تُعد الدراجات النارية وسيلة نقل فعالة وسريعة، خاصة في المدن الكبرى مثل طنجة، حيث يعتمد عليها العديد من الشباب في كسب لقمة العيش، لا سيما في قطاع توصيل الطلبات المعروف ب"غلوفو" وغيره من خدمات التوصيل. إلا أن هذه الظاهرة تحولت إلى مشكلة متفاقمة بسبب السياقة المتهورة التي تهدد سلامة السائقين والمواطنين على حد سواء، وتؤدي إلى حوادث مميتة تتكرر بشكل مأساوي في شوارع المدينة. القيادة المتهورة: خطر دائم على الطرقات تشهد شوارع طنجة يومياً مشاهد خطيرة لسائقي الدراجات النارية الذين يقودون بسرعة جنونية، يتجاوزون إشارات المرور، ويتسللون بين السيارات بشكل غير آمن. هؤلاء السائقون، وغالبيتهم من شباب خدمات التوصيل، يقعون تحت ضغط الوقت لتسليم الطلبات بسرعة، مما يدفعهم إلى المجازفة بحياتهم وحياة الآخرين. ونتيجة لذلك، ارتفعت معدلات الحوادث التي تشمل دراجات نارية بشكل ملحوظ، وتزايدت الإصابات والوفيات الناجمة عن هذه السلوكيات الطائشة. إحصائيات صادمة وحوادث مأساوية تشير التقارير المحلية إلى أن نسبة كبيرة من الحوادث المميتة في طنجة تتعلق بالدراجات النارية. هذه الحوادث لا تقتصر على السائقين فقط، بل تطال المشاة وسائقي السيارات، حيث تؤدي السرعة الفائقة والتجاوزات العشوائية إلى اصطدامات مروعة، غالباً ما تكون نتائجها كارثية. وفي ظل غياب رقابة صارمة وتطبيق صارم لقوانين السير، يزداد هذا النزيف يوماً بعد يوم. أسباب الظاهرة ومسؤولية الدولة هناك عدة عوامل تساهم في تفشي هذه الظاهرة، من بينها: 1. غياب التكوين الجيد: العديد من سائقي الدراجات النارية لا يملكون تكويناً كافياً حول قواعد السلامة المرورية،. 2. ضعف المراقبة المرورية: عدم فرض عقوبات رادعة يجعل السائقين المتهورين يستمرون في سلوكهم الخطير دون خوف من العواقب. 3. ضغط العمل في قطاع التوصيل: غالبية شركات التوصيل تعتمد على نظام المكافآت على عدد الطلبات المُسلَّمة، ما يدفع السائقين إلى القيادة بسرعة فائقة وتجاوز القوانين للوصول إلى وجهتهم في أقصر وقت ممكن. 4. البنية التحتية غير الملائمة: الطرق غير المهيأة بشكل جيد والمخصصة أساساً للسيارات تجعل الدراجات النارية أكثر عرضة للحوادث، خاصة في ظل غياب مسارات مخصصة لهم. ضرورة التدخل العاجل إن الحد من هذا النزيف الدموي يتطلب تدخل الدولة عبر إجراءات حاسمة تشمل: تشديد الرقابة وتطبيق القانون: فرض غرامات صارمة على المخالفين، وسحب رخص السياقة من السائقين المتهورين، واعتماد أنظمة رادار متطورة لمراقبة السرعة. إلزامية التكوين والتوعية: فرض دورات تدريبية إجبارية لسائقي الدراجات النارية، خصوصاً العاملين في قطاع التوصيل، حول السلامة المرورية وأخطار القيادة المتهورة. تنظيم قطاع التوصيل: فرض ضوابط قانونية على شركات التوصيل لتحديد السرعة القصوى، وتقديم حوافز مالية للسائقين الذين يلتزمون بالسلامة بدل مكافأتهم على عدد الطلبات فقط. تحسين البنية التحتية: إنشاء ممرات مخصصة للدراجات النارية لتقليل الاحتكاك مع السيارات وضمان سلامة السائقين والمواطنين. خاتمة لقد تحولت الدراجات النارية من وسيلة نقل سريعة إلى قنابل موقوتة تجوب شوارع طنجة، مهددة حياة الجميع. إن التغاضي عن هذه الظاهرة سيؤدي إلى تفاقم الخسائر البشرية والمادية. لذلك، بات تدخل الدولة أمراً ضرورياً وعاجلاً لوقف هذا النزيف، عبر تطبيق القوانين بصرامة وتنظيم قطاع التوصيل بشكل يحمي حياة السائقين والمواطنين على حد سواء.