الفريق الاستقلالي يدعو إلى إحالة أوزين على لجنة الأخلاقيات بعد ملاسنات مع أحد نوابه    كوبونات الخصم: مزاياها وكيفية استخدامها عند التسوق اونلاين    "الأشبال" يستعدون لتونس بالإسماعيلية    من جنسية مغربية.. توقيف آخر المتورطين في مقتل عنصرين من الحرس المدني بإسبانيا    شركة Baleària تُطلق خطًا بحريًا جديدًا يربط طريفة بطنجة المدينة ابتداءً من 8 ماي    التقدم والاشتراكية يدعو إلى تعزيز الدبلوماسية البرلمانية والجبهة الداخلية للدفاع عن مغربية الصحراء    حادثة سير مميتة بطنجة.. مصرع سائق دراجة نارية إثر اصطدام عنيف    احتفالية نزاهة الملحون بمكناس تعرف مشاركة من مدينة العرائش    الموسم الفلاحي .. توقع تسجيل زيادة بنسبة 41 في المائة من محصول الحبوب الرئيسية    وزارة الداخلية تشدد شروط الحصول على الجنسية الفرنسية    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تزور بباكو ممر الشرف وممر الشهداء    نتنياهو يعلن المصادقة على توسيع إبادة غزة بما في ذلك احتلالها    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    المغرب يحصد 43 ميدالية منها ثلاث ميداليات ذهبية في بطولة إفريقيا للمصارعة    احجيرة: 8 آلاف سيارة مغربية بمصر    شركة صينية تُحوّل استثمارها من إسبانيا إلى طنجة    البواري: 80 بالمائة من مربي الماشية بالمغرب "كسابة" صغار ونشتغل على إعادة تشكيل القطيع الوطني    العروي.. الشرطة القضائية توقف "الصيد الثمين" في حملة أمنية ضد مروجي المخدرات    مدارس السياقة ترفض الصيغة الجديدة للامتحان وتطالب برخصة خاصة "بالأوتوماتيك"    جهة الشرق تسجل أعلى معدل بطالة في المغرب    الدريوش توضح حيثيات تصريح الداخلة: دعم مشاريع الأحياء المائية موجه للمبادرات وليس للأفراد وعدد المستفيدين بلغ 592 مستفيدا    لفتيت يستقبل الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية الموريتاني المكلف باللامركزية والتنمية المحلية    الحسيمة تحتفي بالسينما الفرنسية ضمن فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم    مزاعم اختطاف أطفال في طنجة غير صحيحة    مدير المستشفى الجهوي بني ملال يستنفر كل الأطقم لتجفيف كل الظواهر المشينة بالمشفى ومحيطه    الحقيقة والخيال في لوحة التشكيلية المغربية ليلى الشرقاوي    المحمدية تحتفي بالمسرح الاحترافي في دورته الثالثة    "تعزيز الدفاع" يؤخر محاكمة حامي الدين    ألباريس: المغرب ساعدنا في أزمة الكهرباء.. وعلاقتنا تشهد "تقدما كبيرا"    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    عودة ليفاندوفسكي تزين قائمة برشلونة قبل موقعة إنتر ميلان في دوري الأبطال    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة التهديد بارتكاب اعتداءات جسدية قاتلة في حق مرتادي الملاعب الرياضية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    جدل يرافق دعما يفوق مليار سنتيم في قطاع الصيد .. والدريوش: التمويل دولي    تتويج مثير لكلوب بروج بكأس بلجيكا وشمس الدين الطالبي يرفع العلم المغربي احتفالاً    أوقفها ثم أعادها.. مصطفى أوراش يتراجع عن التجميد ويُعلن استئناف البطولة    أسعار الذهب ترتفع مدعومة بتراجع الدولار    الكوكب يواصل نزيف النقاط واتحاد يعقوب المنصور يعزز موقعه في المركز الثالث    مفاوضات متواصلة تؤجل الكشف عن الأسماء المغربية في موازين    أسود الأطلس يواصلون التألق بالدوريات الأوروبية    باريس.. الوجه الآخر    فرنسا والاتحاد الأوروبي يقودان جهودا لجذب العلماء الأميركيين المستائين من سياسات ترامب    رسميًا.. ألكسندر أرنولد يعلن رحيله عن ليفربول    ترامب يأمر بإعادة فتح سجن الكاتراز بعد 60 عاما على إغلاقه    إسرائيل توافق على توزيع المساعدات    أكاديمية المملكة تحتفي بآلة القانون    تفاصيل إحباط تفجير حفلة ليدي غاغا    مقبرة الرحمة بالجديدة بدون ماء.. معاناة يومية وصمت الجهات المعنية    العثور على جثث 13 عاملا بالبيرو    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حشيش المخزن
نشر في المساء يوم 07 - 08 - 2008

لم نكد نصدق خبر توقيف رجل درك في تمارة قبل أسبوع يتزعم عصابة لسرقة بيوت عباد الله ويتولى مهمة إرشاد لصوص عصابته إلى أماكن السرقة، حتى سمعنا قبل أمس خبر إعفاء رئيس الشرطة القضائية بسلا من مهامه بسبب علاقته المشبوهة بمروجي المخدرات، واختفاء بعض المحجوزات التي تضبطها الشرطة القضائية عند بعض تجار المخدرات.
