ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    لماذا تصرّ قناة الجزيرة القطرية على الإساءة إلى المغرب رغم اعتراف العالم بوحدته الترابية؟    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. فريق أونيون برلين يتعادل مع بايرن ميونيخ (2-2)    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    موقف حازم من برلمان باراغواي: الأمم المتحدة أنصفت المغرب ومبادرته للحكم الذاتي هي الحل الواقعي الوحيد    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    عائلة سيون أسيدون تقرر جنازة عائلية وتدعو إلى احترام خصوصية التشييع    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    طنجة.. وفاة شاب صدمته سيارة على محج محمد السادس والسائق يلوذ بالفرار    "جيل زد" توجه نداء لجمع الأدلة حول "أحداث القليعة" لكشف الحقيقة    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    خلاف بين وزارة الإدماج ومكتب التكوين المهني حول مسؤولية تأخر منح المتدربين    طنجة.. الدرك البيئي يحجز نحو طن من أحشاء الأبقار غير الصالحة للاستهلاك    الرباط وتل أبيب تبحثان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد توقف دام عاماً    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    لقاء تشاوري بعمالة المضيق-الفنيدق حول إعداد الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الجيش المغربي يستفيد من التجارب الدولية في تكوين الجيل العسكري الجديد    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    بعد السرقة المثيرة.. متحف اللوفر يعلن تشديد الإجراءات الأمنية    تتويج مغربي في اختتام المسابقة الدولية للصيد السياحي والرياضي بالداخلة    دكاترة متضررون من تأخير نتائج مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي يطالبون بالإفراج عن نتائج مباراة توظيف عمرت لأربع سنوات    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    تدشين المعهد المتخصص في فنون الصناعة التقليدية بالداخلة تعزيزاً للموارد البشرية وتنمية القطاع الحرفي    قطاع غزة يستقبل جثامين فلسطينيين    فضيحة كروية في تركيا.. إيقاف 17 حكما متهما بالمراهنة    السلطة تتهم المئات ب"جريمة الخيانة" في تنزانيا    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة: المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس تشكل نموذجا للتنمية المشتركة والتضامن البين إفريقي    حمد الله يواصل برنامجا تأهيليا خاصا    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناقشة الحبيب طالب

هذا التساؤل يطرحه السيد محمد الحبيب لا ليجيب عنه إجابة قارة و شاملة وإنما ليستفزنا حتي نتأمل في الأمررغم إشارته للعولمة و عتاقة العلاقات الإجتماعية. ما دام الأمر مجرد استفزاز فكري وما دمت لا أومن بدور العرق في السياسة فإني أستفزه بدوري و أطلب منه أولا ألا يتحدث عن العالم العربي وحده بل عليه أن يربطه بأمريكا اللاتينية حيث يقع عكس ما يقع في العلم العربي حتى تسمح المقارنة بإبعاد بعض العوامل و العناصرالمشتركة بين العالمين من التفسير لكونها عامة بين عالم يزدهر فيه اليسار و يتقوى و عالم يتقهقر فيه مثل العولمة و العصر و الاستعمار و التخلف التي يحلو للجميع اللجوء اليها لتفسير أي شيء في مجتمعنا. بتحييد هذه المتغيرات او العناصر في التفسير لم يبق أمامنا إلا العناصر التي توجد في كل البلدان العربية و لا توجد بأ مريكا اللابينية. يمكن حصر هذه العناصر في الدين الاسلامي الذي يرفض اليسار العربي و حداثييه الخوض فيه و نعته بمعيق أو مساعد أو محايد في العمل السياسي. أليس عدم الخوض في هذا الموضوع هو ما ينخر تنظيمات و منطق اليسار العربي؟ هل السكوت عن الخوض في الموضوع ليس له مخلفات في الساحة السياسية و على الجماهير الناخبة؟ الا يمكن تفسير انتشار الهيآت الإسلاموية و سرعة ذلك بانه نتيجة لإنسحاب اليسار من حلبة الصراع و تقديم فوزمجاني ب»الفرفي» لهذه الهيآت؟ هل يكفي مثلا الحديث عن حقوق الإنسان و المواثيق الدولية لتوعية الجماهير و تحديثها حتى ننعت انفستا باليساريين في الوقت الذي يسمح فيه وزراء اليسار المكلفين بالتعليم ببرمجة و تدريس دروس في التعليم العمومي تحمل عنوان حقوق الانسان و يتحدث مضمونها عن حق العبد على ربه أو جاره أو يقتصر المضمون على الإدعاء بأسبقية الإسلام في سن حقوق الإنسان التي هي أفضل من التي تنص عليها المواثيق الدولية؟ بل ذهب الأمر إلى حصر مضمون درس حقوق الانسان في سرد آيات مثل «و قد فضلنا بني آدم علي...» و أخريات لا علاقة لها بحقوق الإنسان و لا بالحداثة و لا بالمنطق السليم؟ (1) كيف يمكن تحديث مجنمع جعل فيه وزراء التعليم اليساريين حفظ القرآن و استظهاره شرطا للحصول علي شهادة الباكالوريا؟ (2)
يستملر الآخ محمد الحبيب في متطق التبرئة فيتحدث في معرض حديثه عن تقهقر اليسار في الآوطان العربية عن النكوص الجماهيري وهوما يجعل من الجماهير فاعلا و مفعولا به مادام النكوص فعل يقع علي الذات وتبقي التنظيمات السياسية و النقابية و الفكرية خارج الصيرورة ولا دور لها فيما يحدث. إن مثل هذه النظرة تندرج في منطق تبرئة الهيئات السياسية و جعلها ضحية الحركة الذاتية للجماهير في الوقت الذي ينبغي أن نتحدث عن تطليق الجماهير لهذه الهيئات لتراكم الإحباطات بتعدد تجاربها الفاشلة، إذ فشلت الأحزاب البعثية كما فشلت الناصرية وكل الأنظمة العربية التي أعلنت يساريتها وقيامها علي أنقاض الأنظمة التي اعتبرت عتيقة في تحقيق آمال و طموحات مجتمعاتها أولا و طموحات الجماهير العربية التي علقت عليها كل آمالها باعتبارها نماذج متقدمة.
القاسم المشترك إذن بين الدول العربية و تجربة التناوب المغربية وما تلاها هو هذا الفرق الشاسع بين انتظارات الجماهير من خطاب هيأة ما وما تنجزه هذه الهيأة بالفعل حين تتحمل المسؤولية الفعلية سواء فيما يتعلق بالنتائج التي يلمسها الأفراد أو بشكل الممارسة السياسية وإشراك الجماهير.
علل السيد الحبيب طالب ضرورة تجاوز الموضوع الدستوري إذن بضرورة تفصيل الموضوع ووضع تصور شمولي في الممارسة السياسية يشمل كل القضايا مثل الإصلاح الديني، قضية المرأة، التعليم، القضايا الخارجية...هنا أطرح السؤال؛ هل الإهتمام بالقضايا المفصّلة (بكسر الصاد) للسياسة يتعارض مع القضية السياسية العامة المتمثلة في الدستور؟ هل يمكن لوزير ما أن يغير شيئا ما في وزارته دون موافقة الجهاز الأعلى أو الحكومة الفوقية و الأدلة على ذلك كثيرة..وسأبدأ بآخرها و هو القضاء، مدونة الأسرة، التعليم ... أن نضع منظورا شاملا هو أن نضع برنامجا متكاملا نقترحه على الجماهير لنعمل على تطبيقه دون التدخل من أحد وهو الأمر الذي ليس ممكنا في ممارسة السلطة حاليا حيث تخضع كل من الحكومة و البرلمان و مختلف الأجهزة لرقابة تمارسها حكومة فوقية ودائمة و مطلقة الصلاحية. هنا يكمن الإشكال الدستوري بالأساس.
