تعد كلية الطب والصيدلة بالعيون، اليوم، قطبا حقيقيا للتميز والتكوين يهدف إلى تعزيز العرض في مجال التعليم العالي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، والاستجابة لحاجياتها من الخدمات الصحية، فضلا عن النهوض بالبحث العلمي الطبي على الصعيد الجهوي. ويندرج هذا الصرح الجامعي، الذي يستقبل حاليا الدفعة الخامسة من الطلبة، في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015، حيث يسعى إلى الرفع من جودة التعليم العالي، وتشجيع البحث والابتكار في التخصصات الطبية، وتكوين جيل جديد من الأطباء لخدمة ساكنة الجهة. كلية على إيقاع دينامية نمو متواصلة شهد الدخول الجامعي 2025-2026 بكلية الطب والصيدلة بالعيون التحاق أزيد من 300 طالب جديد بالسنة الأولى، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للطلبة إلى أزيد من 1030 طالبا، معظمهم ينحدرون من جهة العيون-الساقية الحمراء. وأوضحت عميدة الكلية، السيدة فاطمة الزهراء العلوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الكلية تستقبل، أيضا، طلبة من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حيث إن عددهم، في تزايد مطرد، وبلغ 40 طالبا مسجلا برسم هذه السنة. وأضافت أن الهدف الأساسي للكلية يتمثل في تكوين أطباء أكفاء وملتزمين بخدمة المجتمع، مشيرة إلى أن التكوين يرتكز على شق نظري يقدم داخل الكلية، وتكوين تطبيقي يتم داخل المستشفيات. وأوضحت السيدة العلوي أن تواجد الكلية بالقرب من المركز الاستشفائي الجامعي المقبل بالعيون سيسمح للطلبة بإجراء تداريبهم الميدانية داخله مما سيوفر إطارا مثاليا لتعزيز تكوينهم. البحث والممارسة في صلب المشروع الأكاديمي وشددت عميدة الكلية، أيضا، على حرص الكلية على إدماج الطلبة في مجال البحث العلمي منذ السنوات الأولى لتكوينهم من خلال إشراكهم في أنشطة المختبرات البحثية. وتهدف هذه المقاربة إلى تكوين جيل حقيقي من الباحثين، وإلى ترسيخ اهتمام دائم بالمنهج العلمي، يتجاوز حدود الحصول على الشهادة الجامعية. وفي السياق ذاته، قال الأستاذ عادل ملوكي، المسؤول عن مركز المحاكاة بكلية الطب، إن هذا الفضاء يشكل بيئة تعليمية تفاعلية تسهم في تعزيز سلامة الرعاية الطبية وترسيخ ثقة الممارسين المستقبليين بأنفسهم. وأوضح أن هذا المركز يتيح للطلبة والأطباء الداخليين والمهنيين في مجال الصحة التدريب على الإجراءات التقنية واتخاذ القرار السريري والعمل ضمن فريق، من دون تعريض المرضى الحقيقيين لأي مخاطر. وذكر الأستاذ ملوكي بأن المركز نظم مؤخرا أول دورة تدريبية (ماستر كلاس) في المحاكاة الخاصة بالجراحة الروبوتية، جمعت خبراء وطنيين ودوليين. وقد أتاح هذا الحدث للمشاركين اكتشاف وممارسة الجراحة بمساعدة الروبوت عبر أجهزة محاكاة عالية الدقة، ما شكل مرحلة حاسمة في مسار تحديث التكوين الجراحي بالأقاليم الجنوبية. حرم جامعي عصري ومندمج تمتد كلية الطب والصيدلة بالعيون على مساحة تناهز عشرة هكتارات، منها 24 ألف متر مربع مغطاة، أنجزت باستثمار إجمالي يناهز 257 مليون درهم. وتضم الكلية ستة مدرجات و26 مختبرا و18 قاعة للدروس، بالإضافة إلى مركز للمحاكاة، ومكتبة وسائطية مجهزة بأربع قاعات للقراءة، فضلا عن مركز رياضي واجتماعي-ثقافي. وانطلاقا من رؤية تضع الطالب في صميم مشروعها البيداغوجي، تراهن الكلية على الرقمنة والابتكار والتميز الأكاديمي، مع الالتزام بالمعايير الدولية لتكوين الأطر في علوم الصحة. ومن خلال رؤيتها وبنياتها التحتية ورسالتها، تجسد كلية الطب والصيدلة بالعيون جيلا جديدا من الجامعات المغربية المتطلعة نحو المستقبل، المتجذرة في مجالها الترابي، والمنفتحة بثبات على محيطها الإفريقي والدولي.