– كيف كتبت لوموند «تحقيقها»؟لمن كتبته؟ – وهل يفسر السياق الوطني وحده ما جنحت إليه ؟ – كيف تفسر تاريخا عمره قرون ببعض القصص والنكت الأحجيات؟ – ما علاقة الداخل بالخارج؟ – أي دروس يمكن أن نستخلصها من الكتابات الواردة علينا؟
لست الوحيد، ولا شك، الذي ربطته بيومية "لوموند" علاقة خاصة. مثلي مثل الكثيرين الذين كانوا يحينون معرفتهم السياسية على ضوء ما كانت تأتي به. أو نحصل عليها نظرا لمنعها من التداول. وأسماؤها الكبرى كانت جزءا من تفكيرنا (جون لاكوتير. ادوي بلونيل ن..ايغناسيو ريموني على ضفة لوموند ديبلوماتيك…). من تحقيقاتها الخالدة في ذهني (المغرب، إسبانيا وأوروبا: طريق الكيف في /05/2006) ولها تأثير لا يمكن أن ينمحي بسهولة اللهم إلا إذا تخلت "لوموند" نفسها عما تركته من أثر. وأثر النسيان أو فقدان البصمة يتمثل، هنا، في التخلي عن الصرامة التي كانت تتبع مقالات أصحابها، وما تقدمه لنا من دروس عملية في تثمين تكوين الإعلامي والتحليل السياسي وبناء المقالات .. ومن هنا، لم يكن »التحقيق« بمعناه الصحافي، هو الضحية الوحيدة، من بين ضحايا "لوموند" في مقالاتها. فقد دهست اليومية العريقة، أحد أعمدة الكتابة الصحافية ونعني به »مصدر « الخبر أو المعلومة. والذي تركته للمجهول في أغلب ما أوردته. المصدر، في العديد من »المعلومات« التي أوردتها، يكون بلا ملامح ولا اسم، وعادة ما يتعلق الأمر بمعلومة خطيرة وذات وزن كبير. ومن ذلك: عند الحديث عن »تمرير المشعل من الملك محمد السادس إلى ولي العهد « ما زال سابقا لأوانه، نسبت المعلومة إلى »مصدر غربي« وعند الحديث عن »أحجيات صغيرة« عن العلاقات داخل القصر التي تهم ملك البلاد نسبت الأمر إلى »أحد العارفين بأركان القصر«. وفي الحديث عن » نهاية العهد وبداية الآخر في أجواء خانقة« كان المصدر مرة ثالثة »رجل أعمال بيضاوي«.. أو أن »المغاربة يحبون أن يروا ملكا غنيا «.. كما يقول أحد العارفين بالبلاط.ويكفي هذا العدد من الإحالات المبني للمجهول في موضوع مهم للغاية =كما هو حال »مآل «ملكية عمرها قرون في بلاد المغرب! نحن نعرف كيف يتصرف المسؤولون الإعلاميون الجديون عندما تصل بين أيديهم مقالات بمصادر مجهولة:لا ينشرون الخبر المعني.، بكل بساطة! المصادر المقربة، و العارفة، والمصادر المطلعة. والمصادر الدبلوماسية. المصادر التي تخاف ردود الفعل العنيفة.. كلها مصدر واحد: هو المبني للمجهول من أجل إساءة مبنية للمعلوم! ولعل من السخرية أن المرات القليلة التي أحالت على مصادر.وذكرت أسماء بعينها، كمصادر للتحليل أو التأويل فعلت ذلك 3مرات: محمد الطوزي ويبدو أنها لم تجد في كتاب له 656 صفحة عن الملكية في المغرب سوى جملة من ثلاث كلمات عن المخزن. ويوسف بلال في الحديث عن مرحلة الانتقال من الحسن الثاني إلى محمد السادس، والمرة الثالثة خديجة محسن فنان، في نهاية تحليلها للملك الديبلوماسي، وللأسف كانت العبارة مطابقة في الأصل لما قاله……. عبد المجيد تبون في إحدى حواراته ( مند 5 أشهر مع القناة الجزائرية الدولية)عن المغرب الذي ابتعد عن المغرب العربي واتجه نحو إفريقيا ونحو التطبيع!!! قالت في ختام الورقة الرابعة حول الديبلوماسية»ملك المناورات الديبلوماسية الكبيرة «:.