أما فيما يخص التحالفات وخاصة مع العدالة و التنمية التي اعتبرها الساسي تحالفات غير مبدئية لقد رد عليها الأخ الحبيب باللجوء إلى مصطلحات تم إقحامها إقحاما لا مبرر له مثل العقلانية و المنطق السليم و الحداثة و الديموقراطية. لتبرير هذا التحالف و حسن اختياره. لجأ الأخ إلى اعتماد المبدأ العام المتمثل في تحديد قئة الهيئات التي يمكن التحالف معها وحددها في ‘الأغلبية المشاركة و المساندة لحكومة السيد عبد الرحمن اليوسفي» وهو ما لا يستثني من الفئة الحليفة إلا الإتحاد الدستوري والحزب الوطني الديموقراطي والعهد بطبعتيهما القديمة و الجديدة و أحزاب اليسار الذين أعابوا هذه التجربة في الوقت الذي كان في الإمكان تبرير الموضوع بمجرد الإرتكاز على مبذئ الوضوح في الهوية و الأهداف كمعيار للإختيار و بالتالي تصبح العدالة و التنمية أفضل من كل التلاوين الأخرى اللقيطة التي ينقلب أفرادها ذات اليمين و ذات الشمال تبعا لمصالحهم الشخصية التي كلما تعارضت مع قبعاتهم السياسية استبدلوها بغيرها في حركية ما نسميه بالترحال. فالتحالف مع الاسلاميين إذن هو اهون شر من التحالف مع غيرهم عند الضرورة و اهون من الوقوف كمتفرج في صراع الثعابين المتربصة بالمصلحة الوطنية.
تبرير الاخ طالب الحبيب لعقلانية و سلامة التحالف مع الاسلاميين بالالتقاء و التعاون معهم في القطاعات التي ذكرها كامثلة و هي التعليم العالي و المهندسون و النقابة هو الفظاعة في حد ذاتها لان هذه المواضيع هي التي كان ينبغي ان يخوض في شانها اليسارحربا مع كل الجهات الاخرى اذ لا افهم كيف يمكن لليسار ان يتعاون مع الاسلاميين و يتفق معهم في شان الغايات و الاهداف والمضامين و النظم التعليمية، فاذا حصل ذلك فهذا لن يكون الا احد أمرين اما أنه ليس لدينا إسلاميين أو ليس لدينا يساريين ما دامت المواقف غير متعارضة في هذا الشآن. اما اذا كان الاخ الحبيب يتكلم فقط عن التعاون في الجانب الخبزي في النقابة، فاني أجد تحالف أو مهادنة الإتحاديين لللإسلاميين في الشان النقابي نوع من الانتهازية الهادفة الى الهيمنة الصورية على الأجهزة النقابية ليبقي على رقم عدد الهيآت المنتمية إليه و إن كانت مجرد جثة تثقل كاهل الحزب. أما التحالف في النقابة فإن تحالف ف د ش مع النقابة الوطنية ضدا على ك د ش و غيرها فهو فعلا تحالف لا يحكمه الا الإنتهازية النقابوية التي تهدف أكثر الى استعراض للعضلات من القيام بوظيفة إجتماعية او سياسية.
بتبرير مسلسل التحالفات أنهي الأخ محمد الحبيب نقطته الأولي المتمثلة في تبرير المسار السياسي للإتحاد الإشتراكي في كل حلقاته وإبراز خطأية المنشبثين بالقضية الدستورية التي حجبت عنهم الإشكال الأهم المتمثل في ما سماه المنظور الشمولي واعتذر على طول مقالته في هذه النقطة الأولي كما أعتذر أنا أيضا على كثرة استطراداتي التي أطالت الموضوع و أفقدته أحيانا عمقيته باللجوء إلى التبسيط و التفصيل.
