لم تكن يومية «لوموند» ومن يقتسم معها الموقف نفسه من المغرب ونظامه، في حاجة إلى انتظار 26 سنة، لكي تعلن عن «مناخ الأجواء نهاية عهد محمد السادس»، بل تم الترويج للفكرة منذ.. ربع قرن بالتمام والكمال، ولم يمر على تولي محمد السادس للحكم سوى ..سنتين فقط ! ذلك أن «النبوءة» المتعمدة والمعروفة صدرت، رسميا، في كتاب من طرف صحافي من صحافييها القدامى، جان بيير توكوا الذي يتم تقديمه كمتخصص في منطقة المغرب العربي، ومؤلف كُتُب عديدة منها واحد عن الملك محمد السادس بعنوان« الملك الأخير، أفول سلالة» صدر في 2001. وهي إحالة غارقة في اللاشعور الخاص لنخبة فرنسية معنية تحيل على الملك لويس السادس عشر، قبل قيام الثورة الفرنسية،أو فيليب الأول قبل إقامة الجمهورية: وهنا لا حاجة إلى البحث عن التقاطعات وعن الرغبات الدفينة في الحديث عن المغرب لدى من كانوا تعبوا من انتظار النهاية.. المقالات تحمل عنوانا هو نفسه فصل موجود في الكتاب منذ 26 سنة.. كما نقرأ في صفحات التقديم له… محمد السادس لغز؟ كتبها توكوا منذ 25 سنة بالعبارة التالية: هناك إذن لغز محمد السادس: Il y a donc une énigme Mohammed VI الحديث عن الآمال التي ضاعت وتبخرت؟ العبارة نفسها كتبها توكوا : Deux années plus tard, les espoirs mis en Mohammed VI, s'envolent :محمد السادس يضجر من السلطة. ومن العمل كملك ؟ أيضا كتبها حرفيا توكوا: Mohammed VI donne l'impression de s'ennuyer, comme si le pouvoir ne l'intéressait pas. محمد السادس يعطي الانطباع بأنه يصاب بالضجر وأن السلطة لا تعنيه! والكثير من التعابير المختارة حرفيا والمنقولة من كتاب عمره ربع قرن وزيادة.. كما لو أن اليومية، صحيفة القرن الواحد والعشرين، تريد أن تقول لنا: إذا أردت أن تعرف آخر الأنباء في العالم، فما عليك سوى قراءة التوراة أو الإنجيل!! عفوا: إذا أردت أن تقرأ آخر أخبار المغرب، في عهد محمد السادس، فانْقُل كتابا عمره ربع قرن!! التحقيق، هو النوع الصحافي الذي صنفت فيه "لوموند" ما نشرته، ولنا أن نسأل: هل حققت بالفعل شروط ومعايير هذا النوع كما هو منتظر من مدرسة دولية في الصحافة؟ هل احترمت ما هو مطلوب؟ التحقيق حسب الأعراف المهنية: هو برهنة على وجود سؤال قبلي: عم أبحث؟ فهل طرحت "لوموند" السؤال وهل أبانت عنه؟ وهذا النوع في كل المدارس، وعند طلاب السنة أولى صحافة يتطلب صرامة أخلاقية وفكرية قصوى. وتتطلب هي بدورها الابتعاد كليا عن« التقريبية» والمصادر الوهمية، وهو أكثر حدة من الخبر نفسه أو الأنواع الأخرى. وما يميزها عنه كما يتم تدريسه في فرنسا وفي المغرب وفي عرفهما هو لا للوقوف عند نقل ما تم التقاطه بالسمع أو بالبصر أو نقل المشاعر التي قد يسمح بذاتيتها، الروبورطاج، بل المفروض أن يتم نقل أشياء لا يراها أحد، ولم يسمع بها أحد بل يمكن أن تثبت بالحجة والدليل أشياء تم تعمد نكرانها أو إخفائها عن الرأي العام؟ هل هذا ما التزمت به "لوموند"، لا في مواردها ولا في ما دبجته على طول ستة أيام حسوما، وهل جاءت بخبر لم يسبقها إليه هدهد سليمان؟ الذين يتابعون، يرون أن ثلاثة أرباع، هو إعادة تدوير أخبار وعبارات تم نشرها هنا وهناك، ولعل من بين الأشياء الكثيرة هي نقل ما ورد في الأنترنيت وعلى لسان أسماء بعينها مفصولة عن الواقع العادي للمغاربة بالأحرى واقع القصور والحكومات والأجهزة…. وبعض الأخبار المرسلة هي من نشر مواقع مغربية منذ زمان.. بعد العنوان، يأتي الإسهاب في الكتابة عن موضوع تناولته اليومية وصحفيوها، يعطي الانطباع بوجود نية في الكتابة (الروائية ) عن المغرب. وهي تجربة لم تكن ناجحة وجرت الويلات على نوع الصحافة التي عرفناها، مع ايريك لوران وغراسيي، والذي انتهى بهما أمام القضاء. رحل تيكوا، أو بالتحديد انتهى، ولكن الوصفة مازالت تستعمل في المطبخ نفسه، وهي عند أصحابها صالحة بعد ربع قرن، كما تبين من خلال «تحقيق حول لغز محمد السادس» الذي تطلب ستة أيام من عمرها… الوصفة، تكاد تستعاد حرفيا، في المطبخ الفرنسي . "لوموند" أخيرا وليس آخرا، تحتال عندما «تتقاضى«الثمن عن البضاعة نفسها مرتين… وهي معاينة يمكن لوحدها أن تكون كافية في الرد على «لوموند»، باعتبار أنها تقدم وجبة «بايتة»، توجد فوق موقد …منذ خمسة وعشرين سنة. وهي بذلك لا تحترم لا قراءها ولا ماضيها ولا صرامتها المهنية المأسوف عليها. الغلاف جديد ولا شك، اليومية لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن «تنجو» مما اقترفه الصحافيان المذنبان وما ألقياه من ظلال على التناول المسترسل للمغرب. وثانيا، يطرح سؤال في قلب المهنية! لماذا ست حلقات طويلة عريضة؟ كان غريبا فعلا، على من ألف متابعة اليومية الباريسية، أن تخصص ست حلقات، كل حلقة بصفحتين وكل صفحة بآلاف الكلمات. لقول ثلاثة أو أربعة أفكار، سبق أن تمت الدعوة لها والتحريض على اعتناقها .. . في اللغة المهنية يسمى هذا: التمطيط المعيب..' L'art de tirer à la ، ligne وبالعودة إلى الدروس التي تعلمناها من المدرسة نفسها ومن مبادئ الإعلام البسيط: فإن التمطيط والإسهاب غير المبرر في مقالة ما، مثل هذا «التحقيق «استدعى من الصحافيين اللذين توليا التحرير إثارة تأثير درامي حتى يكون ملائما ومسايرا للراهن الإعلامي! وهو من النوع الذي يستعمل في قطاع الصحافة المهنية ويعني المبالغة في عمل مؤدى عنه ! والخلاصة، فالتمطيط المبالغ فيه جدا يكون لعمل صحافي مدفوع الأجر، كما هو وارد في تعريف العبارة في قواميس الفرنسية، يترك الجواب الواضح… مادامت لا الحقيقة المهنية ولا محبة المغرب والمغاربة هي التي دفعت الصحافيين إلى كل «هاته المشقة. « L'expression "tirer à la ligne" s'utilise dans le secteur de la rédaction professionnelle et signifie "développer excessivement un travail rémunéré à la ligne".