لقد انفصل المغرب عن المغرب الكبير لقربه مع الغرب، وسياسته الإفريقية الدينامية جدا وعلاقته مع إسرائيل«! ونحن، كقراء، لا يمكن أن نبني تحليلا أو خلاصة على مقالات بلا مورد . وكما لا يمكن أن نجعل منها امتدادا لانشغالنا المهني باعتبار أن ما فيها ليس فيه ما يشجع علي المقاربة العميقة. ولعل "لوموند" بدورها، لم تسلم، على مستوى الشكل، من الوباء الرقمي الذي يغزو المهنة ويركِّعها! وهكذا حصلنا على ترسانة من الكليشيهات السياسية تم تحميضها في مختبرات سيكولوجية الكاتب أو في مختبرات السرية. أحكام محكومة بالإثارة أكثر منها الحقيقة الإعلامية.. والتفضيل الممنهج للكاريكاتور. وإن كانت هذه الطريقة، التي لا يفسرها التكامل والاستطراد من طرف المصادر المفترضة، بل تقتضيها الكتابة السينمائية والرواية التخيلية أكثر. لقد اقتضت منا مناقشة "لوموند". محاججتها بالسُّلَّم المهني الذي انبت عليه هي نفسها. ولهذا كان الأكثر هدوءا منا والأكثر حكمة قد طالبوها بالعودة إلى حاضنتها الأخلاقية والعمل على إنصاف من كتبت عنهم. وهي دعوة تجد قوتها، ولا شك، في التصرف الذي كان للمغرب الرسمي معها، حيث فشلت "لوموند" في تأليب المغرب ضدها، المغرب الرسمي والجمارك السيادية، عن حق(لوموند لم تمنع ) عليها واجب أن تعمل من أجل استعادة ذلك السلم القيمي. معنى التحقيق؟ معنى الوصول إلى نتائجه. ثم المصادر، والذي يبقى أكثر الشروط قوة ودقة في العمل الصحافي. الخبر السيء أن ما نشرته "لوموند" كان قاصرا وسيء النية، وأن ذكاءه كان في درجة الألم، الذي تسبب فيه، وفي السياق الذي صدر فيه كما سنوضح. والخبر الجيد أن "لوموند"، لم تمنع من التداول في المغرب. وسنحت لنا فرصة الحديث عن وضع داخلي في هاته المرحلة، من باب الرد عليها، وأن "لوموند" ، مع ذلك، منحتنا فرصة للحديث عن دروس لا بد منها. في المهنة وفي الشأن الوطني. ولعل الأسئلة التي وضعناها تترجم بعضا من هذا. لست الوحيد، ولا شك، الذي ربطته بيومية "لوموند" علاقة خاصة. مثلي مثل الكثيرين الذين كانوا يحينون معرفتهم السياسية على ضوء ما كانت تأتي به، أو نحصل عليها نظرا لمنعها من التداول. وأسماؤها الكبرى كانت جزءا من تفكيرنا (جون لاكوتير. ادوي بلونيل،ايغناسيو ريموني على ضفة لوموند ديبلوماتيك…). من تحقيقاتها الخالدة في ذهني (المغرب، إسبانيا وأوروبا: طريق الكيف في /05/2006)،ولها تأثير لا يمكن أن ينمحي بسهولة اللهم إلا إذا تخلت "لوموند" نفسها عما تركته من أثر. وأثر النسيان أو فقدان البصمة يتمثل، هنا، في التخلي عن الصرامة التي كانت تتبع مقالات أصحابها، وما تقدمه لنا من دروس عملية في تثمين تكوين الإعلامي والتحليل السياسي وبناء المقالات. أخبار خطيرة مبنية للمجهول ومن هنا، لم يكن «التحقيق» بمعناه الصحافي هو الضحية