أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدةبجنيف، عمر هلال، يوم الجمعة المنصرن، أن انخراط المغرب في التنمية البشرية المستدامة خيار استراتيجي نابع من اختياراته الديمقراطية التي لا رجعة فيها، ومشروعه المجتمعي الحداثي والديمقراطي. وأبرز هلال في كلمة له خلال الدورة الخامسة للمنتدى الاقتصادي الأورو-متوسطي، الذي تنظمه المؤسسة السويسرية-المغربية للتنمية المستدامة٬ عزم المملكة رفع هذا التحدي الاستراتيجي من خلال مقاربة استباقية تدمج التنمية البشرية مع النهوض بالحقوق الإنسانية. وأضاف هلال أن سياسة المغرب في مجال مكافحة الفقر والهشاشة الاجتماعية تشكل جزءا لا يتجزأ من الإصلاحات الديمقراطية الشاملة التي تتوخى تعزيز دولة الحق والقانون والديمقراطية المحلية وفضاء الحريات بالمملكة في تناسق تام مع التزاماته الدولية٬ مشيرا إلى أن ورش الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي باشرها جلالة الملك منذ سنة 1999، تضع المواطن في صلب اهتماماتها طبقا لمبادئ إعلان الأممالمتحدة للحق في التنمية الذي يجعل من "الكائن البشري محور مسلسل التنمية". وتابع أن التزام المغرب بالتنمية البشرية المستدامة يعكس انخراطه في تحقيق أهداف الألفية للتنمية ومن ضمنها تفعيل الحق في التنمية والقضاء على الفقر والهشاشة، اللذين لا يتماشيان مع العيش الكريم واللائق للمواطن٬ مشيرا إلى أنه في هذا الإطار بالضبط تندرج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك سنة 2005 ٬ والتي تعد تعبيرا عن الإرادة الملكية لجعل التنمية البشرية المستدامة أولوية وطنية وهدفا استراتيجيا للسنوات المقبلة. وأبرز أن هذه المبادرة٬ التي تشكل أرضية لتفعيل مشاريع التنمية المندمجة والتضامنية والقائمة على عنصر القرب من السكان المعوزين٬ تركز على القطاعات التي تضمن الخدمات الأساسية لهؤلاء السكان في مجال الصحة والتعليم والسكن اللائق وتمويل المشاريع المحلية المدرة للدخل والموفرة لمناصب الشغل٬ مع إيلاء أهمية خاصة للمنظمات غير الحكومية المحلية والنساء والشباب. وذكر هلال أن التكلفة المالية للشطر الأول من هذه المبادرة (2006-2010)، بلغت 900 مليون أورو٬ فيما سيعبئ الشطر الثاني (2011-2015)، الذي سينتهي في أجل تحقيق أهداف الألفية للتنمية نفسه٬ استثمارات مهمة بقيمة 1,6مليار أورو. وأشار السفير من جهة أخرى٬ إلى أن المغرب عزز خيار التنمية البشرية المستدامة من خلال تكريس الحق في البيئة السليمة في دستوره الجديد لسنة 2011، وبمصادقته سنة 2010، على الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة٬ القائم على مبدأ الاستغلال والإنتاج والاستهلاك المسؤول٬ في إطار اقتصاد أخضر٬ ومحترم للبيئة. وشكل هذا المنتدى الذي شارك فيه جامعيون ورجال أعمال وفاعلون من الجهة الشرقية وجهة طنجة-تطوان٬ وممثلون عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي٬ وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة٬ أرضية لاستعراض تجارب الجهات في مجال التنمية والحكامة والتنمية البشرية٬ وهو الموضوع الذي شكل فرصة لرئيس قطب التكوين وتعزيز الكفاءات على مستوى التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية٬ لاستحضار المبادئ المؤسسة لهذه المبادرة والمقاربة التشاركية التي اعتمدتها وبرامجها ومكتسباتها. كما مكن هذا اللقاء من التطرق لمؤهلات المغرب في مجال الاستثمارات في مشاريع واعدة من قبيل الطاقات المتجددة٬ من خلال التوضيحات التي قدمها المدير العام للوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية سعيد ملين. واختتم اللقاء بتوقيع اتفاقيتي تعاون بين المؤسسة السويسرية-المغربية للتنمية المستدامة، التي يترأسها محمد مايك فاني٬ ومجلس جهة طنجة-تطوان٬ ومجلس الجهة الشرقية.