الرؤية الملكية تكرس البحر كرافعة أساسية للازدهار الوطني والربط القاري والدفاع عن السيادة (بوريطة)    الصين تنظم النسخة ال25 من معرضها الدولي للاستثمار في شتنبر المقبل                السكتيوي: تأهلنا إلى النهائي جاء عن جدارة أمام منتخب السنغال القوي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    صحيفة إسبانية: المغرب ضمن أكبر 15 مصنعاً للسيارات في العالم بطاقة إنتاجية مليون سيارة سنة 2025    عبد السلام حكار يتولى رئاسة جمعية ''اتحاد مقاولات المنابر الملائمة بالجديدة    اختتام الدورة الثانية لمهرجان الموروث الثقافي بجماعة الحوزية بايقاعات روحانية و عروض للتبوريدة    عامل الجديدة يدشن مجموعة من المشاريع التنموية والاجتماعية باقليم الجديدة    سكتة قلبية تنهي حياة سائق سيارة أجرة أمام مستشفى القرب بالسعادة الثالثة بالجديدة    عثر عليه بحاوية أزبال.. مسدس "غير حقيقي" يستنفر أمن طنجة            ارتفاع كبير في حجز العملات المهربة في المغرب    بولتون.. "صقر" يتحول إلى "غراب" في سماء السياسة الأمريكية    القوات المسلحة الملكية تعلن انطلاق عملية انتقاء وإدماج المجندين للخدمة العسكرية    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد يصدر تقريره السنوي لسنة 2025 حول الجغرافيا السياسية لإفريقيا    التفكير الشعري في الموت    هؤلاء يبيعون لك الوهم ..    جلالة الملك يعزي أسرة الإعلامي الراحل محمد حسن الوالي    الجمارك تحجز 167 مليون درهم من العملات الأجنبية في 2024    بلعامري الأفضل في مواجهة السنغال        في حصيلة ثقيلة.. طرق المملكة تحصد 27 روحًا و2719 إصابة خلال أسبوع    مضامين لقاء برادة وجمعيات الأولياء    مباراة المنتخب.. 2 مليون سنتيم للتذكرة الواحدة وبيع 62 منها    محمد السادس... شمس لا يحجبها غيم لوموند    إسرائيل تزعم أنها استهدفت "كاميرا حماس" في ضربتين قتلتا 5 صحافيين    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    25 دولة تعلق إرسال الطرود لأمريكا    ماذا تريد بعض الأصوات المبحوحة في فرنسا؟    ذكرى ميلاد سمو الأميرة للا مريم.. التزام راسخ من أجل النهوض بحقوق المرأة وحماية الطفولة    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالحوز    الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي يؤكد على دور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس    المترجي يعود إلى الوداد بعقد مدته ثلاث سنوات    شاطئ طرفاية يتحول الى لوحة فنية من إبداع علي سالم يارا    المغرب ‬‮:‬ ‬حملات ‬تقتضي ‬رفع ‬درجات ‬الحذر    غزة.. الحصار يرفع حصيلة المجاعة إلى 303 شهداء    القطيع الوطني للماشية: إحصاء أزيد من 32,8 مليون رأس (وزارة)    بريطانيا تعزز مكافحة "جرائم الشرف"    تقرير أممي: ربع سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب آمنة    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    بعد غياب طويل .. 320 ألف متفرج يستقبلون سعد لمجرد        بطولة ألمانيا: دورتموند يمدد عقد مدربه كوفاتش إلى غاية 2027    فرقة الراب "نيكاب" تلغي جولتها الأميركية بسبب محاكمة أحد أعضائها بتهمة دعم حزب الله    الصحافي والإعلامي علي حسن في ذمة الله        دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقاطب الديموقراطي قراءة في كلمة الكاتب الأول أمام المجلس الوطني

إن مطلب عقلنة العمل الحزبي بتشكيل أقطاب سياسية هو مطلب مشروع وضروري، ونحن في حاجة إليه، فإذا كانت البلدان الديموقراطية العريقة تعرف كلها وبدون استثناء تقاطبا بين قوتين أومرجعيتين سياسيتين أساسيتين تتجمع على أطرافها كل الحساسيات المتشابهة أو المتجانسة، إذا كانت هذه البلدان، وقد حسمت في كل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى، تعرف التنافس والحركية على قاعدة هذا النوع من التقاطب، فكيف يستقيم الوضع عندنا، نحن الذين نمر بمرحلة انتقال ديموقراطي حبلى بالرهانات والتحديات، مرحلة تجميع الإرادات بأقصى ما يمكن من الانسجام وتنظيم الخلاف بأقصى ما يمكن من المعقولية، كيف يستقيم الوضع إذا لم نعمل على إفراز تقاطب ذي معنى بالنسبة لعموم المواطنين والناخبين .
وما دامت قد ذهبت إلى غير رجعة الفترة المرتبطة بسنوات الرصاص، فإن الأحزاب أصبحت مطالبة بالتقاطب، إما مخافة الاندثار بالنسبة للأحزاب التي كانت تتلقى كل أشكال الدعم من الإدارة، أو بالنسبة للأحزاب الديموقراطية التي توحدها مجموعة من المبادئ والتصورات والقناعات. إن المغرب يتطور ويتحرك وسيكون من السذاجة السياسية التمسك بأوهام الماضي. إن مغربا جديدا في الأفق، وهو مغرب لا يمكن بناؤه إلا على سواعد الشرفاء والمناضلين، وكل الذين يحركهم حب الوطن، ولا تحركهم الامتيازات والمنافع الانتهازية. وهذا المغرب الجديد في حاجة إلى تكتل سياسي، يتسع لكل القوى الديموقراطية التي تستمد مشروعيتها التنظيمية من العمل الجماهيري الملموس بدون حسابات ضيقة إلا الحساب الذي يدعم التطور الديموقراطي وبناء الدولة العصرية الحديثة .