الوحيدة، من بين ضحايا "لوموند" في مقالاتها. فقد دهست اليومية العريقة، أحد أعمدة الكتابة الصحافية ونعني به «مصدر » الخبر أو المعلومة. والذي تركته للمجهول في أغلب ما أوردته. المصدر، في العديد من «المعلومات» التي أوردتها يكون بلا ملامح ولا اسم، وعادة ما يتعلق الأمر بمعلومة خطيرة وذات وزن كبير. ومن ذلك: عند الحديث عن «تمرير المشعل من الملك محمد السادس إلى ولي العهد » ما زال سابقا لأوانه، نسبت المعلومة إلى «مصدر غربي» وعند الحديث عن «أحجيات صغيرة» عن العلاقات داخل القصر التي تهم ملك البلاد نسبت الأمر إلى «أحد العارفين بأركان القصر». وفي الحديث عن « نهاية العهد وبداية الآخر في أجواء خانقة» كان المصدر مرة ثالثة «رجل أعمال بيضاوي« ، أو أن «المغاربة يحبون أن يروا ملكا غنيا ».. كما يقول أحد العارفين بالبلاط. و« شعور بالقوة دفع المغرب إلى التصلب في مواقفه إزاء إسبانيا بعد اتفاق ترامب»، وقالها وزير إسباني سابق..(هل هو أيضا خاف من الردع ومن رد فعل المغرب؟؟).. ويكفي هذا العدد من الإحالات المبني للمجهول في موضوع مهم للغاية كما =هو حال «مآل » ملكية عمرها قرون في بلاد المغرب! نحن نعرف كيف يتصرف المسؤولون الإعلاميون الجديون عندما تصل بين أيديهم مقالات بمصادر مجهولة: لا ينشرون الخبر المعني، بكل بساطة! المصادر المقربة والعارفة، والمصادر المطلعة، والمصادر الديبلوماسية، المصادر التي تخاف ردود الفعل العنيفة.. كلها مصدر واحد: هو المبني للمجهول من أجل إساءة مبنية للمعلوم! ولعل من السخرية أن المرات القليلة التي أحالت على مصادر،وذكرت أسماء بعينها، كمصادر للتحليل أو التأويل، فعلت ذلك 3مرات: محمد الطوزي، ويبدو أنها لم تجد في كتاب له 656 صفحة عن الملكية وفي المغرب سوى جملة من ثلاث كلمات عن المخزن. ويوسف بلال في الحديث عن مرحلة الانتقال من الحسن الثاني إلى محمد السادس، والمرة الثالثة خديجة محسن فنان، في نهاية تحليلها للملك الديبلوماسي، وللأسف كانت العبارة مطابقة في الأصل لما قاله……. عبد المجيد تبون في إحدى حواراته عن المغرب الذي ابتعد عن المغرب العربي واتجه نحو إفريقيا ونحو التطبيع!!!( منذ 5 أشهر في حوار مع القناة الجزائرية الدولية)، قالت في ختام الورقة الرابعة حول الديبلوماسية «ملك المناورات الديبلوماسية الكبيرة »:لقد انفصل المغرب عن المغرب الكبير لقربه مع الغرب، وسياسته الإفريقية الدينامية جدا وعلاقته مع إسرائيل»! ونحن كقراء لا يمكن أن نبني تحليلا أو خلاصة على مقالات بلا مورد. وكما لا يمكن أن نجعل منها امتدادا لانشغالنا المهني باعتبار أن ما فيها ليس فيه ما يشجع على المقاربة العميقة، ولعل "لوموند" بدورها لم تسلم، على مستوى الشكل، من الوباء الرقمي الذي يغزو المهنة ويركعها! وهكذا حصلنا على ترسانة من الكليشيهات السياسية تم تحميضها في مختبرات سيكولوجية الكاتب أو في مختبرات السرية. أحكام محكومة بالإثارة أكثر منها الحقيقة الاعلامية.. والتفضيل الممنهج للكاريكاتور. وإن كانت هذه