أكد مختصون في الصحة النفسية والجسدية، خلال يوم دراسي نظم بمدينة الدارالبيضاء تحت شعار "حين يدعم الفن الجسد والروح"، أن الفن لا يحل محل العلاجات الطبية، لكنه يشكل دعامة حقيقية في مسار الشفاء، لاسيما لدى مرضى السرطان. وقد سلط اللقاء الضوء على تزايد الاعتراف العلمي بأهمية الأنشطة الفنية كعامل مساعد في تسريع التعافي وتحسين جودة حياة المرضى. ووفق المتدخلين، يساهم الفن في تخفيف التوتر، وتعزيز المناعة، والتعبير عن المشاعر التي يصعب ترجمتها بالكلمات، وهو ما يجعله يلقى حضورا متزايدا داخل المستشفيات والعيادات. من بين الأصوات المدافعة عن هذا التوجه، برزت الدكتورة مريم نصيري، اختصاصية العلاج بالتنويم الإيحائي ورئيسة جمعية "دار زهور"، التي شددت على ضرورة اعتماد مقاربة إنسانية وشمولية في علاج الأمراض، خاصة السرطان. وقالت: "العلاج لا يقتصر فقط على التشخيص والدواء، بل يشمل أيضا الإصغاء والتفاعل وفتح المجال للتعبير الفني"، مؤكدة أن "الفن يعيد إحياء الرغبة في العيش وسط الألم". وأضافت نصيري أن منظمة الصحة العالمية وثقت أكثر من 3000 دراسة تبرز أثر الفنون في تعزيز الصحة النفسية والبدنية، من خلال تحسين الالتزام بالعلاج، وتخفيف المعاناة النفسية، مما يجعل من الفن رافعة فعالة في دعم المرضى. بدورها، اعتبرت الدكتورة إيمان كينديدي، طبيبة نفسية ومتخصصة في علاج الإدمان، أن العلاج بالفن يمثل وسيلة قوية للتعامل مع المشاعر المعقدة التي يمر بها المرضى، مشيرة إلى التحديات الخاصة التي تواجهها النساء، وضرورة توفير فضاءات تعبيرية تتيح لهن التوازن بين الحداثة والتقاليد. وفي تجربة ميدانية، أوضحت أخصائية الأورام، فاطمة بن عبيد، أن إدماج الرسم بالألوان المائية خلال جلسات العلاج الكيميائي ساهم في تقليل مشاعر القلق وتقليص الحاجة إلى أدوية مضادة للغثيان، مشددة على أن الغاية تتجاوز العلاج الفيزيائي نحو بعث الأمل في نفوس المرضى. وشهد الحدث المنظم بشراكة مع جامعة محمد السادس لعلوم الصحة، لحظات مؤثرة أبرزها تقديم مسرحية بعنوان "بنات دار زهور"، أدتها نساء مصابات بالسرطان، إلى جانب عرض تعبيري لحركة "تينشي تيسين"، وورشات جماعية شملت المسرح، والرقص العلاجي، وفن "تشي غونغ"، والرسم، بالإضافة إلى جدارية جماعية شارك فيها الحضور، وشهادات مؤثرة من ناجين من المرض. الفعالية جمعت نخبة من الأطباء، والفنانين، والمعالجين النفسيين، والمرضى، في حوار مفتوح حول قدرة الفن على إضفاء بعد إنساني داعم للمسارات العلاجية، وتكريس ثقافة العلاج الشمولي التي تجمع بين الجسد والروح.