تشهد مدينة طنجة ابتداء من اليوم إضرابا إقليميا غير مسبوق يخص العاملين في قطاع تطبيقات النقل الذكي، وعلى رأسهم السائقون المتعاقدون مع تطبيق "إندرايف". هذه الخطوة، التي دعت إليها المجموعة بعد مشاورات واسعة، تأتي كرد قوي على ما يعتبره السائقون وضعا مزريا واستغلالا ممنهجا يراكم الأرباح على حساب عرقهم ومعاناتهم اليومية. الإضراب، المقرر من الساعة العاشرة صباحا إلى السادسة مساءً، لن يكون مجرد توقف عن العمل، بل بداية لمسار تغيير يرمي إلى فرض واقع جديد يعيد الاعتبار للسائقين، ويضع حدا لسياسة التجاهل واللامبالاة التي طبعت تعامل المسؤولين مع القطاع. المحتجون يؤكدون أن الصمت لم يعد خيارا أمام غلاء المعيشة وتزايد نسب البطالة والتضخم، وهي أزمات خانقة أنهكت الجيوب وكسرت آمال العاملين، رغم الشعارات الرسمية التي تتحدث عن الاستقرار الاقتصادي والتنمية الشاملة. الرسالة التي يوجهها سائقو النقل الذكي من خلال هذا الإضراب واضحة وصريحة: كفى تهميشا واستنزافا. فمطالبهم ليست تعجيزية، بل تتمثل في تسوية الأوضاع القانونية والمالية، وإعادة هيكلة القطاع بما يضمن مصالح السائقين والشركات على حد سواء، وتوفير الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية التي تكفل لهم حياة كريمة تحفظ إنسانيتهم. طنجة اليوم لن تكون كسائر الأيام، فالمحركات ستصمت ثماني ساعات متواصلة، لكن صوت الغضب سيعلو عوضها. إنه احتجاج يتجاوز حدود المطلبية المباشرة ليطرح سؤالا جوهريا: أي معنى لاستقرار اقتصادي لا ينعكس على المواطنين؟ وأي جدوى من منوال تنموي لا يوزع مكاسبه بعدالة؟ الإضراب إذن ليس فقط معركة خبز، بل معركة كرامة، وعلى السلطات أن تقرأ جيدا هذا الإنذار قبل أن يتسع الشرخ ويتحول الغضب إلى موجة لا يمكن إخمادها.