ثانيا، في النقطة الثانية يري كاتب المقال أنه ينبغي التفكير قي وحدة اليسار من خلال دينامية و تحدي المستقبل لا من خلال الآنحباس في الخلافات السياسية التي شهدتها هذه المرحلة و بالتالي ينبغي وضع هذه الخلافات في الدرجة الثانية غند اتخاذ القرار الوحدوي. هنا أتساءل هل الخلاف بين فصائل اليسارهو مجرد خلافات شخصية يكفي لأحد الطرفين أن يعانق خصمه لينتهي الخلاف أم أن الأمر يتعلق باختلاف الرؤية للماضي و الحاضر باعتبارهما يحكمان المستقبل؟
التعجيل بالوحدة والضغط في هذا الإتجاه شيئ محبب و مرغوب لكن هل بقبول تصورات و نهج الإتحاد الإشتراكي الذين كانا سببا في تفككه هو نفسه أم ببناء تصور واضح جديد قد يعيد للإتحاد نفسه ديناميته و تلاحم قواه؟
الحديث عن الوحدة هو دغدغة لعواطف المتأسفين عن التشرذم وما آلت إليه الممارسة السياسية بالبلاد وأوضاع أحزاب اليسار خاصة حتى أصبح جلها أضعف من الأحزاب الشخصية التي لا تقوم على مبدإ ما وتنحصر في إلتفاف المريدين حول شخص في ذاته لا حول توجهه أو فكره.
لإبراز القضية التنظيمية التي اعتبرها كاتب المقال الحلقة المركزية يتساءل الكااتب إذا ما حقق اليسار شيئا من مطالبه ألن يكون المستفيد الأول هو اليمين قبل و أكثر من اليسار؟ بعد هذا التساؤل يقر الاخ الحبيب باهمية و آنية و ضرورية الاصلاحات الدستورية و السياسية و المؤسساتية لكنه يستدرك بربط جدواها و إمكانية إستثمارها بوضعية اليسارو قدرته و فعاليته و ذلك لإبراز الاهمية التنظيمية باعتبار التنظيم حلقة وصل بين خط الحزب و ممارسته الجماهيرية. المطلوب إذن حسب قوله هو ان يكون للحزب خط سياسي و فكري واضحين ومطابقين لحاجيات المجتمع المغربي - التي لم يتم تحديدها ما دام المجتمع متعدد و متنوع و تتضارب مصالح فئاته- و أن يكون الحزب منخرطا في ممارسات جماهيرية دائمة وأخيرا أن تكون الهياكل التنظيمية ملائمة و قادرة على الوصل الجدلي بين الامرين السابقين. بتأمل الكاتب في هذه النقط الثلاث يخلص إلى أن الخلل الذي أصاب اليسار لم يكن لا في قبول الدستور و لا في المشاركة في الحكومات وإنما هوفي الأداة الحزبية وعقمها و عجزها عن التلاؤم مع الازدواجية: الحكومةالجماهير وعبّر عن اقتناعه هو و غالبية الاتحاديين بصواب قبولهم لدستور96ّ ومشاركتهم في حكومة التناوب دون ان يفسر اسباب الخلخلة التي أصابت التنظيم. فرغم تمسك ألأخ الحبيب والإتحاديين أو جلهم من وراءه بصوابية المواقف السابقة للإتحاد الإشتراكي فإنه يقر بأن الجميع الآن قد وصل إلي الإقتناع بضرورية الإصلاحات الدستورية والسياسية و المؤسساتية. الوصول إلى هذه القناعة لم يتم لأن الإتحاد الإشتراكي أدرك محدودية التوقعات التي بني عليها توجهه السابق وإنما لاعتقاده أن مثل هذه الإصلاحات حاليا قد نعيد ألاعتبار لما هو سياسي ويعيد الجماهير إلي المساهمة في السياسة. بناء علي هذه القناعة يرى السيد الحبيب الطالب أن أسس الرؤية السياسية المشتركة للمرحلة القادمة بين مكونات اليسارأصبحت متوفرة اليوم أكثر من أي وقت مضى خاصة إذا ما ركزت هذه الرؤية علي المستقبل وعلى ما يجمع بدل ما يفرق بينها من الخلافات الماضية و الحاضرة و الممكنة في المستقبل جانبا. إذا ما كتب النجاح لهذا التصور للوحدة فإن المسألة التنظيمية ستأخذ مكانتها الفاصلة و الحاسمة و سيكون المهم فيها هو وضع البرنامج المجتمعي الذي يركز على علاقة الحزب بمكونات المجتمع وعلى كيفية اشتغاله معها لكن ما تجاهله الأخ الكاتب هو كيف يمكن إرجاع الجماهير للتنظيم و قد تم تهميشهم في التجارب السابقة و هل إعادة طرح القضية الدستورية كاف لمصالحة الجماهير الغاضبة .