الطريقة، التي لا يفسرها التكتم من طرف المصادر المفترضة، بل تقتضيها الكتابة السينمائية والرواية التخييلية أكثر من أي شيء آخر! لقد اقتضت منا مناقشة "لوموند" محاججتها بالسُّلَّم المهني الذي انبنت عليه هي نفسها، ولهذا كان الأكثر هدوءا منا والأكثر حكمة قد طالبوها بالعودة إلى حاضنتها الأخلاقية والعمل على إنصاف من كتبت عنهم. وهي دعوة تجد قوتها، ولا شك، في التصرف الذي كان للمغرب الرسمي معها، حيث فشلت "لوموند" في تأليب المغرب ضدها، المغرب الرسمي والجمارك السيادية، عن حق.لوموند لم تُمنع وعليها واجب أن تعمل من أجل استعادة ذلك السلم القيمي، معنى التحقيق؟ معنى الوصول إلى نتائجه، ثم المصادر، والذي يبقى أكثر الشروط قوة ودقة في العمل الصحافي. السياق يخلق المعنى السياق: ليس مصادفة أن تصدر هذه المقالات في سياق مطبوع بحملة متعددة المشارب، وفي سياق مطبوع بالتشكيك في مقومات الدولة في العهد الجديد ، والحديث عن صراع الأجهزة. ومن ثمة عن «تنبؤ» بنهاية عهد وبداية آخر. فقد سبقت صدور المقالات ورافقتها وقد تليها، ولا شك، حوارات وتدوينات وفيديوهات وحوادث، لأشخاص وجهات وشخصيات منها المعروف بمواقفه ومنها من تم الترويج لحكايته. وبالتالي لا يمكن أن نسقط من تفكيرنا ما يقوله أهل اللسانيات «بأن السياق يخلق المعنى«،وعليه يمكن أن نقول إنها مقالات محكومة بنوايا مسبقة وحوارات تبخس كل شيء، حقوقيا واجتماعيا وديبلوماسيا ووجوديا (الصحراء). بل يمكن القول إن بعضا من الوقائع منها، شكلت، في تنسيق توقيتها وإعدادها تهييئا لأجواء مثيرة للشك، وتدفع إلى الاعتقاد بأن المغرب دخل مرحلة ما بعد .. العهد القائم! الدفع نحو الاعتقاد بوجود ضرورة إلى الدخول إلى هذا المنطق، وذلك بتشجيع التوجسات والريبة، والتشكيك في مؤسسات النظام السياسي والأمني والروحي.. وليس مصادفة أيضا أن تكون "لوموند" دوما في الكوكبة التي تقود هذه الأجواء… ويكفي أن نعود إلى الوقت القريب، فقط، لكي نتذكر حملة يوليوز 2001، في السنة الأخيرة من حكومة التناوب، وما كانت ترمي إليه، والعودة إلى يوليوز 2021 «يوليوز بيغاسوس»، وقتها كان الحديث عن .. التنصت على رؤساء الدول ومن بينهم … الملك محمد السادس، من طرف الأمن المغربي ! وبما أن لكل صيف «خبطته» التي تأتي بها "لوموند"، فقد جاءت "الخبطة" الثالثة لتطرح السؤال حول الهدف ومعنى الكتابات وكيفية التعامل معها ما إذا كانت المتَحكِّمات هي نفسها وراء النشر !.. ومن الأسئلة الضرورية معرفة الوجهة التي تقصدها "لوموند"..أي السؤال الضروري في فهم ما يجري: لمن تكتب "لوموند" ؟ لمن تكتب "لوموند" ؟ لا يسعفنا الوضع الممتاز في العلاقة بين السلطات الفرنسية، والسلطات المغربية في البحث عن «يد خفية» للمسؤولين السياسيين الفرنسيين الحاليين، وراء هذا الهجوم. وعلى الأقل منذ زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون وإعلانه الموقف الفرنسي المنصف للمغرب في قضيته الوطنية. ولكن في المقابل، يمكن القول بغير قليل من الجزم إن«لوموند» تكون تترجم موقفا حادًّا من النخبة الفرنسية التي لم تهضم هذا التحول، كما يتضح من خلال الكثير من المواقف المعلن عنها لفائدة النظام الجزائري، بل تبني أطروحاته في ما يخص تقدم المغرب كما هو حال التبخيس في حق أنبوب الغاز المغربي لفائدة الجزائر ( تبون قال بالحرف إن "مشروع أنبوب الغاز الذي يمر عبر النيجروالجزائر إلى أوروبا قادما من نيجيريا مشروع اقتصادي حقيقي، وغيره مزيّف"، في إشارة واضحة للمشروع المغربي النيجيري، أما "لوموند" فقد كتبت أن «هذا المشروع (المغربي النيجيري) غايته في الحقيقة ليست سوى منافسة المشروع الجزائري الذي يمر من جهته بالطريق الصحراوي! « هذا المنزع نحو الموقف من المغرب والجزائر يتبين أيضا من خلال الحكم القطعي والمنحاز للجيران الشرقيين بقول "لوموند":« يبدو المغرب كما لو أنه تفترسه منافسته مع جاره الشرقي». ولسنا في حاجة إلى إثبات هذا التبني للنظرة الجزائرية.. والتي تكررت بين السطور في مواقف عديدة.(سنعود بالتفصيل للموضوع) هناك مسافة واضحة اليوم بين الدولة الفرنسية في الزمن الماكروني وبين "لوموند"، والتي كانت تعبر عن «الأجواء السياسية في مراكز القرار في كل أزمة سابقة: والواضح أنه يمكن القول بأن "لوموند" خندقت نفسها في دائرة «الحزن الجزائري» من الموقف الفرنسي، ووضعت نفسهاامتدادا لتلك العاطفة الخاصة إزاء الجزائر ونظامها، بما تعتبر ربحا مغربيا! وهل تكتب للفرنسيين كلهم من غير الذين تخلوا عن المراهنة على نظام العسكر في دولة الجوار؟ لقد نبهني العزيز. مولاي احمد المديني، العارف بالنخبة هناك ولعشرته الباريسية الطويلة، أن « حظ هذه المقالات وكاتبيها سيء جدا. تُنشر في وقت تعيش فيه الحياة السياسية والاقتصادية والمجتمع الفرنسي قاطبة هزات كبرى تشغل الجميع، فيما ينصب اهتمام الإعلام هنا على سؤال: هل ستسقط الحكومة أم تبقى؟ وماذا بعد؟ ؛ زيادة عن التعبئة الكبرى ليوم 10 سبتمبر، الدعوة لتعطيل البلاد.. أضف إلى ذلك الدخول المدرسي ... لا أحد ولا صحيفة ولا صدى لهذه الأوراق..»، وهوما تبين من خلال التفاعل الصفر معها على غير العادة، كما حدث مثلا في قصة بيغاسوس من قبلها، ونحن لا يمكن أن ننسي التعبئة التي كانت تتم في القنوات وفي الإذاعات وفي كل المنابر عندما تكون فرنسا «واقفة وقفة رجل واحد في هذه القضية.. » . هل كتبت "لوموند" للمغاربة؟ من الواضح أن الجواب هو نعم. وبالرغم من أن دائرة الانتشار التي ضاقت مست الصحافة الخارجية الموزعة في المغرب بدورها، لكن من المحقق أنها تراهن على «قراء» خاصين،ونشر ما نشرت لحساب قرائها من هذا النوع. في قراءة الحملات السابقة كانت "لوموند" محكومة بما ينتظر المتلقين الداخليين : وفي هذا الباب كتب المؤرخ الكبير الأستاذ عبد الله العروي في خاطرة الجمعة 20 يوليوز2001:ما يلي : «استعملت الخطة مرارا في الماضي، خطة تخويف الملك من نوايا الجميع،(….) ، وتشجيعه على أخذ المبادرة والاستئثار بالحكم حتى يتيسر في ما بعد الضغط عليه. ضمن هذه