والواقع أن خيط الود بين بعض المسؤولين الأمنيين بسلا وعصابات تجار المخدرات ما لبث يتقوى خلال السنين الأخيرة، إلى الحد الذي أصبح فيه كل التجار الصغار والكبار للمخدرات يعرفون الفرق بين «حشيش السيفيل» و«حشيش المخزن».
والفرق بين الحشيشين واضح وصارم، فالأول هو حشيش البزناسة الذي يشترونه من باعة الجملة ويبيعونه بالتقسيط لصالحهم. فيما «حشيش المخزن» فجميع البزناسة يعرفون أن مصدره هو ذلك الحشيش المحجوز الذي يصادره الأمن من تجاره. وهكذا عندما تتم مصادرة كيلو من الحشة تبدأ المفاوضات مع المهرب لكي يشتري شهور السجن بالغرام. وعوض أن يلبسوه في المحضر تهمة حيازة كيلو من المخدرات فإنهم يضعون، حسب قدرة المهرب على اقتناء الشهور، ستة أشهر أو أربعة. ويسجلون له في المحضر الغرامات المتبقية التي لم يستطع دفع ثمنها، والتي سيقضي عنها عقوبة سجنية.
ماذا يحدث بعد ذلك للكمية المتبقية من الحشيش المحجوز والذي لم يسجل في المحضر، إنه ببساطة يتحول إلى «حشيش المخزن» ويعاد إنزاله إلى أسواق سلا لكي يباع بالتقسيط. والمدهش في الأمر أن «حشيش المخزن» الذي تسهر عناصر من الأمن على إيصاله إلى السوق، يعتمد أساسا على البزناسة الصغار لبيعه. والذين يرعون هذه التجارة الموازية يعرفون أسعار الحشيش في السوق المغربي، فعندما يصل ثمن الكيلو الواحد إلى عشرة آلاف درهم، فإنهم ينتظرون من البزناسة أن يسددوا لهم عشرة آلاف درهم بالتمام والكمال. ولذلك فالبزناسة لا يتساهلون مع زبائنهم كلما تعلق الأمر بترويج «حشيش المخزن»، بل يحرصون على أن لا يضيع منه «التفرتيت» لأنهم يعرفون أن أي غرام ضائع سيدفعون ثمنه من جيوبهم.
ولهذا يطبقون مع «حشيش المخزن» القاعدة التجارية الشهيرة التي تقول «ممنوع الطلق والرزق على الله»، حتى ولو تعلق الأمر بزبائن من رجال الأمن أنفسهم.
اليوم يبدو أن أمر هذه «العصابة» المنظمة قد انكشف، وحتما إذا عمقت الإدارة العامة تحرياتها ستعثر على امتدادات هذه الشبكة الأمنية التي عوض أن تكافح المخدرات تكافح شهيتها المفتوحة للمال بالمخدرات.
وهذه ليست أول مرة يصبح فيها عناصر من الدرك أو الجيش أو الأمن أعضاء أو زعماء لعصابات متخصصة في السرقة والسطو وتجارة المخدرات. فقد كتبنا حول العصابة التي تم اعتقالها في طنجة والتي كانت مشكلة من حوالي خمسة عشر رجل أمن، وكتبنا حول العصابة التي كانت تسرق السيارات والمشكلة من رجال أمن بنواحي الرباط. وقبل أسبوع تم اعتقال عسكري بالجنوب لتورطه في تجارة المخدرات.
والمشكلة أن هذه «الشراكة» بين رجال الأمن والدرك لا يخرج «سربيسها» دائما على خير. وما وقع لذلك الدركي بإقليم قلعة السراغنة شهر يوليوز الأخير على يد عصابة متخصصة في ترويج المخدرات، يمكن اعتباره درسا لكل دركي أو شرطي يخلط الواجب بالعشبة. فقد وعد الدركي أصدقاءه في العصابة أن الحكم الذي سيصدر ضد أحد أفراد العصابة سيكون مخففا، لأنه سيقوم بتبسيط التهمة في المحضر لكي تتلاءم مع حكم مخفف. إلا أن العصابة اكتشفت بعد صدور الحكم ضد أحد معتقليها أن الدركي لم يضع يده في المحضر ولم يخفف أي شيء. وفوق هذا وذاك يطالب ببقية الرشوة التي اتفق مع العصابة عليها. فما كان منهم إلا أن استدرجوه بالتي هي أحسن، واختطفوه واحتجزوه ثم عذبوه، والكارثة أنهم اغتصبوه.
وهكذا خرج الدركي من هذه المغامرة «لا حمار لا ستة فرنك».
مما يعني أن حملة تطهير في صفوف الدرك والأمن والعسكر أصبحت مسألة حياة أو موت، حتى لا تتحول هذه المؤسسات الأمنية من مكافحة الجريمة والشغب إلى آلة منتجة لهذه الآفات.