ثالثا؛ إذا كان الساسي يرى أن الخطوة الأولى في معالجة وضعية اليسار المأزوم هي إنجاز وحدته الإندماجية و خاصة لمصلحة فصائله الصغرى و ذلك نظرا للدور الذي باتت تلعبه التمثيلية الحزبية في المؤسسات المنتخبة اولا و لضعف الوعي السياسي الدمقراطي للجماهير الظاهرة من نوعية تصويتاتها و غلبة العزوف كيفما كانت مبرراته ثانيا فإن الاخ محمد الحبيب يتفق معه كلية و يرى انه من اللازم القيام بالوحدة فورا و تجاوز الشعار التبريري للتشتت - اليسار المتعدد – الذي يمجد و يطيل عمر الفئات للحفاظ على مصالح كيانية ضيقة. بعد تنبيه الحبيب الطالب إلى سهولة تحقق الوحدة بين بعض الهيئات التي ليست لها خلافات إديولوجية كبرى و لها تجارب مماثلة للاتحاد الاشتراكي فإنه يخلص إلي أن مصداقية اليسار و مشروعه المستقبلي يرتبطان إلي حد كبير بمدي تجربة فصائله و مدي جرأتها على إجراء هده الخطوة الوحدوية الجبارة. وعندما تعلن كل فصائل اليسار أو معظمها أنها علي استعداد مبدئي للاتخراط في هذا المشروع التاريخي فورا وبلا تردد حينذاك لن يصعب على الاتحاد الاشتراكي، في رأي الأخ الحبيب، أن يفكر بلا عقد في الإسم وفي غيره من الخطوات العملية و الإجرائية وبالتالي تصبح شروط الساسي مقبولة في النهاية.
لكن ما هو اليسار الذي يتم الحديث عنه و من هي الهيآت السياسية المعنية بهذا الخطاب؟ يقسم الأخ الحبيب اليسارالى نوعين اولهما الذي لا يختلف كثيرا في تجاربه و مساره و هيكلته عن الإتحاد الإشتراكي مثل التقدم و الإشتراكية و ثاتيهم كل الأخرين. مثل هذا التقسيم يحدد مرجع اليسارية وهيكلها في الحزبين الذين شكلا خلال تاريخ اليسار المغربي مصدر التنظيمات الأخرى و هو ما يعني أن على المشتقات الرجوع الى الأصل و هو ما ليس ممكنا إلا بما إشترطه محمد الساسي في بداية المقال و هو ايضا ما سيعيد الحديث عن مختلف أسباب الإنشقاقاقات المتتالية السابقة التي لا تنتفي النتائج إلا بإختفاء الأسباب. هل يمكن الحديث عن الوحدة إذن بمقولة ‘أنعلو الشيطان’ ام بالبحث في الماضي البعيد و القريب عن أسباب الخلاف و التشتت بعيدا عن منطق التبرير و تنظير الممارسة التي سقط فيه الأخ محمد الحبيب ؟
حتى تتم المساهمة مني في فهم إشكال اليسارلابد من الإشارة الى أنه يتم الحديث عن اليسار دون تحديد لهذا المفهوم و لا للهيآت التي يصدق عليها هذا المصطلح. يمكن تصنيف الهيآت التي تدعي إنتماءها للصف اليساري رغم ما قد يعاب عن ممارستها او طروف و ملابسات نشأتها او على متزعميها الى فئات ثلاث. أولها ‘اليسار’ الذي قبل دستور 96 و شارك او لهافت على ذلك في حكومة التناوب و ما تلاها و المنشقين عنهم. ثانيها الذي رفض دستور 96 و المشاركة في الحكومات المترتبة عنه دون رفض الإنخراط في الممارسة السياسية القائمة على الإنتخابات. ثالثها الذي يمارس السياسة برفضها جملة وتفصيلا بدء من رفض المشاركة في الإستفتاء حول دستور96 و في كل الإنتخابات التي تلت ذلك.