النقطة إحياء أشباح الماضي».. لا يمكن أن نسقط من تفكيرنا أن :«لأعداء الخارج أنصار في الداخل، في اليمين وفي اليسار، من المحافظين ومن الإصلاحيين، من غير الراغبين في تحقيق المصالحة الوطنية وتعميق التجربة …. الهادفة إلى إقامة ديمقراطية برلمانية حقيقية». ليس بريئا هذا التركيز على «التناحر» والاختناق، ونسبه إلى مصادر ديبلوماسية خارجية، تارة فرنسية وأخرى إسبانية ورجال الأعمال، والبحث عن صغائر الأمور في تهويل وقائع خاصة. يمكن أن نبحث مع العروي عن وضع مناخ للعهد القادم، أي الدفع نحو استحضار واقع ليس موجودا ومنه يمكن أن تفتح الشهية للبلبلة والتخويف وزرع الفتنة.. بوضع« منطق ما بعد محمد السادس ! »،كمُسلَّمة سياسية في مغرب الهنا والآن! ماهي الدروس الممكنة؟ للذين دفنوا الجرائد الورقية ، في الحدث الحالي ما يفند ما ذهبوا إليه: أن جريدة يومية ورقية أجنبية هنا، يمكنها أن تفرض حوارا داخليا بالرغم من مواقفها العدائية أو المخاتلة أو التي تجافينا.. يجب أن تكون الفرصة سانحة للحديث عن مهامنا، وفي قلب ذلك، ما يجب التركيز عليه : أي أن نقاشا من هذا القبيل لا يكون مغريا في أوساط الصحافة والإعلام عندنا، وعلينا أن نسأل هل نجحنا في توفير إعلامٍ يليق بمغرب محمد السادس الذي يتجاوز ما قد تروجه منابر أخرى؟ أننا كإعلاميين لحد الساعة نقف عند الموقف الدفاعي، وهو ما لا يقوِّي الموقف الوطني بما يلزمه من قوة، والابتعاد عن ردود الفعل المفروضة علينا، مهما كانت مشروعة وضروريةومطلوبة…. بالرغم من وجود ؟«تخطيط تناوري» ونية في الإساءة الطوعية، أي الصادرة عن قناعات، فإنه ليس سليما أن «الذين يهاجموننا لا يجدون من ردودنا سوى التشكيك واستخراج النسخة القديمة من نظرية المؤامرة.» وعلى حد قول عبد الله العروي، والذي تقاسمته العديد من الأقلام المشهود لها بالوازع الوطني الحار والحاد : « يجب أن يكون موقفنا الوطني الداعم للشرعية وللثوابت مستندا إلى حرية المعلومة وعلى الخبر المقدس، وعلى الحجة للرد على ما يعتبره الآخرون مادة ذات مصداقية». وعليه علينا أن نسلم بأن الذين يهاجموننا « ليسوا بلداء، ولا معتوهين يكتفون بنظرية المؤامرة في التحرك».. بل عادة ما يستندون إلى ما يتقبله رأيهم وبعض رأينا العام ويعتبره «نواة صلبة» في المعلومة..! ونقصد بالنواة الصلبة، ليس الشطحات التي تتعلق بالحياة الخاصة واعتبارها تحليلا، ولا النزعة«الفرويدية» في تفسير التاريخ، وشخصية جلالة الملك على ضوء طفولته، بل نعتبر أن النواة تتوقف عند آثار الجفاف، والفوارق الاجتماعية والبطالة، ورأسمالية الريع،وعلاقة السلطة بالمال والصراع الإعلامي في أعلى هرم السلطة، والشروخ السوسيو مجالية وتعطيل آثار التغيير لأسباب انتخابية… إلخ إلخ! ولعل الدفاع هنا، في قلب هاته النواة الحقيقية تستند على كون .. الحقيقة التي يحرض عليها الملك نفسه. [وكان يكفي لوموند، في هذا الباب إن أرادت الصورة الحقيقية بما فيها الجانب المظلم، أن تعود إلى خطب الملك ومشاريعه وتنبيهاته!]