احتفل أفراد الجالية المغربية بفرنسا، السبت، في أجواء يطبعها الفرح والحماس الوطني، بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، وذلك خلال تظاهرة ثقافية مميزة احتضنتها مدينة مونت-لا-جولي غرب باريس. أعادت هذه التظاهرة الكبرى، التي نظمتها القنصلية العامة للمملكة بمونت-لا-جولي، وسفارة المغرب بباريس، والقنصليات العامة للمملكة بكل من إيل دو فرانس وأورليان، وحضرها آلاف المغاربة من جميع أنحاء فرنسا، إحياء روح المسيرة الخضراء، باعتبارها حدثا مؤسسا للتاريخ المعاصر للمملكة ورمزا لوحدة المغاربة وتشبثهم الراسخ بالوطن، بعد نصف قرن على هذه الملحمة المجيدة. في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أبرزت سفيرة المغرب بباريس، سميرة سيطايل، التعبئة القوية للمغاربة المقيمين بفرنسا، لا سيما بمدينة مونت-لا-جولي، الذين حضروا بأعداد غفيرة للمشاركة في هذه الاحتفالية الكبيرة التي تخلد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، تحت شعار الأخوة والصداقة بين الشعبين المغربي والفرنسي. وأضافت أن هذه المناسبة تشكل أيضا فرصة للاحتفاء، بكل فخر وحماس، بسيادة المغرب على صحرائه، مبرزة أن "الجالية المغربية بمونت-لا-جولي، كما هو الحال بالنسبة لباقي الجاليات المغربية عبر مختلف ربوع فرنسا، كانت دائما في مستوى نداءات الوطن. وذكرت بأن فرنسا تحتضن ما يقارب مليوني مغربي أو فرنسي من أصل مغربي، وهي "جالية متشبثة بعمق بوطنها الأم وبالعرش العلوي المجيد". من جانبه، أوضح القنصل العام للمغرب بمونت-لا-جولي، مصطفى البوعزاوي، أن هذا الحدث جمع عددا من الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين المغاربة المقيمين بفرنسا، التأموا للاحتفال، في أجواء من البهجة والتآزر، بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء. وأضاف أن الجميع تعبأ ليكون في مستوى هذه المناسبة الوطنية، التي شهدت حضور عدد من القناصل العامين للمملكة بفرنسا وأفراد من الجالية المغربية التابعة لدائرة اختصاصهم، الذين قدموا للمشاركة في هذا الموعد الوطني واستحضار معانيه الرمزية. وأوضح البوعزاوي أن هذا اليوم يهدف إلى أن يكون مناسبة للاحتفال والمشاطرة من خلال برنامج فني وثقافي، مشيرا إلى تنظيم ورشات موجهة لفائدة الشباب للتعريف بتاريخ المسيرة الخضراء، وموروث بلدهم وتراثه العريق. من جهته، أعرب رئيس بلدية مونت-لا-جولي، رافاييل كوني، عن ارتياحه لتنظيم هذا الحدث الوطني في مدينته، التي تحتضن "جالية مغربية مهمة". وأشار إلى أن هذا الحدث، الذي يعد ثمرة تعاون وثيق بين البلدية وممثلي الجالية المغربية بالمدينة، يحتفي أيضا بالصداقة المغربية-الفرنسية، معربا عن سعادته بالعلاقات الممتازة بين المغرب وفرنسا. وبعدما ذكر بتوأمة مدينته مع الرباط، أوضح كوني أن مونت-لا-جولي تعمل بشكل وثيق ومنتظم مع السلطات المغربية على عدد من المشاريع المشتركة، مشددا على الرغبة المشتركة لتعزيز هذه الروابط. أما بيار بدييه، رئيس مجلس مقاطعة إييفلين التي تنتمي إليها مدينة مونت-لا-جولي، فأكد، بدوره، أن هذه التظاهرة، التي تنعقد في أجواء احتفالية وفرحة عارمة، تعكس تقاليد راسخة من الصداقة المغربية-الفرنسية داخل الإقليم. وشهدت المناسبة تنظيم موكب احتفالي شارك فيه مئات الدراجين وعدد من الشاحنات وجموع من المشاركين الذين رفعوا الأعلام الوطنية، في أجواء من الفرح والوحدة حول قيم المسيرة الخضراء. وفي هذا الصدد، أوضح عبد العزيز الجوهري، منسق نسيج الجمعيات الفرنسية-المغربية بجهة إيل دو فرانس، أن هذا الموكب يهدف إلى تكريم الآباء والأجداد الذين شاركوا في المسيرة الخضراء المظفرة قبل خمسين عاما. وأضاف أن هذه المبادرة تشكل أيضا رمزا قويا لنقل قيم هذه الملحمة التاريخية وذاكرتها إلى الأجيال الصاعدة. وانطلق هذا الاستعراض من ساحة سانت آن وسط مدينة مونت-لا-جولي، قبل أن يتجه موكب الدراجين نحو فضاء المعارض ميشال سفان بجزيرة أومون، حيث تواصلت الاحتفالات عبر حفل فني كبير شارك فيه عدد من الفنانين المغاربة، من بينهم عائشة مايا والستاتيا ومصطفى البركاني وخالد العلوي، إلى جانب فرق فلكلورية من "الدقة المراكشية" و"أحيدوس"، مقدمين للجمهور فرصة للانغماس في غنى وتنوع التراث الموسيقي المغربي.