المولود متناهي الحدود وعقل التجارب لا يوقف منه على حدّ»، وفضلاً عن ذلك فالعقل الفطري ناقص لا يكتمل إلا بمساعدة العقل المكتسب. يقول الجاحظ: «وقد اجتمعت الحكماء على أنّ العقل المطبوع والكرم الغريزي لا يبلغان غاية الكمال إلاّ بمعاونة العقل المكتسب…. وذلك أنّ العقل الغريزي آلة والمكتسب مادة…»، وأكّد الجاحظ بناء على هذا أنّ مصدر المعرفة الموثوق بها هو العقل لا الحواس. يقول: «فلا تذهب إلى ما تريك العين واذهب إلى ما يريك العقل، الاعتماد على العقل دون الحواس. وللأمور حكمان حكم ظاهر للحواس، وحكم باطن للعقول والعقل هو الحجة»، والملاحظ أنّ عبارة «الحجة هو العقل» تعني أنه أصل من أصول الأحكام ومصدر من مصادر المعرفة والشرع. يقول الماوردي في هذا السياق: «لأنّ حجج العقول أصل لمعرفة الأصول، إذ ليس تعرف الأصول إلا بحجج العقول»..
ويفسّر موقف الجاحظ هنا باعتقاده أنّ المعرفة المتأتية من الحواس يطرأ عليها الخطأ والكذب ضرورة، بيد أنّ المعرفة الناشئة من العقل قطعية وصحيحة، لأنّه بين أعضاء الانسان في مقام القيادة والصدارة. يقول الجاحظ في لهجة وثوقٍ تامٍ بالعقل وانبهار به: «ولعمري إنّ العيون لتخطئ، وإنّ الحواس لتكذب، وما الحكم القاطع إلا للذهن، وما الاستبانة الصحيحة إلا للعقل؛ إذ كان زماماً على الأعضاء وعياراً على الحواس».
وإذا كان مقام العقل عند الجاحظ على هذا النحو فما هي مرتبته بين الأصول التشريعية المعروفة؟ يميز الجاحظ في هذه المسألة بين مستويين: مستوى المسائل والأحكام الفقهية، ويتنزل فيه العقل في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسُنّة المتواترة. يقول: «وإنّما يُعرف الحلال والحرام بالكتاب الناطق والسُنّة المجمع عليها والعقول الصحيحة والمقاييس المصيبة»، وهذا الموقف متأثر حتماً بالترتيب المنقول عن إبراهيم النظّام شيخ الجاحظ. يقول أبو نشوان الحميري الزيدي، ابن القرن السادس للهجرة: «وقال النظّام: «لا تعقل الحجة عند الاختلاف من بعد النبي إلاّ من ثلاثة أوجه: من نص تنزيل لا يعارض بالتأويل، أو من إجماع الأمّة على نقل خبر واحد لا تناقض فيه، أو من جهة العقل وضرورته، وبقوله قال أكثر المعتزلة»[13] لكنّ موقف النظّام هنا ينبغي ألاّ نطمئن إليه كل الاطمئنان لورود ما يعارضه، إذ يروي الزركشي أنّ الجاحظ «حكى في كتاب «الفتيا» عن النظّام أنه قال: «الحكم يعلم بالعقل أو الكتاب أو إجماع النقل لكنه قيل إنه عنى به التواتر».
أمّا المستوى الثاني، فهو يخص المسائل الكلامية والدنيوية، وفيها يتنزل العقل في المرتبة الأولى. وعلى هذا الأساس، ينفي الجاحظ التشبيه عن الله بدلالة العقل أولاً ثم القرآن، يقول: «وبعد، ففي حجج العقول أنّ الله لا يشبه الخلق بوجه من الوجوه، فإذا كان مرئياً فقد شبهه في أكثر الوجود، وإذا كان قولهم في النظر يحتمل ما قلتم وما قال خصمكم مع موافقة أبي صالح ومجاهد في التأويل، وكان ذلك أولى بنفي التشبيه الذي قد دل عليه العقل ثم القرآن كان التأويل ما قال خصمكم دون ما قلتم».
وقد ترتبت على منزلة العقل الرفيعة عند الجاحظ عدّة نتائج في أغلب المجالات التي درسها؛ ففي المستوى السياسي مثلاً اعتبر الجاحظ أنّ قيام السلطة لتنظيم المجتمع البشري أمر ضروري، وأنّ العقل مصدر هذه الضرورة. وفي مجال التعليم، نقد الجاحظ ما كان سائداً في عصره من تركيز على الحفظ وإهمال العقل والنظر والاستنباط. يقول: «وكرهت الحكماء الرؤساء أصحاب الاستنباط والتفكير جودة الحفظ لمكان الاتكال عليه وإغفال العقل من التمييز حتى قالوا الحفظ عذق الذهن، «ولأنّ مستعمل الحفظ لا يكون إلا مقلداً، والاستنباط هو الذي يفضي بصاحبه إلى برد اليقين وعز الثقة. والقضية الصحيحة والحكم المحمود أنه متى أدام الحفظ أضر ذلك بالاستنباط، ومتى أدام الاستنباط أضر ذلك بالحفظ، وإن كان الحفظ أشرف منزلة منه. ومتى أهمل النظر لم تسرع إليه المعاني ومتى أهمل الحفظ لم تعلق بقلبه»، وفي مجال تأليف الكتب سعى الجاحظ إلى أن تكون مادتها خاضعة للعقل بشكل رئيس، يقول: «فلم أدع من تلك المواضع الخفية موضعاً إلا أقمت لك بإزاء كل شبهة منه دليلاً، ثم لا أرسم لك من ذلك إلا الأمر المعقول في كل طبيعة».
إن اشتغال الجاحظ بالعقل وانشغاله به ساق إليه موجة من التكفيريين الذين ألحقوه بمعسكر الضلال والفتنة والزندقة والمروق عن الدين. فهذا الذهبي يقول في «ميزان الاعتدال»: «عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون. قلت: وكان من أئمة البدع» .
وقال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» معلقاً على ثناء الخليفة المأمون على مؤلفات الجاحظ: «وهذه والله صفة كتب الجاحظ كلها فسبحان من أضله على علم».
ومما أروده عنه في ترجمته أيضاً: «حكى الخطيب بسند له أنه كان لا يصلي.
وقال إسماعيل بن محمد الصفار سمعت أبا العيناء يقول إنا والجاحظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه أباه وقال هذا كذب سمعها الحاكم من عبد العزيز بن عبد الملك الأعور. قلت: ما علمت ما أراد بحديث فدك.
وقال الخطابي: «هو مغموص في دينه».
وذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه كان يرمى بالزندقة وأنشد في ذلك أشعاراً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.