إن تعدد التعبيرات الحزبية الديموقراطية ليس خسارة أو خطأ في ذاته، إنما الخطأ والخسارة التي لا تغتفر، أن تكون هناك شروط للتقاطب، فتتم معاكستها ومعاندة ضروراتها لأسباب ذاتية ضيقة، أو لقصر نظر لابد وأن تؤدي حركة التقدم، إن عاجلا أو آجلا، ثمنه الغالي .
هناك حركية عامة لإعادة هيكلة الفضاء السياسي، فلا معنى لاستمرار هذه البلقنة والتشتت في العمل السياسي، لهذا علينا أن نسير في اتجاه بناء تكتلات كبرى مبنية على التقارب من حيث التوجهات والأهداف، وهذه واحدة من العمليات الكبرى التي نحتاج إليها إذا ما رغبنا في أن تؤدي الانتخابات المقبلة بالفعل إلى تجديد تمثيلية الشعب المغربي وإبراز أغلبية واضحة يدعمها الشعب المغربي.
إن مفهوم «الأحزاب الإدارية»، كغيره من المفاهيم، مشروط بنسبيته وبتغير الظروف المولدة له والمتفاعلة معه، لقد استعمل المفهوم بكثافة في الساحة المغربية في الثمانينيات، أما ما قبلها فقد كانت الأرجحية لمرادفات أخرى كالقوى الرجعية… مع مخطوطاتها من التصنيفات الطبقية أو الشبه طبقية كالإقطاع والبورجوازية وصنائع الاستعمار الجديد أو عملائه أو الخونة… وذلك في مقابل القوى التقدمية والثورية التي لم تقر بشرعية الأحزاب الأخرى المفترض فيها أن تكون ممثلة لليمين، وهي التي كانت تدعوها بالأحزاب الإدارية. وما يجعلني الآن شديد التحفظ من الاستعمالات الجارية لهذا المفهوم، أنه ما زال مثقلا برواسب الماضي حيث كانت للمفاهيم دلالة إيديولوجية مضخمة، تبطل مفعولها كأداة تحليلية للاقتراب من صورة الواقع المعقد…
ويظهر أن التوظيف اللاتاريخي للمفاهيم السياسية التي أنتجها الاتحاد الاشتراكي في تفاعل مع الأحداث والظروف السياسية في لحظات تاريخية معينة، امتد إلى كل المفاهيم، ومنها مفهوم «الأحزاب الإدارية»، ومعلوم أن الاتحاد الاشتراكي، في السبعينيات والثمانينيات، كان يقاوم الأحزاب التي فبركتها السلطة، والتي تناهض إقامة النظام الديموقراطي، أو أنها تستعمل لتحقيق أهدافها وسائل غير ديموقراطية، إنها الأحزاب التي صنعتها السلطة لمواجهة الأحزاب الوطنية الديموقراطية وفي طليعتها الاتحاد الاشتراكي .
لما وضع الاتحاد الاشتراكي هذا التصنيف فإنه كان يفكر ويشتغل في شروط تاريخية معينة، وكان هذا التصنيف يعبر عن إملاءات المرحلة بعنوان الجمر والرصاص.
ومنذ حكومة التناوب برئاسة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، ومشاركة حزب التجمع الوطني للأحرار إلى جانب أحزاب الكتلة، الأحزاب الوطنية التاريخية، بدأ هذا المفهوم يفقد حمولته السياسية الثورية، ويفقد بريقه وجاذبيته… ومع تتالي الحكومات (حكومة جطو، حكومة عباس الفاسي، حكومة بنكيران والعثماني) وانخراط ما كان يسمى بأحزاب الإدارة (الأحرار، الحركة الشعبية) في الحكومات التي ضمت الأحزاب الوطنية (الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، التقدم والاشتراكية) وحزب العدالة والتنمية، أصبح مفهوم الأحزاب الإدارية متجاوزا تاريخيا، وأصبح استعماله سياسيا غير ذي جدوى…
إن التقاطب الديموقراطي بات يتشكل اليوم من كل القوى النابعة من المجتمع، والتي تحمل مشروعا ديموقراطيا، وتناضل بالوسائل الديموقراطية لبلوغه. ولأن الأشياء تعرف بضدها، فإن التقاطب المعاكس يتشكل من القوى التي تقاوم إقامة النظام الديموقراطي، أو أنها تستعمل لتحقيق أهدافها وسائل غير ديموقراطية .
إننا نضع هذا التصنيف، ونحن نفكر في طبيعة المرحلة الانتقالية، باعتبار أن الأهداف الممكنة في مرحلة تاريخية معينة، هي البوصلة التي نحدد بها مواقع اصطفاف كل القوى السياسية والمجتمعية. والغاية المحددة لطبيعة المرحلة الانتقالية، هي في رأينا، التمكن من تثبيت نظام مؤسساتي ديموقراطي، بكل الخصائص المتعارف عليها دوليا. إن هذه الغاية التي يتوقف عليها تقدمنا التاريخي في مجموعه، تتقاسمها مجموعة من القوى السياسية، تتفاوت وتختلف في منشئها، ومصالحها، وثقافتها ومواقعها الاجتماعية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.