لكل هياة من الهيآت السابقة الذكر في التصنيف اعلاه امتدادات جماهرية في شكل نقابات و جمعيات تدور في فلكها. حين يتم الحديث عن وحدة اليسار هل يتم الحديث عنها كوحدات مستقلة عن كل تشعباتها با سم الاستقلالية و الدمقراطية أم عن وحدة الفروع ايضا
االحديث عن الوحدة الإندماجية لفصائل اليسار هل هو مفتوح لمختلف الهيآت الراغبة أم للهيآت التي تلتقي في البرامج و التصورات و الأهداف أو في جلها ليس فقط على مستوى خطاب الأفراد بل في كل الممارسة السياسية بما في ذلك ذروف النشأة
الحديث عن الوحدة هل ينبغي ان ينظر له اولا باعتباره الطرسق الامثل لاعادة الاعتبار للعمل السياسي بإرجاع المنسحبين نتيجة تذمرهم من الانشقاقات و الاختلافات و النزاعات او التشتت الناتج إما عن الاختلاف الجزئي في التوجه و الرؤيا و الممارسة او عن تهافت البعض على الوصول الى الزعامة او الحفاظ عليها و ثانيا باعتباره و بناء على النقطة الاولى الطريق الامثل الذي قد يسمح لليسار بتحسين نتائجه الانتخابية حتى يعيد وزنه في مختلف المؤسسات مما سيسمح له بالمساهمة في إفلاس الجيوب ال تنفق على الإنتخابات و ثالثا و بناء على النقطتين السابقتين الدفع بالعجلة الدمقراطية الى الامام و اعادة الاعتبار للمواطن و لصوته.
الحديث عن الوحدة لا يمكن ان يكون الا مرغوبا و مطلوبا لكن هل يكفي تجميع الهيآت المشتتة لحصول النتائج المرجوة الا يمكن الحديث عن لعنة الوحدة التي لاحقت لحد الآان كل الهيآت التي سعت لذاك إذ فقد اليسار الاشتراكي الموحد (الحزب الاشتراكي الموحد حاليا) الذي قام على توحيد منظمة العمل الدمفراطي و حركة المستقلين الدمقراطيين و الحركة من اجل الدمقىاطية و ما اصطلح عليه بالفعاليات اليسارية فقد اكثر من نصف مناضليه و اصبحت الهياة التي تضم اربع هيآت اقل قوة انتخابية مما كانت تحصل عايه منظمة العمل الديمفراطي الشعبي لوحدها.
مثل هذه اللعنة اصابت ايضا الحركات الشعبية التي باندماج أكبرحركتيها اصبح تجمعيهما اصغر من إحداها سابقا. مثل هذه اللعنة لصابت ايضا الاتحاد الاشتراكي الذي فقد ثلث اصواته بعدما انضم اليه الحزب الاشتراكي الدمقراطي
و اخيرا لعنة الوحدة اصابت ايضا التحالف الدمفراطي اذ لم يحصل مجتمعا بهيآته الثلاث الا على اقل مما كان يحصل عليه االحزب الاشتراكي الموحد لوحده
و في الأخير يمكن أن نقول أنه لا ينبغي فقط أن نفكر في النوحيد قبل أن نفكر في آليات الحفاظ عليها و هو ما يعني مراجعة الذاة اليسارية حتى نصبح ممارستها جذابة للجماهير و هو ما لا يتأتى إلا بإعادة الإعنبار للممارسة الدمقراطية داخليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.