وإلى جانب تحول بعض أفراد الشرطة القضائية إلى مافيوزيين يقاسمون تجار المخدرات غنائمهم، هناك بعض رؤساء الشرطة القضائية من أصبحت مخافر أمنهم تابعة مباشرة لعزرائيل عوض الشرقي أضريس. وأكثرها اشتغالا هذه الأيام مع ملاك الموت هي الشرطة القضائية بتطوان التي أرسلت إلى المقبرة في غضون سنة واحدة ثلاثة مواطنين نزلوا ضيوفا عندها.
ويبدو أن نور الدين قصبي، رئيس الشرطة القضائية، الذي يفتخر بكونه حاصلا على شهادة الدكتوراه في علم الإجرام، لديه عقد حصري مع عزرائيل، لذلك فإنه لا يدخر جهدا في إرسال ضيوفه إلى العالم الآخر كلما مروا من مفوضية شرطته.
والمدهش أن كل المواطنين الذين «استفادوا» من كرم ضيافة سعادة الرئيس وخرجوا من عنده جثثا هامدة يضعون في تقاريرهم أنهم ماتوا «موتة الله». فمنهم من ابتلع كيسا بلاستيكيا وانفجر في رئته كأحمد الداوس، ومنهم من تم اعتقاله في حالة سكر ومات عندهم بسكتة قلبية. ويبدو أنه حتى مواطنو الاتحاد الأوربي الذين ينزلون ضيوفا في ولاية الأمن بتطوان لا يخرجون سالمين، مثل المواطن الفرنسي «بيريز فرانسوا» الذي وضعه رئيس الشرطة القضائية رهن الاعتقال الاحتياطي، بتهمة حيازة المخدرات، فعاد إلى فرنسا داخل صندوق.
إن كل هذه الجثث التي جمعها رئيس الشرطة القضائية بتطوان في رصيده، تستحق من الإدارة العامة للأمن الوطني أن تفتح تحقيقا معمقا في ملابساتها. فلا يعقل أن يموت في ولاية أمن واحدة في ظرف سنة واحدة ثلاثة مواطنين. حتى الأخطاء الطبية في العيادات الخاصة لا تقتل سنويا كل هذا العدد من الضحايا.
ولعل ما سيشجع الإدارة العامة على المضي في فتح هذا التحقيق هو «السيرة العطرة» التي تركها رئيس الضابطة القضائية وراءه في آسفي عندما كان رئيسا للضابطة القضائية هناك.
فمنذ سنتين وإلى الآن لازالت زوجة وأبناء بكري عبد العزيز يبحثون عن جثة والدهم الذي اختفى عن الأنظار ولم يعثروا سوى على سيارته المحروقة. ورغم أن الزوجة راسلت وزير الداخلية ووزير العدل وبقية اللائحة الطويلة التي لا أحد منهم يجيب عادة عن شكايات المواطنين، واتهمت عناصر أمنية عاملة تحت إمرة رئيس الشرطة القضائية بمعرفة سر اختفاء زوجها، فإن الجثة لم يظهر لها أثر إلى اليوم.
ولدينا في الجريدة ملف كامل من الشكايات التي كتبها مواطنون بعضهم مرمي في السجن وبعضهم خارجه يتهمون فيها عناصر أمنية عاملة تحت إمرة رئيس الشرطة القضائية بتلفيق تهم المس بالمقدسات والتعذيب في مخافر الأمن.
وليست آخرها طبعا الشكاية التي رفعها نائب الوكيل العام للملك بآسفي، بعد أن ترك القضاء واشتغل في المحاماة، ضد رئيس الشرطة القضائية يتهمه فيها بتعذيب أخيه وتلفيق تهمة المتاجرة بالمخدرات له للانتقام من نائب الوكيل العام للملك الذي تجرأ وأمر بفتح تحقيق في السجن المدني بآسفي بعد الإضراب الذي شنه السجناء داخله. وانتقاما أيضا لكل الشكايات التي فتح فيها نائب الوكيل العام للملك تحقيقا والتي كانت تتهم كلها رئيس الشرطة القضائية بالتعذيب والشطط في استعمال السلطة.
هكذا نفهم بشكل أفضل لماذا يدعي رئيس الشرطة القضائية أنه حاصل على دكتوراه في علم الإجرام. «الراجل قاري على الإجرام فالجامعة، ماشي غير سامع عليه».
عندما ترى الإدارة العامة للأمن الوطني كيف أن بعض رؤساء الشرطة القضائية أصبحوا في ظرف وجيز يشيدون القصور في الشمال، إلى جانب تجار المخدرات. وعندما نكتشف أن قائد سرية الدرك الملكي بتارغيست لديه في حساباته تسعون مليار سنتيم. وعندما نرى كيف أن جنرالا «يصرف» 120 مليون سنتيم إلى الأورو في باب سبتة فقط لكي يقضي بها عطلة لبعض الأيام في «لاكوسطا ديل صول». عندما نرى كل ذلك نفهم أن هناك شيئا ما فاسدا في المملكة الشريفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.