مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور تسجل تراجعا ملحوظا    تفاؤل كبير لدى الفلاحين بسبب التساقطات المطرية خلال شتنبر    إقصاء ثلاثة عدائين مغاربة في سباق 1500م بطولة العالم لألعاب القوى (طوكيو 2025)..        تدخل بطولي لرجل أمن بانزكان لتحييد خطر جانح يتحوز سلاحا أبيض        أطباء القطاع الحر يعقدون مجلساً وطنياً موسعاً بالدار البيضاء احتجاجاً على تأجيل الانتخابات وإقصائهم من مراجعة القانون 08.12    ورشة عسكرية مشتركة بين المغرب وموريتانيا لتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وأمن الحدود    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمكناس تدق ناقوس الخطر بشأن تردي أوضاع الحقوق والحريات    روبيو في إسرائيل للإعراب عن دعم أمريكا لها وسط غضب عربي وإسلامي في قمة الدوحة بعد العدوان على قطر    بحضور لشكر.. برلماني: الناس وخا منديرو لهم والو غيصوتو علينا والمقعد مضمون غي تهناو!    أوكرانيا تقول إنها تحتاج 120 مليار دولار للدفاع    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    الجزائر والبوليساريو في مرمى الاتهامات: تقارير تكشف ممارسات "عبودية معاصرة" داخل مخيمات تندوف    الداخلة.. حجز 6,8 طن من الأسماك واعتقال 12 شخصاً: ملف جديد يسلّط الضوء على التهريب البحري    العدالة والتنمية بتطوان يطلق مجموعة من الأوراش السياسية وعلى رأسها ملف الانتخابات    موريتانيا وإسبانيا.. نحو شراكات اقتصادية واعدة    تحضيرا للمونديال.. المغرب يطمح لاقتناء نحو 7000 حافلة صينية جديدة بحلول عام 2030، نصفها يعمل بالطاقة الكهربائية    إسرائيل تواصل حرب الإبادة على غزة: عشرات القتلى وتدمير أبراج ومدارس وسط موجات نزوح وتجويع    الجيش الملكي يبدأ موسمه بانتصار على اتحاد يعقوب المنصور    أمين حارث يواصل مشواره الأوروبي مع باشاك شهير التركي    انفجار في مطعم يخلف 25 جريحا بمدريد    "السكك الحديدية": موسم صيفي ناجح    منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين: نتانياهو "عقبة" أمام إنهاء حرب غزة    توقيف شاب بالقنيطرة بعد ظهوره في فيديوهات سياقة استعراضية تهدد سلامة المواطنين    مدرب جزر القمر يتحدث عن مواجهة فريقه المرتقبة ضد المغرب            آلاف النازحين من غزة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية وتدمير المباني        ميناء الناظور .. انخفاض ب10 في المائة للكميات المفرغة من منتجات الصيد البحري    آلية جديدة لمراقبة مواظبة التلاميذ والأساتذة مع بداية السنة الدراسية    حياة الكلاب..حياة الماعز    المطبخ المغربي يتألق في القرية الدولية لفنون الطهي بباريس    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    "باراماونت" تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة مؤسسات سينمائية إسرائيلية    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    شفشاون.. البحرية المغربية تنتشل جثة شخص قبالة شاطئ الجبهة    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    كأس إفريقيا للأمم 'المغرب 2025': الكاف ولجنة التنظيم المحلية يحددان موعد انطلاق بيع تذاكر المباريات    ازدواجية الجزائر تتكشف.. تصويت نيويورك يكذب خطابها عن فلسطين: صوتت على قرار يطالب بإنهاء حكم حماس لغزة وتسليم أسلحتها            أمريكا تؤكد مطابقة المصايد المغربية لمقتضيات القانون الأمريكي الخاص بحماية الثدييات البحرية (MMPA)    زلزال بقوة 7,4 درجات يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    حجز 260 وحدة من الشهب الاصطناعية المحظورة            إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدخل لدراسة تاريخ الزعامات المحلية بالجنوب المغربي 8 : تحديدات مفاهيمية في حقل الزعامات المحلية الدينية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 15 - 05 - 2019

تسعى هذه المقالات التي ستنشر في عمود فسحة رمضان إلى التعريف ببعض رجالات الجنوب المغربي ممن لقبوا بالزعماء المحلين بحكم ادوارهم الطلائعية التي مارسوها إلى جانب المخزن بشكل مساند او مناوئ أو بطريقة تحكمها الحيطة والحذر البليغين، وقبل التطرق إلى سيرة ومناقب هؤلاء لابد من وضع القارئ في سياق سيمكنه من تتبع واستيعاب هذه الحلقات اليومية لهذا اقترح في الحلقات الأولى مايلي:
تستدعي منا المنهجية العلمية قبل الولوج إلى عمق البحث الذي نحن بصدده، تحديد مدلول المفاهيم المهيكلة للموضوع بالحد والرسم، حتى لا يكون سعينا عبثا ويذهب مجهودنا سدى. فالتحديدات المفاهيمية حق لكل من أراد تحصيل أي علم من العلوم، فهي تكشف النقاب عن جوانب قد تبدو مبهمة، وأحيانا تظل كذلك إن لم يكن هذا التحديد المفاهيمي على وجه الدقة والبيان والوضوح. وسنحاول جاهدين قدر المستطاع أن نحدد في هذا المدخل أربعة مفاهيم مرتبطة بتيمة الزعامات المحلية بالجنوب المغربي، وهي الزاوية وشيوخها والولاية ثم المخزن.
الزاوية :
يذهب البعض إلى اعتبار قراءة التاريخ المغربي بمعزل عن الفعل الصوفي قراءة نسبية فقط (المازوني محمد، الزاوية المصلوحية والمخزن : ( من الأصول إلى 1894)، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ، تحت إشراف إبراهيم بوطالب، رسالة مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية محمد الخامس بالرباط،2003، ص،125) باعتباره يشكل تيمة من تيماته، وهو ما يتماشى إلى حدما مع حالة تاريخ سوس، كما هو الحال مع قبيلة «أيت عبد الله أسعيد» (في بعض الأحيان نجد أن السلطان هو من يأذن للشيخ بأداء مهامه في الزاوية رغم أن هذا الأخير أتمم بناءها، ففي النور المبغي هناك رسالة تثبت ذلك وهي موجهة من «الحسن الباعقلي»إلى «علي بن احمد الإسيكي «يخبره فيها بتأسيسه لزاويته وإقامة الجمعة فيها بعد طلب إذن السلطان. أنظر مضمون الرسالة في كتاب النور المبغي لحفيد الشيخ علي الدرقاوي رضى الله عبد الوافي، ص: 47. أو قبيلة «تانكرت» بالأطلس الصغير، في حين أن بعض المناطق الأخرى يمكن تناول تاريخها باستحضار المعطين الإقتصادي و الروحي كما هو الشأن بالنسبة لقبيلة «تازروالت» وبالتالي لا يجب دائما تعميم نتائج هذه الدراسة على كل مراحل تاريخ المغرب لاختلاف المميزات التي طبعت فترة محددة من تاريخ المغرب. لابد إذن من الوقوف على مجموعة من المفاهيم المهيكلة لهذا الحقل الشاسع وفي مقدمتها نجد الزاوية تحتل حصة الأسد ضمن الحقل المفاهيمي المرتبط بالتصوف والزعامة المحلية الدينية. فمن خلال تفحص الرسائل التي تبادلها شيوخ التصوف مع مريديهم يستنتج أن الزاوية ظلت تعبيرا عن مقر الشيخ ومكانا للتعبد وإليها ينقطع الفقراء. ولكن الزاوية كمؤسسة تنظيمية دينية لم تظهر بهذا المعنى إلا بعد مرحلة انتقالية اصطلح عليها في الأدبيات الصوفية بالرباط والرابطة، فما مدلول كل واحد منهما؟
بالنسبة للرباط فهو مشتق من فعل رابط يرابط، وهما فعلان يفيدان اللزوم والإقامة في مكان محدد، وعلى المستوى الفقهي فإن الرباط هو الاحالة على شيئين: أولهما البقعة التي يجتمع فيها العباد لحراسة البلاد والرد على أي هجوم محتمل على بلاد المسلمين، والثاني عبارة عن مكان يلتقي فيه صلحاء المؤمنين لعبادة الله وذكره، والتفقُّه في أمور الدين(حجي محمد، الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، المطبعة الوطنية،1964، ص:23 )أما الرابطة فهي بناء اتخذ أصلا للعبادة، وحصنا على قدر الإمكان. وهي تؤسس بمبادرة شخصية من طرف صالح أو متعبد، ويمكن لها أن تعمل على جذب ساكنة وتتعدد بناياتها لتصبح قرية أو تجمعا مهما حتى صار عدد من الصلحاء ينتسبون إلى رباط معين، كما قد يكون الرباط مكان تعليم وتلقين حيث يلتقي فيه الصلحاء بالمريدين وتتقابل فيها تجارب الرجال.( الشادلي عبد اللطيف، التصوف والمجتمع نماذج من القرن العاشر الهجري، منشورات جامعة الحسن الثاني سلسلة أطروحات ورسائل، مطابع سلا،1989، ص: 168.)
ننتهي الآن إلى تحديد مفهوم للزاوية بناء على التعريفين السابقين. فالزاوية مشتقة من فعل انزوى أي انعزل، وهي تعني الركن المعزول، وبالتالي فهي مكان معد للعبادة وإيواء المريدين وأبناء السبيل وإطعامهم، وعلى المستوى الاصطلاحي فهي محل تثقيف العقول دينيا وأدبيا، ويشتق اسمها من اسم الشيخ المؤسس، وقد تكون الزاوية مفهوما مرادفا للخلوة إذ يؤجر عليها فقيه يقرر له راتبا مقابل عمله. وقد عرفت «دائرة المعارف الإسلامية» الزاوية المغربية على أنها «مدرسة دينية ودار مجانية للضيافة وهي بهذين التعريفين تشبه كثيرا الأديرة في العصور الوسطى «.( دائرة المعارف الإسلامية، العدد التاسع المجلد العاشر، ص،332 نقلا عن حجي محمد ، الزاوية الدلائية…م.س ، ص:25.) . لكن الزاوية بهذا المفهوم لم تظهر إلا بعد القرن الخامس عشر، وظهورها كما هو معلوم مرتبط بظرفية تاريخية تتمثل في بداية الاحتلال البرتغالي للسواحل المغربية، وبهذا ستحل محل الرباط لتزاحمه في وظائفه الاجتماعية لتنتهي إلى سلبه كل وظائفه فتحل محله في النهاية.( البوزيدي أحمد، مؤسسة الزوايا بوادي درعة (القرن 10ه11ه-16م و17م)، مجلة أمل، (عدد مزدوج) 19-20، ص.ص،38-39)
ظهرت الزاوية في بدايتها الأولى كمكان معد للاجتماع بشكل علني في المدن على وجه الخصوص، يجتمع فيه مريدو طريقة من الطرق الصوفية في أوقات معينة من أجل الترديد الجماعي للأوراد والأذكار.
(Laroui.(A(, Les origins socials et culturelles du nationalisme marocain(1830/1912),é d.centre culturel arabe,casa,1993.p:115.)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.